الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة مدنية علمانية ؟ أم دولة مدنية ذات مرجعية دينية ؟

محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ

(Mohamed Wagdy)

2010 / 6 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في جلسة ٍ من الجلسات دار نقاش حول الفرق بين الدولة المدنية العلمانية والدولة المدنية ذات المرجعية الدينية ، وكان البحث يدور حول هل النظام الدستوري الحالي أفضل الحلول للشعب المصري بكل فئاته ؟ .. أم هناك تعديلات يجب اتخاذها للوصول لما يناسب الجميع ؟

ما هو مفهوم الدولة المدنية العلمانية ؟

بأبسط الصور كان التعريف المتفق عليه هو " فصل الدين عن الدولة في شئون الحكم ، وأن يبنى الدستور على قوانين وضعية " .

ما هو مفهوم الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية ؟

تعني " الرجوع إلى الدين بشكل ٍ أساسي لنستمد من القوانين ، ولا مانع من أن يكون هناك بعض القوانين المدنية أيضا ً " .

* إن الناظر بعين الإنصاف لا يرى النظام الثاني " الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية " نظاماً سائغاً ومقبولاً في الدول المتعددة الديانات . فلا بد عندما تريد رجحان الكفة في تشريع أو قانون أنك ستختار جانبا ً عن جانب " وفي الغالب يتم اختيار جانب الأكثرية كما يحدث في مصر " .. وتتحول الصورة إلى نظام ٍ ممسوخ شائه فلا هو مدني ولا هو ديني .. بل ربما تتحول القوانين بعد فترة من الزمن ونتيجة للتفسيرات الدينية إلى قوانين دينية بحتة .

* ويتحول نظام الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية لخطر جسيم يهدد الحياة المدنية .. فالمرجعية في تلك القوانين يكون دائما ً لأصحاب الأكثرية في الديانة ، ويتم تهميش الأقليات دائما ً - لاسيما إذا حدث خلاف نحو حق ٍ من الحقوق ومطالبة من المطالب ؛ فإن النيران سوف يتم فتحها تلقائيا ً على الأصوات المطالبة بالمساواة وتضييع الحقوق في دولة ٍ مرجعيتها أصولية دينية ، فيصبح الحق في تولي الحكم قائما ً على حسب رضا النص التشريعي أو رفضه لهذا الشأن ، ويضيع أي حق في تغيير العقيدة مثلما هو حادث في حالات :

1- المتنصرين : -

وهم من تحولوا من الإسلام إلى المسيحية .. وقد تفجرت قضيتهم عدة مرات . مرة في عام 1996 عندما نشرت جريدة الشعب المحظورة عام 1996 مقالا ً في صفحتها الأخيرة بعنوان " محمد أصبح ميشيل " في يوم 10-5-1996 على لسان الدكتور محمد عباس .. وتم تقديم من كُتِب عنه المقال إلى القضاء وتوجيه تهمة ازدراء بالإسلام وترويج أفكار متطرفة .
ومرة أخرى عندما قام " محمد حجازي " ( بيشوي ) الذي قام بطلب تغيير أوراقه الثبوتية وتبعه المتنصر " ماهر الجوهري " وتم رفض كلا القضيتين في انحياز كامل للتفسير الإسلامي والمرجعية الدينية في تحرير وتفصيل قوانين الدولة التي من المفترض أنها مدنية !!!! .

2- البهائيين :

قصة الرسام بيكار أشهر من أن يعاد سردها ، وقضايا البهائيين وطلبهم في حق اختيار الديانة وتغييرها في البطاقة الشخصية .. أو الحق في إعادة المحفل البهائي الذي كان موجودا ً في مصر بصورة شرعية سابقا ً قبل عام 1960 حينما صدر قرار رئيس الجمهورية بحله .. بل ومصادرة ممتلكات البهائيين العامة .

3- الشيعة :

وحتى تلك الأقلية التي هي من خلفية إسلامية وتعتبر مذهبا ً من المذاهب الإسلامية ما زالت تحارب وتواجه حالة عجيبة من عدم الاعتراف بإسلاميتها ورفض وجود كيان فعلي يرعى حقوقهم أو مسجد خاص بهم أو حوزات دراسية أو وجود مرجع ديني أو وكيل مرجع يرعى شئون تلك الطاشئفة .

******

ختاما ً
إن اختيار المرجعية الدينية لدولة مدنية يبث بذور الفرقة والاختلاف بين أبناء الوطن الواحد ، ولذا نعود لنفس النقطة التي نطالب بها في كل مقالاتنا والتي نطلب أن يجتمع عليها كل الحقوقيين والمهتمين بحقوق الإنسان :

عدلوا الدستور لتصبح دولتنا دولة مدنية على أساس من القوانين الوضعية ليتساوى الجميع في الحقوق ولتنتهي الفرقة والعصبية بين المسلم والمسيحي والمتنصر والبهائي والشيعي .

محمد وجدي
3/6/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدولة المدنية والسمك المخلى1
زين العابدين ( 2010 / 6 / 4 - 01:52 )
كثيرا مااستوقفتنى عبارة (السمك المخلى) وأثارت داخلى فضول معرفة المعنى فلست من طبقة المكثرين من أكل السمك -لأسباب اقنصادية- ولست ممن يتناولونه فى تنوع ولست من رواد المطاعم الراقية.... إلى أن فهمت -بالفتاكة وبدون يقين- أنها تعنى السمك الخالى من العظم والداعون إلى الدولة المدنية كمن يدعون إلى أكل السمك المخلى وأنا فى قولى لا أحاول أن أنتقص من نبل مشاعر بعضهم أو خبثها لدى البعض الآخر
ولكنها دعوة تتجاهل حقائق الواقع ......لماذا؟
من المسلم به أن المجتمع عندما يكون حرا فى اختياراته فإن اختياره يقوم على معايير فكره الجمعى والذى يمثله محصلة الأفكار التى يشترك فيها أفراد هذا المجتمع ولايستقيم القول بأن يكون الفكر الجمعى لمجتمع بمنأى عن الفكر الفردى فيه، فإذا كان أفراد هذا المجتمع مسلمين فمن قبيل المجافاة للواقع أن يؤمن المسلم على المستوى الشخصى بأن كتابا من الله قد أمره بقطع يد السارق ثم تدعوه على مستوى الفكر الجمعى أن يؤمن بأنه لايصح قطع يد السارق بل يكفى سجنه لأنك تدعوه أن يعيش تناقضا فكريا لا يستطيع الإنسان-أى إنسان- أن يتعايش معه وليس أمامه إلا أن يتخلى عن دينه أو يتخلى عن مجتمعه


2 - الدولة المدنية والسمك المخلى2
زين العابدين ( 2010 / 6 / 4 - 02:48 )
وعندما يكون المسلمون أغلبية فى مجتمع ما فإنهم يمتلكون الحق -بمعايير الفكر الديموقراطى- فى اختيار القانون الذى يخضع له المجتمع بصرف النظر عن مرجعية هذا القانون لأنه حق أغلبية
ولكن الأمر يواجه معضلات فكرية عديدة تلزم الفكر الإسلامى بالتخلص منها قبل أن يدعو إلى إسلامية الدولة
أولا : أن الدولة فى العصر الذى نعيش فيه تتأسس على (وطن) يتساوى فيه حق المسلم مع حق غير المسلم على المستوى الفردى ولايعنى وجود حق الأغلبية بأى حال ممارسة القهر مع الأقلية أو الانتقاص من حقوقها فليس ذلك من الإسلام فى شىء
ثانيا : لم يحدد القرآن أوالنبى -مصدر القانون فى الإسلام- نظاما للحكم إنما حدد مبادئ عامة يلتزم بها نظام الحكم يؤمها مبدأ(وأمرهم شورى بينهم) فليس هناك إلزام بنظام محدد وعليه فنظام الحكم هو أمر اختيارى ولكن كثيرا من المسلمين الآن ينحازون إلى أنظمة كانت إما مختارة بغيرهم فى الماضى (أنظمة اختيار الخلفاء الراشدين) أو مفروضة بقوة الغلبة العسكرية (الأمويين والعباسيين)وليس هذا أوذلك بنص من القرآن أو السنة
ثالثا : عدم الاتفاق بين المسلمين على مفاهيم محددات القانون الإسلامى ولا على حيثيات تطبيقه


3 - لصاحب السمك المخلي
محمد وجدي ( 2010 / 6 / 4 - 12:03 )
القصة تقوم بادئا ً ذي بدء يا صاحب السمك المخلي على القدرة في التساوي في الحقوق بين الأعراق المختلفة والديانات العديدة وهذا ما لم يحققه نظام الدولة الثيوقراطية عبر العصور ..

فحتى في عهد الخلفاء الراشدين لم تتحقق تلك الصورة التي تدعو لها فقد كانت
دولتهم دولة حروب ودماء

وما من منصف يستطيع القول بوجود تصور كامل حقيقي لفكرة الدولة الإسلامية التي تدعو إليها ويكون فيها انصافا ً للاقليات الدينية ويكون فيها حق تداول السلطة وحرية العبادة .

إن الدولة الثيوقراطية التي أظلت ربوع العالم العربي لما يزيد عن ألف عام فشلت في تقديم تصور حقيقي لمشاكل الفرق الإسلامية نفسها .. فالسيادة لمذهب على حساب مذهب والدعاية لفرقة على أنها الفرقة الناجية ولعل ما حدث وتعرفه في اضطهاد الفرق الاسلامية المخالفة خير شاهد على كلامي .

ختاما

تبقى تجربة الانظمة التي تدعي الاسلام في العصر الحالي دليلا ً على فشل تلك التجربة

ولو لديك شك ....

راجع افغانستان وما حدث فيها

اخر الافلام

.. عواطف الأسدي: رجال الدين مرتبطون بالنظام ويستفيدون منه


.. المسلمون في النرويج يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك




.. هل الأديان والأساطير موجودة في داخلنا قبل ظهورها في الواقع ؟


.. الأب الروحي لـAI جيفري هنتون يحذر: الذكاء الاصطناعي سيتغلب ع




.. استهداف المقاومة الإسلامية بمسيّرة موقع بياض بليدا التابع لل