الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللادينيين آخَر الآخَر!

صابرين عبد العزيز

2010 / 5 / 25
المجتمع المدني


المنظومات الدينية في احسن حالاتها وعلى احسن الفروض و مع كل حسن الظن بها كمنظومات انسانية تعني بالانسان -و تنظيم حياته كفرد في المجتمع و تتوعده عسير الحساب اذا اخفق في تنفيذ تعليماتها -هي منظومات نوعية تحزبية تتعامل مع الفرد لا كمواطن انما كتابع لتلك المنظومة و توجه عنايتها في الاصل له ... اما الفرد خارجها فهو انسان من نوع مختلف و على افراد منظومتها ان يتعاملوا حتى على المستوى الشخصي معه من خلال تعليمات تلك المنظومة

الاسلام الحق، و المسيحية السمحة ،و البهائية التي لم تصنف "علنا" بعد،، و ما قد يُستجد....

هي منظومات تشترك في كونها دينية مقدسة -بالنسبة لأفرادها- ذات طابع اجتماعي تنظيمي اصلاحي،، و تختلف في منهجها اختلافا يجعل كل غير منتمي لكل منها هو "آخر" في نظر ال "الآخر"... بل و تجعل كل غير منتمي لأي منها هو "آخر" غير "الآخر" و تتعامل معه على اسس اكثر اقصاءا لكونه "آخر" يختلف عن "الآخر"!

(و دون الخوض في تفاصيل نهج ووثائق تلك المنظمات، و ممثليها و مسؤولي توصيل تعليماتها بشكل رسمي لأفرادها... و بصرف النظر عن مهاترات الفرق بين اصل التعليمات و بين فهم كل فرقة و كل مذهب و كل فرد لها ... و بغض النظر عن المستغلين و المتاجرون و المرتزقة المنتفعون من هذه الفُرقة و هذا التمييز)

تتأرجح التعليمات للتعامل مع "الآخر" -على اختلاف مستوى فهم الافراد لها - بين النبذ و الرفض الذي قد يصل في اقصاه للقتل المشروط و بين "التسامح" معهم و تركهم يعيشون سواء في ظل شروط، او تحت بنود آلية خاصة للتعامل

لتجد نفسك و انت " آخر آخر" واقع تحت تأثير تلك المنظومات الاجتماعية جمعاء شئت ام ابيت -رغم عدم انتمائك لأي منها- بصفتك فرد في مجتمع هي مسيطرة عليه كليا،، هي تصنفك و تتعامل معك بشروطها و حسب رؤيتها و تحرض المنتمين لها على رؤيتك كـ "آخر" بشكل كلي، و تحرم عليهم و تجرمهم اذا ما تعاملوا معك على انك منتمي انسانيا في بعض الحالات، فأنت لا تصلح للزواج بهم و لا للإرث منهم و لا حتى للدفن معهم بعد مماتك!!ـ


على أرض الواقع

نتاج طبيعي لسيمفونية النبذ و الاقصاء التي يعزفها الدينيين على اختلاف عقيدتهم ،، فالانتماء لأحد هذه المنظومات هو مفروض عليك شكلا و موضوعا و بالوراثة، انت على المستوى الاجتماعي لا تستطيع المجاهرة بقناعاتك بعدم الانتماء لأي من المنظومات و بالتالي فكل تعليمات المنظومة سارية عليك و انت مطالب بالعمل بها او بعضها على اقل تقدير
و طبقا للقوانين "الوضعية" التي وضعها "الدينيين"! فأنه يتم تجريمك للتعبير عن رأيك -مكتوبا منشورا- في افكار هذه المنظومات برغم كل ما لها من تأثير مفروض من جميعها على جميعها و عليك



محاولة للتغيير

كل ما سبق من معطيات يدفع بنا دفعا كلادينيين لمحاولة تغيير فكرية لبنية ثقافة المجتمع الدينية الطاحنة التي لا تضع اي اعتبار لانسانيتنا و حقنا في "اللا انتماء" الديني الغير مقنع فكريا لنا
فاختلفنا على اختلاف ثقافاتنا و توجهاتنا الشخصية في فكرتنا عن "الحل" او لنقول التغيير مع الاخذ في الاعتبار المصلحة العامة للجميع دينيين و لا دينيين،، ففي النهاية نحن لسنا بحزب آخر يبحث عن مصلحة شخصية و تمييز لأتباعه انما نحن مجموعة انسان يحلم ان يرى الحب و السلام النفسي الاجتماعي يسود بين الجميع انطلاقا من حرية شخصية فكرية عقائدية لأتباع جميع الاديان وللخارجين على جميع الاديان ايضا

و الآن السؤال الذي يطرح نفسه بشكل مُلح بعد كل ما تقدم من تمييز انساني اجرامي يتم بشكل طبيعي و تلقائي و بديهي تماما في حق كل مختلف عقائديا
هل محاولة التغيير من ارضية دينية في محاولة مجتهدة لتأويل نصوص الدين -بما يدعم حرية الفرد و المساواة و نبذ التصنيف و تبعاته- فعلا ممكن برغم الهالة المقدسة حول الرؤية المتراكمة لعموم تفاصيل الدين و تعليماته ؟؟

ام ان مواجهة غول تلك المنظومات بأفكار لا دينية الحادية بحتة و تفنيد العقيدة و محاولة هدم قدسيتها من الاساس هو الاجدى على المدى البعيد؟؟

ام تراه نشر الفكر الالحادي فيه خطورة على المجتمع كما يزعم البعض من اللادينيين انفسهم؟؟

الكل مدعو ليدلو بدلوه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجميع مؤمنون
عهد ( 2010 / 5 / 25 - 14:25 )
تحية لك اخت صابرين على المقال القيم الذي يعالج فكرة بحاجة الى نقاش واستفاضة.واعتقد ان الجميع مؤمنون ولكن إيمانهم مختلف فلا يوجد ملحد ولا يوجد لا ديني فلكل شخص دين يؤمن به ولكن الدين بالنسبة للمسلم هو الاسلام وبالنسبة للمسيحي هو المسيحية وبالنسبة لشخص آخر هو العقل وآخر دينه المادة وهكذا.. وقد اعتاد المؤمنون بالإسلام اطلاق كلمة الإلحاد على كل من لا يؤمن بالله حسب مفهومهم لله وذلك بقصد التحقير والضغط والإزدراء بمن يخالفهم ومحاصرته اجتماعيا ونبذه من قبل الجميع ليكون موقفه الصعب والمؤلم رادعا لغيره ممن يملك نفس الفكر. وبالتالي صارت كلمة الالحاد غير معبرة عن الحقيقة وانما وسيلة هجوم من قبل اصحاب الديانات الكبيرة الذين يملكون السلطة والقوة لفرض إيمانهم على المجتمع.. وشكرا لك والى المزيد


2 - استراتجيتى
Urlianos Civilios ( 2010 / 5 / 25 - 15:14 )
يعانى الدينى بوجه عام من حالة رضا شديد عن منظومته ويتجمل قليلا فيدعى التواضع الشخصى ولكنه لا يتحمل أى نقد أو تجريح ضد منظومته الدينية التى يراها كاملة
ولعل التعامل مع المجتمع الدينى من وجهة نظر إصلاحية يحقق خسائر وتنازلات من العلمانيين ومكاسب للدينيين
ففى هذه الحالة ينزل العلمانى الساحة مهزوما لأنه يبدو للمتابع كمؤمن يفرط فى دينه مبهور بالغرب الكافر

ولكن الضغط على المجتمع الدينى وإظهار عوراته من منظور موضوعى محايد (لا دينى )يأتى بنتيجة أفضل فيجد المجتمع الدينى نفسه مضطرا لإعادة صياغة رؤاه وتقديم تفسيرات جديدة وصيغ جديدة للحياة
ومن غير المستبعد أن يفرز المجتمع الدينى نتيجة هذه الضغوط الفاضحة من اللادينيين قيادة دينية إصلاحية من داخلة فيتمسك بها العامة ممن يفضلون البقاء فى أحضان الدين
ومن غير المستغرب أن يقوم المجتمع نفسه بقمع وازدراء الدينيين والإصلاحيون الذين ما زالوا يحتسبون أنفسهم ضمن منظومته ذلك لأن الضغوط اللادينية لم تبلغ نقطة الإنفجار بعد

ولأن المجتمع الدينى - ما زال يرى نفسه قادرا على سحق المهاجمين واسكاتهم
ولكنها صيرورة لابد أن نصير إليها


3 - مداخلة لو سمح دلوك المملوء
عماد البابلي ( 2010 / 5 / 25 - 15:51 )
فايروس صغير فتك بالمؤسسة الدينية الحالية ، فايروس كونها تحمل المطلق في مجمل أراء نصف منطقية !!! أي انها صح جدا وأي شيء يخالفها هو من شبهات الشيطان .. الشيطان ( أن كان موجودا فعلا ) فهو مر بكل مراحله الجنينية في داخل المؤسسة الدينية أصلا ...... شكرا للكاتبة والمزيد من العبوات الناسفة في طريق الغول الكبير


4 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 5 / 25 - 21:38 )
الأخت الكاتبة المحترمة ، تحية وشكراً لك على هذه المادة القيمة ، وأرجو السماح لي بإضافة توضيح بسيط ، وهو أن كل عقيدة دينية هي عبارة الأن عن مجموعة أديان داخلها متناحرة ومتنافرة . وهي إتجاهات بدأت ترتدي طابع الإستقلالية الذاتية عن أصولها . ويالتالي نحن أمام تيارات دينية داخل كل ديانة . وهو الأمر الذي يساهم ويضاعف في حدة تراجيديا الأديان وتأثيرها على المواطن العادي . لكن ربما علينا أن نلاحظ أن أن هذا التابو الذي يعاني الشرق من كابوسه تمكنت البلدان والشعوب الأخرى من التعامل معة بطريقة حضارية عن طريق حصر تأثيره ووضعه في مكانه المناسب . ولكل وجهة نظره في المكان المناسب . دون هذا التعامل مع موضوع العقائد الدينية سيبقى هذا الشرق بائساً . مع التحية لك .


5 - حبذا لو خرجنا من الفخ !!
Zaher Zaman ( 2010 / 5 / 26 - 18:54 )
الأخت / صابرين
تحياتى لك على تلك المقالة الموضوعية ، غير أننى متحفظ على وصف الغير تابعين لأية ديانة بكلمة اللادينيين ..لأن أتباع الديانات درجوا على وصف من لا يتبعون الديانات بكلمات مثل الملاحدة والكفار أو الكفرة أو اللادينيين أو الشيوعيين ، وامعاناً فى الاستحواذ على عقول البسطاء وسلب ارادتهم ، درج الدعاة من مروجى الديانات على وصف مناوئيهم بالنعوت والأسماء المشار اليها آنفاً [ الملاحدة ، الملحدين، الكفار، الكفرة، اللادينيين،الشيوعيين،العلمانيين ] وألصق الدعاة بأصحاب النعوت السابقة ، كل ماتحمله الطبيعة البشرية ، من عيوب ونقائص وخسة ، كالخيانة وشرب الدماء والاباحية الجنسية والقتل والسلب والنهب وأنهم تنبعث منهم رائحة نتنة وأنهم نجسين وملعونين ووشهم نحس..لذلك أقترح للهروب من هذا الفخ استعمال مصطلح [ العقلانيين الواقعيين ] واطلاقه كصفة أساسية لوصف الأشخاص الذين لا يتبعون تلك الخرافات والخزعبلات التى يطلق عليها معتنقوها لفظ [الديانات ]
تحياتى


6 - الصبغــــــــــــــة
موفق ايوب العبيدي ( 2011 / 3 / 6 - 20:09 )
تحياتي انت تكتبين مقالا الخوض فيه الان واسع الانتشار خصوصا وان صبغة المقالة هي صبغة ليبرالية فلقد حملت الموسسات الدينية الاسلامية نصوص الدين تحميلا لايليق بسماحة الدين خصوصا الاسلامي وهي التي ذهبت بالدين بعيدا عن واقع الحياة نحن نريد اصلاح هؤلاء الاشخاص ليقوموا باصلاح مؤسساتهم ومن الخطأ ان نلقي وزرهم على ماارتكبوه من اخطاء كبيرة بحق الدين على الدين نفسه لان الدين المعاملة ولانهم لايعلمون كيف يتعاملون مع هذه المعاملة وشكرا لك.........ا

اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر