الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الفقهاء يرفضون تسييس الإسلام وشرذمته إلى أحزاب إسلاموية - القسم الرابع
خالد يونس خالد
2004 / 8 / 4العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/ed214770-1a62-4d17-898e-c3f8f875d7d6.jpg)
عُرض على الفقيه المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي الملقب بإمام العصر رئاسة حزب الأمة الإسلامي في مصر ، فرفض بعد ان ترك العمل الحزبي في صفوف (الإخوان المسلمين ) ، وقال : بأن كل الأمة ليس مع هذا الحزب ولا حتى بعض الأمة . ما دام الأمر كذلك فمن الأفضل لي أن أكون لكل الأمة بدلا من أن ألون نفسي بلون حزب سياسي ديني . لأن الحزب يفقدني خصومة وأنا لا أرى سبب لهذا الإختيار لأن مَن يستميل للدين يجب أن يكون للجميع ، ولا يجب أن يجند لنفسه خصوما دون سبب من الدين . وعليه فعالم الدين يجب أن لا يكون ملونا بصبغة سياسية حزبية " . (ينظر: المقابلة التي أجراها محمود فوزي مع الشعراوي ، من القرية إلى القمة ، ط 6 ، القاهرة ، ص 49-50 ). وعندما سُئل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي أستاذ الشريعة الاسلامية في جامعة دمشق ، إنكم ترفضون الإنتظام الحزبي . أجاب : " أنا ارفض انتمائي الى جماعة لأن كل المسلمين جماعتي ولأنني فرد من كل جماعة منهم " . (ينظر: الحوار مع الشيخ البوطي ، مجلة الأمان ، العدد 103 في 6 أيار 1994) .
يقول الدكتور عمر فروخ عضو جمعية البحوث الإسلامية في بومباي وعضو المجمع العلمي في العراق وسورية : "يغشى عالمنا الإسلامي اليوم ضعف روحي وضيق في الأفق والأخذ بأشكال العبادات والعادات مع غفلة عن كل ما يستره المستقبل عنا ... وأما الأحزاب فكلها خارجة عن الإسلام" . (عمر فروخ ، تجديد في المسلمين لا في الإسلام ، ؤار الكتاب العربي ، بيروت ، 1986 ، ص 21 ).
أما عن وجهة نظر علماء الشيعة ، فأكتفي هنا بالإشارة الى رأي أحد أبرزهم ، وهو الإمام محمد مهدي شمس الدين الزعيم الروحي للشيعة ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان . يقول بصدد دخول الحركات الإسلامية في السياسة ما يلي: إنه " يشدد على عدم جواز دخول الحركات الإسلامية الأصولية في لعبة السياسة والسلطة ، وبالتالي عدم لجؤوئها إلى العنف كتعبير عن معارضتها لأي سبب من الأسباب ، مشددا على أن إستراتيجية الصهيونية ، وأدوات النظام العالمي الجديد هي زرع التفرقة والإقتتال في العالم الإسلامي" . ( مجلة الوطن العربي ، العدد 1029 ، 22 نوفمبر 1996 ، ص 4 ). ويقول أيضا: " لا ينبغي لها (للحركات الإسلامية) أن تجعل الوصول الى السلطة السياسية أو المشاركة بالسلطة السياسية من أهدافها . وأثبتت التجارب في هذه المرحلة صحة رؤيتنا فيما نعتقد ، لعل هناك مَن يخالفنا الراي لكنني أستعرض التجربة الجزائرية وآثارها ، أستعرش التجربة الأردنية وآثارها ، أستعرض تجارب أخرى لم تصل بعد ولكنها تحملت تكاليف كبيرة ". ( الوطن العربي ، المصدر نفسه ، ص 5 ). ويوضح باختصال هذه الحقيقة قائلا: " العنف ممنوع كوسيلة للتعبير عن المعارضة السياسية. نصحتُ قيادة (حزب الله) ، بعدم دخول الإنتخابات . أحذر من إستخدام الحركات الإسلامية بشكل خفي من قبل قوى شريرة . ما يجري في الجزائر لايخدم الإسلام في شئ ، بل تحول الى عصبية قاتلة ". (الوطن العربي ، المصدر نفسه ، ص 5-7 ). وكلنا نرى صحة ماقاله ، فما يجري اليوم في العراق بعد سقوط الطاغوت صدام وحزب البعث ، من عمليات ارهابية مقيتة باسم الإسلام خراب للإسلام ، وتشويه للعقيدة الإسلامية .
نرجع الى فقهاء السنة مرة اخرى ، وتحديدا أحد كبار الأئمة الشيخ محمد متولي الشعراوي المتوفي عام 1998، الإمام والشاعر والمفكر المجدد الذي إحتجت عليه اسرائيل ، وقالت عنه امريكا "أسكتوا الشعراوي" ، عمل مع الإخوان المسلمين ، ثم ترك العمل الحزبي بعد أن إطلع على خفايا العمل السياسي المتحزب ، فأنكلره وقال : " حين أجد شخصا يقول : أنا عايز أحكم علشان أطبق الإسلام ، أقول له أنت كذاب !!! قل أنا أريد أن أُحكَم بالإسلام أصدقك !!! لكن انك تحكم أنتَ بالإسلام ، لا ، لا تنفعني !!! ولهذا فأنا أقول وأنادي بأنه أريد أن أُحكَم بالإسلام ، لماذا ؟ لأن الذي يريد أن يتهافت على حكم دولة ، نعرف أنه يريد خيرها لنفسه". ( ينظر: الشيخ الشعراوي من القرية الى القمة ، ص 78). وقال أيضا في معرض جوابه على سؤال : هل توافق على عمل علماء الدين بالسياسة الآن ؟ قال: "لا أوافق على هذا الآن . لأن السياسة غير الدين الآن ، ولكن عندما يكون الدين هو السياسة وتكون السياسة هي الدين تبقى قضية أخرى" . وسُئِل َ هل يمكن أن تقوم أحزاب على أساس ديني ؟ أجاب : " أنا لا أقبل كلمة أحزاب سياسية على أساس ديني . فالسياسة صراع فكري بشري ضد فكر بشري آخر . أما الدين فهو خضوع فكر بشري لفكر سماوي ، والفرق بطبيعة الحال كبير ولا يحتاج الى شرح أو ايضاح ". ( المصدر نفسه ، ص 44 ) .
الأحزاب الإسلاموية تفرق الجماعة الإسلامية الى فرق متناحرة
لاشك أن الاحزاب السياسية الاسلامية والاسلاموية تعمل طبقا للمناهج التي يضعها الاعضاء ، ولاسيما القيادة العليا لكل حزب ، ويكون للمرشد العام الدور الريادي في التوجية الى درجة أنه يستطيع ان يكفر المسلمين الآخرين لأتفه الأسباب احيانا . ومن المعلوم أن هذه المناهج تختلف بعضها عن البعض الآخر في الأهداف وأساليب العمل . فهناك أحزاب اسلامية تنبذ العنف السياسي ، وهناك أحزاب اسلاموية تنشد العنف السياسي وتمارس الإرهاب ، والفرق بين هذه وتلك كبير . ففي الدول الأوربية ، على سبيل المثال السويد ، يستطيع المواطن ، أيا كان أن يعبر عن آرائه بحرية في الدين والفكر والسياسة والإجتماع ووو على أن لا يعتدي على الآخرين فيسيولوجيا وسيكولوجيا . ولكن إذا تجاوز الفكر والقول الى ممارسة العنف فإن القانون يتدخل مباشرة ، ويصبح المواطن مسؤولا عن تصرفاته فيما إذا إعتدى على الآخرين أو لا. وكل عمل ينشد العنف بأي شكل من الأشكال يحاسب عليه القانون ، ذلك أن الحرية كما يُعَرفها بعض السويديين هي أن تقول أو لاتقول ، وأن تعمل أو لاتعمل ماتريد على أن لا تعتدي على الآخرين . فالحرية هي إذن ممارسة ديمقراطية في غياب العنف . وإذا ما قارنا هذا التفسير العقلاني المدني مع الإسلام الحنيف نجد بأن الإسلام هو الآخر يدعو إلى السلام والمحبة والعدالة والمساواة . وأن قتل المسلم للمسلم من الكبائر ، وأن مَن قتل نفسا بغير نفس كأنما قتل الناس جميعا . قال الله تبارك وتعالى : ((مَن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)) . (سورة المائدة/32 ) .
ولكن ما نجده في ممارسات الأحزاب الاسلاموية من قتل وارهاب عمل منافي للوحدة الاسلامية وللعقيدة الاسلامية . (( ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )) . (سورة آل عمران/104) . فالإسلام دين وسطي يرفض التطرف والغلو . كقولـه تعالى ((وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )) . (سورة البقرة/143) . وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام " لاتقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولاتباغضوا ، ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله اخوانا ، كما أمركم الله ". (حديث صحيح ، انظر شيخ الإسلام ابن تيمية ، اقضاء الصراط المستقيم مخالفة اصحاب الجحيم ، دار الكتب العلمية ، 1987 ، ص 150 ). فالأحزاب الاسلاموية تُشرذم الاسلام الى فئات متناحرة فيما بينها ، وتحول المجتمع الى مجتمع العسكرة والارهاب. لذلك وجد بعض الفقهاء أهمية الوحدة الاسلامية ، ورفضوا الأحزاب الاسلاموية ، بل رفضوا بعض الاحزاب الاسلامية لأن مخاطرها وسلبياتها على الاسلام أكثر من ايجابياتها .
جاء في الحديث النبوي الشريف : " وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة ، كلهم في النار إلا ملة واحدة . قالوا : مَن هي يا رسول الله ؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي " . (رواه ابو عيسى الترمزي ، ينظر ابن تيمية ، المصدر السابق ، ص 31 ) . فما هي هذه الجماعة . أي حزب من هذه الأحزاب العديدة والمتناحرة فيما بينها يمكن أن يكون ذلك الذي كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه ؟ ما أكثر الأحزاب الإسلاموية في الشرق الأوسط وحدها ؟ توجد في العراق ودول الجوار وحدها اليوم ما يقارب مائة حزب بأسم الإسلام ، وأغلبها تمارس العنف السياسي ، وكثير منها تمارس الإرهاب وتقتل من المسلمين بحجة تعاونهم مع الأجنبي . وعليه يجب أن نقول الحقيقة ولا نخش في الله لومة لائم ، لأن أفضل جهاد في سبيل الله هو كلمة حق عند سلطان جائر ، كما قال الحديث النبوي الشريف . فما أكثر جورا أن يقطع الإنسان رأس مسلم جاء الى العراق ، وهو يعمل بعيدا عن السياسة وربما كرها لقوات الإحتلال أيضا ، جاء لكي يعيل أطفاله ، فيقطع رأسه ، لأنه يبحث عن رزقه . فاسمعوا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو كما قال : " بأن مَن كان في طريقه الى العمل فهو في جهاد في سبيل الله الى أن يرجع . إذن كيف يمكن قطع الرقاب بأسم الإسلام ، والإسلام برئ من ذلك؟ كيف يجيز البعض لنفسه ، باسم الإسلام أن يقطع رقاب مسلم ، وربما مؤمن برئ بأسم الله والإسلام ؟ وقد قال الحق تبارك وتعالى ((ومَن يقتل مؤمنا مُتَعمِدا فجزاؤه جَهَنّمَ خالدا فيها وغَضِبَ الله عليه ولعَنَه وأعَدَّ له عذابا عظيما)) . (سورة النساء /93 ). وطبيعي قتل النفس البرئ يشمل الإنتحار أيضا في قتل الأبرياء ، لأن الإنتحار هو قتل نفس برئ للأنسان بدون وجه حق . ولنقرأ مقولة شيخ الإسلام ابن تيمية : كافر عادل خير من مسلم جائر . ثم كما قال الحديث النبوي: الكفر يدوم ولكن الظلم لا يدوم .
في الحقيقة والواقع أن الأحزاب الاسلاموية تفرق الجماعة ، واعني هنا الجماعة الإسلامية ككل ، او الوحدة الاسلامية ، او الدين الإسلامي . هذه الأحزاب الاسلاموية فرقت الإسلام الى شيع وتحزب في تصارع وتناقض وصراع . لقد صدق رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام في ضرورة الإلتزام بالجماعة وعدم شرذمتها . قال : " إن الله أمر يحيى ابن زكريا بخمس أن يعمل بهن ، ويأمر بني اسرائيل أن يعملوا بهن فذكرها ... ثم قال : وأنا آمركم بخمس أمرني بهن : السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة . فإن مَن فارق الجماعة – جماعة المسلمين – قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلاّ أن يراجع . ومَن دعا بدعوى الجاهلية – العصبية – فهو مَن جثا جهنم . قيل يارسول الله وإن صلى وصام ؟ قال: وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم ... فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله ". (نقلا عن ، محمد مصطفى رمضان ، الشعوبية الجديدة ، ص 79). _______________________________
القسم الخامس والأخير: اشكالية مفاهيم تسييس الإسلام وحزب الله وفصل الدين عن السياسة
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم
![](https://i4.ytimg.com/vi/5NBOSTrzICk/default.jpg)
.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس
![](https://i4.ytimg.com/vi/N6W-sE39nkA/default.jpg)
.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي
![](https://i4.ytimg.com/vi/693TXahYq8I/default.jpg)
.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س
![](https://i4.ytimg.com/vi/CnWv7wjoi14/default.jpg)
.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية
![](https://i4.ytimg.com/vi/ZuSjg-owPwg/default.jpg)