الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهند وسر نجاح التجربة الديمقراطية

حسين علي الحمداني

2010 / 4 / 14
المجتمع المدني


تعتبر الهند التي كانت مستعمر بريطانية من أكبر الديمقراطيات في العالم نسبة إلى عدد سكانها الذي تجاوز المليار نسمة وتم انتخاب أول جمعية تأسيسية في الهند في العام 1946 وكانت مهمتها الأولى وضع دستور للبلاد والثانية ان تتحول فيما بعد إلى برلمان مؤقت يمهد للانتخابات العامة , وفعلا انتهت من كتابة الدستور في كانون الثاني عام 1950 وتم إقراره والذي يعتبر الوثيقة الأطول في العالم من حيث مواده الدستورية , وقد ركز على إن الهند الجمهورية الاتحادية " فيدرالية " وهي دولة علمانية و ستكون أرضا للأديان المتعددة وفي الهند مجلسين تشريعيين برلمانيين يعملوا بنظام وستمنستر البرلماني.و يوصف شكل الحكومة عادة بال "شبة الاتحادي" مع وجود مركز قوي وولايات اضعف بحكومات محلية ، ولكن نما بصورة متزايدة فيدراليا منذ أواخر عام 1990 كنتيجة للتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهو بذلك عبر بشكل مباشر وكبير عن المجتمع الهندي المتعدد الأديان واللغات والأقاليم , من هنا فأنه من الإجحاف اعتبار الديمقراطية في الهند من الديمقراطيات الناشئة والحديثة حيث إن عمرها الزمني تجاوز الـ 60 سنة , ففي نيسان 1952 أجريت أول انتخابات للبرلمان الهندي بعد الاستقلال . ضم البرلمان 449 عضوا وكانت حصة حزب المؤتمر أكثر من 70 % من المقاعد وبالتحديد 364 مقعدا . ومثل أية تجربة ديمقراطية استفادت التجربة الهندية من إفراز زعامات كارزمية استطاعت اغناء التجربة بالممارسة والتنظير . وقد مثل جواهر لال نهرو هذه الشخصية التي ينتخبها التاريخ عندما تتمثل لحظاته الكبرى ثم تعيد انتاجها وفقا لرؤية تنظيمية عقلانية تسمح بقيام التنظيمات القادرة على ادارة البلاد . وقد تجلت هذه الأفكار عبر قراءة واضحة وصحيحة لمتطلبات واحتياجات المجتمع الهندي وأيضا تحرير الاقتصاد بموازاة الاستجابة للديمقراطية القائمة على المؤسسات بشكل ناجح." من هنا ندرك إن الديمقراطية الهندية كان بنائها صحيحا حيث تلازمت الاصلاحات السياسية مع الاصلاحات الاقتصادية , يضاف إلى ذلك إنها بدأت مع الاستقلال عن بريطانيا وتبنوا الاقتراع العام المباشر . ورغم الصعوبات والتحديات الكبيرة التي واجهتها الهند كالحرب مع الصين وهزيمتها فيها وتخصيص مبالغ طائلة للدفاع والتسلح إضافة الى المشاكل في البنجاب والصراعات في كشمير الا إن التجربة الديمقراطية لم تتعرض لسلبيات حادة وتجلت بشكل واضح إمكانات النخبة الهندية وقدرتها على إجادة فن ادارة الصراع وترشيده. ولقد اثبتت هذه النخبة جدارة فائقة في ذلك خاصة من خلال حزب المؤتمر الوطني الهندي بزعامة نهرو الذي توفي في آبار 1964 وشكلت وفاته تحديا كبيرا لمسيرة الديمقراطية الهندية . الا ان انتخاب السيدة انديرا غاندي بعد عامين من وفاة نهرو حسن من أداء حزب المؤتمر الذي تمحور حوله العمل السياسي في الهند . لقد عاد هذا الحزب بزعامة السيدة انديرا وحصل على الاغلبية المطلقة بانتخابات عام 1971 ب 350 مقعدا مقابل 15 مقعدا فقط لحزب المؤتمر " القديم " اذ ترفض اللغة السياسية الهندية لفظة المنشق . ونجد إن حزب المؤتمر بزعامة غاندي آنذاك اتجه صوب النهج الاشتراكي في تسيير أمور البلاد استجابة لمتطلبات المرحلة في حينها وهذا ما يؤكد النهج الهندي الصحيح في التكييف مع العالم بما يحقق مصالح الشعب الهندي كافة . وما يمكن استنتاجه من التجربة الديمقراطية في الهند هو إدارتها المتوازنة بين التنمية الاقتصادية والسياسية بعدم تعليق واحدة منها على حساب الأخرى حيث سارت الإصلاحات الاقتصادية والسياسية جنبا الى جنب وبوقت ووتيرة واحدة ، والانتباه النسبي الى دور سياسات الرفاه والدعم الاجتماعي التي ساهمت في ضمان ديمومة تفاعل الشعب مع الإصلاح في الاتجاهين السياسي والاقتصادي وتحمل الأعراض الجانبية والضغوط الناجمة من الخصخصة وسياسات السوق لأن التنمية الاقتصادية بحاجة الى تكريس الشفافية والمساءلة والمحاسبة، والديمقراطية هي التي يمكنها أن تزرع ذلك وتنشره الى حد كبير. وهذا أحد عوامل نجاح وديمومة التجارب الديمقراطية في العالم حيث يجني الشعب ثمارها مما يجعل الديمقراطية تترسخ أكثر بمرور الزمن . لقد قدمت التجربة الهندية ممارسة ديمقراطية كبيرة في واحد من أكثر مجتمعات العالم تعقيدا من حيث تعدد الأديان واللغات ومع هذا أوجدت لأكثر من مليار ومئتين مليون مواطن هندي هياكلاً سياسية دائمة تؤمن للناس فرص المشاركة العادلة . وعملت في الفترة الأخيرة وفق نظام الحزبين وقدمت دليلا على ان الديمقراطية ليست امتيازا غربيا بل يمكننا أ، نؤكد بان رقي الشعب الهندي ودستوره الحضاري وقياداته الواعية بنت هذا الصرح الشامل في منتصف القرن العشرين ولا زال يؤدي دوره المطلوب فيما نجد جيران الهند كالباكستان مثلا لازالوا لم يفارقوا الانقلابات العسكرية رغم بعض الممارسات الديمقراطية التي لا تخرج عن سيطرة العسكر وآلياتهم في الاستيلاء على السلطة . ولو تمعنا مليا لوجدنا ان سر نجاح الهند في بنائها الديمقراطي هو عدم التعجل في كتابة الدستور حيث استغرقت كتابته أربعة سنوات بما جعل المشرع الهندي يلم بكل حثيات مجتمعه , والنقطة الأخرى وجود مجلسين الأول للبرلمان والثاني مجلس الشيوخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللاجئون السودانيون في تشاد يعانون نقص الخدمات الأساسية


.. مراسل العربية أسامة الكحلوت: الجيش الإسرائيلي يحاصر عددا كبي




.. من قلب مقر الأمم المتحدة.. هكذا تبصر الأيام العالمية النور (


.. اليمن.. جولة جديدة من المفاوضات لبحث الإفراج عن الأسرى والمع




.. الأونروا :الظروف المعيشية للسكان في غزة لا تطاق