الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسؤولية الأسرة

حسين علي الحمداني

2010 / 4 / 6
التربية والتعليم والبحث العلمي


رغم أن الأسرة تعتبر أصغر مؤسسات المجتمع إلا أنها ذات أهمية قصوى في تهيئة أفراد المجتمع منذ الصغر للعيش والاندماج مع المجتمع ومعرفة مكوناته وكيف التعايش فيه والتعامل مع أفراده، وقد بلغ من تأثير الأسرة في الفرد أن رسول الله (صل الله عليه وعلى آله وسلم)، يقول: "ما من مولود إلا ويولد على الفطر، فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه"، هذا دليل على أن الأسرة مسؤولة عن سلوك أفرادها سواء كان سلوكاً إجرامياً أو سلوكاً سوياً، فالدور الإيجابي الذي تلعبه الأسرة في حياة أفرادها وفي وقايتهم من الانحراف والجريمة، لا يمكن تعويضه عن طريق أية مؤسسة اجتماعية أخرى. فالأسرة هي المسؤولة عن تكوين نمط شخصية الفرد وأخلاقياته بوجه عام. فعند البحث عن أسباب الجريمة والانحراف لا يغفل الباحثون عن دور الأسرة ومدى الترابط الاجتماعي بين أفرادها لذا على الدولة ان تهتم بالعمل على دعم الأسرة داخل المجتمع وتحسين ظروفها الاجتماعية وتقديم الدعم اللازم لها لكفالة التربية السليمة للنشء والشباب الذين يولدون فيها، حيث يتعلم هؤلاء النشء الأدوار الاجتماعية واللغة والتقاليد والقيم والسلوكيات المقبولة، لتكون مخزوناً ثقافياً كبيراً من المعايير والسلوكيات القيمة التي تشكل إطاراً مرجعياً في السلوك والعادات مستقبلاً، وذلك يعني أنه مهما تعددت المؤسسات الاجتماعية التي يمكن أن تقوم بوظائف الأسرة، فإن هذه المؤسسات لا تعتبر بديلاً للأسرة، بل مكملة لعملها التربوي، فالأسرة السوية أساسها المودة والتراحم واحترام كل من الزوجين للآخر، والشعور لدى كليهما بالواجب والمسؤولية الملقاة على عاتقه، حتى يسود المنزل جو من التفاهم والتسامح والرضا، فإذا ما جاء الأبناء كانت التربة والمناخ صالحين لنمو النبت الطيب ورعايته وفق تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وزرع القيم والمثل العليا الموجودة لدى كل من الأبوين في نفوس هؤلاء الأبناء في جو أسري يسوده الحب والاحترام من قبل القائمين عليه، الأب والأم، بعد أن جعلهم الله سبحانه وتعالى ولاة في أسرهم لقول الرسول (ص) "الرجل راعٍ ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"، فالمسؤولية على القائمين على شؤون الأسرة وتربيتها جسيمة دون إفراط أو تفريط في متابعة أبنائهم وتفقد أحوالهم ومعايشة مشكلاتهم وحاجاتهم المتكررة والعمل على إشباعها والمساواة والعدل بينهم عند التعامل، حتى في أصغر الأشياء حتى لا يكون عدم العدل مدعاة لحصول خلاف أو حقد أحدهم على الآخر أو الشعور بالظلم، الذي يؤدي للميل إلى العزلة والانطواء، فعلى الأبوين توفير الحضن الدافئ لأفراد الأسرة، حتى يكون حصناً واقياً من الوقوع لا قدر الله في الانحراف الخلقي أو الفكري المؤدي إلى الإرهاب، خاصة في ظل الظروف التي تتجاذب فيها التيارات الفكرية عقول الشباب نتيجة التفكك الأسري عند البعض، أو البعد عن التمسك بالدين، أو الفهم الخاطئ له كأفراد ويستغل البعض ظروفهم الأسرية، وانشغال ذويهم فتغرر بهم وتنفث سمومها وأفكارها الهدامة في عقولهم، ثم تحولهم بعد ذلك إلى أجساد مفخخة قابلة للتفجير. فالأسرة تتحمل مسؤولية عظيمة في تحصين ووقاية أبنائها من أي انحراف فكري يؤدي إلى الغلو والتطرف، بمراقبتها لأبنائها دون أن تشعرهم بذلك، خاصة في ظل هذا الغزو والبث الإعلامي المباشر، الذي يسعى جاهداً في هدم كل القيم والمبادئ لديهم، فالأسرة ليست مهمتها توفير الضروريات لأفرادها ومستلزمات الحياة من مأكل ومشرب وحمايتهم والحفاظ على أمنهم وحياتهم فقط، ولكن هي مطالبة بمشاركة مؤسسات المجتمع الأخرى بحفظ الأمن ولابد أن يكون لها دور استباقي ووقائي من خلال علاقة تفاعلية مع مؤسسات المجتمع الأخرى، لتذليل ما يعترضه من مشكلات ومحاولة الإسهام في حلها، وبذلك تكون قد عملت على إيجاد دور فعال لها بين هذه المؤسسات، بل إن إهمال الأسرة أو فشلها في تحقيق التربية والتوجيه الذي تريد والذي يمليه عليها دينها لأبنائها قد يؤدي إلى ضياع الأبناء وانحرافهم، فالأسرة اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالمشاركة مع مؤسسات المجتمع الأخرى "المدرسة، والمسجد، والمؤسسات الإعلامية، والأمنية، والدعوية" بتكوين المفاهيم الصحيحة والقيم والمثل العليا وإيجاد علاقة قوية ومتينة بين الأسرة وهذه المؤسسات وتعزيز الأمن الفكري والقيم الاجتماعية في أذهان أبنائها. مثل حثهم على وجوب التمسك بتعاليم الدين دون غلو أو تفريط، والأمانة والصدق في القول والعمل، وحب الفضيلة والحث عليها والبعد عن الرذيلة واحترام الآخرين وحسن التعامل معهم ولو كان هناك اختلاف في الرأي، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، "الدين المعاملة” وأن تغرس الأسرة في نفوس الأبناء حب الخير للآخرين والدعوة إليه وحثهم على مكارم الأخلاق وحب الوطن والانتماء إليه ووجوب الحفاظ على ما تحقق من منجزات حضارية. مع تعويدهم حب النظام ووجوب احترامه والعمل به وتطبيق ذلك عملياً أمامهم، فقد قيل من قبل: "الولد سر أبيه". فالأبناء يتأثرون بشكل مباشر وكبير بسلوك الآباء ويحاولون تطبيقها، فهم المثل الأعلى لهم. فالأسرة مطالبة ببناء سياج فكري آمن لأبنائها، حتى يكون درعاً وحصناً واقياً لهم من اختطاف عقولهم، وتوصية أبنائهم على حسن اختيار الرفقة الصالحة. فتهاون الأسرة في متابعة أبنائها قد يؤدي أيضاً إلى كثير من السلوكيات والأمراض داخل أفراد هذه الأسرة مثل التوحد والرهاب الاجتماعي، والتسرب من الدراسة والتشرد وعدم الشعور بالمسؤولية واللامبالاة والوقوع في براثن المخدرات والجنوح والانطوائية والعزلة، فالمتتبع لسيرة الإرهابيين من خلال وصف المقربين منهم يجد أنهم كانوا في عزلة وانطواء عن المجتمع ما سهل التغرير بهم.من هنا علينا جميعاً أن ندرك أهمية الأسرة ودورها في تربية المجتمع بصورة عامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفا: مقتل 7 فلسطينيين خلال قصف إسرائيلي برفح جنوبي قطاع غزة


.. غالانت: نقترب من اتخاذ قرار بشأن إعادة سكان الشمال وتغيير ال




.. محمد الدوخي عاش بين المناديب لإتقان ادوره في -مندوب الليل- |


.. استبدال بايدن بمرشح ديمقرطي اخر سيناريو مرجح




.. 3 قتلى في قصف إسرائيلي على بلدة حولا جنوبي لبنان