الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤمنون

سليم علي ريشة

2010 / 4 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نقذف أجدادنا من صلبنا في كل محفل نكاحٍ، فيُلقّحون أرحام نساءنا المستعبدات مرة أَخرى، طبعاً هذا بعد أن يُحلّ لنا شيخنا ما لم نرتقي لتقييم صحته، هكذا إلى أن تضع لنا نساؤنا أجدادنا في هياكلهم الجديدة الصغيرة، فنعود ونذكّرهم بما هم عليه مرة أخرى، فبدايةً نؤذّن في آذانهم ومن ثم نحضنهم بكل حنان ونصطحبهم إلى البيت، هناك حيث البيئة التي تكرر السّم لتحوله إلى سمّ مُركّز..
من هنا تبدأ الحكاية السوداء كقطعة فحم في القطب الشمالي، ونأخذ على عاتقنا صقل طفلنا بما تيسر من مفردات لطالما شوهتنا في ذاتنا، ولكننا مضطرين جداً، فالمازوشية المستفحلة في شخوصنا نبجلها ونقدسها وهي المسؤولة عن قراراتنا في حيواتنا، نتبوتق على ذاتنا كحلزونةٍ تذوب من رشة ملح، ونبدأ بإجهار حماقاتنا بصوت أجشّ رخيم يخلق هالة من السحاب الأسود على عقول فلذات أكبادنا، لكي يحملوا إرثنا المازوشي إلى المستقبل ويحافظون عليه ليصل سليماً إلى أبنائهم في المستقبل أيضاً، أبنائهم الذين إن خُلقوا سنكون نحن من نسكنهم في أجسادهم الطرية البريئة، نحن الملوثين بخرافاتنا المقدسة التي حولتنا لمجتمع كامل يقوم قوامه على بضعٍ من الأكاذيب ونسطّر على أبواب بيوتنا جملاً تقمع أي فكرة تساؤلية قد تخطر في بال يانعٍ يمشي شارداً تحت المطر..، نضرب أنامل الحرية في كل صباح وظهرٍ وعصرٍ ومغربٍ وعشاء، فلا صوتاً يعلو على صوت محاموا الإله المنتشرين بالأرض كالبعوض السام، لا قصيدةً تلقى على مسمع عذراءٍ رقيقةً خجولةً لتشهق كبرياءً كلما أخذ الشاعر ثوانيه التنفسية بين بيت وبيت، بل هناك ملتحي ممتلئ بالحقد على الوجود يروي لها ما أخرجه وأسياده الغربان من قصص وسيناريوهات مختلفة عن نارٍ تضرم بها أو بلاطٍ يشوي جسدها وكيف سيسلخ جلدها مرات ومرات إذا ما أحبت شاباً أو استقلت في قرارٍ فكريّ يخصها، ويسهب في حديثه المَرَضيّ ليجمع بين فرجها ورأسها ووجهها فيصنع منها عورة خالصة بالمطلق، وإن لم تقبل بهذا فهي من أعداء سيده المفترض القابع بالسماء، وستبقى في نارٍ حرارتها لا يعرفها إنسان إلى الأبد، نضرب بتجمعاتنا العددية وكأننا مليار وأربعمئة مليون جرادةٍ أي نظرية تقدمية قد ترفعنا درجة إلى مستوى الحيوانات الخارجين من تصنيف المنقرضين عرض الحائط، لا بل ونهاجم ونحارب ونستميت في القتال حتى لا يأخذنا الفكر إلى حريّة مرعبة لا نعرف معناها، ويتجنبنا العالم وكأننا جراد بالفعل، فيتركنا في انقراضنا أمواتاً، نقتل من لا يصدقنا..فقد كفر وهذا حق الله، نقتل من يرفض ترهاتنا فقد كفر.. وهذا حق الله، الجميع كفاراً ونحن مؤمنون..!!، ولكننا لا نعرف بماذا نحن مؤمنون..، تشحذ كل شيء من الكفار ولكننا مازلنا مؤمنون، يسرق الكفار ثرواتنا.. ومازلنا مؤمنون، يدنس الكفار أهم مقدساتنا ويغتصب أرضنا ويكمّم أفواهنا. ومازلنا مؤمنون، نأخذ من الكفار سلاحاً لنقتل بعضنا بعضاَ.. ومازلنا مؤمنون، نذبح نساءنا كالشاة عندما نرتأي في تصرفاتهن ما يلامس قدسية شرفنا المُختصر في فروجهن.. ومازلنا مؤمنون، نحرك جيوشنا ضدّ بعضنا إذا ما اقترب أحدنا من حدود دولة الآخر التي صنعها لنا الكفار في سايكسبيكو.. ومازلنا مؤمنون، نفجر أنفسنا بالذين يختلفون معنا بمعايير قدسية مرجعياتنا فقط، ونهدر دمهم ونحل مالهم وعرضهم.. ومازلنا مؤمنون، نرى أبناء الكفار في أعلى المراتب وأبناؤنا في الحضيض.. ومازلنا مؤمنون، ترتفع نسبة اغتصاب الأطفال والمُحرَمَات في بيئاتنا المغلقةِ.. ومازلنا مؤمنون، تغرز فلسفتنا مخالبها في أعناقنا وتجرنا إلى وادٍ مظلمٍ قذرٍ فيه ما شئنا من القبلية والتعصب لللاشيء وهدر الدماء واستعباد المرأة والذل والهوان على كل الأصعدة..، ومازلنا مؤمنون..، أجبني يا صاحب الجلالة والإكرام واللحية الحمراء ويا قائد الخراف اللاحمة والمتسلح بنيران يوم ما..، بماذا نحن مؤمنون؟؟

ســـــــــليم علي ريشــــــــــة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة أول موظفة يهودية من إدارة بايدن -بسبب سياسة واشنطن م


.. المفكر د. يوسف زيدان: اجتماعاتنا في -تكوين- علنية وبيتم تصوي




.. المفكر د. يوسف زيدان: اتكلمنا عن أشكال التدين المغلوط .. وه


.. دار الإفتاء في طرابلس تدعو ل-قتال- القوات الروسية في البلاد




.. -حافظ البهرة على سرية طقوسهم الدينية عبر العصور بعد اضطهاد ا