الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزازيل وسعى المحتار فى ليل الأسرار

شريف حافظ

2010 / 5 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صدر الكثير من الكتب التى هاجمت الأديان، ونالت شهرة فائقة، لم تسبقها إليها كتب أخرى فى الشهرة. تلك الكتب، كُتب "غربية" بالأساس، نالت شهرتها فى هجومها على الديانة المسيحية، ضمن ديانات أخرى! ولم تكن الروايات التى ذاع صيتها فى العالم، واحدة من تلك الكتب، مثلما هو الحال بالنسبة لرواية "شفرة دافينشى". ولم تكن الروايات التى صدرت فى دول بعينها، مثل رواية "عزازيل" التى صدرت فى مصر، واحدة من تلك الكتب. ثم إن مصر دولة فى العالم وليست مصر العالم كله، ومن يحدد ديانة "سماوية" داخل دولة، أو يقول "بقومية الديانة" السماوية، إنما هو إنسان ينكر على تلك الديانة سماويتها، فيصبح بالقطع عدوا للديانة التى من المفترض أنه يدافع عنها، لأنه يؤطرها "بمكان" ويسقط عنها صفة الانتشار، أى الدعوة أو التبشير، وبالتالى يلغى أحد أُسسها فى الكون، كونها ديانة للعالم، لتصبح لشعب بعينه، وكأنه جاء "هتلر" جديد، وليس متخذاً المسيح مخلصاً للعالمين! إن القول بأن "عزازيل" هو "أبشع كتاب عرفته المسيحية"، لقول عنصرى، ضد الديانة المسيحية، لأنها ليست محددة فى مصر أو العالم العربى! إن الاتهام يجب وأن يوجه لقائل تلك الجملة، "بالاستغراق" داخل "فكر أُحادى" لا يرى خلفه الدين وكأنه هو ذاته "الدين" أو كنيسته "فقط" الممثلة له، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً وليقول هذا على الملأ "الدولى" وإزاء كنيسة روما واليونان، كى نرى ما يقولونه فى هذا الأمر!

إن إيجاد النزعات "الدينية" الهستيرية، حول عمل إبداعى، إنما هو نوع من "التجييش" و"الاستغلال" الدينى، واللعب على أوتار "المقدس" من أجل "غايات" فى نفس يعقوب، لا تمت بشئ للدين أو الوطن! ولو أن أحداً، يريعه ما جاء فى "رواية" "دعم هو شهرتها قبل أن تشتهر" مثلما هى اليوم، من حيث "رؤيته" تهجمها على الدين، فقد كان من "الحكمة" أن يهاجم الكتب التى هاجمت "اللاهوت" مباشرةً، على مستوى العالم، بدلاً من البحث، عن الكتب الأكثر "تشويقاً" للفت نظر "السلطة" المدنية لقوة "بطش" السلطة الدينية فى الكنيسة، وهو العمل "المرفوض" من الأصل، من حيث تدخلها فى شئون السياسة والإبداع، فى ظل مرحلة الانتقال إلى الدولة المدنية الحالية!

إن استخدام السلطة "الكهنوتية" فى "نقد" رواية إبداعية، تصدر فى الوطن، إنما يبرر وبشكلٍ مريع، "دينية الدولة" على كل الجبهات، وهو أمر غريب أن يصدر من مطران، يتبعه فى ذلك نشطين، أسموا أنفسهم "نشطاء أقباط" وهى صفات عنصرية، تؤجج وتستفز التمسك "بدينية الدولة" لدى أطراف آخرين ضد "المواطنة"، وتُصعد "الهوية" الدينية، فوق الهوية الوطنية، بعمق، وكأن من يندس فى عمل نقدى ضد رواية صدرت فى وطن، إنما أبرز "سيفه" الدينى، ضد الوطن وتوحد مواطنيه، متبطناً عملا سياسيا بالأساس! ما الذى يخلق الفتن أقوى من هذا الفعل؟

ويجب هنا أن نؤكد، أن "دخول الدينى فى المدنى"، يفتح آفاق، النظر داخل الكنيسة المتواجدة فى مصر (ولا أقول "الكنيسة الوطنية المصرية"، لأن هذا القول عنصرى بحت وهو "منافق" أيضاً يراد به التجييش ضد الروائى)، ورؤية تاريخها والنظر فيه بدقة، لأن الباب قد "فُتح" بأيدى أحد مطارنيها، ولم نجتهد نحن فى فتحه، حيث كان أقنوم "أحمر" لا يجوز المرور خلف بابه، ولكن اليوم وقد فتح من قبل خُدام الكنيسة أنفسهم، فإننا لدينا كنز من الأسرار يجب وأن نتناوله، كما تناولنا الجانب "الدينى" الآخر فى الوطن. يجب أن ننظر فى تاريخ الفتنة الطائفية، ما قبل سنة 1971، وكيف كانت "الإعتراضات" تحدث على البابا المعظم كيرلس السادس، ممن قام بنفس فعله بعدها بسنوات، رغم اعتراضه عليه وقتها! يجب أن ننظر فى تاريخ الوطن من جانبه "القبطى" مثلما نظر الباحثون كثيراً فى جانبه الإسلامى، لأن الباب قد "فتح" منذ القدم على هذا الجانب! أى يجب أن نتناول التاريخ القريب وليس فقط النظر فى مسألة "البابا كيرلس الأول" التى تناولها د. زيدان، "مدافعاً" عن أقباط اليوم!

لقد عاصرت خلال فترة حياتى المتواضعة، معاركا "وهمية"، ضد كتب كثيرة، كان الحال فى أغلبها، أن المهاجمين لم يقرأوها فى مجملها واعتمدوا "الاجتزاء" فى القراءة والاتهام، ثم أقروا "بعدم" قراءة الكتب التى يهاجمونها، كاملة! ولاحظت، أن من يهاجم الكتب السماوية، يفعل المثل فى أغلب الأحيان، وكأن المؤمن المتعصب مثل الكافر المتعصب، أو ذاك المهاجم للدين دون معرفة فحواه، وكأن منبع الجهل "واحد" فى كل الحالات، بغض النظر عن الإيمان أو الكفر، ولكن الاتفاق فى التعصب وإن كان الاتجاه معاكسا!

إن اجتزاء "تصريحات" من الدكتور يوسف زيدان، بعد فشل، الهجوم على روايته، من قبل "الكهنوت"، لهى حيلة "مكشوفة"، كثيراً ما إستخدمت فى السياسة، عندما يراد الهجوم، على "النقطة ألأضعف" وغير المتوقع الهجوم عليها، كى تبرر المعركة "الوهمية" وتتحول إلى المراد لها! إلا أن الحال فى مسألة الدكتور زيدان صعبة، لأن الرجل يحمل فى تاريخه، موروث عملى، فى الدفاع عن الوحدة الوطنية، وما هذا الفعل، إلا إنذار لكل من يقف "مدافعاً" عن الأقباط، كى لا يستمر وإلا سيكون جزاؤه، جزاء سنمار، كما هو واضح من قبل قضية الأستاذ، المسمى نفسه "بناشط حقوق الإنسان" بينما هو وكما جاء فى أكثر من موقع على الإنترنت، "محامى الكنيسة"، ولا أفهم كيف "تشعل" الكنيسة، أزمة كتلك، مهددة اقتراب الناس من قاعدة "المواطنة"، وكأنها تريد حرق الجهود، العاملة على توحيد المواطنين!

إنى لأرى ذكاءً طاغيا فيمن يُقدم من يهاجمون زيدان على كتابه، "أكباش فداء" دينيين، على مائدة الوطن، فينتهى دورهم إلى الأبد، وتخرج السلطة التى "يقال" عنها "دينية" منتصرة، فوق الجثث المندفعة، دون تريث، ظناً منها أنها قد قامت بالواجب "المقدس"، بينما دورها قد انتهى للأبد، لصالح "المدنى"!

ملاحظة: عزازيل رواية تقف ضد العنف الدينى تجاه المضطهدين، فى أى مكان، وكنت أظن أن الكنيسة فى مصر ستكون أكثر الأماكن احتفاءً بها، فإذا هى ممثلة فى أحد "خدامها" تعلن عن "اضطهاد" مقابل، يؤكد الاضطهاد بالرواية، وقد فتحت الباب على نفسها بنبش التاريخ المصرى كله من زاويته القبطية. وعليه، نشكرالاضطهاد على فتح أبواب البحث التاريخى، من أجل الإنسان ومن أجل وأد الفتنة من كل جوانبها فى مصر، وإرساء القاعدة المدنية فى البلاد وإخراج الدينى من المدنى وإلى الأبد بحيث لا يجرؤ الدينى على الدخول فى المدنى مرة أخرى ويفتى فيه بجهل دون علم له به، بينما ينكفئ فى ملكوته "الدينى" الوحيد، مؤمناً بأن العالم كله دين، بينما هو دنيا أيضاً! إن النقد الكنسى الأساسى الموجه ضد "تاريخية" الرواية والدفاع عن البابا كيرلس الأول، ما هو إلا تكريس "مفضوح" للدفاع عن "قدسية" شخوص الكنيسة الحاليين! إن ما حدث حيال رواية "عزازيل" إنما هو بالفعل سعى المحتار فى ليل الأسرار!

أطلقوا حرية التعبير

نحن فى الوطن: مصر.. ولسنا فى مسجد أو كنيسة!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العجب العجاب
أيمن قـدرى ( 2010 / 5 / 14 - 11:18 )
العجب العجاب فى كل من يكتب عن روايه عزازيل لا ياتى بالمره على ذكر موضوعها
ولا على ذكر الكاتب
بل يلتف حولها ويقفز الى نتائح وإستنتاجات

عزازيل قدمها كاتبها الى القراء على أنها بحث تاريخى يستند الى مخطوط
يدعى جاء بها أن هيباتيا الفيلسوفه قتلت بالأمر المباشر من احد البابوات
أى ان الكاتب محقق ومدقق وممنقب عن حقائق فى بطون مخطوطات

تلك هى نقطة بدايه كاتب عزازيل

ثم بعد ان تدخل (المطران) بأسلوب علمى مخطوطى أيضا يدحض الإدعاء الزيدانى
لحس كاتبها زيدان كلامه وغيره من( بحث تاريخى مخطوطى) الى روايه (أدبيه إبدعيه)لها ما للأدب وعليها ما عليه
تلك هى المسأله يا سيادة الكاتب
فلماذا الزج بإسم المطران فى غير مكانه الذى إنتهى بتشييع البحث المخطوطى الى مثواه الاخير فتحولت العزازيل بفعل التحلل الأدبى الى روايه
وانا اتسائل يا سيادة الكاتب هل تحول (المطران )الى ناقد أدبى ونقد الروايه كعمل أدبى ؟؟؟
فإذا كان قد فعل ذلك يا حبذا لو تدلنا على المكان الذى كتب فيه نقده الادبى لروايه عزازيل حتى نقرأه مع سيادتك ونستفيد ومن ثم ندين المطران لخروجه على دوره الدينى وتقمصه دور الناقد الأدبى
ثم ناتى على نقطه جوهريه


2 - تابع
أيمن قـدرى ( 2010 / 5 / 14 - 11:32 )
نأتى الى نقطه جوهريه يا سياده الكاتب
هل لو كان الوضع معكوس
بحيث كتب أحد ما روايه أدبيه عل وزن وقافية عزازيل مستوحاه من التاريخ الإسلامى
وضد العنف الدينى الإسلامى الذى يملا الآفاق ماديا ومعنويا

ّ╝ هل كانت ستطبع فى جمهوريه مصر العربيه او أى دوله أخرى عربيه أو إسلاميه؟؟
╝هل كانت المؤسسه الدينيه الإسلاميه المصريه ستجيز الروايه ناهيك عن المؤسسه الدينيه البتروليه؟؟؟
╝هل كانت رأس الكاتب ستظل فوق هامته الى اليوم؟؟؟

هل تذكر سيادتك العمل الأدبى لروايه وليمه لأعشاب البحر والهياج حولها؟؟
هل تذكر رائعه نجيب محفوظ اولاد حارتنا وكيف نجا محفوظ بأعجوبه من بين أيدى من لم يقرأ الروايه أيضا وبعد سنين طوال من كتابتها وكأن القوم إستفقوا فجأه عن هرطقات محفوظ؟؟
روايه آيات شيطانيه لسلمان رشدى التى يعيش بسببها فى حمايه الأمن الى اليوم منذ فتوى الخمينى فى سبعينات القرن الماضى؟؟؟

عزيزى الكاتب الحق أحق أن يتبع ويبنى عليه وتقوم عليه الدول وليس لوى أعناق الحقائق


3 - عزازيل وأيات شيطانية
صالح الصويلح ( 2010 / 5 / 14 - 15:18 )
الكاتب العزيز،
لماذا تلوم المضروب على بكائه؟ وأنت الشخص المتزن الذي تتميز مقالاته بالرزانة والحيادية رغم أنك ساويت في مقالك السابق اضطهاد الأقباط في بلدهم بالمصري الذي قتله الغوغاء في لبنان وبما حدث للمصريين في السودان بسبب كرة القدم. إننا جميعا هاجمنا سليمان رشدي لأنه خلط بين الدين والأدب الروائي في روايته (آيات شيطانية) وهو عين ما فعله الدكتور زيدان، الفارق الوحيد ان رواية رشدي صودرت لأنها تمس المقدس الإسلامي أما رواية زيدان فتعقد لها الندوات نكاية في الأقباط، وأتمنى ألا يقودك قلمك إلى هذا المنزلق.
ولك كل تقدير

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا