الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكالية الصفات الحسنى والأسماء غير الحسنى

رأفت عبد الحميد فهمي

2010 / 6 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اشكاليات الصفات الحسنى والأسماء غير الحسنى
ينص قانون نيوتن الثالث للديناميكا على أن لكل فعل رد فعل مساوياً له في المقدار ومعاكساً له في الإتجاه وينص قانون المنطق اللغوي على أن لكل فعل جهة مسؤولة مسؤلية قانونية ومنطقية عن القيام به وانجازه كما في حالة المبني للمعلوم ولا يهمنا هنا الأن الفعل المبني للمجهول و نائب فاعله كما لا يمكننا بأي حال التغاضي عن مسؤلية من قام بالفعل اعمالا لمبدأ السببية وإلا سقطنا في اللامعقول من هنا تنبثق الإشكالية اللغوية حيث أن اللزوم المنطقي ضرورة حتمية نظراً لإنبثاق الفعل فيكون له فاعل هو صاحبه والمسؤول عنه تلك البديهية المنطقية هي منطقية وراثية بمعنى أن الفاعل وارث الفعل ومسؤو ل عنه منطقياً هذا ما يحيلنا إلى تأمل الإنجاز الذي حققه فقهاء السنة والجماعة وجلة المفسرين خلال رصدهم لأسماء الله الحسنى وتجميعها وتصنيفها إعمالاً للآية :" ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون " ( الأعراف -180 ) و أنهم قد توخوا الحذر وقاموا بعملية انتقائية بين الآيات متعمدين إختيار الأسماء والصفات بمنهجية التقديس و التي ترينا مدي الوفاء لإيديولوجية التنزيه المطلق للذات الإلهية بعد أن غربلوا النص القرآني غربلة تتسم بالتواطؤ والإنتقائية فأتحفونا بقائمة ( كنوزالتسعة وتسعين ) إسماً الشهيرة رغم تشتتها بين متون الآيات هنا وهناك فهي غير مرتبة ولا محصورة متقاربة .
هذا ما نلحظه لغالبية الأسماء التي استقوها من الآيات وهي أسماء لصفات الله الكامل المتعال و المنزه عن كل نقص أو عيب هذة الصفات مستوحاة ومشتقة من أفعال تشترك مع الأفعال الإنسانية في المعني والدلالة حاملة نفس التصور والمفهوم كما تحمل تصورات التجسيم والتشبيه و رغم حرص الفقهاء على عدم التشبيه بين أفعال الله وأفعال الإنسان فقالوا : أن الله يسمع ليس كسمعنا و يبصر ليس كبصرنا و يغضب ليس كغضبنا وينتقم ليس كانتقامنا وهلم جرا من عائلة ( ليس وليس ) إمعانا منهمً في التنزيه حتى وصلوا إلى اللا تصور واللا مفهوم والذي اتفق على تسميته بالتعطيل اصطلاحاً رغم أن الإستعارة الحتمية من أفعالنا و المتوافقة في البناء اللغوي لنفس اللفظ جلية جلاءً لا عوج فيه وهو ما أربك الفقهاء وبلبل أفكارهم .
لكن كان من الضروري اجراء ذلك التشبيه كي نستطيع تكوين التصور الأمثل للذات الإلهية فإذا قلنا السميع فهو مشتق من الفعل يسمع والبصير مشتق من الفعل يبصر والقادر من يقدر والماكر من يمكر والمالك من يملك ......... وهكذا بالنسبة لسائر الصفات والأسماء الباقية والتي لها جذور مشتقة من الأفعال. لكن ما أثا ر حيرتنا هو إشكالية احتواء النص القرآني على العديد من الأفعال المنسوبة إلى الله والتي أخبرنا أنه قام بها عن طريق الوحي والتنزيل من فوق سبع سماوات وهي أفعال ذكرت على الحقيقة ولم تذكر من باب المجاز وهي أيضاً من المحكم الواضح الذي له دلالة محددة وليست من المتشابه الذي يحتمل أكثر من دلالة (حمّال أوجه ) هذة الأفعال لم تتخذ أسماءاً حسنى فقالوا: لم يأذن الشرع بها أي لم يذكرها ولم ينطق بها ولم تنص عليها الآيات حيث تم استبعاد الإشتقاق من أ فعالها واعتبروا ذلك قدحاً لايليق بالذات الإلهية ونسأل ما السبب الكامن وراء ذلك وهي أفعال جاءت بصريح الآيات مثل قوله تعالى : وما رميت إذ رميت لكن الله رمى " ( الأنفال – 17 ) وقوله تعالى : " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم " ( الأنفال – 17 ) والقتل هنا من الجلاء والوضوح ما لايمكن تجاوزه واقصاءه أو تلوينه وتأ ويله وإلا فقد النص مصداقيته فهل أدرك الله تلك الإشكالية واكتفى بالتسعة والتسعين اسماً الحسنى المعتمدة فقط متناسياً أن هناك أفعالاً أخرى أعلنها عن نفسه بنفسه مثل يسخر ويستهزئ ويمكر ويخدع ويغوي ويضل ويلعن ويمرض بكسر الراء ( بمعنى يزيدهم مرضا ) ويرمي ويقتل ويحذّر ويغضب ويربي ( أي يزيد ) ويفتي ويكره .
وقد علمّنا منطق اللغة من صرفها ونحوها وقواعد بنائها أن الفعل نشاط زمني موجّه له دافع وله هدف وله ابتداء وله انتهاء وله عمل في الوجود وهو لا يتم إلا بقائم مسؤول عن هذا الفعل شئنا أم أبينا وهذا الذي حددناه باللزوم المنطقي للغة التي هي جسر التواصل بين السماء و الأرض ( اللسان العربي المبين ) ثم يأتي من وقع عليه فعل الفاعل فيما عرف باسم المفعول به هذا التوضيح البديهي لا بد منه وعدم تزييفه أو الغاءه وإلا انعدمت المفاهيم والمعاني وانهارت التصورات .
فمن ضمن الأفعال التي نسبت إلى الله وقام بها فعل القتل المذكور كما في الآية السابقة ونسأل بدورنا ما الفرق بين القتل وازهاق الروح وسفك الدم وضرب الرقاب وحزّ الرؤوس ووجأ الأعناق فهي كلها صور من أفعال القتل للتخلص من الخصوم والمناوئين حيث تظهر بجلاء دوافع التدخل الزمنية و التي استدعت فعل القتل وسفك الدم و التخلص من الخصوم بعد أن اظهروا منازعتهم للأمر. ولا ننسى أن القتل مقولة تتميز بالتناقض من حيث التوظيف السياسي والديني له فهو محمود مطلوب ضد المخالفين وأعداء الدين وهو مذموم ضد أبناء العشيرة الواحدة لكن القتل هو قتل ذو طبيعة محددة لا مراء فيها.
فهل أصبح من المحظور بل من المحرمات اشتقاق اسم الفاعل من فعل القتل فلا نقول القاتل على وزن الخالق أو صيغة اسم الفاعل اللاعن مصداقاً لقوله : " إن الله لعن الكافرين " ( الأحزاب – 64 ) أو الماكر من قوله : " قل الله أسرع مكراً " ( يونس – 21 ) أو الكائد من قوله : " أنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا " ( الطارق – 15 و 16 ) أو المستهزئ والمضل والساخر والغاوي وهلم جرا لسائر الأفعال التي نسبها الله لنفسه عدا أن هناك صيغ المضاف والمضاف إليه بالنسبة للأسماء والصفات مثل " مالك الملك" و"ذو الجلال والإكرام" فنكتشف من الآيات ما يشير إلى تكوينات مشابهة لم تنضم لقائمة التسعة والتسعين اسماً أمثال "مٌربي الصدقات" أو" قاطع الأدبار" و" محبط الأعمال" و" مكفر السيئات" وهكذا وجدنا أن الآيات تنوء بالأ فعال التي قام الله بها على وجه الحقيقة وهي ليست أفعالاً على سبيل المجاز بأي حال من الأحوال ً ونتساءل هل وجد الفقهاء استهجاناً واستبشاعاً لايليق فيه نحت اسم الفاعل منها وقالوا قولتهم الشهيرة : لم يأذن بها الشرع رغم أنها تطالعنا من داخل السياق بوضوح ويقينية الدلالة قطعية الثبوت فلا ناسخ ولا منسوخ ولا متشابه استأثر الله بعلمه بل هي أفعال صريحة يقرها الله بنفسه وينسبها إلى ذاته .
فلم أجازوا الباسط والعدل والقدير والرازق ولم يجيزوا الكائد والقاتل والماكر والمستهزئ والمضل والآيات تشهد بذلك إلى أخر الأفعال صاحبة اللزوم المنطقي وليس نحن المتلقون للنص المقدس فهل تلك الإشكالية مشروعة للمتدبرين أولي الألباب الذين يعقلون ويتمحصون ويدققون أم أن تلك القضايا عفى عليها الزمان فلا داع للتحليل والنقد والبحث في اللامفكر فيه إيثارا للسلامة والركون إلى المعتمد فقط من موروثنا العتيق ...........










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بأسم الماكر المكران المكير
Zagal ( 2010 / 6 / 1 - 03:59 )
كلامك فى الصميم .... ولكن مين يفهم من المسلمين ؟؟
هل تعتقد ان واحد يقدر يعلن او ينشر ماكتبته علنا ؟؟

السيف البتار الذى يلوح به الاسلاميون يرهب ويعوج الحق ..
هل هناك مقارنة بين القيم الاسلاميه التى تجذب الناس الى اسفل و بين القيم الانسانيه التى تدافع عن حقوق الانسان ...


القتل اصبح مشروعا فى الاسلام لو كان المقتول غير مسلم
السرقه اصبحت مشروعه اسلاميا تحت اسم النوافل
الزنى اصبح مشروع تحت غطاء ملكات اليمين ..

هل هناك موبقات اكثر من تلك ؟؟؟

وكل هذه الموبقات اتت من صاحب الاسماء الحسنى !!!

وكيف تكون الموبقات التى تاتى من صاحب الاسماء غير الحسنى !!!


2 - تعليق خفيف
محمد الخليفه ( 2010 / 6 / 1 - 07:51 )
بصراحة أنت عفريت وداهية ، لقد أثقلت الحمل على المؤمنين، أنا افكر كيف سيلتفوا عليك ومن أي زاوية، شكرا لك على هذا المقال العميق


3 - اله الكتاب المقدس يحريض بنى سرائيل على السرقه
احمد ( 2010 / 6 / 1 - 07:52 )
اله الكتاب المقدس يحريض بنى سرائيل على سرقه المصريين

وقال الله لموسى ثانية: ((قل لبني إسرائيل: أنا الرب إله آبائكم، إله إبراهيم وإسحق ويعقوب أرسلتك إليهم. هذا اسمي إلى الأبد، وهذا ذكري مدى الأجيال. 16 إذهب واجمع شيوخ بني إسرائيل وقل لهم: الرب إله آبائكم، إله إبراهيم وإسحق ويعقوب، تراءى لي وقال: تفقدتكم ورأيت ما فعل المصريون بكم. 17 فأنا أعدكم أن أخرجكم من مصر حيث تعانون الذل إلى أرض الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين، إلى أرض تدر لبنا وعسلا. 18 فيسمعون لك وتدخل أنت وشيوخ بني إسرائيل على ملك مصر وتقولون له: الرب إله العبرانيين قابلنا، فدعنا الآن نسير مسيرة ثلاثة أيام في البرية ونقدم ذبيحة للرب إلهنا. 19 وأنا أعلم أن ملك مصر لا يدعكم تذهبون إلا إذا أجبرته يد قوية. 20 لذلك أمد يدي وأضرب مصر بجميع عجائبي التي أصنعها فيها، وبعد ذلك يطلقكم من البلاد 21 وأهبكم حظوة عند المصريين حتى إذا ذهبتم لا تذهبون ولا شيء معكم

22بل تطلب كل امرأة عبرانية من جارتها ومن النازلة في بيتها مصاغ فضة وذهب وثيابا، فتلبسونها بنيكم وبناتكم.

وهكذا تسلبون المصريين.


4 - شكرا للكاتب المبدع
صالح الصويلح ( 2010 / 6 / 1 - 07:59 )
هذا المقال مع (الاعتداد في أحكام المعتدات) يضعان الكاتب في مصاف الكتاب المرموقين في الحوار المتمدن.
إن عبارة خير الماكرين تجعله سبحانه مكار على وزن فعال وهو فعلا فعال لما يريد
شكرا للكاتب المبدع


5 - مأزق المؤمنين والمؤمنات
كاره كل مذل مهين ( 2010 / 6 / 1 - 08:36 )
(المذل ) و ( المهين ) اسمان من اسمائه ال (حسنى) !!!
وكنت أعلق في الحوار باسم (عبد المذل عبد المهين) ففهم اللبيب قصدي

إلا أن تأذّت كاتبتان ووجدتا نفسيهما في ورطة ما بعدها ورطة...... فهو اسم اسلامي بامتياز.. لم تستطيعا مهاجمة (المذل) أو (المهين) فاكتفتا بسب متخذ هذا اللقب !!


6 - إلى أحمد
sawsan ali ( 2010 / 6 / 1 - 19:31 )
إذا صح كلامك بأن اله الكتاب المقدس يحرض بنى إسرائيل على السرقه
فهل هذا ينفي عن إله الإسلام ما وصفتموه به من صفات مخزية؟؟؟

أستاذ رأفت
أتابع بشغف كل ما تكتب , خالص تحياتى


7 - إشكالية الفهم1
زين العابدين ( 2010 / 6 / 2 - 00:50 )
يتفاوت الناس فيما حباهم الله من قدرة على الإدراك العقلى ويستطيع المرء عن طريق اختبارات - موضوعة بمنهج علمى - أن يحدد هذه القدرة ويضع صاحبها فى موضعه عبر مراتب متدرجة تبدأ من القدر الضئيل الذى يكاد يكفى لممارسة الحياة وتنتهى حيث القدرة التى تمنح صاحبها صفة العبقرية
وأسوأ طائفة من الناس أولئك الذين تتهادى قدراتهم على الإدراك العقلى بين الضعف والقوة لأنهم يعيشون الوهم فى أبشع صوره حيث يرون السراب ولايملكون القدرة على معاينته لقلة بضاعتهم من العلم وياويل الناس لو أمسك أحد من هذه الطائفة بقلم
الوقائع حول النفس الإنسانية إما عينية تدخل فى نطاق الحس أو ذهنية خارج نطاق الحس وإشكالية الوقائع الذهنية هو أن الإنسان لا يملك من الألفاظ إلا ما يرتبط بالوقائع الحسية فهو لايستطيع التعامل مع الوقائع الذهنية سواء تكلم عليها أو سمع عنهاإلا عن طريق الألفاظ الحسية
الفعل الإلهى واقعة ذهنية لا حسية لا يوجد من ألفاظ البشر مايحيط بمعناه فلكى يدركها الإنسان فلا سبيل إلا أن يتلقاها بألفاظ حسية نتيجة لطبيعته مثلما ترسم خطا لتمثيل قوة ميكانيكية ذات اتجاه لتحقيق المقاربة بين الواقع والذهن........يتبع


8 - إشكالية الفهم2
زين العابدين ( 2010 / 6 / 2 - 01:50 )
فالفعل الإلهى لايملك الإنسان وسيلة لإدراكه ولكن الله أتاح له إدراك أثره فيكلم الله الإنسان عن هذا الفعل بلفظ فعل يماثل فى أثره أثر الفعل الإلهى
فعندما يطارد جيش جيشا آخر وهو يعتقد أنه يفر من أمامه ثم يفاجأ به يستدير فجأة إليه ويفاجأ بأن بعضا منه كان يختبئ ليصبح خلفه ويحاصر بين فكين فنقول أن الجيش الأول قد مكر بالجيش الثانى والمكر فى حد ذاته واقع ذهنى وصف بلفظ يطلق على الرطبة التى تفاجأ بأنها مازالت صلبة فهى مكرة
وعندما تذهب إلى إنسان لتقتله وأنت تعلم أنه بمفرده لسفر إخوته وتفاجأ بهم يحيطون بك لأن الله قدر لهم أن تتعطل وسيلة ركوبهم بما نسميه مصادفة فأثر الفعل الإلهى- والذى لاتوجد فى اللغة لفظا يحيط به- يماثل فعل الجيش الأول فنقول أن الله قد مكر بك
فاللفظ المستخدم للتعبير عن الفعل الإلهى هو اللفظ الذى يستخدمه الإنسان للتعبير عن فعل يماثل فى أثره أثر الفعل الإلهى لأن إدراكه لا يحيط إلا بالألفاظ الحسية
كذلك صفات الله أو أسماؤه - ولا أسماء لله إلا ما سمى بها هو نفسه- فلله فعل أو صفة يماثل أثره أثر فعل يدرك الإنسان لفظا له فسمى الله نفسه بها ليتمكن ذهنه من إدراك هذا الفعل أو هذه الصفة


9 - الوقائع الذهنية
رأفت عبد الحميد فهمي ( 2010 / 6 / 2 - 12:55 )
أخي الفاضل زين العابدين
جميل أن تفرق بين الوقائع الحسية والوقائع الذهنية لكنك تناسيت أن الوقائع الذهنية هي نتاج منطقي للوقائع الحسية فبوابات الأدراك هي التي ترصد الواقع ثم يتبعها الذهن بالترجمة والتصنيف والترتيب فيما عرف بالتصور الذهني الذي هو انعكاس للوقائع الحسية وتلك من البديهيات وليست هناك وقائع ذهنية منفردة بمعزل عن الواقع الذي أنتجها وشكرا للمداخلة


10 - إشكالية الفهم3
زين العابدين ( 2010 / 6 / 3 - 00:25 )
ومازلنا مع إشكالية الفهم.... فأنا لم أتناسى ولكنك تخلط بين المفاهيم فالوقائع الذهنية ليست هى التصور الذهنى لأن التصور الذهنى هو نتاج مباشر للوعى بما نقلته أعضاء الحس فى تفاعلها مع الواقع خارج النفس الإنسانية أما الواقع الذهنى فهو واقع يولد ولادة كاملة فى الذهن على يد العقل من رحم الواقع المحسوس وليس له وجود محسوس فى الواقع الخارجى فلزوم وجود فاعل لكل فعل هو واقع ذهنى وهذا (اللزوم) ليس له وجود محسوس إنما هو واقع ذهنى تولد كاملا فى الذهن وكذلك (الارتباط) بين الشرط والنتيجة وهلم جرا فالعقل يتفاعل مع الوعى بالمحسوس (التصور الذهنى) فيولد (الواقع الذهنى) وهو نتاج عقلى لكل ماهو خارج نطاق الحس (المجهول) سواء كان قابلا للحس ولكن يحول بينه وبين الحس حاجز الزمن أو العجز أو الوهم أو غير قابل للحس مثل العلاقات المنطقية والذرة هى خير مثال للواقع الذهنى - حتى الآن -فهى مازالت واقعا ذهنيا لشىء قابل للحس ولكن يحول بينه وبين الحس حاجز العجز فى أعضاء الحس فلا يستطيع أحد أن يدعى أن مانتوقعه ذهنيا عن الذرة هو صورة ذهنية لها فإذا تمكن الإنسان من رؤية الذرة عندها يتحول (الواقع) إلى (صورة)


11 - إشكالية الفهم4
زين العابدين ( 2010 / 6 / 3 - 01:23 )
ولكى تدرك ما أعنيه فلنتساءل لماذا يشتط كثير من فلاسفة العلم فى رفضهم لمبدأ السببية؟ لأنه واقع ذهنى وليس تصورا ذهنيا وهم - وأغلبهم من عبدة المنطقية الوضعية الذين ذبحهم كارل بوبر على هيكل منطق الكشف العلمى وأذاقهم مرارة الذل - لايعترفون إلا بما هو محسوس أى له (صورة ذهنية)...ونعود إلى موضوع المقال
قلنا أن الإنسان لا يملك من ألفاظ الكلام إلا ماكان مرتبطا بمحسوس فعندما يسمع أو يتكلم عن واقع ذهنى خارج نطاق الحس فليس هناك إلا ألفاظا حسية تكون العلاقة بينها وبين الواقع الذهنى هى علاقة الأثر الناشئ عن الوجود
وقد أثبت العلم أنه لايوجد حتمية أو يقين لأى حدث من أحداث الواقع وهو مايقابله مفهوم القدر فى الفكر الإسلامى وهو يعنى البرنامج الذى يحدد للمخلوقات أحداث حركتها ووضع لها مع عملية الخلق بكن فيكون والكائن الوحيد الذى قدر له أن يتدخل فى برنامج حركته هو الإنسان فكل الأحداث قدرها الله وأتيح للإنسان أن يختار منها فهو لايفعل فى إطار اختياراته إلا ماقدر الله أن يحدث والإنسان لايملك من مقومات الفعل إلا الاختيار فمتى ينسب الفعل إلى الإنسان ؟ ومتى ينسب إلى الله؟


12 - إشكالية الفهم5
زين العابدين ( 2010 / 6 / 3 - 02:11 )
ينسب الفعل إلى الإنسان جوازا إذا كان اختياره هو المقوم الذى قام عليه الفعل وكانت كافة المقومات الأخرى داخل إطار المتوقع (تلعب دورها كالمعتاد فى الواقع)أما متى ينسب الفعل إلى الله فإن أى فعل يحدث هو بالفعل منسوب إلى قدر الله ولكنه ينسب إلى الله -بجواز التخصيص- إذا كان أحد مقومات الفعل قد وقعت بصورة ليست معتادة أو كانت المصادفة إحدى مقوماته
الفعل الإلهى واقع ذهنى خارج نطاق الحس فلا يحتويه زمان أو مكان لأن الزمان والمكان من مقومات المخلوقات التى خلقها الله ولا توجد فى اللغة التى يتعامل بها الإنسان ألفاظا تحيط بالفعل الإلهى تعبيرا فكيف يتم التعبير عن الفعل الإلهى ؟ بألفاظ لأفعال حسية تؤدى إلى أثر مماثل لأثر الفعل الإلهى فالمماثلة تكون فى الأثر فقط وزمنه وليس فى كيفية الفعل
وفى العلم لا يوجد ماهو كريه أو محبوب أو قبيح أو جميل لأنها مشاعر ذاتية لا علاقة لها بالموضوع فالعالم يتكلم عن براز الكلب كما يتحدث عن ثمرة الفاكهة دون مراعاة لمعيارى التقزز والانجذاب لأنها من المعايير الذاتية فهى خارج نطاق العلم
فهل يجوز أن نتحدث عن الفعل الإلهى دون مراعاة لمعيار الأدب مع الله؟


13 - إشكالية الفهم6
زين العابدين ( 2010 / 6 / 3 - 02:59 )
الأدب سلوك إنسانى يعبر عن مدى احترام الإنسان للمعنى به ويتحراه عندما يتعامل مع انسان آخر يحمل له قدر من الإجلال فهل من المقبول أن يتعامل مع إلهه وخالقه بسلوك غير مهذب يتناقض مع الإيمان بألوهية الله ولا يجتمعان وبين الله لنا أن فى تعاملنا مع أسمائه وصفاته أن له الأسماء الحسنى
فلا يجوز أن نسمى الله بأسماء من أفعاله تسم سلوكنا بسوء الأدب لأن ذلك يتناقض مع الإيمان ويتناقض معه الإيمان
فأفعال الله وصفاته وأسماؤه هى وقائع ذهنية عرفها لنا الله بالوحى ولا يمكن لأذهاننا أن تتصورها وليس فى وسع اللغة التى نستخدمها أن تحيط بها لفظا ولكن الله عرفها لنا بمسمى أثر الأفعال التى تماثلها فى الأثر كما مثل لنا نوره
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ


14 - رد هادئ
رأفت عبد الحميد فهمي ( 2010 / 6 / 3 - 10:00 )
الأسماء والصفات التي نقلها إلينا الوحي لم تنقل لنا على بساط الصور الذهنية وأنما نقلت عبر اللغة محددة الدلالة والتي يستعملها لتوصيل ما أراد هذة اللغة المتفق على منطقها يجب الإنصياع لدلالتها وإلا كان الخطاب لقوم يجهلون ذللك الوسيط اللغوي وينطبق حديث الطرشان عليها وشكرا لإهتمامك

اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah