الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا وطن لمن لا بيت له

سعد تركي

2010 / 6 / 2
المجتمع المدني



Home في اللغة الانكليزية تعني البيت، وتعني أيضا الوطن، وفي هذا دلالة على أن البيت هو الوطن، والوطن هو البيت.. وإلى هذا المعنى أشار ابن الرومي في قوله:
ولي وطن آليت ألا أبيعه
وألا أرى غيري له الدهر ساكنا
هذا الامتزاج الشديد بين مفهومي البيت والوطن يجعل من المستحيل على من لا وطن له أن يدعي أن له بيتا، وما احتفاظ أشقائنا الفلسطينيين بمفاتيح بيوت كانوا يعيشون فيها في وطنهم المغتصب إلا تشبثا بأرض ووطن فقدوهما في غفلة من التاريخ، ورغبة عارمة في إبقاء جذوة حلم العودة متقدة في نفوسهم.
لعل هذا الامتزاج والترابط بين الوطن والبيت، فضلا عن أسباب أخرى، هو ما حول بلداناً اعتمدت تماما في تكونها على المهاجرين،من دول لا يعرف عنها شيء،إلى بلدان لها تأثيرها البالغ والشديد على مجمل الأحداث السياسية والاجتماعية والأدبية والفنية والعلمية في عالمنا المعاصر.. بلدان ليس لها عمق في التاريخ ولم يكن تجمع بين أفرادها - بدءا – العناصر اللازمة لتكوين شعب أو امة مثل التاريخ المشترك واللغة والعرق والدين، كل الذي جمعهم أنهم تملكوا بيوتا في أرض صارت وطنا، قدم بعضهم حياته دفاعا عنه وعن كرامته ورفع اسمه بين بلدان العالم، منسلخين عن أوطانهم الأولى .
يُطلب من العراقي أن يكون مخلصا وحريصا على وطن لا يمتلك فيه سقفا يؤويه، ولا شبر ارض يتوسدها، يطلب منه أن يسفح دمه ويموت دفاعا عن وطن قد لا يجد في أرضه الواسعة الرحيبة إلا قبرا جماعيا جاد به عليه وعلى أخوته نظام طاغ أو سفاح يتلذذ بالموت والخراب ويعتاش عليهما.
في أمريكا وكندا واستراليا وغيرها، يمنح المهاجر بيتا مؤثثا ومعاشا يكفيه وجنسية يُحترم حاملها أنى سافر ،وتقف حكومته ضد أي بلد يعتدي عليه أو يحط من كرامته، والعراقي مستباح الدم والكرامة في بلده وبلا بيت ولا سماء يبث نجومها شكواه في ليل الأرق والسهر.
ترسل البلدان أبناءها في بعثات إلى دول متقدمة ليتزودوا بالعلم والمعرفة التي يفيدون بها بلدانهم، والعراقي يسأل المسؤولين ما أن تطأ قدماه مطار بلد ما "اكو لجوء"..
ليس تبريرا لجحود بعضنا للوطن، إنما هي محاولة لإفهام ساستنا وقادتنا وأولي أمرنا أن الشعوب لا تحب أوطانها لأن الأطفال يتعلمون في المدارس النشيد الوطني، والكبار يستمعون لخطب ملتهبة في حب الأوطان والدفاع عنها.. فالشعوب إذا جاعت وعريت ونامت بين أكوام القمامة تبيع الوطن ورموزه وتاريخه، وتأكل ثروته..ليس تبريرا للجحود،فالوطن الذي ليس للمواطن فيه بيت يؤويه ولا عمل يعتاش منه،ولا يأمن فيه على حياته،وطن يرى حكامه يتصارعون على ثرواته وينتصرون ضد بعضهم بعضاً بالأجنبي..وطن لا يستحق من المواطن أن يسفح عرقاً لبنائه أو دماً دفاعاً عنه أو حتى دمعة أسف على ما آل إليه من خراب ودمار..
حذار ساستنا وقادتنا وأولي أمرنا من جيل لا يعرف معنى الانتماء إلى الوطن لأنه ولد في العراء ويعتاش من القمامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملاحظة سريعة
محمد الرديني ( 2010 / 6 / 2 - 10:12 )
ماقلته صحيح جدا واتفق معك في جل نقاطه ولكن دعنا نقلب الاية فليكن البيت هو الوطن
انا مثلا غسلت ايدي من هؤلاء الذين تعرفهم في الوطن ومنذ ذلك الحين وانا مقتنع ان بيتي هو وطني في اي مكان يكون
لو لديك فسحة من الوقت احيلك لقراءة موضوع اسمه سؤال صعب في نفس الموقع بتوقيعي الشخصي
تحياتي

اخر الافلام

.. لحظة اعتقال مسلحين اثنين ومقتل آخرين من منفذي هجوم داغستان


.. شبكات | اعتقال عارضة أزياء يمنية بعد جدل أثارته صور زفافها




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 69% من مدارس النازحين ف


.. الأونروا: 69% من المباني المدرسية التي كانت تؤوي نازحين في غ




.. مشاهد للحظات الأولى بعد قصف مقر تابع للأمم المتحدة في غزة