الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مااسباب ازمة الرسوم الكاريكاتورية ؟

مكارم ابراهيم

2010 / 5 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما اعادت صحيفة البوليتيكن نشر الرسوم الكاريكاتورية غضب المسلمون اشد الغضب من الصحيفة. وعندما اعتذرت صحيفة البوليتيكن للمسلمين عن نشرها للرسوم لم تحضَ برضا المسلمين عن هذا الاعتذار وذلك لشكوكهم في حسن النية ولاعتقادهم ان الاعتذار جاء بعد تهديدات وضغوطات مورست على الصحيفة من جهات معينة رغم ان العفو ضرورة اسلامية.
ان الازمة التي نجمت عن الرسوم الكاريكاتورية سببها اختلاف الثقافة الدنماركية بما فيها السلوك الفردي عن الثقافة العربية هذا الكلام ليس هو محاولة مني للدفاع عن الدنماركيين بل هو توضيح اهمية الاطلاع على ابعاد اختلافات الثقافة بين البلدان فالثقافة السويدية تختلف عن الثقافة الدنماركية رغم انهم جيران ومن ضمن مجموعة الدول الاسكندنافية.
فالثقافة الدنماركية تتطبع بالانفتاح على العالم الخارجي فنرى الدنماركي متحررا في ذوقه الفني الموسيقي ,الازياء ,الاثاث, التصاميم, الا في موضوع المخدرات والمثلية فمايزال هناك تحفظ.
كما ان التربية تبيح للفرد انتقاد من يشاء وبشكل جارح و غيرمهذب سواء في الاسرة , مكان العمل, المدرسة بين الطلاب او في اللقاءات الاعلامية بين اعضاء الاحزاب المعارضة ولكن المهم هنا ان بعد انتهاء الحوار الساخن و الانتقاد تنتهي الاجواء الساخنة ويتحدثون بكل هدوء وكان شيئا لم يكن قبل ثوان ٍ وبالتالي فالدنماركي لايقف طويلا عند نقطة ما فهو يعلق على الامر و يغلق هذا الفصل من الكتاب ليمشي الى الامام ولايرجع للخلف.
الا ان اهم اوجه الثقافة الدنماركية هو الاهتمام الفردي وليس الجماعي. اي ان الفرد لاياخذ بنظر الاعتبار تقييم اسرته او جيرانه او مجتمعه في سلوكه وقراراته. فالفرد يفعل مايراه مناسبا له ولايحسب حسابا ان سمعة اسرته ستضرر بالفعل الشخصي. فاذا طلبت الفتاة من الرجل ان يصطحبهاالى بيتها فسلوكها هذا لايجعل منها فتاة عاهرة بنظر الرجل اما اذا كانت الفتاة من مجتمع شرقي فان سلوكها هذا يعتبره الرجل الشرقي سلوك فتاة رخيصة. وعندما يرسم الرسام رسوما يهين بها فئة معينة فهو لايتصور ان الاخرين او دولته سوف تدفع ثمن عمله هذا.
و هذا السلوك الفردي لانعرفه في الثقافة العربيةو الاسلامية فالشان الجماعي يطغي على الشان الفردي وقرار الفرد مستند على قرار الجماعةو الاسرة والمجتمع .فالقضايا القومية اهم من الشان الفردي والتدخل بشؤون الافراد واضح بهدف الدفاع عن سمعة الشارع مثل اجتماع الجيران واتخاذ قرار بطرد امراة مشبوهة من الحي. وانعدام حرية التعبير منهج جذري فعلى الفرد السمع والطاعة وعدم المجادلة لان العقاب شديد(الزوج لزوجته والاب لابنائه والامام للكافر والقائد لشعبه والرب لطائفته) الا ان العقاب على ايدي المخابرات والامن العامة اشد من كل عقاب. فلايوجد كاتب يختار بحرية مايكتب واذا تجرأ وكتب موضوعا لايعجب السلطة سيحرق كتابه ولايطبع اصلا وربما يرمى الكاتب في السجن ويحلل دمه. لايوجد فنان تشكيلي يستطيع ان يرسم مايشاء واذا تجرأ فلا يعرضه للناس.
فالفرد في الدول العربية والاسلامية لم يمارس حرية التعبير لان حكام السلطة يسيطرون على انفاسه ومشاعره وافعاله وقد تحول الى بهيمة لاترى ولاتسمع ولاتقرا الا مايقرره الحاكم والا فالعقاب مميت وربما يكون عقابا جماعيا.
ولو كان المسلمون والعرب على اطلاع ومعرفة بهذا الاختلاف الثقافي لما كانت ردود افعالهم عنيفة بهذا الشكل على الرسوم الكاريكاتورية ولم يكترثوا لها. ولكن الحكام لهم اهداف باستغلال الفرد البسيط لتحقيق اهدافهم الاستبدادية وجعل الفرد العربي المسلم ينشغل بامور بعيدة عن مشاكله ومعاناته اليومية مع حكومته وذلك باسم الدفاع عن الدين او العروبة او الجهاد والى ذلك من الشعارات القومية التي حفظناها في المدارس.
لنلقي نظرة على اعمال الرسام الدنماركي كورت فيستر غورد الذي رسم الكاريكاتور عن نبي الاسلام فقد رسم ايضا كاريكاتور مهين لليهود في ديسمبر 2004 جريدة اليولاند بوستن الدنماركية"أسطورة تتلاشى" من اريكسن غيرهارد).توضح مواطنا فلسطينيا "مصلوب داخل نجمة داود اليهودية" ، في اشارة واضحة الى رسالة معادية للسامية لانها ترمز الى الذنب الجماعي لليهود في صلب يسوع المسيح.
Jyllands-Posten, illustration af Kurt Westergaard (til artiklen "Myten der blegnede" af Gerhardt Eriksen) .december 2004. Palæstinenser "korsfæstet" på den jødiske davidstjerne, en tydelig reference til den klassiske antisemitismes budskab om jødernes kollektive skyld i henrettelsen af Jesus Kristus.
لاحظ ايضا هذا الرسم عن يسوع المسيح الذي يعتبر الرب لدى المسيحين في المجلة الالمانية تايتانك وايضا امام المسلمين الدنماركيين الامام عبد الواحد بيدرسن رسم بشكل مهين
في صحيفة الاكسترابلاذة.
لاحظ الكاريكاتور التالي للرسام بير ماركوارد اوتزن 14 كانون الثاني عام 2009 في صحيفة البوليتيكن الدنماركية. يشبه الرسام صورة مشهورة من 1943 من الغيتو اليهودي في وارسو معسكرات الإبادة النازية لليهود. حيث هنا الجنديان الاسرائيليان يقفان وفي طريقهم النساء والاطفال الفلسطينيون .

Af Per Marquard Otzen, Politiken, 14. januar 2009.
Tegningen er en efterligning af et berømt foto fra 1943 fra den jødiske ghetto i Warszawa. De to israelske soldater står på præcis samme måde, som de tyske soldater på det originale foto, mens palæstinensiske kvinder og børn gennes afsted, ligesom jøderne på fotoet fra 1943 ledes mod de
nazistiske udryddelseslejre.

نلاحظ مما تقدم ان الرسوم طالت يسوع المسيح و اليهود شبهوا بالنازيين وهذا اذلال واهانة عظيمة لهم وبعدها المسلمين حيث شبه نبيهم بالارهابي ومااكثر الرسوم الكاريكاتورية على رئيس الوزراء الدنماركي وملكة الدنمارك . هذه هي الثقافة الدنماركية النقد الجارح والتمرد على كل من يحاول اثبات انه الافضل وهي حرية التعبير التي يؤمنون بها. واذا اردنا اثبات العكس لهم باننا لسنا ارهابيين فعلينا ان لانهدد رسام الكاريكاتور ولا نقتله لاننا بذلك نثبت ادعاءهم بل علينا ان نبين لهم باننا نحترم حرية التعبير لكل فرد فهو لايعبر عن موضوع الا من خلال استناده على خلفيته الثقافية والاجتماعية الذاتية.

مكارم ابراهيم
08/Maj/ 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرسوم
أيمن قـدرى ( 2010 / 5 / 8 - 19:58 )
الأخت الفاضله الكاتبه
تحرك الجماهير الإسلاميه فيما يعرف بالرسوم الكارتيكوريه المسيئه تحرك ليس عفوى
وليس غير محسوب
بل الجماهير تحركت تحت تعبئه حكوميه وبقرارات حكوميه هذه الحكومات أرادت الإستفاده من الحادثه لمصلحتها الشخصيه وكل حكومه لها دوافعها وأهدافها التى تهدف الى تحقيقها من وراء تحريك غواغئها للحرق والتكسير
والدليل ماحدث فى سوريا بالذات
فمعلوم أن سوريا محكومه بالحديد والنار ولا يجرأ مواطن على التغريد خارج السرب
وإلا...................والباقى بالطبع معلوم
اما مقالك يا أخت مكارم
فغايه فى الروعه لإعتماده العقلانيه
وجعل المعلوماتيه أساس الحكم المنطقى على الأمور

ولكن لا أعتقد أن القوم يرغبون فى تعاطى العقلانيه


2 - اسفة لعدم وضع الرسوم
مكارم ابراهيم ( 2010 / 5 / 8 - 23:00 )
الى قرائي الكرام
اعتذر لعدم امكانية نشر الرسوم التي اخترتها وذلك لعدم وجود الامكانية في صفحة الحوار المتمدن. ولكن وضعت التوضيحات باللغة الدنماركية فيمكنكم نسخ الجملة ووضعها في الكوكل الخاص بالصور وبالتالي يمكنكم مشاهدتها.


3 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2010 / 5 / 10 - 22:36 )
الاخت مارم ان الرسوم الكاريكاتيريه لم تاتي من فراغ بل من دراسه علميه واكاديميه للرسام وما يحدث على ارض الواقع في الدول العربيه والاسلاميه من تدمير وقتل وتفجير مما حفز الرسام لهذا العمل ولو كان الاسلام معتقد مسالم لما تجرا ان يرسم ولكن من يقرا ويسمع كل يوم عن هذه الافعال الاجراميه جعله ان يرسم الواقع ليت الاسلام يصلح نفسه لكي يحترم من العالم ولكن الايات الارهابيه تمنع مسالمه المسلم التي تحضه على قتل الاخر بسبب المعتقد او الدين والاسلام نفسه منقسم الى شيعه وسنه وكل يكن العداء للاخر فما بالك بغيره ...تحيه لك


4 - رد للاخوة المحاورين ايمن وحنا
مكارم ابراهيم ( 2010 / 5 / 11 - 08:26 )
الى الاخوة الاعزاء ايمن وحنا
اشكركم جدا لمشاركتم الحوار معي ان الرسوم الكاريكاتورية تعكس دوما الحالة التي يمر بها الشعب بكل دقة وذبح الانسان بشكل بشع مع التكبير باسم الله صورة نراها باستمرار بالاعلام لاتوجد فيها خيال .كما ان الاقتتال بين الاديان في المنطقة العربية وكذلك الاقتتال بين السنة والشيعة كل هذا اسبابه الجهل . فكثير من الارهابين ربما لم يقرؤ القران او قرؤه ولكن كل مسلم يفسر الايات القرانية مايراه مناسبا لفكره وبيئته.ورغم ان الكثيرين منهم يصلون الى الجامعات ولكن هذا لايعني انهم مثقفين لان المستوى التعليمي متخلف في المنطقة العربية والاسلامية فلو كان التعليم على منهج متقدم وحديث يؤمن باختلاف الاديان والثقافات وبالديمقراطية والنقد الذاتي لكان بالامكان ان نطلق على المتعلمين لقب مثقفين فالمثقف يؤمن باحترام حرية التعبير والديمقراطية واحترام حرية الفرد في اختياره لمذهبه وحزبه ودينه ولباسه.

اخر الافلام

.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله


.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446




.. 162-An-Nisa


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - رئيس الوزراء يهنئ الرئيس السيسي و




.. وادي الرافدين وتراثه القديم محاضرة استذكارية وحوارفي الذكرى