الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل اتفقت الاديان على اله بعينه ؟

لؤي الخليفة

2010 / 6 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لو حاول المرء الغوص بعيدا في التاريخ , لوجد ان الانسان لم يكن يختلف في البدء عن اي حيوان , حيث اشتركا في السلوك والعيش والحصول على الاكل , بل كان جل اهتمامه هو سد جوعه واشباع غرائزه , ولم يكن ثمة عرف او قانون يحدده في السكن او الزواج او غيرهما ... كما انه لم يعد يعرف بعد شيئا عن الحزن والفرح , لا عليكم بقصة هابيل وقابيل وقبلها قصة ادم الذي ابعد عن الجنة فما هذه سوى قصص وحكايا كانت ومازالت تروى ...
لا شك ان الانسان مميز عن غيره من الحيوانات بسعة عقله وادراكه , فبعد ان بدأ ذلك الانسان الموغل في القدم , يتفحص الاشياء من حوله وصار يفكر بها ويسعى الى فهمها واستيعاب دلالاتها ولو بشكل مبسط , خاصة لتلك الظواهر المحيطة به , صار ومع كل يوم جديد يعيها شيئا فشيئا ويحاول سبر اغوار الاخريات ... لا اريد ان اطيل في شواهد التاريخ هذه فهي معروفة من الجميع , غير ان ما اريد قوله , ان هؤلاء الناس وبعد ما بدأت بعضا من الامور تتكشف امامهم وخاصة تلك التي هي على مساس مباشر بالطبيعة التي كانوا على تعامل متواصل معها , بدأو بعادات تحولت فيما بعد الى تقاليد , ومنها على سبيل المثال , ان كل واحد منهم او لنقل اغلبيتهم صار يعتز بشيء ويكن له الاحترام , كأن تكون شجرة او ثمرا او حجارة ... وشيئا فشيئا بدأو بتقديس تلك الاشياء لتصبح فيما بعد اشبه باله ( رب ) الوقت الحاضر ... ولا ننسى ان نذكر هنا ان ثمة من اتخذ من الشمس الاها وكذلك القمر , كما كان هناك اله للحب واخر للخصب وغيره للموت ... على فكرة ان اله الموت هذا تحول فيما بعد الى عزرائيل ... وثمة من بنى تماثيل واصنام ليعبدوها ويتوددوا اليها ... لتأتي بعدها الاديان التي تنتقل من جيل الى جيل , وكثيرا ما كان يحذف او يضاف الى تلك المعتقدات وحسب الظرف والمكان ... فالبوذيون , على سبيل المثال , كانت ولما تزل الهتهم اصناما ضخمة , وكذلك كان حال قريش قبل مجيء الاسلام .
ما اريد ان اسلط الضوء عليه , هو ان الاديان الثلاث المعترف بها لم تتفق على اله واحد بعينه ... ونجد الكثير من المفارقات والاختلافات بين رب واخر , فلو اخذنا الديانة اليهودية , باعتبارها اقدمها حسب التسلسل الزمني , نرى ان التوراة يحكي عن الكثير من الرسل ممن كانوا يقضون الساعات الطوال مع الرب وبعضهم كان يصطحبه في نزهة او مشوار ويتسامرون سوية ... في حين ان موسى وهو نبيهم المعتمد , حين اراد ان يكلم الرب ويراه لم يستطع ذلك , بل ان الرب امره ان يصعد جبلا في سيناء وينظر الى شجرة اكلتها النار , ترى لم لم يقدر موسى ان يرى ما شاهده غيره من الرسل ؟ ... وهنا لابد لي ان اشير الى عدم وجود اي تصور لدي عن الكيفية التي استلم موسى الوصايا العشر من الرب ... اكانت بلقاء مباشر بين الاثنين ام بواسطة طرف اخر ؟ ... ان اله موسى كان الاها مبهما غير واضح المعالم , وكان همه الاول والاخير ان يوفر الثوم والبصل له ولاتباعه .
اما في الديانة المسيحية , فالمشهد اكثر قتامة , وسيكون من الصعوبة جدا ان تميز بين الرب وابنه , الذي هو الرب نفسه , حسبما تذكر كتب الاناجيل , ونجد الرب الابن يتمتع بقدرات هائلة وخارقة , فتارة يمشي فوق الماء واخرى يحيي الموتى ويعيد البصر للاعمى ويطبب المرضى المصابين بالجذام ... ومرة اخرى نراه انسانا بسيطا يعيش كغيره في المدينة التي ولد وترعرع فيها ... وهنا لابد ان اشير الى اني التقيت كثيرا من المسيحيين وان بعضا منهم كان يشعر بالحرج حينما تسأله عن كيفية تمكن المسيح ( الرب ) من ان يجعل من كسرة خبز اكثر من خمسمائة رغيفا اشبعت الجميع وما تبقى حمله البعض الى بيوتهم .
ثم ينهي هذا الرب حياته بطريقة تراجيدية , ليعود بعد يومين او ثلاث ليظهر من جديد وقد كانت تلك المرة الاولى والاخيرة لظهوره حسبما اعتقد ... ولكن وعلى كل حال فأن اله المسيحيين هو وديع مسالم لايحب سفك الدماء ومتسامح ... من ضربك على خدك الايمن فدر له خدك الايسر .
نأتي اخيرا الى الرب الذي اعتمدته الديانة الاسلامية , فهو جبار عزيز مقتدر متكبر , متمرد على الدوام لا ينسى ابدا الاساءة , فثمة من يكتب خطاياك وحسناتك لتحملها ذات يوم في شمالك او يمينك , ولن يعفو عنك الا بعد ان تخر له ساجدا ذليلا ومعلنا التوبة امام الملأ , ومن منا يقرأ القرأن سيجد ان ثلثيه تهديد ووعيد بالنار وسوء المعاملة , مع قليل من الكلمات التي تطيب الخاطر مثل انه غفور رحيم , انه رؤوف بالعباد ... كما انه ( الرب ) جعل من البصر والسمع والانعام ... منة علينا يريد مقابلها ان نخر على الدوام ساجدين له , واني ارى ان ربا بالمواصفات التي ذكرها القرأن ليس بحاجة الى من يركع له او يتوود اليه فهو اكبر من هذه الزلفى التي يقوم بها البعض لمصالح شخصية الا وهي الحصول على الجنة , ولو لم يكن هذا الشرط القاسي موجودا فلا اعتقد ان ثمة من كان يؤدي الفرائض والعبادات . على كل , ان اله الاسلام ليس سهلا بل غاية في الصعوبة وله العديد من الجزارين الذين ينفذون الاوامر دون ان ترمش لهم عين ... وهنا يردني ما كنت قرأت ذات مرة عن الشاعر العبقري عمر الخيام وهو يخاطب الرب ... ما يرد ليس نصا بل ما معناه ... اين كرمك عندما تدخلني الجنة وقد كنت قد اديت لك كل الفرائض التي طلبتها مني , انا هنا دخلت الجنة بذراعي وسعيي , ولكن عندما اكون زنديقا وغير مؤدي للفرائض وعاصيا لاوامرك وتدخلني الجنة حينها ستكون كريما حقا .
واخيرا ... ترى اي من هؤلاء اختار ليكون الاها وربا لي ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فتحت الباب على مصراعيه
سناء المؤمن ( 2010 / 6 / 2 - 23:27 )
كثيرا ما كنت افكر بأمر الرب , غير ان السيد لؤي الخليفة تمكن وبكل جرأة ان يفرز هذه الخلافات التي استطيع ان اقول عنها انها واضحة كسطوع الشمس الا انها كانت في ذات الوقت غائبة عن اذهاننا , حقا نحن بحاجة الى دراسات موسعة لهذه الظاهرة التي فتح الكاتب عن ابوابها , وادعوا بتواضع جميع المهتمين بتنوير الاجيال القادمة وامدادهم بالحقائق وابعادهم عن الخرافات , ادعوهم الى ان يدلوا بدلوهم لدحض كل خرافة , وكفانا انكفائا والتستر خلف الجدران , تحية للكاتب واشد على يديه ومرحى لقلمه المبدع


2 - وماذا يعيب السيد المسيح بهذا !!!
Zagal ( 2010 / 6 / 3 - 04:02 )
الكاتب يقول -وهنا لابد ان اشير الى اني التقيت كثيرا من المسيحيين وان بعضا منهم كان يشعر بالحرج حينما تسأله عن كيفية تمكن المسيح ( الرب ) من ان يجعل من كسرة خبز اكثر من خمسمائة رغيفا اشبعت الجميع وما تبقى حمله البعض الى بيوتهم . -

بصراحه لا ارى ان عندما يعمل السيد المسيح المعجزات فهذا يدعوا الى الحرج بل الى الفخر ..... وماذا يعيب السيد المسيح بهذا !!!

اذا كان عقل القارئ مبرمج على عدم تقبل اعمال السيد المسيح وتصديقها على الرغم من حدوثها ووجد شهود لها .. فلا داعى ان يبحث فى المسيحيه بأكملها .... لانها هاتبقى صعبه عليه جدا .... ويخليه يصدق المواضيع الجنسيه المستقبليه مع الحوريات فى جنة الاسلام كما وعدهم بها الاسلام


3 - for no. 2
nazek ( 2010 / 6 / 3 - 08:37 )
ارى انك متحامل على طرف دون مبر ر . فالكاتب لميقل الكل بل بعضا من من التقى بهم ثم هل تصدق ما نقله الشهود عن نبيكم او ربكم المزعوم . هذا السوبر مان .ثم الا يشعر بالخجل من يروج لمثل هذه الخزعبلات . واقول لك ولغيرك ان صاحبكم كان اشبه ما يكون بافلام الخيال العلمي في ايامنا هذه


4 - اكتبي ثم اكتبي ثم اكتبي
محمد البدري ( 2010 / 6 / 3 - 11:22 )
كم السعادة في قراة مقالك لا يسعني وصفها. اشكرك وتحياتي لقلمك ونزاهة فكرك. ولن اقبل الا مزيدا من الكتابة فلا تخذلينا. لان الكتابة إصلاح لما افسده زمن الاديان


5 - الانبياء خلقو الله على شاكلتهم
AL ( 2010 / 6 / 3 - 15:48 )
تعليق على المقطع - ونجد الرب الابن يتمتع بقدرات هائلة وخارقة , فتارة يمشي فوق الماء واخرى يحيي الموتى- لو كان فعلآ احيا الموتى لما ذا لم يؤمن به اليهود والرومان, ما مصلحتهم بهذا الانكار. طالما هو حي الان لماذا لايحي لنا ام كلثوم, عبد الحليم حافظ وعبد الوهاب حتى يتحول العرب الى المسيحيه وينالو الحياة الابديه ويستعيدو المسيحيين حقوقهم. المعجزات كتبت بعد موت صاحب المعجزه والشهود. الانبياء خلقو الله على شاكلتهم فاله اليهود قاسي واله المسيحيين مسامح واله الاسلام جنسي. يلتقون بنقطه واحده وهي مستوى تفكيرهم بدائي


6 - تحياتي
ناهد ( 2010 / 6 / 3 - 21:53 )
تحياتي لك الكاتب القدير قد حللت موضوع الاله بشكل بسيط وواضح ، بالطبع انصح بإعمال العقل وهو يحدد اي الاله يختار ، أُفضَل اله السلم في ظل الحروب واله الحب في زمن الاستغلال واله العطاء في زمن المادة ، كل تلك القيم وأكثرإن كانت اله ذاتي وبوصلة الانسان فسيصبح الكون اجمل وارقى
لك كل الشكر
سلام


7 - وهل عرفت هذه الاديان الله؟
خيري يوسف ( 2010 / 6 / 4 - 09:41 )
اعتقد ان السبب وراء كثرة الالهة في الزمن القديم هو اما الانبهار كما في حالة الشمس والقمر واولادهم, او الخوف كما في حالة الرعد والبرق, او الولع او الحنين الى الملجا(الرحم) كما في حالة الالهة الام والهة الحب والجمال, او طلب الحماية كما في الهة القوة كما الثور والنسر والاسد...الخ. هذه كلها جمعتها اليهودية في اله واحد ومنها اخذت المسيحية والاسلام, وهذا الاله الواحد لايعطينا شيئا في الارض ولكن فقط وعد بالجنة وصفها اصحابها كل حسب حاجته. هذه كانت قبل الاكتشافات وحقوق الانسان, اما الان فهل الانسان بحاجة لله بعد ان عرف سر الشمس والبرق والملجا وعرف قوانين الحماية
فهل نحن بحاجة الى اله هذه الديانات؟

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا