الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة البنائية و الرقي المجتمعي الحديث

بودريس درهمان

2010 / 5 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


رغم أن الفلسفة البنائية لا تولي أي اهتمام للبعد التاريخي الشمولي للمجتمعات إلا أن البعد التاريخي الشخصي للأفراد يشكل أهم اهتماماتها، هؤلاء الأفراد يتحددون وفق مساراتهم التكوينية، و هاته المسارات تصنف حسب ما تصطلح عليه هاته الفلسفة بالمستوى العقلي- المعرفي.
حسب هذه الفلسفة يمكن التعامل مع التاريخ الشخصي لأي فرد كأنه سفر تكوين يتم خلاله اجتياز مراحل معرفية عقلية مميزة حسب مجموعة من الخصائص العلمية منها ما هو فيزيائي كتحديد الأبعاد والأوزان والأحجام، ومنها ما هو عقلي بنيوي كالقدرة على القيام ببعض العمليات الذهنية المعقدة.
من بين الأوائل الذين وضعوا قاطرة الفكر التربوي على سكة الفلسفة البنائية هو العالم الأمريكي بنجمان بلوم (1913-1999)الذي حدد كيفية تلقين المعارف في مستويين
المستوى المعرفي البسيط الذي يحتوي على ثلاث عمليات بسيطة هي:
 المعرفة
 الفهم
 التطبيق
المستوى المعرفي الرفيع هو الأخر يتكون من ثلاث عمليات ذهنية تتطلب مستوى عاليا من التجريد:
 التحليل
 التركيب
 التقويم
يتم تقديم هذه المستويات على شكل مثلث تصاعدي حيث يتم الارتقاء من المعرفة إلى الفهم و من الفهم إلى التطبيق و من التطبيق إلى القدرة على التحليل و التقويم و التركيب.
هذا المثلث التصاعدي الذي يحدد المستويات المعرفية البسيطة و المعقدة يتم تناوله في علاقته بمجالات تخص ظاهرة النمو عند المتعلمين، ولكن من الممكن تمديد هذا المثلث التصاعدي إلى حقول إنتاجية أخرى. المجالات المتعلقة بنمو المتعلمين و التي من الممكن تعميمها على باقي المجالات الإنتاجية الأخرى هي:
1. المجال الحسي الحركي
2. المجال العاطفي الوجداني
3. المجال المعرفي
المجال الحسي الحركي مرتبط بالجانب الإرادي، بمجال تحديد الأهداف، بمجال اشتغال الذاكرة، بالمناطق الدماغية و نمو الجهاز العصبي إلى أخره. أما الجانب العاطفي الوجداني فيرتبط بالمحفزات، بالعلائق بالتمثلات و غيرها من الرغبات. أما المستوى المعرفي فهو مرتبط بكيفية بناء العلوم و النظريات بداخل اذهان المتعلمين و مرتبط بخصوصية المجالات المعرفية و تسلسل الأفكار و المصطلحات.
بنجمان بلوم الأستاذ الجامعي بجامعة شيكاغو الأمريكية و الذي قاد فريقا من العلماء ما بين سنتي 1956-1950 للقيام ببحث شمولي يخص ظاهرة التقويم خرج هو وفريقه بخلاصات دونوها في كتاب جماعي تحت عنوان "صنافة الأهداف التربوية" و المشهور بـ"صنافة بلوم" هذا العالم الذي وافته المنية سنة 1999 وضع قاطرة الفكر التربوي على سكة الفلسفة البنائية و إلى حدود سنة 2006 لازالت صنافته تعتبر من بين أهم المرجعيات التربوية بالولايات المتحدة الأمريكية.
رغم أن معظم المؤرخين للانتاجات الفكرية يفضلون تصنيف هذا المفكر التربوي ضمن المدرسة البنيوية فللموضوعية العلمية يمكن اعتبار هذا المفكر قنطرة عبور بين مدرستين: المدرسة البنيوية التي ساهم في تاسيس مفاهيمها و المدرسة البنائية التي ساهم في وضع أسسها؛ لأنه مد الجسور بين التحليل البنيوي المحض المؤسس على الوصف و على احترام التراتبية بالإضافة إلى تحديد الوظائف بالنسبة للمدرسة الوظيفية التي تعتبر تيارا مميزا بداخل المدرسة البنيوية، أما المدرسة البنائية فهي تسعى إلى تحديد مراحل الرقي الفردي و الجماعي على مستوى اكتساب المعارف.
خصائص الفلسفة البنائية هي أنها ترفض فكرة النظام الجاهز، الثابت والنهائي. ترى هذه الفلسفة بأن العالم يتحول والإنسان هو أحد المحركات المهمة الذي يحرك هذا العالم.الحقائق دائما نسبية وانكشافها لا يتم إلا على أساس التجريب والاختبار. اللاعقلانية تلعب هي الأخرى دورا مهما في نسج خيوط الوقائع الحقيقية و المزيفة...
البنائيين الذين أسسوا ثوابت هذه الفلسفة هم على التوالي:
1. الروسي ليف فيكو تسكي 1934-1896.
2. السويسري جان بياجي،1980-1896
3. الأمريكي جيروم برونير صاحب نظرية: النمط السردي و النمط النموذجي،

تعتمد الفلسفة البنائية على مجموعة مستندات، هذه المستندات هي مجموعة من الخصائص المادية الموضوعية التي يقوم الإنسان ببنائها طوال مسار تعلمه مثل:
 الحجم
 الكتلة
 التعرف على شيء ما من جميع زواياه
 تطوير الوظائف الترميزية و التعبيرية
تحسين تحديد هذه المستندات يخلق لدى المتعلم حالة من التوازن؛ لان التوازن حسب الفلسفة البنائية هو الغاية القصوى التي يسعى إليها الفرد خلال كل مسار حياته ,بل هو الهدف الأولي لأي تكوين ويمكن اعتبار المصطلحات الانسجام والتناغم كمترادفات حيوية لمصطلح التوازن تتموضع ما بين المعرفة الخالصة وحالات الالتزام اليومية.يقول جان بياجي بهذا الصدد: « يحقق المراهق حالة التوازن حينما يعلم أن وظيفة الفكر ليست هي التعارض أو التناقض مع العالم ولكن التطلع إلى تأويل هذا العالم بصيغ مختلفة من أجل تحويله»
دائما حسب الفلسفة البنائية الخطأ ليس سلبيا بالمرة بل هو مؤشر أو معلمة لفهم الطريقة المتبعة أو لفهم الطريقة التي تم غض الطرف عنها.صنف البنائيون الأخطاء كالتالي :
 المتعلم لا يستطيع تحديد الهدف
 المتعلم لا يستطيع تلمس الغاية من وراء إنجاز المهمة
 المتعلم لا يستطيع تدبير الزمن المخصص لإنجاز المهمة
 المتعلم لا يستطيع تلمس العلاقات المنظمة للعناصر
 المتعلم يستعمل دائما طريقة وحيدة
هذا التصنيف ليس حكرا على المجال التربوي بل يمكن الاستفادة منه في جميع المجالات من أجل تحسين الأداء والرقي المجتمعي المنشود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي