الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل قوانين القرآن الكريم تقدمية أم رجعية؟

زهير قوطرش

2010 / 4 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البداية ,وقبل الإجابة على هذا التساؤل ,لا بد لنا من أن نعرف ,ما معنى قوانين تقدمية أو رجعية .
بالمناسبة ,كملاحظة جانبية ,في سنوات الستينات من القرن المنصرم ,وعندما كنا في عنفوان الشباب الذي أخذ على عاتقه مهمة النضال الوطني والاجتماعي أنذاك . كانت لذلك العصر مفرداته التي كانت تحكم حركة الواقع , وإذا لم تخني الذاكرة ,كنا نستخدم مصطلحات سياسية ,مثل تقدمي ,رجعي ,وطني ,عميل ,قومي ,أممي . اشتراكي ,برجوازي إقطاعي ...مسلم ,مسيحي ,يهودي ,ملحد .
أما اليوم ,وبعد سقوط المنظومة الاشتراكية ,وهيمنة القطب الواحد ,سبحان الله فقد تغيرت حتى تلك المفردات ,وصرنا نستخدم مفردات عصر العولمة .ومفردات عصر التقسيم الطائفي والمذهبي البشع.
سني ,شيعي ,يزيدي ,بهائي ,طالبان ,قاعدة ,أخوان ,قرآني,هيئة علماء المسلمين ,التيار الصدري ,قائمة التحالف الإسلامي ,القائمة الشيعية ,قائمة تحالف كردستان , جهادي,علماني ,قبطي ,كاثوليكي ,أرثوذكسي,........وهكذا .
نعود إلى التعريف.
قوانين تقدمية:هي القوانين التي لم تقف في حركة الحياة عند عصر قديم ,بل أخذت من القديم ما يناسبها ,وتعاملت مع الحاضر حسب شروطه الآنية والموضوعية ,ولها نظرة أيضاً مستقبلية.
قوانين رجعية .هي القوانين التي ثبتت حركة الحياة عند عصر ماضي معين ,وكلما تقدم وتطور الزمن ,تكون نظرتها إلى الخلف .لأن الماضي بالنسبة لها هو الأصل الثابت .
من هنا ,نستطيع القول ,أن تعاقب الأجيال ,والعصور ,وتقدم المجتمعات ,يجعل الاحتياج إلى القرآن في عصر التقدم أكثر ,ويصبح القرآن حاجة موضوعية للبشرية .ذلك لأن القوانين القرآنية ,لا تقف عند فهم عصر معين ,بل تتجاوزه إلى الحاضر ومن ثم إلى المستقبل.
المشكلة ,في المسلمين هي ما نردده باستمرار تكمن في هجرهم للقرآن ,ولا أغالي إذا قلت أن أكثر المسلمين ,وحتى العرب منهم لا يعرفون ألفاظه ,ولا يستطيعون تدبر آياته.وهذا المستوى ,جعل عملية تبليغ القرآن الكريم وحقائقه عملية محدودة ومعقدة .أما مشكلة الدعاة اليوم هي مشكلة كبيرة في حق كتاب الله ,كونهم أخذوا على عاتقهم ,تدريس السنة والتراث وخرافات البشر وأساطيرهم.وبذلك أصبحت القوانين القرآنية بمفهومهم قوانين رجعية ,كلما تقدم العصر ,ارتدوا وردوا معهم الملاين إلى تلك العصور التي لا يمكن أن تكون مقياس لهذا العصر ,اللهم ما عدا القيم الأخلاقية المشتركة ما بين الحاضر والماضي.
الآيات القرآنية ,هي آيات صامتة ,مهمتنا أي مهمة المسلمين هي نقلها من حيز السكون إلى الحركة .وهذا يتطلب منا استنباط الأفكار والرؤى ,لتتفاعل مع حركة الواقع.
لنأخذ هذا المثال .
يقول الله عز وجل :
"وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" شورى 38

هذه الآية آية صامتة ,نزلت على رسول الله(ص) في عصر معين .
ماذا فعل رسول الله, قرأ الآية على الصحابة ,ومن ثم تم تدوينها ,وبعد ذلك حولوها من آية صامتة ,إلى منهج يتعامل مع حركة الواقع وحركة الحياة.
عند تدبرهم لهذه الآية ,من المؤكد أنهم استغربوا في البداية ورود مفهوم الشورى ما بين مفهومي الصلاة والإنفاق.وهم من الذين استجابوا لربهم ,أمنوا به وأمنوا برسالة الرسول ,ومع ذلك لفت انتباههم أن التسليم والإيمان بالتوحيد لا يكفي من أجل بناء مجتمع القسط والعدالة ,عندها انتبهوا إلى أن هذا المجتمع ,يجب أن يتميز بكونه مقيم لأهم ركن من أركان العبادة ,الصلاة ...لماذا الصلاة؟ لأن أداء الصلاة والصلة بشكلها الصحيح هي السبيل إلى بناء الشخصية ,ومن ثم بناء الأسرة والمجتمع بشكل صحيح كما أراده الله عز وجل.
أما الأنفاق فهو السبيل لتقدم المجتمع وإقامة نظام اقتصادي أساسه العدل.
لكن بين الواجبين ذكر رب العالمين واجب الشورى ,والشورى هي البعد الثالث لبناء المجتمع ,بمعنى أخر هو البعد السياسي والاجتماعي . وفعلاً بفهمهم للمعاني لهذه الآية
,تحولت الآية الصامتة ,في ذلك العهد النبوي إلى حركة حياة ,قرأوا ...تدبروا ...فعّلوا .
فأقاموا مجتمعاً موحداً لله ,عاش فيه كل من سالم ,أي مجتمع العدل والقسط ,ومجتمع الشورى .
ولو نا قشنا هذه القوانين القرآنية ,من مقياس التقدمية والرجعية اليوم ,لوجدنا أن أصحاب الجمود والرجعيين ,عند قراءتهم لها ,يفعلوها ,بالعودة إلى ذلك العصر ,لتطبيق كيف تمت الشورى آنذاك ,وكيف كان المسلمون يدفعون الزكاة من تمر وقمح ...,ويطالبون أن يكون التطبيق العملي مماثلاً لذلك العصر , بغض النظر عن التقدم الذي حصل,هم رجعيون ,ولهذا لا يرون في قوانين القرآن الكريم إلا مفهومها الرجعي.
أما الرؤية التقدمية ,فأنها تأخذ القانون القرآني,وتفعله بشروط العصر ...الشورى من خلال الوسائل الديمقراطية ,الزكاة تدفع بشكل يتفق والقيمة النقدية الموازية وهكذا....
إذن من كل ذلك نستنتج أن في القرآن قوانين تقدمية فقط إذا كانت رؤيتنا لحقائق الأمور تقدمية , وهذه القوانين نستطيع تفعيلها في كل العصور ومع كل الأجيال ,بشرط فهمها وتدبرها وتفعليها على أرض الواقع .وبالله المستعان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع جدا هذا المقال
عبدالناصرجبارالناصري ( 2010 / 4 / 22 - 16:20 )
الله يعينك ويحفظك أخي الكاتب هذا هو الوصف الدقيق للقران لأن القرآن تقدمي فعلا ولكن الاسلامويون يحاولون تقزيم القران وجعله رجعيا
لاتخشى أن جاءتك تعليقات غير موضوعيه فأنا مثلك كتبت عن تقدم الفكر الأسلامي الحقيقي ولكن المعلقون أعتبروني ظلامي وتظليلي وأسلاموي شكرا جزيلا أخي العزيز وشكرا للحوار المتمدن لنشره هكذا مقالات تنويريه موضوعيه


2 - أحسنت
عراقيه ( 2010 / 4 / 22 - 18:38 )
أحسنت ..ولكن كنا بحاجه الى المزيد وتناول قضايا أخرى أهتم القرآن بتنظيمها ..وأسمح لي سيدي القول أن المسلمين كانوا العامل الأساسي في تسفيه مضامين القرآن الكريم فما عرفت الأديان جميعها تنظيماً الاهياً لكل شيئ كالقرآن ..وضع خطوط عريضه لأدارة الدوله وتنظيم التعاملات والعقود وأهتم بالمجتمع وأواصره بداية من الأسره الى علاقات الأفراد داخل المجتمع ونشيرهنا أنه لم يشترط أن يكون نظام الحكم أسلامياً فالأخير بدعة أبتدعها الأسلاميين المهوسين بالسلطه ..عندما أعتبر الأسلام الأجتهاد كأحد مصادر التشريع لكي يعطي فرصة للمسلمين لأستباط أحكام تتناسب مع زمانهم وتخفف عنهم ..ولكن المسلمين أخذوا بالنصوص على علالتها كما في من مات منكم ولم يترك ولد .. الفقره القانونيه التي فسرت الولد بالذكر وليس الأنثى ظلمت الأناث ولكن العيب هنا في التفسير وليس في النص .فائق الشكر والتقدير


3 - النص حمال اوجه
الشهيد كسيلة ( 2010 / 4 / 22 - 19:13 )
القرآن عبارة عن نص حمال اوجه ولذلك وجد الفقهاء وخدام السلاطين والظلاميين بغيتهم فيه وحولوه الى جعجعة لغوية ودروس في البلاغة والنحو وتاويل متناقض لا اول له ولا اخر

الاديان ليست بهدف اقامة دولة لان هذا منزلق خطير يؤسس لمشروعية الملوك ظل الله في الارض ولذا لم يخرج المسلمون من نفق الظلامية الى اليوم

انا ارى يسوع افضل لانه لم يترك لنا عقبا ينتحل البعض نسبه ليحكمنا باسم نص الهي قرونا متتالية

ويسوع لم يات بنص تشريعي ولكن جاء لتهذيب الانسان ونزع الشرور والاحقاد منه لصنع السعادة


4 - صحيح
وديع كمال ( 2010 / 4 / 22 - 20:11 )
أنا أتفق مع الأخ الشهيد كسيلة . لأن نشيد الأنشاد وسفر حزقيال يهدبان النفس ويسموان بالروح الى الملكوت مثل: وفتحت رجليك لكل عابر


5 - اسئلة ستظل عالقة ايها القرانيون الجدد
مجيد من المغرب ( 2010 / 4 / 22 - 20:21 )
سؤال الى الكاتب: ماذا عن حرية العقيدة كفكرة تقدمية؟ اذا استشهدت بايات القران المكي فهي منسوخة بالقران المديني.
الحرية كفركة تقدمية وما دا عن النص القراني الذي يجعل حياة العبد تساوي نصف حياة السيد
المساواة بين الجنسين وما فيها من تمييز ضد المراة وتشريعات مهينة
احترام الاخر المختلف عقائديا والقران يصفه ان نجس وكافر وسفيه ومشرك وجب قتاله .
ودمتم،


6 - آيات صامته تشتغل بآلدفع
مصلح المعمار ( 2010 / 4 / 22 - 21:34 )
اذن هناك كلام لله قسم منه صامت ومواضيع تحتاج من الأنسان ان يحركها حسب مقتضيات المرحلة ، وبرأي هذا تعدي واضح الى العلم الغيبي لله ويؤيد عملية الناسخ وآلمنسوخ وتراجع اله محمد عن قراراته لعدم علمه بآلغيب وعدم تمكنه تشريع شيء مفهوم دون الحاجه لتجديد تفسير كلامه حسب مقتضيات المرحله ، الحقيقه ان مؤلف القرآن اتى بأغلب الآيات القرآنيه نتيجة لحدث او معركة او عداء شخصي (ابو لهب مثالا) ، او انتقاد من حكماء قريش بأن الآيات المحمديه هي مجرد اساطيرالأولين او من نصيحة من عمر، كما نقل عن عادات وثنيه قديمه كآلحج وآالدوران حول الكعبة ، فكان محمد يرد بآيات على الأحداث والأتهامات كردة فعل لتلك الأحداث او لتشجيع جيشه على القتال وتوحيد صفوفه ، لذا فأن تطويع الآيات لتلائم كل المراحل هو بمثابة مساعدة اله القرآن للخروج من مأزق الآيات الصامته التي صمتت بأنتهاء المرحله التي جاءت لأجلها وقد ولى زمن استغفال الناس ، تحياتي للأخ كاتب المقال وللجميع


7 - القران لاينطق و انما تنطق به الرجال
احمد الطالبي ( 2010 / 4 / 22 - 21:44 )
هكدا قال علي بن ابي طالب عند اشتداد الصراع مع معاوية ونفهم من كلامه ان القران قابل للتأويل حسب المصالح و تدبير الصراع .كل طرف يؤوله بالشكل الدي يخدم مصالحه الدنيوية . السياسية .مما يفسر تناقض الخطابات المؤسسة على النص مند قرون فخطاب المعتزلة ليس هو حطاب الاشاعرة والمداهب الفقهية بدورها لاتجتمع على فكرة واحدة وهكدا دواليك وعبر التاريخ الاسلامي كله استبد السلاطين بالحكم بمباركة وعاظهم الدين يؤولون النص حسب ما تقتضيه مصلحة الحاكم مما جعل الشعوب الاسلامية تتكتوي بنار الاستبداد المقدس و ما زالت .و في دلك اساءة كبيرة للنص القراني . ما احوجنا الى فكر تنويري يحرر النص من نزوات المستبدين والمتطرفين التكفيرريين وهدا شرط من شروط الاندماج في العصر وبدون دلك سنبقى اسفل سافلين الى تفنى الدنيا.


8 - امكانية التاويل لاتعني امكانية التطبيق
فاهم إيدام ( 2010 / 4 / 23 - 01:01 )
السؤال هو في امكانية تحقيق العداله ـ باعلى نسبة ممكنه ـ وتطبيق الديمقراطية من دون الاعتماد على دين يعتمد على كتاب بلاغي يوصف بالحمال اوجه؟؟؟ والتجربة العملية تثبت بان هذه الامكانية موجودة بالفعل، ومثالها الديمقراطيه الغربيه التي لم يكن الدين مخترعها، بل العكس، أي أن عزل الدين هو السبب الرأيس لتحققها. فلماذا نلفّ طويلاً؟؟؟ ثم أليس من المعقول انّ تاويل القرآن ـ وخصوصاً الآيات التشريعية منه ـ تأويلاً (معاصراً) يفتح الباب على التأويل المضاد... وتأويل التاويل... و...؟؟؟ أليس من المعقول الغاء الجانب التشريعي في الاسلام فقط لكون الانسان المستهدم منه قد تمكن من الوصول لما هو افضل؟؟؟؟

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال