الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على ما الصراع؟

صابرين عبد العزيز

2010 / 5 / 25
المجتمع المدني


الصراع على ملكية الارض صراع بشري أزلي منذ عصر الكهوف الى عصرنا هذا، اخذ الصراع في التطور بين افراد لعشائر لقبائل لدول في عصرنا الحديث
ورغم تغير المعطيات وشكل الملكية من شكل مباشر لغير مباشر الا ان الصراع لا يزال على اشده يرثه البشر بغير وعي ويسلموه لبعضهم جيل بعد جيل

ما معنى ملكية الارض في عصرنا هذا؟ هل يسكن احد منا بيتا او يتشري ارضا ما لم يدفع عمره وماله وجهده لاقتنائه؟؟ بل انك قد تدفع عمرك كله ولا تسطيع الحصول على مكان فيه ابسط المرافق والامكانيات لتحقيق رفاهيتك الشخصية لك ولأسرتك!

المواطن في الدول العربية مثلا يفطمه الاعلام والتعليم على فكرة الانتماء للأرض التي ولد عليها وكراهية اي دخيل اجنبي يحاول حكمها،، ووجوب الحفاظ على ارضه بدمه وكل غالي عليه ليحتفظ "اصحاب الارض" بأرضهم ولا "يسلبهم" اياها احد

ومن منا لم يتربى على هذه القيم ويتهم اي احد بالخيانة اذا ما قرر مجرد التفكير في مخالفتها؟؟

اليست القضية قائمة على ركن اساسي الا وهي ملكية الارض واحقية من ولدوا عليها بها، او من قضوا معظم عمرهم عليها واعطائهم الجنسية حسب قانون الدولة؟
لكن لو اتينا لأرض الواقع فما مظاهر هذه الملكية والاحقية في جميع دول العالم؟؟

اذا كنت على ارضك وعلى ارض غيرك انت تكد وتعمل ويضيع كل وقتك لكسب المال لتأكل وتشرب وتسكن، بل انك قد تجد كل هذا متوفر بجهد اقل ومال اوفر على ارض غير ارضك!!
فأين هي احقيتك المميزة كمواطن عن اي اجنبي في امتلاك الارض؟

واقعيا الملكية الحقيقية هي للحكومات وليست للأفراد، هم لديهم السلطة لتملك الاراضي مجانا في الخفاء بل ولديهم السلطة لانتهاك كرامتك وسلبك حريتك وبيتك وحياتك اذا ما اعترضت طريقهم وبمرأى ومسمع من زملاء وطنك علنا في اطار شرعي تحت مسمى الخيانة او الشغب او او...

انت تحارب المحتل الاجنبي بعمرك ودمك بينما انت محكوم بقوانين واحكام لم تختر اي منها فلا يوجد اي سيادة للمواطن العربي ولا اي احقية في اختيار حكامه وبرامجهم السياسية،، فهل هناك اي فارق حقيقي بين محتل اجنبي وبين حكومة من الناطقين بالعربية؟؟

ولو تطرقنا لنماذج قديمة ستجد ان المحتل الاجنبي هو من اكتشف اثار بلدك وبنى مصانع لسلع لم تكن تسمع عنها وساهم كثيرا في تطوير وضع بلادك ولولا الحروب والمقاومة لكان حالنا افضل ديشليونات المراحل!!
لا ادافع هنا عن الاحتلال او مشروعية سطو الدول على غيرها، لكن فقط نقدي هو لقيم مزدوجة متناقضة شوهت وعينا واضاعت عمر اجيال واودت بحياة الكثيرين بلا اي معنى!!

ولو اخذنا ابرز النماذج المعاصرة مثالا وهي الصراع العربي الاسرائيلي

سنجد انه من اهم السمات المميزة للعالم العربي هي الكره الشديد للكيان الاسرائيلي دولة وشعبا واسما وكل ما يمت للفظة "اسرائيل" بصلة

يعيبون ليل نهار على الديانة اليهودية المحرفة والطمع الاسرائيلي الصهيوني في الاستيلاء على الارض من النيل للفرات،، وعجرفتهم وادعائهم بانهم شعب الله المختار زورا،
ولا احد منهم يلتفت ان المسلمين ايضا يحلمون بالخلافة الاسلامية العالمية، ويقيمون الافراح مهللين اذا ما تحول احد الاجانب الى الاسلام بل وياللمصادفة فالقرآن ايضا يخبر المسلمين بأنهم خير امة اخرجت للناس(او هكذا هم يفسرون الآيات)!

ناهيك عن اسرائيل المتوحشة الغاشمة وما تفعله بالمواطن الفلسطيني!
يا سادة هل تعلمون ان في مصر مثلا يموت الآلاف في حوادث الطرق والاهمال بلا اي ذنب ولا احد يحرك ساكنا؟؟ ام انه حلال لحكومة بلدي حرام على غيرها؟ فهذه هي الوطنية المزعومة الي يغرسونها في عقولنا وفي كل الاحوال نحن ضحايا ولا نعي

كلامي هنا عن الازدواجية والوعي المشوه لا احاول الدفاع عن الجرائم الاسرائيلية بأي حال، وان كانت في رأيي منشأها من غسيل المخ ايضا بتمسك المواطن الفلسطيني بفكرة ان ارضي عربية وينبغي ان تظل وليخرج منها اليهود!!
رغم انه بعين من الموضوعية لا يوجد اي فضيلة في ان تنضم ضحية جديدة للمستنقع العربي! انظروا الى حال الاقتصاد والعلم في اسرائيل والى حال المواطن الاسرائيلي وقارنوه بالعربي!

ثم ماذا استفاد الفلسطينيون جيل بعد جيل من المقاومة سوى حياة مشوهة مخربة ولم ينالوا لا سلام ولا استقرار ولا الملكية المزعومة للأرض!! يعيش الفرد منهم ويموت لم يجني شيئا سوى العذاب لمجرد ان قدره القى به على هذه البقعة من الارض في عصر بعينه حيث الصراع والدم والارهاب! او يضطر للهجرة وينئى بعمره ليحيا مواطنا على ارض اخرى ويظل يكره "العدو" الذي اخرجه من بلاده ويناضل افتراضيا بقلبه!
هل يعتبره الضمير الجماعي خائن؟ ابدا!! هو خائن اذا خان الفكرة فقط لأنها وحدها التي تهدد عرش الصراع، اما لو ترك ارضه للمحتل وغادر فلا لوم عليه!! هل يرى احد غيري هذا التناقض المتعمد المتأصل في وعينا؟

اذاً فيما الصراع وعلى ما؟ الصراع هو سلطوي بحت، تشجع عليه الحكومات الاجنبية للاستفادة من الصغيرة الذكية اسرائيل من ناحية وتغذيه الحكومات العربية من ناحية اخرى لتلهي به الشعوب عن الديكتاتورية الداخلية والمستوى المتدني للفرد العربي المنتهكة حقوقه الانسانية

في النهاية ارى ان الوقت امامنا كبشر اقصر من ان نفنيه في صراعات لا طائل حقيقي منها، وانه ينبغي علينا ان نتفكر جيدا في كل ما يقدم لنا من افكار وشعارات في هيئة قيم وفضائل بينما هي اسباب تعاسة سلسلة من الاجيال ولا زال الصراع مستمرا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الملكية
محمد حليم ( 2010 / 5 / 25 - 13:14 )
الملكية فكرة أساسية لقيام العملية الإقتصادية في المجتمعات المنظمة بعدما أنتقل الإنسان من مرحلة الفردية الى الدخول في مجتمعات بشرية منظمة , ولا يوجد حل أخر لمشكلة ندرة الموارد في مواجهة زيادة حاجات البشر الا في الملكية وتملك الأراضي ليس إلا وجها واحدا من أوجة الملكية لا يختلف عن باقي تملك القيم الأخري , فتملك القيمة يساوي عمليا الألم الذي بذله الشخص ( أو مجموعة من الأشخاص ) حتى يحصل عليها أو ما يعرف إقتصاديا بالثمن الحقيقي فالملكية هي ترجمة لعمل الإنسان وقيمته و تغييب فكرة الملكية يعد ضياعا لمعنى العدالة وكذلك الحافز على العمل وبالتالي الدفع بعجلة الإنسانية إلى الخلف . اما الربط بين فكرتي الملكية والوطنية هو ربط خاطئ تماما فليست العلاقة التي تجمع الفرد بوطنه فقط قائمة على ضلالات حكومية أو خوفاً من ضياع الملكية انما لحماية الأهل و الأنسال وهي قيمة سامية ترتبط بغريزه إنسانية لا يمكن فصلها عن الإنسان


2 - وما الحل إذن؟
صافيناز ( 2010 / 5 / 25 - 13:19 )
أتفق مع كثير من النقاط في المقال ويبهرني هذا التعاطف مع الإنسان وحياته الغالية التي هي أغلى من الأرض ومن كل شيء، ولكن أراه تعيسا في جميع الحالات! فاحتلال الحكومات كما ذكرتي كالاحتلال الأجنبي.. فما الحل إذن؟ ليأخذ أبسط حقوقه في العيش محتفظا بكرامته؟؟ هل من السهل عليه السفر مثلا لأي بلد آخر والاستقرار به دون أن يدفع حياته في المقابل كما يحدث أحيانا نتيجة هجرة غير شرعية أو ما إلى ذلك؟

إذن الثورة على الاثنين معا هي الحل.. أي عدو للإنسانية هو عدونا، ويجب التصدي لكل سالب لحقوقنا، مع محاولة الحفاظ بقد الإمكان على حياتنا وسلامتنا (المهددة في كل الحالات)

تحياتي


3 - تعليق على تعليق
صابرين ( 2010 / 5 / 25 - 13:41 )
محمد حليم
انت قريت المقال؟
انا لم اعترض على فكرة الملكية في المطلق، بل على التوهم بأنك تمتلك لأنك مواطن، انت في الحقيقة تمتلك بفضل جهدك ووقتك ومالك، ولن تشكل جنسية من يحكمك اي فارق!ا
وانا لم اربط الوطنية في العموم بالملكية! بل انتقد تدشين الشعوب واستخدامها كدروع واقية في صراعات هي سلطوية بإسم الحرية والكرامة ولا يستفيد منها الافراد في شيء الا مع حكومات عادلة ايا كانت جنسيتها

فضلا اقرأ المقال جيدا قبل التعليق، اشكرك


4 - العربة أمام الحصان
Urlianos Civilios ( 2010 / 5 / 25 - 14:54 )
أتفق مع المحررة فى نظرتها للموضوع وبمزيد من التفصيل وقليل من الأمثلة نجد أن الأصل هو الشعوب أو لنقل (الناس)الذين هم مجموعة من البشر تعاونوا معا فسكنوا أرضا وتنوعت احتياجاتهم وتشابكت مصالحهم فأوكلوا بعضهم لإدارتها .هذا البعض نسى بمرور الزمن أنه وكيل كما نسى الناس أيضا أنهم أصلاء .استطاع الوكيل أن ينتزع تنازلات للتدخل فى خصوصيات الأصلاء باسم الأمن القومى والمصلحة العليا للجماعة .كما استطاع باسم الرعب أن يتخذ من الأصلاء الذين أوكلوه حقا بالتجنيد فى جيشه الذى يحمى مصالحه وينزع دائما إلى توسيعها
فالمانح الحقيقى للسلطة هو الناس
ولدينا نحن العرب نجد العربة أمام الحصان
فنجد رئيسا يبحث عن دولة مثل ياسر عرفات ومن بعده محمود عباس أو حتى عبد العزيز آل سعود
الفرق بين ابن سعود وابن عرفات أن الأول نجح فى فرض نفوذه بسيفه فاستعبد الناس فى أرضهم ولكن ابن عرفات مضى يتسول دولة من المجتمع الدولى


5 - إزدواجية الشرائع الدينية
طاهر ( 2010 / 5 / 26 - 07:26 )
تحية للأخت صابرين على مقالها الأول وما يحمله من أفكار واضحة تفسر لنا إزدواجية الشعوب التى تسمى عربية وإسلامية ، تلك الإزدواجية التى غرستها فيهم الشرائع الدينية التى تعلموا منها النفاق نحو أنفسهم ونحو الآخرين .
العربى يتصارع مع الآخر لأنه مختلف عنه دينياً لذلك أصبح له عدوا أبدياً حسب ما يقوله له الدين ورجال الدين مما ينعكس على سلوكه اليومى وأفكاره المستقبلية .
تحياتى

اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر