الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا لثارات كسرى ...! الإمبراطورية الحالمة بشروق شمسها ثانية(13)

حيدر نواف المسعودي

2010 / 3 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



يحكى أن إحدى العشائر أحست بنوايا الغزو والتوسع من قبل جارتها العشيرة الأخرى ، فاجتمع رجال وأبناء هذه العشيرة وعقدوا مجلسا طارئا لإخبار رئيس عشيرتهم بنوايا العشيرة الجارة واخذ الاستعدادات لمواجهة غزو تلك العشيرة في حال وقوعه وبعد نقاش وجدال قال لهم رئيسهم :( يجوز الجماعة نواياهم طيبة ، وماداهم بعيدين عنا ماعلينه بيهم ) ، وبعد أيام حدث ما كان متوقعا فتحركت جيوش العشيرة الأخرى لغزو هذه العشيرة ، فاخبر رجال العشيرة رئيسهم بما جد من أمر ،فقال لهم : ( يجوز الجماعة نواياهم طيبة ، و مادامهم بعيدين ماعلينه منهم ) ، ثم اجتازت العشيرة الغازية حدود هذه العشيرة ، وعاد أبناء العشيرة لإخبار شيخهم بهذا العدوان ، فقال لهم: ( مادامهم بعيدين عن ديارنا ماعلينه بيهم )، ثم تقدمت العشيرة الغازية أكثر واحتلت بعض المواقع ومضارب العشيرة الحدودية فترك أصحاب هذه المضارب ديارهم ونزحوا نحو مركز العشيرة ، وهب رجال وأبناء العشيرة يحملون السلاح لرد الغزاة ، فأوقفهم الشيخ ، وقال لهم :( اصبروا ، مادامهم بعيدين عنا ماعليكم بيهم)، ثم تقدم الغزاة أكثر واحتلوا كامل ارض العشيرة ومضاربها ونهبوا وسرقوا المال والحلال وقتلوا النساء والأطفال وانتهكوا الحرمات والأعراض ، فانتفض رجال العشيرة وحملوا السلاح لقتال الغزاة ، واتجهوا نحو شيخهم وهو جالس في بيته ليروا رأيه في الأمر فاخبروه بما جرى من غزو وقتل وانتهاك ، فسألهم الشيخ ، وأين هم الآن ، فقالوا له : ( أنهم هنا عند باب دارك وقد انتهكوا حرماتك ونهبوا مالك وحلالك ، وانتهكوا حتى عرضك ، : (فقال لهم ماكو مشكلة مادام راسي سالم ) ...!
وهنا أود أن أرد على جميع الذين يتهمون الجارة إيران بالغزو واحتلال ( الفكه ) أن لا يستعجلوا الأمور فربما الجماعة نيتهم طيبة ، أو أنهم ( تيهوا الدرب ) ، أما من يتهم حكومتنا بأنها (مطنشة ) أو ( مغلسة ) فاعتقد انه واهم جدا في ذلك ، فحكومتنا عاقلة (وثكيلة ورزنة ) وتؤمن بالطرق السلمية والدبلوماسية في رد العدوان والاحتلال وان طال ذلك الاحتلال لسنوات ، وان فرض الجيران ذلك الاحتلال بالقوة وجعلوه أمر واقع لا يقبل الحوار ولا النقاش .
وأنا اعتقد الإيرانيين لا ينطلقون مطلقا من عقدة الثار من العرب عموما ومن العراق خصوصا ، لان العرب والعراقيين خصوصا قد هزموهم واسقطوا عرشهم وهيبتهم وسطوتهم في ذي قار أولا ( حيث كان أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ) ، ثم في القادسية ثانيا ، حين سقطت إمبراطوريتهم على يد المسلمين وتهاوى طاق وعرش كسرى.
منذ ذلك التاريخ وجيراننا الإيرانيين أخوة الدين والمذهب يصدرون إلينا الحروب والمشاكل والموت وعدم الاستقرار.
إن الحديث عن احتلال الفكه حديث ذو شجون ويعود بنا إلى الجذور الأولى للمشكلة والعقدة الإيرانية تجاه جارها العراق ، وهي جذور تضرب بعيدا في عمق التاريخ حيث طبيعة بناء الشخصية والإمبراطورية الفارسية الغابرة.
وفي قراءة تاريخية يتبين لنا أننا قد نكون أنصفنا جيراننا الفرس حين أرجعنا عقدة الثار المتأصلة لديهم إلى الفترة القريبة قبل الإسلام ، فالحقد والتآمر الفارسي يمتد إلى ما قبل ذلك التاريخ بقرون كثيرة فمن المعروف تاريخيا أن الفرس قد تحالفوا مع اليهود وغزا كورش الفارسي بابل سنة 539 ق.م ، ثم غزو متريداتس الفرثي للعراق سنة 141 ق . م ، و استولى اردشير على العراق سنة 227 م ،وحرق سابور الأول مدينة الحضر سنة 250 م،وغدر الفرس بالنعمان بن المنذر واغتالوه في سنة 602 م.
• ((أما تآمر الفرس واعتداءاتهم ضد العرب و العراق قبل وبعد الإسلام كثيرة فهناك اغتيال عمر بن الخطاب على يد أبى فيروز لؤلؤة في 645 م ( 23هـ)،و مؤامرة أبو مسلم الخراساني على الخليفة المنصور في 759 م (137هـ) ،و مؤامرة البرامكة على الخليفة هارون الرشيد وسعيهم لهدم الدولة في 809 م ( 187 هـ ) ،الغزو البويهي للعراق في 945 م ( 334 هـ )، وتامرابن العلقمي ( الفارسي ) الذي راسل المغول محرضا إياهم على غزو بغداد في 1278 م ـ656 هـ)).
• ((احتلال الشاه إسماعيل الصفوي بغداد في 1508 م وطرده منها عام 1534 م ،وغزو الشاه إسماعيل للأهواز في 1510 م،و احتلال بغداد للمرة الثانية من قبل الفرس بقيادة الشاه طهماسب الأول بعد القضاء على ثورة ذو الفقار في 1530 م، واحتلال ديزفول وتستر الأحوازيتين من قبل الفرس وطردهم منها في 1588م،و استيلاء الفرس على ( مريوان ) في 1622 م،و احتلال الشاه عباس الأول الصفوي بغداد في 1623م، ومحاولة الشاه عباس احتلال البصرة في 1624 م ،وغزا الفرس العراق بقيادة نادر قلي باتجاه بغداد في 1733 م، وهاجم الفرس في زمن نادر شاه البصرة في 1735 م،وغزا نادر شاه بغداد والموصل في 1736 م، وهاجم الفرس البصرة في 1743 م،و قاد كريم خان محاولة لإخضاع عربستان ( الأحواز) في 1757 م، وتقدمت القوات الفارسية باتجاه قرية يارمجة و تفرض الحصار على مدينة الموصل كذلك بقيادة نادر شاه في 1743 م ، وقطع تجارة البصرة بفرض الحصار على الممر الملاحي لشط العرب في 1762 م، وهاجم الفرس عشائر كعب في الأحواز ( عربستان ) في 1765 م، ودخل كريم خان في هجوم مع الانكليز والعثمانيين ضد الأحواز ( عربستان ) في1765م،و هاجم كريم خان البصرة في 1775 م ، وحاول الفرس السيطرة على ( بانه ) في1777 م،وهاجم الفرس مدينة الزبير في 1778 م ،تدخلات فارسية في شؤون العراق الداخلية في 1805 م، هجوم فارسي على مندلي بقيادة محمد حسين ميرزا في 1822 م، تعرضت الفلاحية ( الأحوازية ) إلى ضغط فارسي لانتزاع اعتراف الشيخ بخيت بالخضوع لطهران في 1812 - 1828 م، الفرس يثيرون المشاكل في السليمانية في1832 م، استيلاء الفرس على زهاب في1834 م، هجوم فارسي على العراق و احتلال السليمانية في 1840 م، احتلال الفرس المحمرة ( المدينة الأحوازية ) والتهديد باحتلال الكويت والبحرين والادعاء بحقوق فارس في عربستان الأحواز والسليمانية ( المدينة العراقية )في 1841 م، وصول البسطامي إلى النجف الاشرف في العراق لنشر الدعوة البابية والبهائية هناك في 1844،هجوم فارسي على الأحواز ( عربستان ) واحتلال الفلاحية والمحمرة من قبل ( منوجهر خان ) 1840م، ثبتت فارس توسعها الجديد في الأحواز ( عربستان ) والعراق في معاهدة ارضروم الثانية في 1847م ،احتلال فارس للأحواز ودخول رضا خان الأحواز وإسقاط آخر الإمارات العربية فيها في 20 / 4 / 1925 م)).
• (( تجاوزات فارسية على المخافر الحدودية بشط العرب في 1969 م، عودة مشكلة الحدود على شكل صدام بين الجانبين العراقي والإيراني في شباط 1974 م، تدخلات إيرانية متكررة في شؤون العراق الداخلية ودعم الأكراد العراقيين ضد السلطة المركزية في بغداد في 1975 م، اعتداءات إيرانية على العراق وتصعيد العدوان الإيراني ليشمل كل الحدود العراقية البرية والمائية والجوية ويستمر حتى 22 أيلول 1980م)).
أن جيراننا الإيرانيين ينطلقون في اعتداءاتهم ومؤامراتهم ضد العراق والعرب بسبب مجموعة عقد كان في مقدمتها كما ذكرنا سابقا عقدة الحقد والثار من العرب والإسلام ،وكذلك حب التوسع على حساب الجيران ، فعقدة "الإمبراطورية الفارسية" التي تعاني منها إيران منذ حرب القادسية وصولاً إلى القرون الحديثة خلاصتها، أن إيران تحلم باستعادة مجد فارس، والأراضي التي فقدتها منذ القرن التاسع عشر، فهي تريد استعادة المقاطعات الغربية في باكستان (الحدود الشمالية الغربية وبلوشستان)، التي يتحدث غالبية سكانها من البشتون والبلوشيين اللغة الفارسية، و تتطلع إلى استعادة رقعة واسعة من منطقة القوقاز ضمتها الإمبراطورية الروسية خلال القرنين أل 18 والـ 19،وتتطلع إلى استعادة أراضي أذربيجان وأرمينيا.
كذلك يعتبر الإيرانيون أن جورجيا التي كانت محافظة فارسية في عهد الساسانيين يجب أن تعود إلى أحضانهم، أما العراق فهو أصلا جزء مما كان يسمى إيران الكبرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-