الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغيب المقروء هل يصمد الغيب طويلا

رأفت عبد الحميد فهمي

2010 / 6 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الغيب المقروء
هل يصمد الغيب طويلاً
يمتدح الله نفسه بأنه علاّم الغيوب كقوله : وأن الله علاّم الغيوب (التوبة -78) وما كان الله ليطلعكم على الغيب ( آل عمران- 179) وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ( الأنعام -59) و عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (الجن -26 ) كما يفيد التصور الديني اشتمال الغيب والمجهول على الأنباء التي يفرج الله عن علومها و معارفها ووثائقها إذا ما أراد ومتى شاء وهي مفترض أنها مدونة ومكتوبة وسابقة في علمه الأزلي والتي لا تطالها أدواتنا المعرفية المحدودة حيث يضمها اللوح المحفوظ . ودلالة الحفظ هنا تشير إلى معنيين لا ثالث لهما أولهما وهو الحفظ من الضياع أو الفقد أو الإمحاءمقابل الإبقاء على ديمومته الأزلية وثانيهما هو الحفظ من تطاول مسترقي السمع لصوص الجن خاطفين الخطفة ( الصافات – 10 ) أي للنشطاء الخاطفين لمعلومات القضاء و القدر . هنا يتجلى مفهوم الغيب بأنه المعرفة المستقبلية والتي هي حكر خاص للذت الإلهية في مقابل جهلنا المريع و قصورنا العقلي والمعرفي ازاء ما تخبئه لنا الأقدار من مصائب وأفاعيل ربما تعلو بنا أ و تنزل بنا إلى أسفل سافلين حيث أننا وفق هذا التصور نبدو كالحيارى المتسولين منّة الأقدار أو هكذا يحلينا التصور الأسطوري لفكرة الغيب المزعوم.
و مقولة الغيب تنم عن جهل الإنسان في استقراء الواقع التاريخي الجدلي والواقع الفيزيائي الديناميكي حيث كان التنبؤ قديماً ضرباً من الدجل والشعوذة أو في أحسن حالاته هو الحدس الذي ربما أصاب أوأخطأ فإذا تطورت العلوم بمنهجياتها التجريبية استطعنا التنبؤ بأحوال الطقس وتصوير الأعاصير أثناء تكونها وبيان حركتها واتجاهها والتنبؤ بالزلازل والبراكين بعد تحديد مناطق الضعف في القشرة الأرضية وهكذا كلما تطورت وسائلنا الإستقرائية ومناهجنا العلمية استطعنا أن نمسك بالمجهول رويداً رويداً عدا التنبؤ بمناطق الجفاف والمجاعات والأوبئة والفيضانات وسائر المظاهر الفيزيائية التي تشمل كوكبنا حتى على مستوى الرصد الفلكي والفضائي لمنظومة المجموعة الشمسية في التأهب والترقب للنيازك التائهة والهائمة في الفراغ السحيق بين النجوم.
هذا عن الغيب الفيزيائي لكن ماذا عن الغيب الإنساني وهو ما كان دوما مايزعج البشر ويربكهم و يلعب على أوتار ضعفهم ويستهزئ من جهلهم بذلك الحكر السماوي الذي يملك ويمسك مقاليده الله لكن هذا المجهول أو ما يعرف في الموروث الثقافي بالغيب ما هو إلا الواقع التاريخي البشري بكل صراعاته وجدليته التي نستطيع استقراء منطقه الداخلي وكشف فلسفته التي تحركه بمناهج علومنا الحديثة. و بالنظر إلى ما كان غيباً ومجهولاً في زمن انقضى وولى قد أصبح تاريخاً يعرفه القاصي والداني حيث بات معلناً ومقروءاً و حافلاً بالأحداث الجسام أو غير الجسام من صعود أمم وهبوط أخرى من فتوحات وانتصارات أو هزائم وانتكاسات هو التاريخ بكل ما تحفل مشاهده من قمم وقيعان و تنوء صفحاته المشحونة بالصراعات والحروب أو بالحضارات في ازدهارها أو انحطاطها هو ببساطه أن ما كان مجهولاً لمعاصريه قد انكشف و رأوه رؤي العين . هذا التاريخ الطويل هو ما كان مفترضاً أنه مسطور في العلم الأزلي لله والمتخيل أنه يتخذ خطاً مستقيماً يتسم بالغائية و الحكمة والقصدية لكن حينما أدرك الأنسان أنه صانع تاريخه بكل فظائعه وتحولاته وعى مسؤليته الوجودية والأخلاقية .
إل أن هذا التاريخ قد تعرض للتدليس من قبل الغالبين أصحاب السطوة والإستبداد فالمنتصر دوما هو من يسجل الأحداث التي تخدم إيديولوجيته ومصالحه المتوحشة هذا التاريخ غير المكتمل والنسبي والمتخم بالتلاعبات والإكراهات نستطيع أن نستشف المنطق الذي يحركه والجدلية التي تعتري بنائه فنضع له علماً خاصاً بفلسفة التاريخ منذ بدأت البشرية تقيم حضاراتها المتعاقبة وبسهولة يمكننا أن نتحرى و نتقصى من خلالها جدلية التسلط واستلاب الشعوب ونهب الأوطان فنفهم ونعي أين تكمن الأخطاء وأن نرى أهمية الأقتصاد كمحرك للتاريخ كقول ماركس وانجلز فهل تكشف لنا فلسفة التاريخ عن ما تم تنفيذه حرفياً من قبل الأجندة السماوية وفق التصور الديني للغيب بعد أن قرأناه ووعينا فلسفته و منطقه هذا الغيب ما يؤكد الخطاب الديني تفرده ويصر علي قدسيته رغم أن التاريخ ومنطقه كشف لنا المستور واستطعنا استقراء البناء الأبستمولوجي لذلك الغيب المزعوم حتى يمكننا أن نستشرف أفاق المستقبل غير المنظور بجدليته التي لا تتوقف ..........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah