الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مجازات الديمقراطية بالمغرب

عبد الاله بسكمار

2010 / 4 / 22
المجتمع المدني


كثر الحديث عن المجتمع المدني وفعاليات المجتمع المدني وجمعيات المجتمع المدني ونشطاء المجتمع المدني خلال السنوات الأخيرة .... وككل المجتمعات والشعوب المحكومة بالظاهرة الصوتية وبأشكال وألوان التخلف والتي تغيب ضمنها الضوابط والمقاييس والقيم ، فان مجتمعاتنا تعرف تناسلا مستمرا لهذا لخطاب ...الجميع يتحدث عن المجتمع المدني وباسم المجتمع المدني ...لكن آخر ما نراه في الساحة هو المجتمع المدني..إذا صح تجاوزا تسميته بالمجتمع المدني ( تمييزا له في الغا لب عن المجتمع السياسي أي الدولة والأحزاب)...السلطة تتحرك- إذا تحركت طبعا -عبر آلياتها المعروفة ووفق أجنداتها الخاصة ( الأمنية أساسا والتي مازالت متحكمة في الوضع رغم كل الشعارات ...ونحن بالطبع مع تقوية نظامنا الأمني ضد الإرهاب والجريمة المنظمة لكن هذا موضوع آخر) المجتمع المدني آخر ما يمكن الحديث عنه مثله مثل الصحافة المستقلة ، خاصة خلال المناسبات والمحطات المعلومة سواء كانت سارة أو قاتمة كالفيضانات مثلا....المنتخبون يتحركون بحساباتهم المعلومة الانتخابوية والمصلحية بالأساس ..الشركات والمؤسسات العمومية ترى الأمور من زاوية مصالحها و" لي كايخرجها" المصالح الخارجية محكومة بطابعها الإداري البيروقراطي الذي يتميز في بلدنا الحبيب بالترهل والبطء .في المقابل طالما انفضحت خرافة المجتمع المدني هذه في غير ما مناسبة ... أعدها شخصيا الحلقة الأضعف والأكثر بؤسا في هذا المشهد السوريالي ولنأخذ الفيضانات الجارفة على سبيل المثال ....لا وجود لشيء اسمه المجتمع المدني( لا أعمم الحكم طبعا لكن النموذج واضح في أكثر مدن وأقاليم الوطن)...المواطنون يدبرون أمر محنتهم لوحدهم ...وهي حقيقة مرة باتت تتكرر في كل كارثة وأصبحت بديهة شبه عادية...فقط هناك - كما أرى - أشخاص معلومون وإطارات بعينها تقاوم التيار وتناطح الصخور وتحارب طواحين الهواء...ولها مني كل التحية والإجلال...ولا مجال لذكرها هنا ، لأن الأمر قد يؤول بشكل مرضي كالعادة ولنا في تجارب محاربة الأسعار خيرمثال .. وهناك إطارات أخرى توصف بأنها تنموية ولا تتعدى انجازاتها التنموية هذه إقامة ساقية هنا ،وتعبيد طريق مهترئ هناك.. وبين هذا وذاك تصرف الميزانيات وترصد الاعتمادات ، حتى مواقف الدول المانحة ومجتمعاتهاالمدنية اصبحت مريبة تجاه نشطائنا و جمعويينا وجمعيات مجتمعنا المدني ، فضلا عن مسؤولينا وهكذا لا نستغرب خروج سفير دولة ما إلى الميدان أو وقوفه على أرزاق دولته ومواطنيه الممنوحة لنا باسم مساعدات التنمية للدول النامية( المتخلفة والفقيرة بتعبير أوضح) . في هذا السياق لا نبخس مثل هذه الخدمات التي تقوم بها جمعيات تنموية بين الحين والآخر، أي وضع سقيفة لسوق أسبوعي أو جلب بعض الماعز لحلبه .... لكنها مع كل الاحترام من صلب مهام المنتخبين والمصالح الخارجية والجهات المعنية ...المساعدة والتعاون يا اخواني" حاجة مزيانة " وتصريفها في مشاريع تنموية حقيقية سيكون أجدى وأنفع... ومن جهة أخرى ففي هذا المجال كما في غيره اختلط الحابل بالنابل وتراقصت أسهم الانتهازيين والتافهين والوصوليين والأميين والمطرودين والمطرودات من المدارس واللاهثين وراء البقشيش( وأحيانا بتشجيع ودعم جهات معينة لا داعي لشرف نعتها أو ذكرها)... هذه عوائق ذاتية وهناك أخرى تتعلق بأولي الأمر منا كمغاربة وبعبارة أوضح بطريقة تدبير الشأن العام ..إذ ما كادت أسطوانة المجتمع المدني تتحرك ، حتى تم تمييعها ، تماما مثلما حدث مع موت الأحزاب وترهل النقابات..بل وإفساد مجال الصحافة بدوره وتمييعه فأصبح بإمكان بائع الكاوكاوأو البيصارة مثلا( مع احترامنا لكل بائعي الكاوكاو والبيصارة بالوطن) أن يصدر صحيفة وهو لا يفقه الليف من الزرواطة او هولا يزيد عن مشروع "حراك " وأصبح كل من هب ودب يستطيع أن يصبح صحفيا( هناك من الجرائد الجهوية وحتى الوطنية من لا يؤدي ما عليه من التزامات تجاه الدولة كالضرائب وغيرها ويتحدث مع ذلك عن الصحافة والمجتمع المدني بدون حياء) أصبح كل من هب ودب ناشطا مدنيا أو صحفيا في سبعة أو ثلاثة أيام حسوما ..(.الصلاة على النبي وعين الحسود فيها عود ياحلاوة )وتحول حق إخبار المواطن إلى حق الاستخبار عنه... كما انتقلت المقالات التحليلية أوحتى التخليلية( من الخل بارك الله فيك) إلى ظاهرة " بوودينة "( أي السماع بالأذن) بتعبير الأستاذ محمد جسوس ...لقد أصبحنا نتفكه على هذه الظاهرة ونسخر منها ومن بؤسها مع الأصدقاء بإطلاق عبارة : صحافة "العثور على الجثث" وسلعة " اغتصب حرف ما وقتل عين أو دال" الرائجة حاليا بدعوى مطالب السوق ( الجمهور "عاوز كده" بعبارة المصريين) مع أنها لا تعدو أن تكون جزءا بسيطا جدا من العمل الإعلامي الحر والمسؤول..والحقيقة أن أزمة الصحافة هي من أزمة هذا المجتمع المدني ومن ثمة هي أزمة تدبير مجتمع ككل في مرحلة تاريخية معينة ، لا نعرف فيها هل خرجنا من سنوات الرصاص أم عدنا أدراجنا إليها، هل حققنا انتقالنا الديمقراطي أم انتقلت شعاراتنا بالذات إلى ذمة الله... هل أنجزنا دولة الحق والقانون أم أن هذه خرافة أخرى انخدعنا لها كما انخدعنا لغيرها وسنكون واهمين تماما إذا اعتقدنا في صحة ولو نسبة عشرة في المائة منها ، أو من العبارات المتداولة و المطروحة في الساحة كحرية التعبير وفعاليات المجتمع المدني وسلطة الرأي العام ، والحال أن هناك إجهازا كليا من جانب وتمييعا من جانب آخر... علينا هنا - إخواني القراء - أن نؤشر بالبنط العريض تحت توازنات ومصالح داخلية وخارجية للجهات المتحكمة في خيوط القرار عندنا...وهي خاضعة لمزاج أصحاب الوقت ولما يرونه مناسبا وغير مناسب لكل مرحلة... فبعد السبعة أيام دلبكور حين اعتقدنا في دينا منية الصحافة والمجتمع المدني ، أي بداية الألفية الثالثة من هذا القرن ، إذا بالصفحة تطوى وإذا بالقلم يرفع...فعادت حليمة إلى عادتها القديمة وان بوسائل واليات فنية ماكرة ، إن لم نقل متطورة فنحتت خطوطا حمراء ملتبسة تتجاوز المؤسسات و"الثوابت الكبرى للدولة " ذاتها وإذا بمؤسات المملكة وقواسمها المشتركة تتحول إلى مواد إثارة لجلب القراء والباحثين عن الاستيهامات المتعددة وجلب مداخيل مالية للمؤسسات الإعلامية ( تضاف إلى أدبيات "العثور على الجثث" وأحداث القتل والاغتصاب حتى يخيل إليك أنه لا يوجد في البلد شيء اخرسوى حوادث القتل والاغتصاب...وما يشبهها)وأصبحنا نحتاط مرة أخرى من ضلنا ومن صورتنا في المرآة وحتى من بعض الأهل والأصدقاء...ورب مجيب : هاذ الشي اللي اعطا الله ....هذه هي الديمقراطية في المغرب،هي ديمقراطية جهة أو جهات فاعلة في القرار دون ريب ...اذا اقبل بها " ولا سير تشرب البحر"..في غرف الانتظار علينا أن نتعامل مع المجازات ، وأنصاف أو أرباع ما نطمح إليه ربع مجتمع مدني وربع صحافة أو حتى ربع إدارة وعشر( أي واحد على عشرة) قضاء مستقل...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين