الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيف المساواة بين الجنسين

علي الأمين السويد

2010 / 5 / 26
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


وصلت محاولات فرض الرؤى المستوردة على المجتمعات حد التطرف و الإلزام القسري، و قضية تساوي المرأة مع الرجل هي إحدى مفاصل هذه الرؤى التي ظاهرها عادل، وتطبيقها العملي جائر في حق الرجل الذي صار يفقد جزءً حقيقيا من حقوقه لصالح المرأة لكونها امرأة. أما الإلزام الذي تعرضه هذه الأفكار، فيتجلى في وضع فرضيتين اثنتين لا ثالث لهما، فإما أن تقبل بفكرة تساوي المرأة مع الرجل، فتكون بذلك متحضراً، أو أن ترفض الفكرة، فتكون عنصرياً سادياً.
إن القول بان المرأة تساوي الرجل في الحقوق والواجبات، قضية نظرية بامتياز تفتقد إلى الدقة الفعلية بامتياز. فعند استخدام مفردة تساوي (=) في أية لغة في العالم، يفهم منها التماثل والتوازي على كل المستويات. فليس من المنطق أن أقول أن "واحد" تساوي "واحد" في دمشق، وهي تساوي "واحد تقريباً" في بغداد، فالمساواة قضية بدهية يفهمها عامة الناس.
تُفرض في بلادنا الخدمة الإلزامية على الشبان، وهذه الخدمة تتطلب من الشاب الانتقال إلى ظروف حياتية يعتمد فيها اعتماداً كلياً على ذكائه وقوته البدنية في الحفاظ على نفسه من الاستغلال الجسدي والجنسي. ولا تفرض الخدمة الإلزامية على الفتيات بسبب غياب القوة البدنية التي يفترض بها أن تكون سلاحاً للدفاع عن نفسها ضد الاعتداءات الجسدية والجنسية ناهيك عن مقارعة العدو إن حدثت.
فالمطالبون بمساواة المرأة بالرجل عليهم أن يقبلوا بأن يُستبدل نصف الجيش بفتيات غير متزوجات أسوة بالشبان. ولا يجوز أن تحابى فتاة في موقع الخدمة من حيث أنه خطر أو لا يصلح لها لكونها فتاة، مثلها مثل الشاب، يجري عليها ما يجري على الشباب. ولا يخرجن عليّ أحدهم ليقول: يا أخي ما وجدت غير الجيش؟ والرد هنا سهل: فالمساواة مساواة لا تميز بين الجيش والعمل في قسم استقبال فندق خمس نجوم.
تُعامل المرأة معاملة خاصة في معظم المجتمعات، وفي مجتمعاتنا خاصة. فالموظفة في القطاع المدني تأخذ إجازة أمومة مأجورة، بينما الرجل لا يأخذ شيئاً، هل الرجل ناقص أبوية؟ أم أن أبناءه لا يعنونه؟ في الحقيقة هذا ظلم تشريعي في حق الرجل، فمن اجل عيون حَبَل المرأة وسعادتها في الإنجاب، يشرع لها أن تجلس في بيتها معززة مكرمة، وراتبها، وعلاواتها، ومكافأتها سارية المفعول كما لو أنها على رأس عملها، بينما الرجل لا يأخذ مثل إجازاتها، وقد يتأخر يوماً على دوامه في الفترة التي تنعم فيها زميلته باستجمام ما بعد الولادة، فيخصم من راتبه لمجرد التأخير.
هل ذنب الرجل انه لا يحيض ولا يَحْبَل؟
أليس من العدل هنا الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل في هذه؟
وفي أثناء سير العمل بشكل طبيعي، تتم محاباة المرأة بشكل غير منطقي، طالما الحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة. فالموظف تُتخذ بحقه الإجراءات المتبعة في عقوبات التأخير، بينما يُبتسم للسيدة ابتسامة عريضة ومتفهمة لظروف تأخرها مهما كانت، ويلعب مقدار جمالها وانفتاحها على الأخر الدور الأهم في هذا التقدير والتبرير. وعند الاستفسار من المسئول عن سر تباين معاملة الموظفين الذكر والأنثى، يبرر بأن "ليست الأنثى كالذكر"، فالذكر كاذب، والأنثى مسكينة في أحسن الأحوال.
يكفي المرأة المتغيبة لمدة نصف ساعة عن مكتبها،أن تذكر لرئيسها في العمل أنها كانت في الحمام، فالحمام سحر نسائي لا ينكره إلا جاحد، ويزداد تفهمه أكثر، إن ذكرت له أنها كانت تصلح شأنها، بينما يكفي الموظف الذكر أن يغيب لخمس دقائق في الحمام، ليخصم من راتبه ويوبخ أمام الجميع بحجة إهماله وتهربه من عمله. هل ذنب الموظف الذكر انه ذكر، ودميم مثل محدثكم؟
المساواة التي يدعو لها من يدعو، هي مساواة لفظية فارغة المحتوى والمضمون. بدليل أن الداعي لها لا يقبل أن تقوم نساءه بخدمة العلم مثل الرجل، حيث تخضع للتدريب، وتمارس الرياضية القاسية وهي تلبس المايو وعارية الصدر أسوة بالرجل في الجبال والقفار. ولا يقبل أن يخصم من راتبه لأن رئيسه لم يصدق أنه كان في الحمام، بينما تقضي الموظفة ربع دوامها في الحمام، وأمام المرآة الملصقة في حقيبة يدها، تصلح من شأنها، مبررٌ وحق تقتضيه مقولة المساواة بين الرجل والمرأة.
ربما يجدر بدعاة المساواة بين الرجل والمرأة التخفيف من حدة شروطهم، وجعل نصف واحد (الذكر) يساوي واحد كامل (المرأة) وذلك بالحديث عن تفعيل مراعاة المرأة في كافة المجالات، ومراعاة خصوصيات المجتمعات على كافة الأصعدة، وليس التشدد في أمور هم أنفسهم لا يقبلونها.
وقبول معاهدة السيداو أو رفضها لا يجب أن يتم نفاقاً لهذه الجهة أو تلك، بل يجب أن يكون انعكاسا حقيقياً لمصالح المجتمع. وربما لو أُجري تصويت على هذه الاتفاقية في بلدان عربية كثيرة من قبل الشعوب، لتم رفضها ديمقراطياً. وما حدث من موافقات ما هو إلا صورة أخرى من صور مصادرة إرادة المجتمعات من قبل حكوماتها، الشيء الذي لم يتم في سوريا، فتوافق رأي الحكومة مع رأي العامة الذي جاء عن دراية وتبصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فكر ديني متحجر
سـنـاء حـنـاوي ( 2010 / 5 / 26 - 22:31 )
ألفت نظر كاتب هذا المقال الغشيم والمتحيز أن جارتكم اسرائيل طبقت نظام المساواة بين المرأة والرجل حتى في الخدمة الإلزامية بجميع اختصاصاتها العسكرية. ولهذا السبب ما زالت تكسب جميع الحروب والمعارك السياسية ضد جميع الدول التي تحيط ولا تحيط بها من العرب والمسلمين. هل التطور مقبول في فكرنا الديني المتحجر؟؟؟ الجواب قطعا لا. لهذا سوف نبقى في آخر الشعوب الخاسرة الجاهلة المتأخرة. لأننا ننتج المئات والآلاف مثل كاتب هذا المقال.


2 - السيدة المتحررة سناء حناوي
عبير الدروبي ( 2010 / 5 / 27 - 02:16 )
اين الدين الذي يذكره الكاتب؟
لم يذكر الكاتب كلمة واحدة عن الدين، فالدين غائب في هذا المقال كما هو فهمك وبصيرتك. أنا طبيبة واوافق على كل كلمة قالها هذا -الغشيم- مع احترامي للكاتب


3 - رد بسيط إلى رقم 2
سـنـاء حـنـاوي ( 2010 / 5 / 27 - 08:50 )
ومن الذي حـول المرأة إلى أقل من نصف إنسان.. يا سيدة عبير؟..إن كنت تقبلين هذا الأمر حتى اليوم .. يا سيدة عبير.. فلا عجب أن نبقى جامدين في ذيول البشريةّّّّّ!!!...ّ


4 - الاخوة في الكنترول
علي الأمين ( 2010 / 5 / 27 - 12:00 )
الأخوة في المراقبة

يبدو أن هنالك خطأ ما، ليس في ردي المحظور كلمة واحدة مسيئة لشخص. أرجو مراجعته مع التحية والتقدير


5 - يا جماعة
علي الأمين ( 2010 / 5 / 27 - 12:24 )
الأخوات الكريمات
سناء حناوي ود. عبير

ليس في مقالي ما يشير الى خلفية دينية، وما فيه لا يتعدى بداهة كونية يقبل بها عامة العقلاء من البشر، فالمرأة تختلف فيزيولوجيا عن الرجل بكونها أضعف جسدياً، مما يترتب عليه معاملة خاصة مميزة لكلا الجنسين, فالمرأة لا تقوى على الأعمال اللتي تحتاج الى جهد عضلي كالحفر وحمل الأثقال، بينما الرجل يفعل. صاحب العمل يوظف من يستطيع العمل حتى ولو كان الطرف بحاجة ماسة للعمل. الان هل من المعقول أن النساء أقدر من الرجال على العمل الشاق كالحفر وحمل الاشياء الثقيلة؟ بالطبع لا. وهذا ما يؤسس لفروقات تنفي التساوي بين الجنسين.

هذا ما أردت قوله في تعليقي رقم 4 المحذوف والذي لا أدري وجه مخالفة القواعد فيه.
على كل حال تحية طيبة للمشاركات والمشاركين.


6 - آخـر رد للسيد علي الأمين
سـنـاء حـنـاوي ( 2010 / 5 / 27 - 18:36 )
أذكرك فقط أننا في القرن الواحد والعشرين والأوائل الميكانيكية الحديثة نابت عن المرأة والرجل, والمرأة اليوم طبيبة جراحة رئيسة قسم, ضابط شرطة, قبطان بارجة حربية أو تجارية, اطفائية اسعاف.. الخ.. الخ.. ولكن هل نتحدث أنت وأنا عن نفس الشعوب... أتساءل.
شعوب تمشي باتجاه الحضارة والنور والمعرفة والحريات والمساواة الإنسانية الكاملة. وشعوب تنحدر وتنحدر وتنحدر, باتجاه السلبيات والغيبيات والغوص في التخلف والتبرقع ومحاربة كل محاولة حضارية ومساواة بين المرأة والرجل.


7 - إلى صاحبة التعليق رقم 7
سليم عودات ( 2010 / 5 / 27 - 23:18 )
الرجل صاحب المقال يتحدث بإتجاه اليمين
وأنت تتحدثين باجاه الشمال
ما علاقة تقدم وتطور وتخلف المجتمعات بقضية المساواة.
المجتمعات المتطورة تعطي كل صاحب مقدرة ما يستطيع ان يبرع فيه.
ووجود أمثالك في تحليل المعلومات، لهو اكبر عامل للتخلف والانحطاط.


8 - إلى السيدة سناء
مائن السليم ( 2010 / 5 / 28 - 17:14 )
لم كل هذه الحدة في النقاش
لا يعدو ما ذكرتيه أن يكون سبابا مبطنا دون ورود لأي منطق خلال ردودك جميعها
هل الحضارة و الرقي و الانفتاح تقتضي منك السخرية من الآخرين و اتهامهم بالتخلف
هل الحضارة هي قبول الآراء العلمانية فقط و اعتبارها حقيقة مطلقة و وسم ما عداها بالتخلف و الجهل؟
ما هذا المنطق؟!
إني لأعجب ممن يدعي الديمقراطية و الحرية و الانفتاح و الحضارة و هو حقيقة جاهل بمفاهيمها
لم يرد أي ذكر للدين في هذا الحوار و إن ورد فهو من حق الكاتب فكما أن لك فكرك و قلمك له فكره و قلمه و الحجة تقرع بالحجة و ليس بالصراخ و رفع الصوت
كما أن من يدعي أن الدين له علاقة بالتقدم و التخلف فهو يناقض الواقع
و إلا كيف تقدمت الهند -من يعبد البقر- و كيف تقدم الصينيون -عباد الأصنام- و كيف تقدم غيرهم و غيرهم من اليابانيين
لا يقل أحدكم أنهم تخلو عن دينهم فتقدموا
كلا الواقع ينفي ذلك
من يربط التقدم و التخلف بالدين فهو فقط يفعل ذلك لإرضاء ذاته المتمردة
أرجو أن أقرأ لك سيدة سناء ردا منطقيا واعيا غير منساق وراء عواطف و أحكام مسبقة
تحياتي للجميع

اخر الافلام

.. اغنية بيروت


.. -الذهنية الذكورية تقصي النساء من التمثيل السياسي-




.. الحصار سياسة مدروسة هدفها الاستسلام وعدم الدفاع عن قضيتنا ال


.. نداء جماهيري لكهربا و رضا سليم يمازح احد الاطفال بعد نهاية ا




.. هيئة الأمم المتحدة للمرأة: استمرار الحرب على غزة يعني مواصلة