الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يكفي ابطال مفعول فتوى ابن تيمية

سعيد علم الدين

2010 / 4 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا يكفي ابدا لإصلاح الدين الاسلامي من الشوائب العالقة به عبر غابر وغبار السنين، والاورام المفسدة لدماء قلبه والوتين، والامراض الناخرة في عظامه بعد ان حولته الى رميم الرميم على ايدي المتطرفين، والمخلفات التاريخية الموروثة المعشعشة في مفاصله والتي خرجت هوجاء من الاكواخ الفكرية والخيم الظلامية والكهوف الحجرية والحفر الترابية تريد محاربة العالم اجمع في فشل ذريع وهزائم مميزة في التاريخ البشري لم يسبق لها مثيل على الاطلاق.
لقد اظهر الدين الاسلامي للعالم اجمع انه عاجز في هذا العصر عن تقديم نموذج اجتماعي حضاري اقتصادي علمي صالح ناجح ومتقدم وفالح لقيام دولة مسلمة عصرية نموذجية حضارية ناجحة ومتقدمة تحترم انسانها، وتصون حقوقه، وتحفظ كرامته، وتقدم له ولأطفاله الأمل بمستقبل زاخر بالرفاهة والعدل والمساواة والحرية والعطاء والسلام الاجتماعي.
سوى تكاثروا تكاثروا لأتباهى بكم بين الامم.
وتكاثرنا بمئات الملايين وماذا كانت النتيجة؟ شعوب متناثرة متناحرة.
وهل ممكن ان نتباهى بتأخرنا وتخلفنا عن الآخرين؟ بعد ان تعدينا المليار من التائهين! وتكاثرنا وتكاثرت مذاهبنا وشيعنا وفرقنا وهزائمنا وخيباتنا ونكائبنا ومصائبنا ومآسينا ومشاكلنا وارهابنا الذي تحول الى مشكلة المشاكل.
وتحميل المسؤولية هنا للمسلمين الغلابة فيه كثير من الظلم والاجحاف وهو هروب من مواجهة الحقيقة التي يتحمل مسؤوليتها الأولى الفكر الديني الذي اذا لم يتم اصلاحه اصلاحا جذريا فنحن حتما الى الهاوية ذاهبين.
فالمسلمون هم مثلهم مثل باقي الامم يريدون ان يعيشوا حياتهم ويحققوا آمالهم واحلام اطفالهم ولا ان يدفنوا انفسهم وهم احياء في المغاور والكهوف والانفاق والسراديب. وهناك دلائل كثيرة على نبوغ افراد عرب ومسلمون في الغرب وهم بالألوف:
كالعالم المصري د. احمد زويل المقيم في امريكا والحائز على جائزة نوبل في الكيمياء. والمخترع اللبناني المقيم في المانيا د. علي زراقط مخترع أول ساعة خيالية ومعجزة ميكانيكية.
واخرا وليس اخيرا أشادة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بدور العالم المصري د. سمير نجيب بانوب في وضع أسس نظام التأمين الصحي في الولايات المتحدة. معربا عن شكره لبانوب في برقية قائلا: "سمير‏..‏ بسببك أنت أصبح لدى كل أمريكي غطاء للتأمين الصحي‏,‏ ولك كل الشكر‏"
هؤلاء لو كانو في مجتمعاتنا لما نبغوا ولما حققوا تقدما عظيما للبشرية. بل لتم دفنهم فكريا وعلميا وهم احياء. كما حاول الازهر دفن المفكر المصري نصر حامد ابو زيد فكريا لانه انتقد محاولا اصلاح الفكر الديني من الشوائب وتم تهجيره الى اروربا ليبدع فيها.
موقعنا الحالي دولا وممالك وجماهيريات وسلطنات هو في آخر الدول، بل وحتى اصبحنا عالة على باقي الأمم المتقدمة والناجحة والمتفوقة والغنية بحريتها وديمقراطيتها واستقرارها ووحدة شعوبها.
وماذا فعلنا بتكاثرنا لا شيء سوى شعوب جاهلة وجائعة ومهاجرة ومغفلة ترنو بشغف وخنوع الى الزعيم المستبد والقائد الظالم حتى ان عدة ملايين من الاسرائيليين يتحدون ويستفزون فيما يفعلونه في فلسطين مئات الملايين من المسلمين. هذا دليل اخر على عجزنا الذي لا يمكن اصلاحه الا باصلاح الدين الاسلامي. لان الدين على بنيانه واساسة واركانه وافكاره واعتقاداته وثقافته تكاثرت المجتمعات الاسلامية ونمت.
وما دمنا اعلنا الحرب الضروس على الديمقراطية فلا امل في خلاصنا من ورطتنا. فالديمقراطية هي التي ستعيد التوازن والامل للمجتمعات الاسلامية وتخرجها من الظلمات التي تتخبط بها الى النور.
والا لن يبقى لنا سوى الغرق اكثر، واكثر بكثير من تكاثرنا في مستنقع الفقر والفتن والفوضى والدماء والعنف والقمع بالدكتاتورية والمخابرات وكله باسم الاسلام وتحت ظلال فتاوي مشايخه المسيسة منذ غابر السنين الوارفة في تظليل الحكام القتلة والمجرمين باسم الدين.
ولن يبقى سوى الحروب والكوارث والفتن وتفشي ظاهرة الارهاب الذميم على ايدي مشايخ اعتمدت على فتاوى ابن تيمية وغيره من المتطرفين.
عجز المجتمعات الاسلامية دون استثناء وتاكيد ما اسلفناه هو هجرة عشرات الملايين من المسلمين للعيش بكرامة وحرية وامل وعطاء وعبقرية في المجتمعات الغربية المسيحية الديمقراطية. والاهم من كل ذلك هجرة العقول النابغة والمثقفة وهذا يدل على انه من الاجحاف ان نحمل الانسان المسلم المسؤولية وانما يتحملها الدين الاسلامي بفكرة واركان عقيدته الغير قبلة للحياة دون اصلاح جذري وهذا الاصلاح لن يحصل الا عندما يتقبل الاسلام القيم الديمقراطية في الحرية الفكرية وحرية التعبير وتطبيق القول القراني لا اكراه في الدين. حيث لا يساق المسلم بالكرباج الفعلي او النظري الا الصوم والصلاة.
وما تلقيب الامبراطورية العثمانية السنية بالرجل المريض الا الدليل القاطع على ما نقول. لقد ادى مرضها وشيخوختها الى انهيارها الكامل وبزوغ نجم الجمهورية التركية الحديثة على انقاضها.
ونستطيع اليوم تلقيب الجمهورية الايرانية الشيعية تحت ظلال ولاية الفقيه بالأنثى المريضة التي تعدم المتظاهرين العزل وتقتل الابرياء في ظلم واستكبار على شعبها الذي سيبني ديمقراطيته ويحقق حريته على انقاض الجمهورية الاسلامية. فمستقبل دولة ايران شبيه جدا بماض الدولة العثمانية.
ومن هنا لا ولن يكفي ابطال مفعول فتوى ابن تيمية بشأن الجهاد والتكفير بعد ان فعلت فعلها:
فجورا وفسادا، وخرابا ودمارا، وقتلا للأبرياء وارهابا وتقسيم العالم في ذهنية مريضة الى فسطاتين رغم ان العالم تحول الى قرية صغيرة في عصر ثورة المعلومات وفي دحض كامل لنظرية ابن تيمية العقيمة واتباعه الفاشلين.
وكان قد أعلن مؤتمر عقد في ماردين بجنوب شرق تركيا لقادة دين مسلمين أنه لم يعد هناك مجال لتطبيق فتوى الفقيه ابن تيمية الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، والتي تقضي بالعنف المتشدد وتقسيم المسلمين في القرون الوسطى للعالم إلى "دار إسلام" و"دار كفر".
وقال المؤتمر الذي عقد في مطلع الأسبوع أن من يلتمس العون في فتوى ابن تيمية لقتل المسلمين أو غير المسلمين ضل في تفسيره.
هذه الخطوة تعتبر خجولة جدا ومتأخرة جدا وصغيرة جدا على طريق الالف ميل في اصلاح الدين الاسلامي وتشذيبه واعادة صياغته جذريا ليناسب العصر والتطور الانساني لا ان يقف في وجهما معاندا عاجزا ومتقهقرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من هو المسئول؟
صالح الصويلح ( 2010 / 4 / 2 - 11:15 )
شكرا لك على المقال، ولكن لأنك نقي السريرة، عف اللسان، راق السلوب قلت عن النتيجة التي تمخض عنها المؤتمر : هذه الخطوة تعتبر خجولة جدا ومتأخرة جدا وصغيرة جدا. هي يا سيدي ليست كذلك فهي من ناحية مرتعبة من التصفية الجسدية التي ستكون مكافأة المؤتمرون لو تخطوا الخطوط الحمراء، ومن ناحية أخرى هي محاولة لتجميل الإسلام أمام الغرب الذي أيقن خطورة تلك الأيدلوجيا. في القريب العاجل ـ أقدرها بحوالي عشر سنوات ـ سيشتد عود تركيا وستعود الخلافة العثمانية بصورة تواءم العصر، ووقتئذ سيتغير الخطاب وسيعود ابن تيمية ليتبوأ عرشه الذي لم لم يجل عنه بعد.
لو كان الدكتور سمير نجيب بانوب ـ والذي يبدو من اسمه أنه قبطي، والذي لم اسمع عنه إلا منك ـ مسلم سني لأعلنت حالة الطواريء في كافة أبواق الإعلام ولنسبت حضارة الغرب والشرق والإنس والجن لنا لأننا خير أمة أخرجت للناس.
سؤال أخير: هل تعتقد أن فتوى ابن تيمية هي المسئولة عن الرعب الذي يعيشه العالم؟


2 - عزيزي صالح
سعيد علم الدين ( 2010 / 4 / 2 - 12:05 )
بالنسبة ل د. انا لم اقل انه مسلم ولكنه يبقى ابن المجتمع المصري العربي وكان فخرا لنا ان ينبغ ويبدع في بلاده وليس في الغرب. وان يبني لبلاده التامين الصحي.
اما بالنسبة لسؤالك الاخير حول ابن تيمية فالجواب موجود في بداية المقال وهو المسؤولية الأولى يتحملها الفكر الديني الذي اذا لم يتم اصلاحه اصلاحا جذريا فنحن حتما الى الهاوية ذاهبين..


3 - مقال آكاديمي رائع.. ولكن!...
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 4 / 2 - 17:57 )
مقالك رائع آكاديمي صادق. لكنه مع الأسف الشديد, صرخة في وادي الطرشان. ما تقوله اليوم خاطرت بقوله في بداية شبابي ودراستي الجامعية والسياسية. فانهارت السماء على رأسي واتهمت بالكفر والزندقة. لهذا يسعدني اليوم أن الكثيرين من المفكرين والكتاب العرب والمسلمين بدؤوا يثورون وينتفضون على كل ما لا يتلاءم مع حداثات العصر في الشرق والغرب رافضين كل ما يرفضه العقل والمنطق ورفاهية الإنسان وكرامة المرأة وجميع مبادئ الحريات العامة التي اغلقها تجار التفسيرات الدينية في كهوف لا يصل إليها النور والعقل والمنطق.
يا سيد سعيد علم الدين, أتمنى لك صادقا من أعماق أعماقي وفكري وإيماني العلماني وأحاسيسي ومبادئي الإنسانية متابعة الكتابة والصراخ. عـل الجهلة يستيقظون من مضغ مخدرات الجهل والجهالة, ليستيقظوا ويختاروا نور المنطق والمعرفة... من يدري؟.. من يدري؟.. ولك مني تحية صادقة مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


4 - مقال آكاديمي رائع
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 4 / 2 - 18:32 )
مقالك رائع آكاديمي صادق. لكنه مع الأسف الشديد, صرخة في وادي الطرشان. ما تقوله اليوم خاطرت بقوله في بداية شبابي ودراستي الجامعية والسياسية. فانهارت السماء على رأسي واتهمت بالكفر والزندقة. لهذا يسعدني أن الكثيرين من المفكرين والكتاب العرب والمسلمين بدؤوا يثورون وينتفضون على كل ما لا يتلاءم مع حداثات العصر في الشرق والغرب رافضين كل ما يرفضه العقل والمنطق ورفاهية الإنسان وكرامة المرأة وجميع مبادئ الحريات العامة التي اغلقها تجار التفسيرات الدينية في كهوف لا يصل إليها النور والعقل والمنطق.
يا سيد سعيد علم الدين, أتمنى لك صادقا من أعماق أعماقي وفكري وإيماني العلماني وأحاسيسي ومبادئي الإنسانية متابعة الكتابة والصراخ. عـل الجهلة يستيقظون من مضغ مخدرات الجهل والجهالة, ليستيقظوا ويختاروا نور المنطق والمعرفة... من يدري؟.. من يدري؟.. ولك مني تحية صادقة مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


5 - الاستاذ سعد
شذى احمد ( 2010 / 4 / 2 - 18:43 )
مقالك ذو الايقاع الهادي الرصين . قد لا يلقى اذنا صاغية حقا عند دعاة التطرف واصحاب الفتاوى الذين يتكاثرون على مر الايام.. لكنها دعوة صادقة ومهمة لنا نحن العامة من الناس لتبنيها ،،والحرص على تداولها فيما بيننا علها تصل الى تفعيل محتواها وتأتي اوكلها

لك منى كل تقدير ..ونحن نحتاج لامثالك كي ننهض


6 - الفكر الانسانى
مصباح جميل ( 2010 / 4 / 3 - 10:06 )
خطوة في الاتجاه الصحيح ولن اقول بأنها متاخره وهي كذلك ومع ذلك يا صديقى فيجب ان يعاد دراسة جميع اعمال وفتاوى المذكور ابن تيميه وحتى اعادة دراسة تراثنا الادبى والدينى والثقافى كاملا دراسه عقلانيه نابعه من روح العصر الحديث المبنى على التجارب الانسانيه فالفكر الانسانى لم يقف عند القرن السادس اوالسابع ولن يقف كذلك عند القرن الواحد والعشرين فطالما الانسان موجود سيبقى الفكر يتطور -شكرا لك على المقال الرائع


7 - تحية للكاتب سعيد علم الدين
بابو ( 2010 / 4 / 3 - 21:06 )
شجاع في فتح الملفات المعقدة ، ثم تبسطها قدر الامكان لتعطي الحلول المناسبة ، تحية من القلب لك يا سيدي الكريم ، بالنسبة لي فانني ارسل مقالاتك الى كل الاصدقاء وكتاباتك تنال استحسان الكثيرين

اخر الافلام

.. ناريندرا مودي... زعيم هندوسي في هند علمانية -اختاره الله للق


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي




.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم


.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8




.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟