الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مورفين ٌ .. و ابتسامة

وليد مهدي

2010 / 5 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قضى سنيناً من عمره ينصت ُ ويستمع لما توحي به مخلوقات ٌ ما ورائية غريبة ( ربما كانت هلاوس ) ، اسماها الملائكة والشياطين ..
فهو ينصت للملائكة ويستمع لما تتلوه الشياطين ، هذا النبي المبتعث من خابي الرماد.

توحي الملائكة بأن " المتعة Pleasure " ... بالنسبــة للبشر .. لا تعدو أن تكون مورفين Morphine ..!

استغرب َ هذا الناسك حينما استمع لهديل هذه المخلوقات السماوية أول مرة ، كانا اثنين يتحدثان إلى بعضهما ، الأول كان مستجداً في معرفة البشر ، تم تكليفه للمرة الأولى في متابعة أحوال الإنسان ، أما الثاني ، فكان مرؤوسه الأعلى وقد قضى في خبر البشرية ، مدة ً وجيزة ، بضعة آلاف السنوات ..

كان يعلم المستجد ويخبره ، فيما النبي الرمادي ينصت :

البشر مخلوقات طيبة ، مجبولة ٌ على الخير ، لكن الله كلفها بمهمة شاقة وصعبة ، أن تبني نفسها بنفسها وتتطور في مسار الزمن لتصنع " الحضارة " ..

وفر الله لها " المتعة " كي تتداوى من شقاء يومها ، وأول ُ متاعها هو " النوم " ..
فيه تتجدد المركبات التالفه والمعطوبة في تكوين أغشية خلايا أدمغة البشر ، فتعود بعد صحوها قادرة على المتابعة والاستمرار .

سأله الثاني : مالذي يحدث لو كفوا عن الاستمتاع , أو كفوا عن النوم ؟
أجابه الأول : ستتحطم الخلايا العصبية ويقصر عمر البشر كثيراً .. بالفرح والابتسامة .. واللذة ، وأبسطها النوم يستعيد عقل البشر عافيته و دافعيته على الاستمرار والبقاء .. فهي علاج " مؤقت " للكرب والضرر الحادث في النفس البشرية ..

مشكلة البشر إنهم عادة ً ما يدمنون على الاستمتاع فيصبحوا أسرى للذائد الحياة ، فبدلاً من أوقات يسيرة يقضيها البشر في ترميم الدماغ والنفس بمكنونها الروحي المعقد ، تستغرق هذه المخلوقات في إدمانها على اللذات ..
حتى تدخل الكثير من نفوس بشر القرن الحادي والعشرين الذين كلفنا بمراقبتهم في حرب ٍ ضروس ٍ مع الزمن ..
فاللذة حينما تصبح غاية تدخل في حربها مع الزمن .. تحاول جر البشر إلى " قتل " الوقت .. !

مدمنوا اللذات والمتع ، من هؤلاء المكونين لنسيج الحضارة في القرن الحادي والعشرين لم يعودوا يروا في اللذات وسائل طبيعية للتصحيح والتصليح ..!

التصحيح النفسي ، والتصليح العضوي ، الحضارة الغربية ، التي تقود الجنس البشري حالياً ، من خلال النزعة السلوكية في تفسير النفس ، هذه النزعة المسيطرة على العقل السياسي الإنكلوسكسوني ، وعبر آلتها الإعلامية الجبارة جعلت الجنس البشري يسير نحو غاية واحدة ٍ أكيدة : المتعــــــة Pleasure ... !

مع ذلك ، اعلم أيها المستجد أن في " شرق " الكوكب ، أمم اليابان وكوريا والصين بشر ٌ من صنف ملكوتي أصيل ، غايتهم العمل و شرفهم " الإتقان " .. لا تعدو المتعة أن تكون في حياتهم تصحيحية عابرة .. !
لهذا السبب ، الله يحرك التاريخ نحوهم ... سيجعلهم أسيادا ً على البشر رغم انف الغرب .. !
سيعيدون الإنسانية إلى غايتها الأساس : العمل والإتقان ، والمتعة لا تستعمل إلا بقدر الحاجة ..

نبي الرماد لم يفهم بوضوح مالذي يقوله هؤلاء ...؟

إنهم يقولون بأن البشرية تسير للخارج من مسار " القدر الحضاري " النموذجي الذي حدده الله لهم ، وأن التاريخ سيعود بالإنسانية لتسود أمم الشرق لأجل " التصحيح " في مسار الفكر الإجتماعي ..

لكن ، مالذي تقوله الشياطين في ذلك ؟
ليس صعباً استماع همسهم ، لا يحتاج لإنصات ، يستمع إلى نجواهم دوما ً وهي تتردد مثل موسيقى مجنونة صاخبة :

البشر هؤلاء الحمقى ، هؤلاء الأغبياء ... أدمنوا على استقبال مخهم للدوبامين ، المسبب للإحساس بالمتعة واللذة.
لم يعودوا يفكروا بغير الاستمتاع ...
نحن من نقودهم ، ورائدنا عزازيل ، شعاره " حقنة مورفين مشوبة ٌ بابتسامة " .. !
هكذا نعامل البشر .. وسنقودهم إلى عالم منغلق يبدأ بالمتعة وينتهي فيها ، لن يكون تقدمهم المادي منجيا لهم ..
لقد أدمنوا .. ولم يعد هناك اليوم مظهر ٌ لوجودهم سوى المرح ، يحيا المرح !

بعد سنين طويلة ، بدأ يفهم ويدرك ، لماذا حرمته الأقدار من كل بهجة .. !
لماذا لم يكن في حياته إلا هذا الشتاء قارس البرودة من الأحزان ..
لقد أسدى له الله صنيعاً في كل ما كان .. وسيكون ..
خر راكعاً و أناب :
صفحك عني يا "رفيق " إحساسي ، الآن فهمتك فقط ..
الآن أيقنت ..
أن لا حول لي ولا قوة في تغيير هذا العالم ..
أنت من تملك خيوط كل شيء ، وتحرك التاريخ إلى ما تشاء .. الآن ُ فقط فهمت قصد " محمد " :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
لا حول ولا قوة إلا بك .. فخذ بأيدينا إلى ما ترضى فأنت كما أرضى
*************
ابتسم في وجه طفل ٍ لأنه بحاجة أن يرى الحياة ابتسامة ..
ابتسم في وجه العجوز الذي أثقلته صروف الأيام ، علها تداوي بعضاً من جراحه ..
ابتسم بما يكفي أن تحفظك ابتسامتك مقبولاً بين الناس ..
لكن ، لا تجعل منها " قناعا ً " تخفي به أحقادك ..
لا تحقنها مثل الأفيون لتخدع بها بني جنسك من البشر لتحقيق غايات إمتاعك .. !
المتعة وسيلة تصحيح وتصليح ، وليست غاية ..
لا تجعل المتعة تضيعك في خدر العدمية التي تقودها الفرعنة الغربية ..
وما أمر فرعون َ برشيد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟