الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقاب من عادة الى عبادة !!

ياسمين يحيى

2010 / 6 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


‏اكثر ما جعلني أقتنع بقوة بأن ديننا مجرد ثقافة عربية لا أكثر هو الشبه الكبير بل التطابق التام بينه _أي الدين_ وبين العادات والتقاليد العربية فكنت أقول: هل الله فصل الدين على مزاج العرب؟

فمثلا النقاب في مجتمعنا هو من العادات والتقاليد الأجتماعية الأصيلة وفي نفس الوقت هو فرض ديني. قد يقول البعض بأنه تحول الى عادة أجتماعية بعدما فرضه الدين. ولكنه كان موجودا قبل جميع الأديان السماوية في المناطق الصحراوية وهذا دليل على أنه في الأصل عادة صحراوية حيث كانت النساء ترتديه بأختيارهن وذالك لحماية بشرتهن من حرارة الشمس ثم تحول مع مرور الزمن الى عادة أجتماعية لا يمكن التخلي عنها وعرف أجتماعي قبلي تتوارثه النساء جيلا بعد جيل من دون أختيار أو أقتناع . ثم أتى الدين فجعل من هذه العادة التي هي من أختراع البشر الى فريضة دينية لحماية الرجل من الأفتتان بالمرأة وليس لحماية وجه المرأة من حرارة الشمس خاصة بعد أن تطوروا قليلا وأصبحوا يسكنون المنازل بدلا من الخيام ولكنهم أستمروا في تمسكهم بالنقاب بعد أن تعودوا على رؤية نسائهم به ولم يستسيغوا فكرة خلعه بعد زوال أسباب أرتدائه
لأن الأنسان أذا تعود على شيء سيألفه ولا يتضايق أو يتثاقل منه لأنه يصبح جزء من حياته وصفة من صفاته لذالك يصعب عليه الأستغناء عنه . ثم أن العرب عندما يتعلق الأمر بالمرأة يصبح اكثر حساسية لديهم لأنهم يعتبرون المرأة عنوان شرفهم، يعني شرف الرجل عندهم لا ينبع من ذاته بل من خلال أنسان آخر وهي المرأة رغم أن الأثنين شخصين مختلفين في الجنس وفي السلوك وفي كل شيء ولكن هذا ما يعتقدوه .

وهكذا فهم عندما فتحوا عيونهم على الدنيا وجدوا أمهاتهم وخالاتهم وكل قريباتهم ونساء القبيلة يرتدين البرقع ( النقاب ) ولم يعرفوا بالسبب الحقيقي وراء تغطية النساء لوجوهن فأعتبروا النقاب عنوان لنزاهة وأصالة المرأة ورمز من رموز القبيلة حتى لو كانوا يسكنوا بأرقى الفلل والقصور ونسوا أنه مجرد غطاء يحمي بشرتهن من حروق حرارة الشمس فبعد زوال هذا السبب الأصلي أرادوا سبب آخر اكثر قوة للحفاظ عليه فلم يجدوا أقوى من الدين لبقائه فأخترعوا أسباب الدين لفرضه وهي لحماية وصيانة المرأة من نظرات الرجل وحمايته هو أيضا من أفتتانه بها، وأنه شرف وعزة وكرامة من الله لها رغم أنها أرتدته قبل أن يعرفه الله نفسه .

مشكلة العرب أنهم أذا تعودوا على شيء يتشبثوا به ولا يريدون تركه ويعملوا المستحيل من أجل أيجاد أثبات له من الدين خاصة عندما يتعلق هذا الشيء بالمرأة أما أذا كان بخصوص الرجل فلا مانع من تغييره أذا كان ليس بصالحه حتى لو كان لوجوبه دليل واضح في الدين.
النقاب عادة بدوية وقروية شاء من شاء وأبى من أبى والدليل أن المرأة في البادية أو القرية في كل مكان في العالم وليس في البلاد العربية فقط، تقوم بتغطية شعرها ووجهها لحمايته من حرارة الشمس ومن الغبار وحتى الرجال يفعلوا نفس الشيء في هذه المناطق. فالرجال يضعوا اللثام الذين يغطي رؤوسهم ووجوههم ولكنهم عندما تزول أساب أرتدائه يخلعوه بسهوله في تلك القرى والبوادي الغير عربية نساءا ورجالا. اما العرب فالرجل يستطيع خلعه بسهولة لأن أمره بيده أما المرأة فهي تحت وصايته لذا لا تستطيع خلعه أذا أرادت لأن العرب كما ذكرت أعلاه لا يحتملون فكرة التغيير في أمور تخص المرأة.

أن اكثر ما يجعل العرب يتمسكوا ويعتزوا بعاداتهم وتقاليدهم هو أنها عادات وتقاليد ذكورية تظلم المرأة وتنصف الرجل فوق مستوى الأنصاف وبما أن الرجل العربي هو صاحب القرار والأختيار في المجتمع العربي قام بتقديس هذه العادات والتقاليد لأنها لصالحه وعلى ذوقه وبما أن المرأة مجرد تابع له لا اكثر في مجتمعه فهي ترضى بكل شيء يراه الرجل صحيح وتقدس كل مايقدسه حتى لو كانت تعي بأنه ظلم بحقها لاتكترث كثيرا وتفضل الأستسلام لهذا الظلم خاصة عندما يبررونه لها بالدين. فهي هنا مثل الشعوب العربية مع رؤسائهم.
لو أن المرأة لم تستلم لظلم الرجل وقوانينه لها لما أستسلمت الشعوب العربية لقوانين وظلم رؤسائهم لهم،
فالمرأة التي ترضى بالظلم والقهر والقمع لا يمكن أن تنجب الا أمثالها والعكس صحيح.

وهكذا أنقلب ظلم العرب للمرأة على أنفسهم، لأنهم عندما ظلموا المرأة وأجبروها على قبول الظلم وعلى الخضوع والخنوع تشرب الأبناء منها هذه الصفات وأصبحت صفاتهم كصفاتها فأرتد عليهم ظلمهم وقمعهم.
وصدقوا لو أن رئيس عربي فرض النقاب على الرجال فلن يقاوموا.

فالنقاب أذن من ضمن العادات الظالمة بحق المرأة الذي حولوه من عادة الى عبادة لكي يضمنوا بقائه وأستمراره بقوة الدين بعد أن زالت الأسباب الحقيقية لبقائه وأستمراره في المدينة.


هذه المقالة مقدمة لمقالة قادمة عن النقاب سأشرح من خلالها مشاعر كل صنف من أصناف المنقبات في مجتمعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - I dont have Arabic...I admire you so much
Wafa Sultan ( 2010 / 6 / 2 - 19:06 )
Sorry, my laptop doesnt have Arabic . Im writing to express my admiration for you sister Yasmeen. Go forward and stay, as I know you, brave and bold.


2 - الــثــورة
أحـمـد بـسـمـار ( 2010 / 6 / 2 - 19:50 )
الثورة..الثورة على هذه العادات القبلية الصحراوية التي لم تعد تتناسب مع الزمان والمكان والمجتمع والطبيعة الإنسانية, كما تأملت دائما, سوف تأتي من المرأة المسلمة الناشطة الذكية. وبكلمات السيدة الرائعة ياسمين يحيى اليوم, بدأت هذه الثورة. ثورة المعرفة والمنطق والواقع.
أحييك يا سيدتي. أحييك وأؤيد كل كلمة في مقالك الواقعي الرائع.. وبانتظار ما يتبع... ولك مني تحية صادقة مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


3 - النقاب رمز انحدار
ناشري ( 2010 / 6 / 2 - 20:02 )
وحتى في المناطق الجبلية التي انحدر منها كنت ارى النساء غير منقبات وبعد انقضاء عقدين من عمري دهشت لانتشار النقاب في هذه المناطق باعتباره واجبا دينيا بحسب الصحوة الاسلامية المنتشرة في بلداننا , مما يعني ان النقاب تحول على يد المتدينين الى فرض ديني
ومبررهم الحشمة والفضيلة التي ندعيها ونفتقدها في سلوكياتنا اليومية .
شكرا ياسمين على قلمك الصريح والجرئ الذي يفضح ما وراء البراقع ويعري مساوئنا حتى نصححها ان أردنا وان لم نرد فحسبك انك بلغت واديت واجبك ...وشكرا دكتورة وفاء فقد بدات شجرة التنوير التي غرستيها ورعيتيها تفرع اغصانا جديدة وتعدنا بثمارها قريبا ...فلكما مني كل التحية والتقدير


4 - تحياتي ياسمينة
رعد الحافظ ( 2010 / 6 / 2 - 20:02 )
هذا شطر من مقالة الأستاذ نادر قريط
فيه رؤية جديدة للنقاب , لاتخلو من خفة دم
ما رأيك أنتِ يا عزيزتنا ياسمينا ؟
***
حتى النقاب أيها السادة ليس شرا مستطيرا، فبالرغم من قباحته وغرابيته (من غراب) إلا أنه يمنح المرأة حرية الحركة في مجتمع ذكوري ظالم (المنقبة تستطيع أن تبصبص وتعض شفتها السفلى وتتهيج دون أن يراها أحد) إ
***
بالنسبة لي ما زلتُ لا أجد أسوء من النقاب من ظُلم يُسلط على النساء والمشكلة أنّه تحول الى قبول وراحة .. بإرادة بعضهنّ


5 - الف ياسمينة لياسمين
رستم علو ( 2010 / 6 / 2 - 23:13 )

وماذا عن الختان الأهوج ؟ الذي يشوه الأعضاء التناسليّة للنسوان في بلاد الاخوان ؟ ليبقيَن مجرد حريم و خادمات تحت رحمة دون جوان ؟ لهم الرجولة وإيمان ؟ وهن ناقصات عقل وإيمان ؟ لذا يجب قتل الرغبات والشهوات ؟ لدا الزوجات والبنات ؟ من قبل الرجال القوامون على الغير جديرات ؟ فببتر البظور تأمين و أمان لهن كجاريات ؟ لضمان سلامة المجتمع الذكوري من الحريات والمساوات ؟


6 - انها عادات مقيته
شرق عدن ( 2010 / 6 / 3 - 03:07 )
الى ياسمين ,انا متفق معك تماما انها عادات قديمه وباليه ومتعفنه ايضا واضرب لك مثلا وهو موضوع الختان عند النساء,من المعروف ان ختان النساء منتشر بشكل وبائى فى مصر والسودان والصومال ولكن فى دول مثل سوريا والمغرب والعراق فان ختان النساء يعتبر شاذ وربما فى السعوديه ايضا لايوجد ختان,انا عن نفسى لااحبذ اطلاقا الختان للمراه والرجل لانها عاده قبيحه ولها اضرار جنسيه بالغه,شكرا لمقالك الرائع


7 - عادة بالية
سناء ( 2010 / 6 / 3 - 05:53 )
عمت صباحا أيتها الياسمينة.هالة التّقديس الّتي لفّت الدّين وتشريعاته على مدى اكثر من 14 قرنا ،هيّ الّتي حجبت عنّا رؤية الحقيقة .الدّين ما هوّ الاّ مجموعة من العادات العربيّة الصّحراويّة الّتي كانت سائدة في المنطقة انذاك وعوض أن يحاربها الّدين رسّخها باسم اللّه ليتمكّن محمّد من السّيطرة على أتباعه.هل اللّه لا يعرف الاّ العربيّة ؟هل اللّه لا يعلم الاّ عادات البدو؟هل اللّه يرضى بعبوديّة المراة؟هل اللّه الذي يسمح بنكاح مما اليمين اله عادل؟هل اللّه يرضي بامتهان كرامة المرأة؟وهل وهل...؟لو قرأ الانسان التّراث الإسلامي بشيء من التّجرّد،لأكتشف الحقيقة بنفسه .لكن المؤسف ان الكثير من النّساء تؤمنّ بالحجاب والنّقاب ولا تؤمن بتعدّد الزّوجات في حين انّ المصدر واحد وهو القرآن. العيب في المراة نفسها عندما تؤمن بقدراتها وقيمتها،ساعتها لن تتأثّر بفتوى شيخ ولا بعادة بائدة.تحيّاتي وتقديري


8 - ولو شاء الله لجعل الناس امة واحدة
خالد احمد ( 2010 / 6 / 3 - 11:12 )
اولا اتنمي من الكاتبة رحابة الصدر فالكتابة في الحوار المتمدن حسب فهمي انها تعني النقد والتحليل وليس ادلجة المفاهيم ثم اتخاذها الة حرب في مواجهة الاخر فجملة ان المراة العربية قد ارتدت الحجاب قبل ان يعرفه الله نفسه هي من الجمل الايدلوجية التي تثير الاخر وينعدم هنا امكانية الحوار الجاد وكنت ارجو من الكاتبة ان تتوجه الى نقد الفكر كما يتم الان من قبل كل المفكرين الجادين الذين روا ان كل التفاسير القديمة هي انعكاس لمجتمعات وعادات ويجب ان يكون هنالك تفاسير حديثة تستوعب المتغيرات مثل محمد عابد الجابري والدكتور حسن الترابي في تفسيره التوحيدي ليست خلاصة ولكنها محاولات لمعرفة الرسالة القرانية او تقدم لنا الكاتبة فكرة اخرى عن الحياة والاله ام هي من المؤمنين بالصدفة رغم انعدام مفهوم الصدفة الذي كان سائدا في فترات سابقة في الفلسفة ولكنه انحسر ليس للايمانيات ولكن من خلال العلم فنظام الكون ونظام الحياة يمنعان كل عاقل من ان يدعي الصدفة على كل ذلك فيجب على الكاتبة قبل ان تهدم كل القيم ان تبدا ببناء قيم اخرى للانسانية يمكن ان تكون بديلا لها تجبر الاخرين على تقبلها لاتزانها مع المنطق والعقل قبل الايمان.


9 - مقالة جيدة عزيزتي
مكارم ابراهيم ( 2010 / 6 / 3 - 16:45 )

واتفق مع الاخ احمد بسمار على المراة تقع مهمة توعية اخواتها في تطور الوعي لديها لنبذ العادات والتقاليد التي تعود الى الاف السنين ونحن ابناء اليوم علينا ايجاد الوسائل المتلائمة مع الحياة العصرية
احترامي وتقديري


10 - عقول فاعلة وليست مفعول بها
العقل زينة ( 2010 / 6 / 4 - 17:58 )
تعليق سناء 7 ينم عن عقل فاعل شكرا لكما

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال