الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزن سمة أساسية في شخصية الفرد العربي .

ناهده محمد علي

2010 / 5 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن المطلع على التراث العربي القديم والأقدم وعلى سِمات وجه الإنسان العربي وعلى فحوى الأحاديث الدائرة بين الأصدقاء والأقرباء يرى أن السمة الأساسية لذلك الإنسان وهذه الأحاديث هي الحزن وعلى الماضي البعيد وليس المستقبل , وعن الذي فُقِد وليس الذي حصل عليه , ويبقى الرجل العربي مُحباً في الغالب للشيء الذي فقده ولم يحصل عليه , ويبقى مُعذباً نفسه بذكرى الأموات والخسارة , ولا نجد أُماً لم تُشبع أطفالها من الحديث عن ماضيها وشبابها الضائع وشقائها الحالي , وهكذا يبحث الإنسان العربي عن الفردوس المفقود بلا جدوى .
إن ردود الأفعال السلبية لدى الفرد العربي هي أكثر من ردود الأفعال الإيجابية لذلك يبقى الفرد مُحبطاً ونادماً على المكسب الذي لم يحصل عليه والعمل الذي لم يتقنه والدراسة التي لم يستطع الحصول عليها .
ومن سمات ردود الأفعال السلبية ايضاً هو عدم التسامح , فالفرد العربي غالباً ما يرد ( الضربة بضربتين ) وهذا ما يُسنده العُرف العربي عن كيل ( الصاع صاعين ) , لذا فهو غير متصالح حتى مع نفسه , ومتحسراً دائماً على ما فاته , والتشكيلة النفسية هذه تحدد أهم الأسباب الذاتية لسمات الحزن للإنسان العربي , وهناك أسباب موضوعية تحيط بالفرد وتسبب الأسباب الذاتية علاوة على العوامل الوراثية , وتشكل هذه الأسباب الموضوعية ركيزة للأسباب الذاتية , فإنتشار العطالة وتدني مستوى الفقر ومستوى معيشة الفرد وسوء توزيع الثروة الوطنية وإنتشار الأمراض البيئية بسبب عدم الإهتمام بالصحة العامة والبيئية الطبيعية , وقد شكلت هذه الأسباب أُسس رئيسية للحرمان من رفاهية العيش والفرح الشخصي والإختيار الناجح للزيجات والإضطرار الى ترك الأوطان والعمل المهاجر في الغربة , كما يتعرض لأحزان الإنسلاخ من المجتمع القديم والدخول الى المجتمع الجديد ويدفع هذا الفرد العربي الى العيش على الأطلال أحياناً والحزن الشخصي والمجتمعي أحياناً أُخرى .
إن الكثير من أبناء المجتمع العربي هم مغتربون سواء كانوا في المشرق ألعربي أم في مغربه ويعيش الكثير من المثقفين العرب في المهجر وقد يموتون وهم فقراء بعيداً عن أوطانهم , لكن مؤلفاتهم ودواوينهم تنشر فكرة الحزن والإغتراب النفسي بين الناس , ويبدو أن هذه الأفكار والمؤلفات تجد لها رواجاً كبيراً بين القراء العرب , ولِما لا والإنسان العربي مُغترب داخل بلده حيث الأسباب التي ذكرتها سابقاً من فقر وإنعدام الديمقراطية وإنخفاض مستوى صحة الفرد وإرتفاع نسبة الوفيات مع قصر عمر الفرد العربي , فتتكاتف هذه العوامل جميعاً لتخلف إنساناً مغترباً وحزيناً في داخل وطنه .
إن الأمراض النفسية المنتشرة في الدول العربية هي متعددة وكثيرة إبتداءً بالكآبة وهي مرتبطة ومسببة لمشاعر الحزن ومرض التشنج العصبي ومرض الوسواس القهري وأنواع الفوبيا وخاصة بين النساء والأطفال والمراهقين , ولا يخلو الذكور من هذه الأمراض إلا أن الضغط الإجتماعي يبدو أكثر ثقلاً على فئة النساء والأطفال والمراهقين من الجنسين .
إن هذه الأمراض مسببة لمشاعر الحزن والأحزان المتنوعة , منها ماهو على المسافة الفارغة ما بين الفرد وعائلته وثم مجتمعه والحزن على آمال الفرد العربي الضائعة وعدم فاعليته بسبب هذه الأمراض ثم النبذ العائلي والإجتماعي والشعور بهذا الرفض حسياً سواء تواجد أم لا .
إن الحروب الداخلية والخارجية التي مر بها الإنسان العربي تخلف إنساناً قلقاً مركباً خائفاً ورافضاً , وتجتمع هذه جميعاً لتخلق مشاعر الحزن لدى الفرد , وقد يكون الحزن على الذات وأيضاً على المجتمع , كما أن حرمان الفرد العربي من كثير من حقوقه الإنسانية بسبب تفشي الضغوط السياسية والتخلف الإجتماعي مما جعل من الإنسان العربي بشكل عام فرداً غير مبال بالحياة وغير مستمتع بها وهو يدور في دائرة البحث عن لقمة العيش لسد الرمق وليجد سقفاً يستره , وهو كمن يبتلع الطعام إبتلاعاً دون أن يتذوق طعمه , لذا نجد الفرد العربي وخاصة الشباب يمتلك الوقت الكافي لكل شيء ولكن ليس لديه الرغبة لأي شيء , وما تواجد مجاميع الشباب في المقاهي بعيون ساهمة وملامح حزينة إلا رغبة في قتل الوقت وليس للتمتع بالحياة , ولم يعُد لمفهوم متعة الحياة معنى إلا لفئات معينة وجدت الكفاية الإجتماعية وأُتيحت لها الفرصة لدخول مواقع الحياة المختلفة أو للخروج الى المجتمعات الأخرى للتعرف والتمتع بالحياة , أما أغلبية الأفراد في المجتمع العربي فيبقون خارج فكرة الفرح ويؤمنون بأن الفرح إحساس مؤقت ومحدود لأن الإطار العام في هذا المجتمع ملون بلون قاتم يدور ليبحث عن الكفاية الإجتماعية ولا يجدها , وإن وجدها فهو يبقى خائفاً على فقدانها وخائفاً أيضاً من حروب مفاجئة أو وباء ينتشر فجأة أو من كارثة طبيعية تحدث فجأة أيضاً ولن يجد في مجتمعه الإستعداد الكافي ولا المؤهلات الإقتصادية أو العلمية الكافية التي تحميه وتحمي أولاده لا من هذه ولا من تلك , فيجد الإنسان العربي نفسه سائراً لوحده في غابة موحلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عاشت بصيرتك
محمد لفته محل ( 2012 / 3 / 29 - 06:25 )
لااستطيع ان اقول اكثر من هذه العبارة القصيرة المستلهمة من العامية العراقية عاشت ايدك وياليت كل اساتذتنا وليس كل النساء ان يفكر مثلك لكنا نحمل نخب لها قدرة على التاثير بالواقع الاجتماعي

اخر الافلام

.. إسرائيل تؤكد إصرارها على توسيع العملية البرية في رفح


.. شرطة نيويورك تعتدي على مناصرين لغزة خلال مظاهرة




.. مشاهد للدمار إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة خفاجة غرب رفح ب


.. أحمد الحيلة: قرار الجنائية الدولية بحق إسرائيل سيحرج الدول ا




.. في ظل تحذيرات من تداعيات عملية عسكرية.. مجلس الأمن يعقد جلسة