الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر و الصدفة

ماريو أنور

2010 / 4 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فى مقال سابقة لى (( بزوغ الحياة )) نجد التفسير الذى توصلنا إليه فى معرض حديثنا عن فكرة الحياة .... فما جعل الحياة تظهر فى مرحلة معينة من تعقيد المادة , حين بلغ الجزىء المركب مرحلة من التعقيد و التوحيد . أدى إلى الوصول إلى ما نسميه الكتلة الحرجة أو النقطة الحرجة , ونقصد بها قدرً معيناً من تركيز الحياة التى كانت مندثرة و تجمعت حتى بلغت الكتلة الحرجة التى أدت إلى بزوغها . ما أدى إلى ظهور الحياة هو تنظيم المادة و تركيزها و توحيدها .
وما جرى للمادة يحدث مع الخلية , فإن بزوغ الفكر البشرى حدث نتيجة لتركيزخلايا الجسم الحيوانى و توحيدها حتى إن هذا التركيز وصل إلى نقطة حرجة من التكثيف سمحت ببروز ظاهرة جديدة اسمها الفكر . فليس بزوغ الفكر إلا نتيجة قدرة الحياة على أن تتركز فى ذاتها . فى داخل كل خلية قدر ضئيل من الفكر أو من الحياة الفكرية مدفون فيها , فهذا القدر لا يسمح بظهور الفكر فى الخلية . ثم تجمعت الخلايا فى شكل جسم , لكن هذا الجسم غير كاف , بسبب تعقيد خلاياه و تركيبها , لأن يكون جسم كائن مفكر , ثم بدأ الجهاز العصبى فى الظهور ليحقق المزيد من الوحدة لخلايا الجسم , لكنه لم يكن كافياً فى الحيوان لبزوغ الفكر . ثم ظهر المخ فى بعض الكائنات وازداد فى النمو , وفجأة حدثت الطفرة فى ما نسميه النقطة الحرجة , حين وصل حجم المخ إلى قدر معين سمحله بظهور الفكر . فالتفكير قبل ظهور الإنسان كان يتم بقدر ضئيل جداً فى بعض الكائنات , ولكن , بظهور الإنسان , حدث بزوغ للفكر . هذه النقطة الحرجة التى نتحدث عنها تماماً أن مثلاً بتسخين قدر من الماء ترتفع درجة حرارته , حتى إذا وصلت إلى المائة درجة مئوية , تحدث طفرة فى حالة المادة وتتحول من سائل إلى بخار . كذلك النقطة الحرجة فى التطور هى زيادة كمية تؤدى إلى تحويل نوعى , وهى مستمرة , ولكن , حين نصل إلى نقطة معينة , يحدث التغير .
أستطيع أن اقول بأن الحياة كانت منذ البدء فى المادة , وان الفكر أيضاً كان فى الخلية منذ ظهور الحياة , فليس التطور إلا قدرة المادة على تنظيم ذاتها فى سبيل ظهور الطاقات الحية الدفينة فى داخلها على شكل ظاهر و ملموس أولاً فى الحياة , ثم فى الإنسان .
هل يمكن أن يتم كل هذا التطور من باب الصدفة ؟!
حين تكون الصدفة منظمة و يكون لها منطق مستمر على مدى قرون و أجيال و مليارات السنين , يمكن أن نطلق عليها لفظ صدفة عاقلة أو صدفة منطقية . فإذا حدث أن اصطدم حجر بزجاج نافذة و كسره , تكون هذه صدفة , ولكن إذا حدث أن اصطدم ألف حجر بتتابع زمنى معين بالزجاج , فى هذه الحالة سوف أصل إلى الاعتقاد بأن إنساناً قد كسر الزجاج . لماذا ؟ لان هناك تكراراً و إصراراً على تحقيق هدف واحد . وقد أجرى أحد العلماء حسابات رياضية باستخدام نظرية الاحتمالات , فوجد أنه لو تركت الأمور للطبيعة عن طريق الصدفة العشوائية لعمل مركبات معينة تؤدى إلى ظهور الخلية الحية الأولى ( البروتست ) , لكان العالم فى حاجة إلى 250 مليار سنة للوصول إلى مرحلة الخلية الأولى , فى حين أن العالم عمره يقدر بحوالى 20 مليار سنة فقط , ولم يصل فقط إلى الخلية الأولى , بل إلى الإنسان وهو أكثر تعقيداً بمراحل كثيرة . إذاً , لو كانت المادة متروكة لتلاعب عشوائى كانت تحتاج إلى 250 مليار سنة حتى تنشأ بالصدفة خلية واحدة , ولكنها , فى أقل من 20 ملياء سنة , استطاعت أن تكون ما هو أعظم بكثيراً أعنى الإنسان .
من غير المعقول إذن أن نفسر ما حدث من تطور للكائنات عن طريق الصدفة . فهناك بالتأكيد منطق وراء هذا التطور , هناك اتجاه وخط سير لتطور الكائنات وهو ما أطلق عليه مصطلح المبأ البشرى . فهل يعقل أن آخذ ساعة و أقوم بفك جميع أجزائها وأضعها فى منديل , ثم أحرك المنديل , على أمل أن يعاد تركيب كل مكونات الساعة فى حركة عشوائية ؟! بالتأكيد هذا لن يحدث . فبنظرية الاحتمالات نحن أمام أمر يحتاج إلى مليارات السنين من محاولات حتى تتحقق المعجزة , ويسكن كل مسمار فى الثقب الخاص به , وكل ترس يعود إلى مكانه . فإذا حدث هذا وكنت أشك فى إمكانية حدوثه , أظن أنه من المستحيل أن يتم تصنيع مثل هذه الساعة عن طريق الصدفة , علماً بأنها تحتاج إلى عدة مليارات من السنين لإعادة تركيبها , ولن يكون ذلك إلا من خلال ساعاتى ماهر يدرك عمله .... فالصدفة لا تصلح تفسيراً لعملية التطور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الساعاتي
أشورية ( 2010 / 4 / 29 - 22:20 )
في المشرق ( الشرق الأوسط ) كان هناك ليس ساعاتي واحد فقط بل ملأيين أنظر لحال حضارات المشرق أيام الأشوريين والفراعنة والبابلين قارنها بعد مجىء من شبه الجزيرة مخلوقات يدعون بأنهم بشر أو أنسان لكن هم ليسوا الأ ( أنسان ألي ) يسيره زر أو زمبلك أسمه رسول مرسل لأ أعرف من أين ويطبقون تعاليم ضلألية أضلت الملأيين ولقرون طويلة , أنظر بفضلهم أين وصل حال مشرقنا للحضيض بعدما كان السباق للكل في الحضارت والتقدم في العلم والمعرفة ولأ من منافس له . العالم اليوم يتكلم عن التطور والتكنلوجيا والفضاء الخارجي , ومشرقنا يتكلم عن بول البعير والطلأق والنكاح والقتل والأغتصاب , هذا هو الساعاتي الذي تريده أن يعيد لك تركيب الساعة التي ( كانت مبتكرة من قبل عقول مستنيرة منفتحة تسعى وتجهاد للوصول للتطور العالي ) وجاء الأنسان الألي وهو بجهله وغبائه فكك أجزاء الساعة كلها وأرجع البشرية المشرقية للعصر الحجري وعصر الغابات القوي يقتل المسالم الضعيف ويسود على الكل بخرافاته وخزعبلأته الضلألية البدائية المهلكة


2 - وليد الصدفه
صفاء ابراهيم ( 2010 / 4 / 30 - 06:25 )
اشكرك سيدي
لقد فتحت عيني على الحقيقه التي ما كنت اراها الا بفضلك
اقتنعت الان انك وليد الصدفه
وان كتاباتك نتاج الصدفه
وانك صدفة لن تتكرر
اشكرك من كل قلبي
تحياتي


3 - غلطة غير مقصودة
أشورية ( 2010 / 4 / 30 - 16:08 )
كتابتي ( الفراعنة ) قصدت الحضارة المصرية الفرعونية العريقة ... وأسفة

اخر الافلام

.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا