الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم

افتيم ديلافيقا

2010 / 4 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الشهر الاخير من السنه الهجريه 124 وفي صبيحة عيد الاضحى انهى والي الكوفه الامير خالد القسري خطبة العيد ليقول لجموع المصلين : ايها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فأني مضح بالجعد بن الدرهم ..انه زعم ان الله لم يتخذ ابراهيم خليلا ولم يكن لموسى كليما ..ثم استدار الى اسيره المقيد الى المنبر وبصوره وحشيه ضرب عنقه وسالت دماء الجعد بينما خرجت روحه من جسده الاعزل وسط صمت مطبق من جموع المصلين وفرح وحبور من شيوخ الاسلام ... فكان صراع السيف والجسد.. صراع الدم والعقل ..ان الذنب الوحيد الذي اقترفه هذا العالم المعتزلي الكبير هو استعماله عقله في قراءة وتحليل النصوص المقدسه فلم يقبل عقله عبثية التفاسير وقدسية النصوص ..تدلنا مأساة الجعد بصوره جليه وساطعه الى ثلاث خلاصات : نحن امام امير او والي اراد ان يقدم نفسا بريئه قرباناوذلك تقربا للاله وانفاذا لتعاليم هذا الاله بقتل مخالفيه واستحقاقا لتعاليم نبي الاسلام بقتل من خالف تعاليم الاسلام ...لقد استمد فكرة تقديم القرابين للاله الابراهيمي من اسطورة ابراهيم وتقديم ابنه اسحق او اسماعيل ( لا فرق ) قربانا للاله ...وهكذا فان الامير القسري لم يخالف تعاليم دينه وان كان الواجب هو قتل انسان بريء ..وثاني الخلاصات المؤثره هي موقف شيوخ الاسلام وقد اعتراهم الحبور والفرح لمقتل مخالفيهم واعطاء الصبغه المقدسه لهذا العمل الجبان والوحشي ..هنا اصبح القتل مقدسا واصبحت دماء الجعد البريئه مبرره بقوة المقدس والشرعي ..وثالث الخلاصات هي تلك الجموع من العامه التي تقف متفرجه امام حفلات القتل الفردي او الجماعي لاتسطيع التنديد او الاعتراض مخافة مخالفة المقدس ومن يجرؤ عندما يتعلق الامر بتنفيذ الامر الالهي المقدس فتفقد الالسن القدره والشجاعه على قول الحق ..ان سيف خالد القسري مازال مسلولا على رقاب كل ثائر ومخالف بالراي في كل الازمنه والمطارح ..انه نفسه تلك الطلقات التي اودت بحياة المجدد فرج فوده والدكتور مروه ونفس السكين التي كادت تقتل الراحل نجيب محفوظ ونفس السيف التي تلاحق نصر حامد ابو زيد وسيد القمني والكثير من الثائرين الذين ذنبهم الوحيد هو استعمال عقولهم في دراسة النص المقدس ..لقد قدم الجعد روحه تمنا لما اعتقد ولم يرهبه سيف القسري وبقي وفيا ومخلصا لما اعتقد والكثير قدموا حياتهم من اجل القيم التي امنوا بها من اجل ان ينتصر العقل على عبثية ولا معقولية المقدس ..تخبرنا هذه القصه الدراميه المأساويه عن الارهاب الفكري الذي مارسه رجال الدين ضد مخالفيهم منذ نشوء الاديان الى يومنا هذا وان تخلصت اليهوديه والمسيحيه من هذا الارهاب الخطير والمقيت فان الاسلام وعلى مر ازمنته مارس بشكل مرعب اشكال عديده من هذا الارهاب ضد مخالفيه من ابنائه وابناء الديانات الاخرى من اجل اعلاء المقدس وعدم الاقتراب منه او مسه وربما اكثر اشكاله قتامه ما يحدث في زمننا هذا ...قيل قديما في البدء كانت الكلمه ولم يقال في البدء كان القتل ...افتيم ديلافيقا 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملاحظة
عبد القادر أنيس ( 2010 / 4 / 6 - 09:50 )
في مقالك الرائع لمست فكرة، وإن كانت هامشية، حول موقف الناس متفرجين على الصراع بين السلطة وذوي الرأي. الواقع أن العامة كانت تلعب أدوار غاية في الرجعية والهمجية عندما تنساق وراء رجال الدين الذين يعرفون كيف يهيجونها ويستعدونها ضد الفكر الحر الخارج من ربقة الدين وكان على السلطة أن تتعرض لتقديم الأحرار قربانا لآلهة العامة. المثقفون قديما كانوا يمقتون العامة على اختلاف مذاهبهم وكانوا يوصون بعدم إشراكها في مناقشة القضايا الفكرية الكبيرة التي تتجاوز أفهامها. يستوي في ذلك ابن رشد الذي عانى من العامة الهائجة والغزالي الذي ألف -إلجام العوام عن الاشتغال بعلم الكلام-.
سئل الشاعر الطرماح بن حكيم (وهو خارجي)عن مصاحبته للشاعر الكميت الأسدي(شيعي) فقال: جمعنا بغض العامة .
مازالت العامة اليوم لم ترتق إلى مستوى الشعوب العصرية وتتخلص من انتماءاتها العتيقة نحو تبني الانتماءات العصرية المنظمة (حزب، نقابة، جمعية..) وهي تتهيج بسهولة وتندفع ضد أهداف وهمية لا علاقة لها بمصائبها.
تحياتي


2 - وكذلك فعلوا بغيلان الدمشقي
مايسترو ( 2010 / 4 / 6 - 15:44 )
فهذا الثائر الآخر لم ينجو من بوحه بأفكاره، وتم قتله وصلبه على أحد أبواب دمشق، وقد فرحت العامة لهذا المصير رغم أنه كان يدافع عن لقمة عيشهم ويريد أن يجنبهم الظلم الذي لحق بهم من جراء الدين وحماته وولاته، وكما يقال في العربية ، كما تكونون يولى عليكم، وهكذا أناس تستحق هكذا طغاة وهكذا دين بدوي لايعرف في الحياة سوى رعي الماشية.


3 - ماذا لو حكموا ؟
سامى لبيب ( 2010 / 4 / 7 - 01:37 )
أوجزت وأصبت الهدف عزيزى أفتيم ..مؤكد أنها قدرة رائعة أن تصل لهدفك بأقل كلمات موجزة ...وهى بالفعل شئ جميل تحسد عليه .

أثار إنتباهى ذبح الجعد بن الدرهم وهو مقيد على المنبر .. لهذه الدرجة الوحشية والهمجية لا تعرف مكانا ً .
أم أننا لا نفهم أن هذا تراث إنسانى ومشروع سياسى لا يتوانى عن ذبح معارضيه بهكذا قسوة .
قد يتراءى لنا ان الخلاف هو خلاف فكرى ولكن الولاءات السياسية والمصالح كانت تتكأ على هكذا رؤى .

هل من الممكن أن نتوقع إرتداد حضارى وإنسانى لو تمكن أصحاب الفكر السلفى فى أن يحكموننا ؟
أنا أتوقع أن الأمور لن تقف عند حد قنبلة فى حى كما بالعراق ولا قتل كما حدث لفرج فوده ..سيمارسوا وحشية وهمجية الإنسان القديم من الوريد إلى الوريد كما يصنع أنصار بن لادن والزرقاوى .

اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ