الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طاح صبغه

شامل عبد القادر

2010 / 5 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كانَ وزراء العراق في العهد الملكي شديدي الاهتمام بمنظرهم الخارجي وكانوا يعتنون بتسريحة الشعر وصبغه لاخفاء الشيب وكان توفيق السويدي وهو في السبعين من عمره حريصا جدا على صبغ شعره وكان فاضل الجمالي وزير المعارف والخارجية ثم رئيسا للوزراء اكثر وزراء العهد الملكي اناقة ويهتم بشكل خاص بتسريحة شعره وصبغه على الدوام واخرون غيرهم ولكنهم بعد قيام ثورة 14 تموز من عام 1958 بدوا في السجون والمعتقلات التي وضعوا فيها بانتظار محاكمتهم عجائز مقرفة يغطي البياض شعرهم تماما كما لوكانت تلك المساحات السود التي اخفاها الصبغ سنوات طويلة كشفت عن اوضاعهم الحقيقية من دون رتوش او تزويق.. لقد ( طاح!) صبغهم !

وبعد انقلاب 8 شباط من عام 1963 ( طاح!) صبغ الكثير من وزراء حكومة عبدالكريم قاسم وكان الزعيم لايصبغ شعره ابدا طوال سنوات حكمه الاربعة!

وعندما اعتقل بعض وزراء المرحوم عبدالرحمن عارف ظهروا ايضا على حقيقتهم من دون رتوش وغزا الشيب رؤوسهم بعد ان ( طاح !) صبغهم!

والمذهل في الشخصيات الحزبية والسياسية والعسكرية في النظام السابق الذين اعتقلوا على ايدي القوات الامريكية المحتلة او ان بعضهم ذهبوا بارجلهم الى الامريكان وسلموا انفسهم بطريقة غريبة لاتفسير لها ظهروا في المحاكمات التي اجريت لبعضهم انهم كانوا ( يصبغون!) ايضا!

والغريب في صورة الرئيس الاسبق صدام بعد اعتقاله التي ظهر فيها بشعره الاشعث وهيئته المزرية التي تعمد الامريكيون ان يظهروها بهذا الشكل المقرف كان حريصا ان يظهر في تلك الصورة وشعره( مصبوغ!) كما لوكان قد غادر توا من تحت يدي خادم ماهر في صبغ شعر الرئيس!!

كما حرص صدام وهو في قفص الاتهام طوال جلسات المحكمة ان يبدو شابا فتيا لم يغزو الشيب راسه وكان في الستين من عمره!

وفي غرفة الاعتقال كان صدام حريصا ايضا في ان تكون ضمن طلباته قنينة الصبغ الخاصة بشعره!

وعندما وقف على منصة المشنقة كان قد صبغ شعره بطريقة واضحة بينما اهمل صبغ لحيته منذ الساعات الاولى من سقوط النظام في 9 نيسان وبقي يتجول بشعر مصبوغ ولحية بيضاء الى حدما!

في الايام الاولى من جلسات المحاكمات التي جرت لكبار المسؤولين في النظام السابق ظهروا للعيان بهيئاتهم الحقيقية التي كانوا عليها قبل ان يكونوا متهمين وانهم فقدوا ذلك الرونق الزاهي لشعرهم الذي كانوا يبدون به ويطلون فيه على العراقيين ايام زمان!!

(طاح!) صبغهم ولم يعودوا اصحاب شعر ملمع وزاه ومصبوغ بارقى انواع معاجين الصبغ!

تذكرت فاضل الجمالي وهو يواجه المهداوي بشعر ( طاح!) صبغه وشاهدت عددا من وزراء ومسؤولي النظام السابق ( طاح !) صبغهم وعاد الشيب الحقيقي الى مكانه الاصلي وكنت اردد مع نفسي وانا اضع الفرشاة لاصبغ جانبا من شعري : هل ينفع العطار في ما افسدته الحياة؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تمنيات
البراق ( 2010 / 5 / 15 - 15:35 )
الا ليت الشباب يعود يوما فاخبره بما فعل المشيب
الاستاذ شامل انها مجرد تمنيات نعرف مسبقا انها لاتتحقق لك التقدير والاحترام


2 - تحية للأستاذ شامل
محمود الشمري ( 2010 / 5 / 15 - 18:24 )
تحية للكاتب المبدع الأستاذ شامل ..
لقد أعدت لي ذكريات حزينة ياسيدي ..
فلقد كان لي أبن خالة عزيز جدا عليّ يدعى كريم (رحمه الله) كان يصبغ ..وفي يوم ترك الصبغ فأعتقد أحد زبائنه بأنه (ابو كريم ) وحمله تحيات حارة الى كريم

اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م