الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن

طلال سعيد دنو

2010 / 4 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لاتطالب انساناً لم يعيش في وطن أباءه واجداده ان يكون وطنياً ومخلصاً . لاتصالب انساناً بدون ذكريات ان يحس بانتمائه لبلده . انساناً لم يعمل في بلد ، ولم يحب ، ولم يدرس ، ولاتوجد له امكنة ، ممكن ان يقول عنها ، عشت هنا . وهنا كان لي اصدقاء ، وهنا ترعرعت وهنا وهنا ...... كثيرة هي للذي عاش ،والاحساس بها اهم . ان اي انسان عندما يدرس ويكبر وتتطور الاشياء معه ، وهو في نفس المكان ، تتغير رؤياه نحو الاشياء وهو يكبر . وتكبر معه المحلة ، التي تصبح المنطقة السكنية ، وبعدها مناطق اخرى ، وبعدها المدينة . في المبدأ لم نكن نعرف ونحن صغاراً الا الشارع الذي نسكن فيه . ومع النمو امتدت بنا المعرفة الى الشوارع القريبة وبعدها الى الحي كله . الوطن بدأ يكبر شيئاً فشيئاً والحي اصبح صغيراً . وبعد فترة نرى المدينة بحجمها الكبير ، صارت معروفة لدينا وتضاريسها وجغرافينها اصبحت مالوفة .
الخوف من الخروج من الحي غير موجود واصبحت المدينة كلها ملكنا . الوطن بدأ بمنزل ثم شارع ثم حي وبعدها أحياء فاتسع الوطن الى مدينة .وبعدها سافر وتعرف على مدن اخرى ، فيكبر الوطن
بعدها يبدأ الانسان بالتعرف على الناس ، من اسلوب تصرفهم واسلوب المجتمع ، قلكل مدينة لها لهجة خاصة وكل مجتمع رغم التشابه ، فيه بعض العادات والتقاليد التي تختلف عن مجنمع مدينة اخرى . الوطن يكبر بنا ونحن نكبر فيه ، وعندما يففد الوطن ابناءه سيموت . والموت هنا هو قلة الناس الذين يحبوه
ومما لاحظته في الغربة ان المغتربين يظهرون حبهم لوطنهم ويحنون اليه ويذكرونه بطريقة مختلفة عن الساكنيين فيه . فنحن لا نذكر الا الحسنات . وهم لايذكرون الا السيئات . صحيح ان لكل انسان ظروف واسباب خاصة به ، ارغمته او دفعته للهجرة ، والخروج من الوطن ، ولكن هذه الاسباب لم تستطيع ان تخلع الوطن من قلبه وكيانه . فتراه يجاول بقدر الامكان البقاء على عاداته وتقاليده . بابسط المعاني وفياً لوطنه الذي انجبه . ومهما كنا سيبقى الوطن اكبر من ان نتجاهله . ومهما ابتعدنا فنحن بدواخلنا موجودين فيه .
من منا عندما يذكر كورنيش الاعظمية لايذكر حبيبة له .ومن منا عندما يذكر شارع الرشيد ، لا يتذكر المقاهي القديمة كالزهاوي وام كلثوم والبرازيلية . وشارع المتني والشورجة وسوق السراي . والسعدون وابو نؤاس والكرادة والمنصور ، واماكن اللهو والتجمع والمطاعم بانواعها .
ان الذكريات هي اساس محبتنا . فحبنا لماضينا يجعلنا نعيش هذه الحياة بحب للمستقبل . فمن عمل شيئاً في وطنه ، لن يستطيع ينساه ، فكلما جلس لوحده اتاه وطنه ليجلس قبالته فيؤنس وحدته . بكل الذكريات وبكل الاحبة والاصدقاء ، بكل الاعمال التي قام بها ، وبكل ذكرى حزينة كانت ام سعيدة . فهذه التجارب هي التي ستبني الانسان .
فهنيئا لنا اننا لدينا وطن له تاريخ وحضارة تدعوا الى الفخر ، ويذكرها العالم كله .
اهم اختراعيين للانسان هما الكتابة والعجلة . اساس المعرفة الكتابة ، واساس الصناعة العجلة . والفضل يعود لسكان وادي الرافدين لوجود هذين الاختراعين .
سيبقى العالم مدينا لنا مهما عاش .
تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هيّجْت الذكرى يا أخ طلال
قارئة الحوار المتمدن ( 2010 / 4 / 6 - 09:45 )
اسمح لي أن أهنئك على مقالك الأول وأتمنى لك النجاح والتوفيق, وبعد, فقد عّرفوا الانسان أنه حيوان ناطق فتبين أن هناك طيوراً تنطق كالببغاوات , فقالوا بل هو حيوان ضاحك فوجدوا أن القرود أيضاً تضحك أخيراً استقروا على أن الانسان حيوان ذو ذاكرة أي له تاريخ , ونحن عندما هاجرنا حملنا كل شيء ونسينا قلوبنا في الوطن , وما القلب الذي في صدرك إلا الذي منحته إياك الطبيعة لتظل على قيد الحياة , وكما للعقل كذلك القلب له ذاكرة بل أشد قوة من ذاكرة العقل ,لأن الخرف قد يأتي على كل ثروة المخ البشري لكنه مهما اشتد فإن القلب أو الشعور يظل مستجيباً للمسة حانية أو ضحكة صافية أو رائحة تهيج الذكرى, أعيش في مدينة غربية هادئة لدرجة الاستفزاز رغم أن أعداد السيارات أضعاف ما في بلدنا , وذات يوم اضطر سائق سيارة لاستعمال الزمور لتنبيه طفل, ونحن قلما نسمع الغارات الصوتية التي تصدر من سيارات بلادنا, صوت الزمور أهاج في ذهني ذكرى كدت انساها فوجدت نفسي أبكي بحرارة كما لم أبك من قبل ,عنونت رسالتي للأهل ذلك اليوم : شكرا يا زمور السيارة . وشكرا لك


2 - الوطن
فارس اردوان ميشو ( 2010 / 4 / 7 - 01:19 )
الصديق العزيز طلال
اتفق معك تماما بان الوطن ليس قطعة ارض بل هو مجموعة من الذكريات ترتبط بالمكان
الكثير من الناس في الغربة يحسون بحنين شديد الى وطنهم الام مع مايوفره الوطن الجديد من امان واستقرار والسبب في ذلك لعدم وجود ذكريات لهم في الوطن الجديد
تحياتي


3 - وطن السِباع الذي تحول إلى وطن الضِباع
الحكيم البابلي ( 2010 / 4 / 7 - 06:41 )
عزيزنا الأخ طلال دنو تحية عطرة ، وتهانينا القلبية لتقديمك أول موضوع على شاشة موقعنا الجميل (الحوار المتمدن ) ، ونرجو التواصل رجاءً
موضوع جميل يا أبو كرم ، ويدل على أصالتك التي لا تريد أن تنسى الوطن الحبيب الذي ظلمه البعض وهو ما ظلم أحداً
أعجبني المقطع الذي تقول فيه : فكلما جلس أحدنا لوحده ، أتاه وطنه ليجلس قبالته .. فيؤنس وحدته
وكم هو حقيقي ما قلتَ عزيزي طلال ، إذ أن الوطن يرافقنا في كل ساعة من حياتنا ، ولا أعتقد إننا نتذكر أفراد عوائلنا بقدر تذكرنا له
برأيي الشخصي ، الوطن هو جذر الإنسان ، ومن كان بلا جذور من السهل جداً أن تقتلعه أية عاصفة هوجاء ، وحب الوطن وتذكره وفصله عن من يحكمه من الحكام والطغاة هو دليل على إخلاص الإنسان وعرقه الطيب
وكم هو جميل تذكيرنا بأن وطننا إكتشف الكتابة والعجلة ، وأضيف لها إكتشافات آخرى هي المحراث ، وتقسيم السنة إلى شهور وأسابيع وأيام وساعات ، وغيرها وغيرها الكثير
والمؤلم إننا نجد أنفسنا اليوم في قعر سلم الحضارة ............................. والشكر لأبو جاسم
محبتي وتحياتي


4 - الوطن هو الشعب والناس
صباح ابراهيم ( 2010 / 4 / 7 - 13:38 )
عزيزي الاستاذ طلال ، انا لاافهم الوطن انه فطعة ارض فيها الارض الزراعية والصحاري ، فيها المدن والقصبات والقرى والارياف ، اذا سكنت في اجمل بقعة من ارض الوطن ولم يكن معك صديق او حبيب ، اهل او اقارب , لاتشعر بالامان والسعادة ، تعامل كمواطن درجة ثالثة او رابعة ، تهمش لانك من الاقليات . فما قيمة هذا الوطن وانت لاتملك فيه متر واحد تعيش فيه آمنا مطمئنا على حياتك او على حياة اولادك ؟ الوطن يا اخي هو الناس ، الشعب الذي يبادلك الحب والصداقة والمودة . الوطن هو الذكريات مع اللحبية والصديق والجيران وزميل الدراسة والعمل . ان سافرت تتذكر كل اهلك واصدقاءك واحبابك ،تتصل بمن تحب وتوده . اذا رجعت للوطن تزور كل من كان يسكن داخل قلبك ووجدانك .
هل تزور مدن وقرى وصحراء ام تزور الناس الذين يعيشون في الوطن ؟
صحيح ذكرياتي في مدينتي ومدرستي وجامعتي والشارع الذي كنت اسكن فيه من اجمل ما يكون ، ولكنها ذكريات مع من احب ؟ اليس كذلك ؟


5 - مبروك
شامل عبد العزيز ( 2010 / 4 / 7 - 14:21 )
الأستاذ طلال - تحياتي لك ولجميع المشاركين - مبروك مقالك الأول أتمنى لك المزيد .. نعم كلامك في الصميم وأقول كما قال الشاعر -
نقل فؤادك حيث ما شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لاول منزل
مع تقديري


6 - الوطن
فرزدق ميشو ( 2010 / 4 / 7 - 22:02 )
انا اتفق معك في كل كلمة عن الوطن وانا عشت الغربة مرتين واكيد في الأولى والتي تعرفها جيدا كان الجميع يذكرون كل مكان في الوطن لهم فيه ذكرى سواء كانت حلوه أو مرة لكنها دائما مرتبطة بحب حب العائلة او حب الزوجة والاولاد الى آخر ذلك حتى من تعذب في الوطن كان يتمنى ذاك العذاب ولو في الوطن وكلنا نتذكر بألم اماكننا لأنها جزء مننا ونحن جزء منها ان نسيناها ماتت فينا ومتنا بدونها وكذلك نحبها لأننا الآن في الزمن الذي وصلناه لسنا راضين وكأننا نتمنى ان يعود الشباب يوم لنخبره بما وصلنا اليه تحياتي لكلماتك الجميلة وهي تؤشر الى شخص يرسم بالكتابة اهنيك ولمزيد من المشاعر
اخوك فرزدق

اخر الافلام

.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم


.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا




.. 251-Al-Baqarah


.. 252-Al-Baqarah




.. 253-Al-Baqarah