الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واحد من مشاريع التمرد ، إسمه ستار أكاديمي

حامد حمودي عباس

2010 / 5 / 11
المجتمع المدني


لو قدر لي أن أحضى بلقاء الاعلامية اللبنانية رولا سعد ، لشرعت فورا بتقبيل يدها على مشروعها الضخم ( ستار أكاديمي ) ، والذي تواكب قناة ( ال بي سي ) اللبنانية عرضه باستمرار .

إنه مشروع يساهم في غسل واقعنا المصاب بكل أوبئة التشنج في الدنيا ، ليزيح عن قلوبنا وادمغتنا وشخصياتنا ، ولو لدقائق ، ذلك الاثر القاتل ، لتسلط رهيب ، راح ينهش فينا كل احساس جميل .. إنه عرض يحاول جاهدا أن يشيع في نفوس المشاهدين بعضا من الفرح والسعاده ، ويحملهم على الاقرار بانه لا زال امامهم متسع من الوقت ، كي يعودوا براحلة العمر الى عالم تغيب عنه مظاهر الموت واليأس والضمور الروحي ، وتنزاح عن كواهلهم المتعبة ، ما جعلها ضحية لانتظار طال أجله ، لكرامات قد تهطل على الارض مع أمطار الشتاء الموسميه .

ستار أكاديمي ، هو تجمع فني غير اعتيادي ، تتبارى من خلاله طاقات شابة من الجنسين ، في عرض القابليات الذاتية على الغناء ، وتحضره جماهير واسعة من مختلف الاعمار ، وتساهم فيه فرق عربية واجنبية للرقص على أنغام إختفت فيها معالم الجنسية او الوطن .. البعض من المعترضين على أن تفتح في عالمنا الوقور نوافذ الفرح ، قد يغمضون إحدى عيونهم ليروا ستار أكاديمي بالعين الاخرى .. فالطابع الانساني المجرد ، حينما تنسلخ عنه أكوام العقد البذيئه ، والتي القى بها عليه ، تاريخ موبوء ، ونصوص مبتسرة من كل منعطف لا يحمل غير الخوف والترقب والحياء المخزي ، تجده ينحدر ، ولو بالسر ، ناحية ما يوفر له السرور ، والشعور بالاطمئنان والسعاده .

أجيال أعقبتها أجيال ، وسوف تأتي غيرها ضمن سلسلة لا تنقطع ، ونحن نحيا داخل قمقم مظلم لا يريد لنا أن نتفس الهواء النظيف .. آلاف السنين مرت ، وسوف تمر غيرها ، وعوالمنا لم تزل تحت رقابة مشددة ، يسلطها على اجسادنا وعقولنا رهاب الاخلاق والعرف وتقاليد المجتمع ، فلا يبيح لنا أن نضحك على راحتنا ، وندندن ، ونرقص ، ونكتب ، ونرسم ، ونقرأ ما نريد .. ولم نزل رغم ما جرى في العالم من تغيير ، نخشى على بيوتنا وعروشنا الزوجية ، وابنائنا من غزو كغزو التتار ، قد يهب علينا من خارج حدودنا المحاطة بكل أسوار الفضيلة وإحترام النفس .. فنحن نحمل وقارا حين نتحدث ، وحين نكتب بالسياسة ، وحين ندرس ، ونأكل ، ونبيع عصير الزبيب ، ونعاشر زوجاتنا ، ولا يفارقنا الوقار حين نحضر حفلات الزفاف وسرادق مآتم الموتى ، ونحن كذلك عندما نتحاور عبر وسائل الاعلام ، ونجتمع تحت قباب البرلمانات ..

جفاف كجفاف صحرائنا ذلك الذي يحيط بنا من واقع مرير .. الوجوه تراها تحمل سحنة مقاتلة دون سبب .. يأمرنا كبارنا بالتأدب والتصرف السليم ، ويصفون لنا على الدوام ماهية أن نكون محترمين ونحمل مضادات تبعدنا عن الاسفاف ، غير أننا نبدو على العكس ، أكثر شعوب الدنيا صراخا من خلال كافة تجمعاتنا ، الاسرية منها والاحتفالية ، نمضغ طعامنا على طريقة النعاج ، ونتدافع في ممرات المستشفيات ، ونتناكح على عجل ، ونتصادم بسياراتنا في تقاطعات الطرق حينما يحل موعد الفطور في شهر رمضان .

بكائية تحمل كل مآسي الدنيا تلك التي نحياها ، ورغم ذلك فنحن نكابر ونشتم البشرية كلها دون استثناء .. فالعالم كله يعمه الاستهتار بنظرنا إلا نحن .. وجميعه تسوده فوضى الاخلاق إلا نحن .. وكافة مفاصل الحياة التي لا تدين بديننا وتتبع نواميسنا هي فاجرة ومصيرها النار .

في واقع مزري كهذا ، تنطلق أحيانا هنا وهناك ، شذرات من تمرد ، تحرك مياهنا الراكده ، لتحيي في اجسادنا المتخدرة بأفيون التعفف والوقار وزينة العقل الكاذبه ، جزء مما افتقدناه من إنسانيتنا المعدومة ، فنشعر وكأننا أمام عالم آخر ، يحدث فيه أن يفرح الانسان ، ويضحك بصوت عالي ، ويهز اكتافه طربا لموسيقى ، ويشنف أذنيه بصوت عذب ، لصبية جميلة تؤدي أغنية للرائعة فيروز .

وستار أكاديمي هو واحد من تلكم المهرجانات الفنية الضاربة في أطناب النفس العربية ، لتحدث فيها وخزا موجعا ، ينبهها الى أن الدنيا لا زالت بخير ، وإنه بالامكان للمرء أن يلعب لعبة نط الحبل وهو في سن الاربعين ، دون ان يسجل عليه الملك الرقيب كبيرة من الكبائر .

فتحية مني للسيده اللبنانية رولا سعد ، على مساهمتها الرائعة في إسعاد متابعي برنامجها وأنا منهم ، وأدعوها الى عدم التوقف عن عرض مشروعها الرائد هذا ، لكي نخلق من خلاله فنانين متخصصين بنشر الفرح بين الناس ، بدلا عن مراكز تفريخ عناصر الارهاب ، وإستيراد وسائل الموت السريع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - متى تُشرق الشمس ؟
الحكيم البابلي ( 2010 / 5 / 12 - 08:31 )
العزيز حامد حمودي عباس
لئامٌ هم الحكام العرب ، فمن يمنع كل شيئ عن قومه ، يُفترض به أن يقدم لهم بعض الممتعات البريئة كأضعف الإيمان ، ليتلهوا بها !! وربما ستلهيهم عن التفكير بالثورة والتمرد !! لكنهم ليسوا بهذا الذكاء حتى
كنتُ أتكلم مع صديق قديم عبر الهاتف ، وقلتُ له : حتى المحكوم بسبب جناية في السجون ، ينهض كل يوم ، ويشطب في الروزنامة يوماً آخر ، ويحفظ بصورة دقيقة عدد الأيام المتبقية لينال حريته
ولكن ....... وبحق كل الألهة الذكية والغبية منها ، متى يحين خروج هذه الشعوب من سجنها الكبير ، وكم سنة يتوجب عليها أن تشطب ؟ ، ومتى تُشرق الشمس ؟
يقول الشاعر أحمد مطر : خلصَ العُمرُ ولمْ يأتي الخلاصْ ... آه يا عَصرَ القصاصْ
تحياتي


2 - صلاة الجنازة
صباح ابراهيم ( 2010 / 5 / 12 - 11:59 )
الاخ حامد المحترم . والله لو كل عربي يفكر مثلك لكان العرب ينافسون الامم المتحضرة في علمهم وثقافتهم زحضارتهم . لكن مادام رجال العصور المظلمة اصحاب اللحى الطويلة والدشداشة القصيرة هم اصحاب الصوت العال ونجوم الفضائيات ولديهم اسناد من الدولة فاقرا على امة العرب صلاة الجنازة قبل الدفن .
تحياتي لك سيدي


3 - تعقيب
حامد حمودي عباس ( 2010 / 5 / 12 - 18:17 )
الصديق الحكيم البابلي : لا اعتقد بان خلاصا سينتظرنا على ضفاف قريبة ، نحن أمام واقع يفرض علينا أن نقبل به صاغرين ، ولا مناص من أن نبقى نحن من يرى ويسمع ويفكر ضحايا لهذا الواقع المرير ، شكرا على مساهمتك وتقبل تحياتي

الاخ صباح ابراهيم : أعتز بثنائك ، واشكرك وافر الشكر على مشاركتك لي همومي الكبيره


4 - لقد شجعتني على متابعة البرنامج
Suzan ( 2010 / 5 / 13 - 12:24 )
ياله من وصف رائع وجميل وصفك للبرنامج وانا لم اراه يوما والسبب اني في توقيته بالذات اتابع برنامج اخر ولكنك شجعتني على البدء بمتابعته

شكرا على المقالة الرائعة واتمنى ان يحمل الرجال افكارك الحرة والسبب انني اسمع كثيرا من يقول عن البرنامج بانه منحل وغير اخلاقي

ولكن بعد ان قرأت وصفك ووجدت انهم فعلا تحيا اجسادهم المتخدرة بأفيون التعفف والوقار وزينة العقل الكاذبه

تحياتي ودمت بخير
سوزان

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي


.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري




.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين


.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل




.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ