الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا يبسط الله الرزق لعباده؟

سعيد علم الدين

2010 / 5 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من سيحمل مشعل الحرية وينتصر لثقافة التنوير وينتشل مجتمعاتنا من مستنقعات الغفلة والعتمة والجهل، منتقلا بها الى رحاب اليقظة والنور والعقل، لتتألق مع الأمم الناجحة المزدهرة المبدعة وتعلو، بدل ان تتخبط هاوية مع انسانها الى قعر القعر، تردد أمجاد ماضيها الغابر على المنابر وتجتر؟
من سيساعد مجتمعاتنا على النهوض المتجدد بالفكر الحر، بدل الدوران بنشاط محموم حول صنم الأصنام الأكبر، الذي ما نفعها يوما، ولن ينفعها أبدا، بل ضرها وما زال يضرها كخنجر مغروس في الظهر، يدمي القلب، مكسرا الأضلاع، مخترقا الصدر، قاتلا للعقلانية، عابثاً بخلايا العقل منتصرا لثقافة التفجير والتطرف والانتحار والنحر؟
من سينتشل اهلنا من هذا البحر الهائج بأمواج الخبث والفساد والغدر والخداع والنفاق والشر حيث الحكم للبلطجية والعسكر وللقوي المسيطر، وحيث السمكة الكبيرة تبلع الصغرى في مجتمع الوعاظ فيه تتكاثر والقانون يطبق فقط على الضعفاء والمساكين؟
من سيحمي اهلنا من العازة والفقر والبؤس والجوع، ومن التكاثر المليوني الأعمى تحت شعار "الله بيبعت الولد وبيبعت رزقتو معو"! تطبيقا للقول القرآني في سورة العنكبوت:
"اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ" 62
وإذا جاع الإنسان ولم يجد ما يسد به رمق طفله تبرر له الآية التالية في سورة الشورى هذا الجوع قائلة:
"وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ" 27 .
وهل هناك أروع من هكذا تبرير لأمة رضاع الكبير، لكي تعيش مدى العمر في الفاقة والتقتير؟
أي إذا بسط لها الله الرزق فستبغي في الأرض فسادا، فالأفضل أن تهرول وراء رغيف العيش جائعة وتعيش حياتها من اليد للفم !
أي ان الفقر والفاقة والجوع والعطش والتخلف والمعاناة والألم والحرمان هي حالات عادية وتحصيل حاصل يجب أن يلتزم بها المسلم المؤمن ليكتمل ايمانه كحكمة ربانية منزلة من السماء عليه ان يتقبلها شاكرا طائعا مستسلما لها بخشوع ويصلي الخمس من اجل بقائها وتعميمها على البشرية جمعاء.
ولماذا لا يبسط الله الرزق لعباده؟
لكي يجلسوا على ابواب سفارات الدول الغربية المسيحية يستجدون تأشيرة، او يدخلوها خلسة بلا تأشيرة، او يغرقوا في البحار شهداء التأشيرة.
ولكي ينقلعوا من جذورهم فرحين مهللين، ويتهجروا من مجتمعاتهم حاملين تخلفهم وجهلهم ونقابهم وحجابهم ومشاكلهم في بقاع الأرض!
وهكذا نتكاثر بالملايين وتتكاثر مشاكلنا ولا تأتي الرزقة من الله كما هو مأمول على العكس لا نجد ما نسد به رمق اطفالنا ويحقق طموحات شبابنا سوى الهجرة بالملايين بتأشيرة او بدون تأشيرة الى آفاق بلاد الغرب الديمقراطية الناجحة او البقاء في بلادنا لمن لا يملك ثمن التأشيرة والحشر مع المحشورين في مربعات الفكر الصنمي التخديري الإلهي الغارق في مستنقع الامية والجهل.
نحن لا نحتاج الى تغيير أنظمة سياسية من فوق ليتحقق النجاح في بناء دول مدنية ديمقراطية تعددية عصرية تحترم كرامة انسانها وتصون حقوقه، بقدر ما نحتاج من المثقفين الأحرار الى العمل الفكري الذي سيؤدي الى التغيير الثقافي الجذري ولو بعد حين وستخبو مع الزمن وتعود الى حجمها الطبيعي العقلية الاستبدادية التخديرية الدينية العقائدية البدائية المتخلفة التقليدية السائدة والمهيمنة على المجتمع والشعب والحكام والسياسيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت
نبيل السوري ( 2010 / 5 / 25 - 17:21 )
أخيراً بقيت البحصة التي في فمك
كنت أقرأ لك سابقاً وكنت أرى أنك تداري وتواري
وأعطيتك العذر لأننا نعلم جزاء من يخالف الأكثرية من أحكام بالإعدام إلى حل دم الكاتب ومن لاذ به
أحييك لأنك لم تنتظر كثيراً في منتصف الطريق واخترت أن تخاطب العقل ولو كلف ذلك أكثر
وهذه بطولة في هذا الزمن
تحياتي


2 - بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ
صالح الصويلح ( 2010 / 5 / 25 - 20:05 )

ليته سبحانه اكتفى بهذا العذر معنا ولم يطبقه على الذين كفروا من اليابانيين والأمريكيين بل منحهم أياته وهم الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وترك المسلمين مستضعفين في الأؤض. ليته سبحانه تركهم يسعون إلى قوتهم بمجهودهم، لكنه للأسف جعل الرزق بيده، وأصبح المسلم شخص متواكل يقينه أنه مهما عمل ومهما بذل جهد فإن رزقه مكتوب ومقدر قبل مولده فعلام العمل والجد طالما لن ننقص أو نزيد من رزقنا. ألم يصرح الذكر الحكيم بالقول: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (البقرة 212)، إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (آل عمران 37) يلاحظ عدم وجود شروط للرزق سوى إرادته تعالى. ورغم قول الكتاب المبين: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا (هود 6)، فإنه سبحانه جعلنا مسخرة للذين كفروا (البقرة 212).
تحياتي للكاتب الفاضل الذي ينكأ جراح صرنا لا نراها


3 - الحقيقه
اياد العراقي التركماني ( 2010 / 5 / 26 - 00:13 )
مااصبت الا الحقيقه


4 - من سيحمل مشعل الحرية وينتصر لثقافة التنوير
ادهم ( 2010 / 5 / 26 - 13:11 )
حسب رأيي كل الأديان هي كالمخدر اذا دخلت عند الأنسان لا يستطيع بعدها ان يفكر بالطريقة الصحيحة لخدمة البشرية مما تأدي الى التخلف والحروب والتفرقة بين البشرولا شك هناك بعض المزايا الحسنه بها لذلك يجب نسعى على الأقل اليوم بفصل الدين عن الدولة نهائياً لكي نستطيع السير مع العالم المتحضر والا سنبقى في الخلف


5 - صراحة كاملة
مايسترو ( 2010 / 5 / 26 - 14:12 )
وما قرأت سوى الحقيقة الواضحة والجلية في هذه السطور القليلة التي خطها الأستاذ سعيد، فشكراً لك على هذا التنوير، ونرجو أن يتبع البقية الباقية من الكتاب السياسيين هذا النهج، وأن يشيروا إلى الوجع باصبعهم دون مواربة ولف ودوران.


6 - لماذا؟
سناء ( 2010 / 5 / 26 - 18:38 )
ما الّذي قلته حتّى تحذفوا تعليقي.لقد كتبت جملة واحدة فقط ايّدت فيها الكاتب في تحليله .أتمنّى أن تتثبّتوا لاحقا ولا تحذفوا التّعليقات بطريقة مزاجيّة

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah