الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوز القائمة العراقية : انتصار لعلاوي أم انتصار للإرادة الوطنية العراقية ؟

أمير المفرجي

2010 / 4 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


انتهت أخيرا فصول الانتخابات العراقية بانتصار واضح وصريح للتيار العلماني العروبي العراقي الذي مثله الدكتور أياد علاوي والقوى المختلفة المتحالفة معه. وبالرغم من ان هذا الانتصار قد أضفى ظاهريا الشرعية لمجي حكومة (وطنية) مدنية بعيدة عن تدخلات الدين السياسي القادم من إيران، فأن نفس هذا الانتصار قد أعطى شئنا أم أبينا الضوء الأخضر للوجود الأمريكي وإستراتيجيته المستقبلية, بما فيها إعطاء الحق لوجود حكومة قريبة من الإدارة الأمريكية في العراق. وقد يكون الاعتقاد السائد لهذه الانتخابات على إنها استحقاقات طبيعية تـُمثل مطالب المجتمع العراقي والإرادة الوطنية في التوحد ونبذ التطرف الذي جاءت به (نخبة حكومة المالكي) الطائفية الفاسدة والفاشلة في أيجاد الحلول فيما يتعلق في مشكلة الأمن وإنهاء حالة البطالة وتوفير الماء والكهرباء وحفظ كرامة العراق وضمان وحدته . وقد تكون موضوعية ومصداقية عملية تصويت الشعب العراقي واختياره لحكومة جديدة منتخبة من الأغلبية وبعيدة عن مقومات المذهب والطائفة كالتي يمُثلها الدكتور أياد علاوي (الشيعي العلماني) هو سيناريو ناجح قد يساهم في بلورة إرادة وطنية موحدة للخروج من الأزمة الحالية .

ولكن وبالرغم من كل هذه الحقائق فقد تساهم انتخابات العراق ألأخيرة في تزييف الواقع الوطني العراقي ومصداقيته عن طريق اختيار القوة المُحتلة المتمثلة في الولايات المتحدة للشخصية السياسية المناسبة لمصالحها للاستجابة لرد فعل الشارع العراقي المتعطش للحرية والأمن والرفاهية بوضع الدكتور أياد علاوي في المكان المناسب لإملاء الفراغ الذي يبحث عنه العراقيين بعد ان ساد وعبث حكام الإسلام السياسي الطائفي على الأرض بالمزيد من الفساد والسرقة والقتل على الهوية واُرجع فيه العراقيون إلى القرون الوسطى, وضاع من خلاله مستقبل أطفالهم وزيفت بسببه أوضاع نساءهم حتى بدأت مشابهه لأوضاع نساء إيران وأفغانستان. ولهذا كانت أمنيات العراقيين في انتخاباتهم الأخيرة هو في تثبيت حكومة وطنية تجمعهم جميعا، بشيعيتهم وسنتهم وعربهم وأكرادهم وتركمانيهم, مسلمين وغير مسلمين. لقد صوت الناخب العراقي للدكتور أياد علاوي لأنه كان المرشح الرئيسي الوحيد (غير المجتث) والمسموح له أمريكيا ً في الساحة السياسية الحالية لتحقيق ما تريده وتتمناه الأغلبية الساحقة من العراقيين في حياة حرة وكريمة خالية فرق الموت وجثث المغدورين التي ترميها في الشوارع ولكي يرجع إلى الوطن جميع أبناءة من الملايين من الذين اضطروا من البقاء خلف الحدود في بلدان العالم ودول الجوار.

وبغض النظر عن فعالية الدور الأمريكي في مساندة أصدقاءه في القائمة العراقية, تبقى أسباب بروز الدكتور أياد علاوي بقوه في المشهد السياسي العراقي الجديد وتألقه بهذه الصورة الواضحة إلى رد فعل شعبي طبيعي لتصحيح وتغيير المشهد السياسي الفاشل للنظام الطائفي الحالي وهو بالتالي رد فعل وطني مستقل غير مشابهه لظروف ولادة حكومة الاحتلال الطائفية الحالية في عام 2006 وطريقة تكوينها التحاصصي ومسئولية المـُحتل الأمريكي والإيراني في تثبيت اسسها. وعلى العكس فلقد كان للاحتلال الأمريكي الدور الكبير المُبيت في ظهور الأحزاب الطائفية القريبة من إيران وكان لجهود (بول بريمر) في صياغة وكتابة الدستور والذي بفضله تم العمل بمنطق الشرعية الانتخابية الطائفية لبناء الدولة الجديدة بعد ان كرست هذه الشرعية الانتخابية قانونياً جميع الاصطفافات الطائفية والقومية كأساس لتصويت الناخب العراقي. وبهذا استخدمت هذه الشرعية الانتخابية لبناء نظام دستوري فيدرالي يُقسم العراق إلى ثلاث كتل سكانية، شيعية، سنية وكردية، تقوم العلاقة بينها على الطائفية السياسية، حيث تبني مؤسسات الدولة استناداً على الروح الطائفية القومية وعلى أسس المحاصصة الطائفية. بالإضافة إلى عدم وجود إستعداد وقابلية للمجتمع العراقي لتقبل نظام سياسي طائفي ترأسه الاحزاب الدينية لما يتمتع به هذا المجتمع من من تطور فكري وحضاري للعديد من طبقاته الاجتماعية, ساعد وضع العراق المـُحتل وتدخل إيران الاستعماري المذهبي لملى الفراغ السياسي الذي خلفه احتلال العراق من إنجاح المعادلة الأمريكية الجديدة وبلورة نظام هجين وعنصري ذاق من خلاله الإنسان العراقي الأمرين. ان عملية دفع المرشح الدكتور أياد علاوي في ان يكسب ثقة العراقيين لم يكن في أن تنجح لولا هذا الفشل الكبير للأحزاب الطائفية في كسب ثقة الشعب العراقي في قيادة أمور البلد وبالتالي ظهور الحاجة القصوى في ضرورة بناء إعادة نظام مدني يسمح ببناء حكومة وحدة وشراكة وطنية تحت قيادة الكتلة المدنية التي أختارها الشعب العراقي في 7 آذار 2010.

لم تكن أسباب نجاح الكتلة العراقية بقيادة الدكتور أياد علاوي والأستاذ طارق الهاشمي في كسب الشارع العراقي نتيجة لتحصيل خارجي فرضته عوامل سياسية مباشرة تابعة لإستراتيجية الإدارة الأمريكية ودوائرها الاستخباراتية فقط بقدر ما كانت نتائج واقعية لرفض شعبي وسياسي داخلي فرضته الإرادة الوطنية الأصيلة لشعب مضطهد, إنتفظ ضد جريمة الاحتلال بعد هدم الدولة العراقية المدنية وتسليمها لأحزاب المليشيات الطائفية والاثنية المرتبطة بدول الجوار المارقة. ان الفشل الكبير الذي مـُنيت به أحزاب الدين السياسي وما جاءت به من جرائم القتل والفساد والخراب ألاقتصادي قد دفع بالعديد من العراقيين في التخلي عن نوع من اللامبالاة في امتناعهم من المشاركة في الانتخابات السابقة في 2005 نتيجة لوجود الاحتلال ومسؤوليته في إدارة المشهد السياسي. من هذا المنطق فلا يُمكن تأويل سبب نجاح المرشح أياد علاوي وإستطاعته في التمركز في الصدارة من خلال تمتعه بشخصية وقوة سياسية قريبة من الأدارة الأمريكية ، بل في كونه الشخصية العلمانية الوحيدة التي سمحت بها الولايات المتحدة في إستغلال الفرصة بعد قرار العراقيين بإبعاد شبح الدين السياسي والطائفي من جراء تحويل العراق إلى دكتاتورية دينية يحكمها حزب سياسي ديني أصولي شمولي كالتي جاء بها ووظفها الاحتلال ألسياسي الإيراني. وهكذا استقطب الدكتورعلاوي الشارع العراقي بوطنييه من مسلمين أو مسيحيين, وكان لهذه الظاهرة الشعبية (الوطنية) أثرها في التأثير على العديد من التيارات والقوى الوطنية العراقية الأخرى بعد أن زاد وعي العراقيين في دفع القائمة العراقية والسعي لقيام حكم مدني دستوري في العراق.

لقد ساهم نجاح الانتخابات البرلمانية الأخيرة وتصدر القائمة العراقية إلى دفع الولايات المتحدة وحليفها الدكتور أياد علاوي وإعطائهما فرصة ثمينة في استعادة هذا البلد من إيران بعد ان قدمته إدارة بوش السابقة كهدية وعلى طبق من ذهب إلى أحزاب إيران في العراق. وبالرغم من معرفة الناخب العراقي بارتباطات الدكتور أياد علاوي وعلاقته بالولايات المتحدة الأمريكية وحجم مسؤوليتها في الأوضاع المأساوية لهم فقد صوت لقائمته كونه من اشد المعارضين للتوجه الطائفي أو العرقي وإلى انه كونه فكر (وطني) علماني يؤمن بالقيم الديمقراطية واحتضان كل أطياف الشعب العراقي من شماله إلى جنوبه وهذا بذاته انتصار للإرادة العراقية وأمل كبير لجميع العراقيين. لقد أثبتت الانتخابات البرلمانية الأخيرة بقدرة العراقيين في بلورة إرادة وطنية مشتركة تحقق العدالة والمساواة, أستطاع الناخب العراقي من خلالها فرض إراده العراق الوطنية للنهوض بهذا البلد الغني بثرواته وحضارته وقد تكون هذه الإرادة هي أداة فعالة في التقدم والتطور إذ ما اوتمنت بأيادي قيادية شريفة ومستقلة من نفوذ أستراتيجيات الدول الطامحة والطامعة بالنفط . ان نجاح القائمة العراقية في فصل العراق من الارتباط السياسي الإيراني لا يضمن في إرجاع السيادة الكاملة, حيث ان بناء الدولة العراقية الوطنية وتحقيق سيادتها لا يعني ارتباط قاده العراق أو معارضيه بإستراتيجيات الدول الأخرى . ان الإرادة الوطنية العراقية هي أمانة سيادية تدين بالولاء للعراق وتاريخه ومصالحه, وهي غير قابلة للتقاسم مع الأصدقاء أو الحلفاء, وهي أيضا ً إرادة شعب لم يمت بعد لكي تُحمل كوصية إلى زعيم عربي (بحكومة معارضة) تبحث عن غطاء

أمير المفرجي الناطق بأسم تيار المواطنة الوطني العراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التيار العلماني العروبي العراقي
AL ( 2010 / 4 / 7 - 13:20 )
العلمانيه ليست دينيه ولا عنصريه. من حق اي مواطن عراقي من الاقليات ان يكون رئيس وزراء او رئيس جمهوريه او اي منصب مهم. لا للدين ولا للعنصريه العربيه. انتخاب علاوي جيد ويجب عدم زجه بالعروبه

اخر الافلام

.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية