الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن السوسيولوجيا

مازن مرسول محمد

2010 / 5 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



من المتفق عليه إن لكل علمٍ أسسٍ وأركانٍ جعلت منه مستقلاً يحمل في بواطنهِ ما يؤهلهُ لشغل مكانٍ مناسبٍ بين العلوم ، من خلال ما يوظّفهُ لخدمة المجتمع ودفعهِ إلى الأمام .
وعلم الاجتماع لا يشذ عن هذهِ العلوم الذي برز بأفكارِ ( كونت ) ووضِع بأسسهِ الخاصة ومن قبلهِ تمت الإشارة إليه من قبل العلامة ( أبن خلدون ) ، وبقي ردحاً من الزمن يمر بأطوارِ التطور والتراكم الذي جعل المجتمع لا غنى لهُ عن علم الاجتماع .
أننا عندما نسمع عن مشكلاتٍ اجتماعية كأمراضٍ تُصيب أفراد المجتمع ، نذهب ونشخّص الدواء مباشرةً لها ومنها المتمثل بآليات علم الاجتماع القادرة على التصدي لها وحلها أو الحد منها .
ولا يمكن بأية حالٍ من الأحوال الاعتماد على العلم بذاتهِ بقدر ما نوكل المهمة لإدارة هذا العلم من قبل متخصصيه ومُحكمي وواضعي أُسسهِ .
فلا يمكن لأية فرد دون تخصصٍ أن يعالج مشكلاتٍ معينة بأحد العلوم ، دون امتلاك آلية الفن القادرة على التصرف بعقلانية تامة تؤدي إلى التعامل مع المشكلة بالنظر إليها من جوانبٍ دقيقة تُحيط بكل مُسبباتها ، ولا يمتلك هذا الفن كل من قرأ علم الاجتماع أو تعامل معهُ ، وإنما قد يقتصر على الذي أحترف أُسس التعامل المنطقية مع هذا العلم .
من ذلك نرى بوضوح أنهُ على الرغم من ارتقاء كثيرٍ من العلوم إلى درجاتٍ عالية من الرقي والتكامل ، والتي لها تماسٍ مباشر مع مشكلات المجتمع ، إلا إن الملاحظ أن هذهِ المشكلات تتزايد والحلول غير كافية لعلاجها .
فما هو الحل وأين يكمن الخلل هل هو في الدرجة التي وصلت لها تلك العلوم ومنها علم الاجتماع ، أم أن الأمر يختلف عن ذلك ؟
لعل المتفحص لمسرى حياة البشر يُلاحظ التراكمات العلمية الراسخة ودورها في تقدم وتطور البشرية ، ولا يخفى على أحدٍ من إن الضعف ينتاب القائمين على أمور العلم وليس العلم ذاتهِ .
فعندما نتكلم عن علم الاجتماع فأننا نذكر انجازات مجتمعية كثيرة تُحسب لذلك العلم ، جاءت من تكاملهِ إلى حدٍ كبير وحسن التصرف بآلياتهِ .
لكننا عندما نطرح أسباب الفشل ، فلا يمكن أن يكون علم الاجتماع هو قد أخفق في معالجة المشكلات بذاتهِ ، وإنما الأمر يكمن في القدرة على امتلاك منهج الفن في ترجمة هذا العلم لمعالجة مشكلات الواقع .
فلا عجب أن هناك من يذم علم الاجتماع ككيانٍ علمي مستقل ولا يلقي باللوم على المتعاملين معهُ في التصرف بأمور المجتمع ، إذ إن الأمر بات واضحاً من إن هناك قصورٍ في كيفية توظيف حلول علم الاجتماع لمعالجة مشكلات المجتمع .
إن الأمر لا يقتصر على علم الاجتماع ، فأن كان هو مهتم بجانبٍ من قضايا المجتمع فهناك علوم أخرى تُعنى بمشكلاتٍ أخرى ، وعليه أيضاً تتعرض العلوم الأخرى إلى أخفاقٍ في كيفية التصرف بها لتسيير المجتمع على نحوٍ أفضل.
ولا نريد اليوم أن نقرأ المقالات الكثيرة في مدح علمٍ على حساب علمٍ آخر، مع علمنا بأن العلوم تبرز بقوة المتعاطين معها وتخبو بضعفهم .
لذا بعد أن تبين لنا إن علم الاجتماع هو علماً لهُ حدوده وميادينه الخاصة بهِِ والواضع بصماتهِ على المجتمع ، يمكن أن نقول انهُ أيضاً يتطلب لإتمام استقلاليتهِ وصيرورتهِ هو الفن في التعامل معهُ ، أي وضعهِ في مكان التطبيق بشكلٍ صحيح وليس خاطئ قد يوهم البعض بأنهُ كعلم هو فاشل ، وإنما الفشل ينبع من عدم الأهلية في توظيفهِ ، إضافةً لمؤثراتٍ أخرى قد تحد من نجاحهِ ، منها تكيف المجتمع مع حلولهِ ووعيهِ بها وغيرها .
وأخيراً لنا دعوة لليقين بأن علم الاجتماع ركناً أساسياً جاء وسيظل تقوم عليه أطراف المجتمع ولا غنى لنا عنهُ ، بيد إن الأمر يتطلب الإعداد للطريقة المثلى لتوظيفهِ لخدمة مجتمعنا بأفرادهِ دون الابتعاد عن ما يجب أن يتمتع بهِ المتعامل مع هذا العلم ، لكي يصورهُ بمعطياتهِ بصورةٍ تعكس ما بهِ من حلولٍ زاخرة بالعلم والتحليل والتدقيق والمناسبة لأمراض المجتمع المختلفة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن