الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشراكة في التنمية

حسين علي الحمداني

2010 / 6 / 5
المجتمع المدني


خلال السنوات الماضية أصبح للمجتمع المدني دورا هاما في التنمية. و يرجع ازدياد قوة المجتمع المدني إلى انتشار النظام الديمقراطي و العولمة. ذلك إلى جانب عدم قدرة الدولة وحدها على سد احتياجات المجتمع مما أسفر عن ظهور أهمية المجتمع المدني أو القطاع الثالث في المشاركة الفعلية في العملية التنموية. و قد أوضحت الإحصاءات زيادة عدد منظمات المجتمع المدني الدولية من 6.000 منظمة في عام 1990 إلي 26.000 منظمة في بداية الألفية الثالثة. و قد أصبح دور منظمات المجتمع المدني بارزاً في مساندتها للتنمية علي مستوي العالم. و قد اتضح ذلك من خلال إحصائية صدرت عن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD) موضحة أن مساهمات منظمات المجتمع المدني تتراوح ما بين 6-7 بلايين دولار سنوياً. كما أن تأثير المجتمع المدني في تشكيل السياسات العامة العالمية ظهر واضحا في الأونة الأخيرة من خلال حملات الدعوة الناجحة و التي تخص موضوعات متعددة منها حظر زرع الألغام الأرضية، و إلغاء الديون، و حماية البيئة وانشاء المشاريع الصحية ومعالجة الفقر . وقد استطاعت هذه الحملات أن تنمي الوعي عند الملايين في العالم و تستقطب تأييدهم و مساعداتهم العملية. و من الملاحظ أن هناك اختلاف أو لبس في فهم دور المنظمات غير الحكومية في التنمية و مصدر هذا اللبس هو تأييدها من تيارات فكرية وأيديولوجيا مختلفة. فالهيئات الدولية المؤيدة للخصخصة تنظر إليها كجزء من إستراتيجية تقلص البيروقراطيات الحكومية والارتقاء بدور القطاع الخاص، بينما يعتبرها آخرون و خاصة الحكومات وسيلة لزيادة طابع المشاركة والشفافية في عملية التنمية , بينما نجد إن العرب لا زالوا ينظرون لهذه المنظمات بريبة فعلى سبيل المثال، كان الاتجاه الأغلب لدى القوميين يميل لرفض المصطلح انطلاقاً من أن المجتمعات العربية اليوم في حاجة أكثر إلحاحاً إلى الدولة القومية منها إلى المجتمع المدني، خاصة في ظل عجز الدولة الراهنة عن القيام بدورها التنموي. أما الإسلاميون فلم يرفضوا المفهوم بقدر ما انتقدوا ما يحمله من إيحاءات غربية. فليس من الملائم تناول مفهوم معروف بمصدريته الغربية ومرجعيته في الفكر والخبرة الغربية في وسط له مرجعية أخرى، هي الفكر والممارسة الإسلامية. و لذلك اقترحوا مصطلحاً بديلا يتلاءم مع الخبرة الإسلامية، و هو المجتمع الأهلي أو مؤسسات الأمة. أما الاتجاه الغالب بين الليبراليين وذوي الاتجاهات اليسارية النقدية يميل نحو تبني المفهوم كما ورد في الصياغة الغربية، مع الإقرار بإمكانات تطويره ليتناسب مع الظروف الخاصة بالثقافة العربية. ورغم إن المجتمع المدني كان بارزا عند العرب قديما كما تؤكد ذلك كتابات ابن خلدون مثل كتاب " المقدمة" إلا أن المجتمع المدني كمصطلح مع مرور السنين قد اندثر كما اندثرت الكثير من المعاني المماثلة وبالتالي فان ظهوره في اوربا منتصف القرن18 وأحياء فكرته على يد غرامشي بعد الحرب العالمية الأولى أصبغ عليه الصفة الغربية والتي لا زالت ملازمة له حتى يومنا هذا , وفي العراق وبعد التغيير الكبير برزت منظمات المجتمع المدني للوجود خاصة وان المجتمع المدني ينشط في ظل الأجواء الديمقراطية وهذا التحول من الاستبداد إلى الديمقراطية يمنح منظمات المجتمع المدني فعالية أكثر لإسداء خدماتها للمجتمع بالشكل السليم والصحيح بعيدا عن بيروقراطية الدولة الإدارية , لو نظرنا إلى المسمى السائد لمعظم منظمات المجتمع المدني في العراق نجد أن معظمها إن لم يكن جميعها ينطوي تحت مسمى "جمعية" ولو تمعنا لوجدنا أن غالبيتها يحمل اسم "جمعية خيرية" وهذا دليل على أن معظم تلك الجمعيات كانت بدايتها من منطلق العمل الخيري او الإحسان والتي يتبناها البعض إما من القطاع الخاص أو من مجموعة من الأشخاص يسعون لتقديم العون والمساعدة لشريحة معينة من الناس في إطار مناطقهم، وبذلك انحصرت تلك الجمعيات في مناطق دون أخرى، كما طرأ على تكوين تلك الجمعيات نوعا من العشوائية من حيث النشأة وضعف الجانب التنموي وضعف القضايا المطلوبة للتنمية الشاملة وانحصر عملها في الجانب الخدمي أو الدعائي الموسمي المعتمد على المساعدات والمعونات التي يقدمها المانحين وعلى سبيل المثال نجد بعض هذه المنظمات تنشط في بداية كل عام دراسي وتقوم بتوزيع القرطاسية على عدد محدود من المدارس دون خطط مسبقة بل تتم العملية بشكل آني غير مدروس , خاصة وان جميع منظمات المجتمع المدني في العراق كانت تعمل بدون قانون تشريعي وإنما اعتمادا على أمر الحاكم المدني رقم 45 , وقد شهدنا في نهاية الدورة الانتخابية الماضية إقرار قانون منظمات المجتمع العراقي الذي يتيح المجال أمام هذه المنظمات للعمل وإصدار هذا القانون هو اعتراف دستوري بأهمية هذه المنظمات في كافة مجالات الحياة وفي مقدمتها بالتأكيد مجالات التنمية بمختلف اتجاهاتها سواء الاقتصادية أو البشرية أو الاجتماعية , وتدخل كشريك هام في عمليات البناء والتطوير وقد لمسنا ذلك بشكل واضح وجلي في قيام بعض هذه المنظمات بفتح صفوف محو الأمية للكبار في العديد من مناطق العراق بغية القضاء على الأمية فيما وجدنا منظمات أخرى تعمل في مجال التنمية والاهتمام بالطفولة والشباب وأخرى في الجانب الصحي , وما يمكن استنتاجه بعد هذه السنوات من عمر منظمات المجتمع المدني في العراق إنها لم تستطع بعد من أن تدرك دورها المهم في التنمية وما ينتظر أن تقدمه للمجتمع وربما لا يدرك القائمون على هذه المنظمات أهمية الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني وهذا متأتي من أسباب عديدة منها إن البناء الهيكلي لمعظم منظمات المجتمع المدني لا يرتبط بالأهداف التي تنشأ لأجلها تلك المنظمات، كما أن بعضها يفتقر إلى رسم الخطط والأهداف الواضحة والبعيدة المدى لاستمرار نشاطها وان اغلبها تنتظر الدعم لتعمل. وكذلك افتقار عمل تلك المنظمات إلى التعاون بينها وبين المؤسسات الحكومية والداعمة لها إذْ تقتصر الصلة على تقديم الدعم المادي فقط إن لم تكن بعض المؤسسات الحكومية ترفض التعامل معها وتنظر إليها بريبة وشك وهذا ما يجعل المجتمع يخسر خدمات هذه المنظمات , وخلاصة القول بان العراق يحتاج إلى دور اكبر لهذه المنظمات في إحداث نهضة تنموية كبيرة إذ إن الدولة ومؤسساتها الرسمية ليس بمقدورها لوحدها انجاز هذه الطفرة التي هي عبارة عن مجموعة كبيرة من الاحتياجات في بناء المدارس والمراكز الصحية ومشاريع الري ومن الضروري جدا تفعيل الشراكة ما بين الدولة والمجتمع المدني وهذا يتطلب بالتأكيد أن تعرف هذه المنظمات واجباتها اتجاه المجتمع وان تدرك مؤسسات الدولة الرسمية أهمية المنظمات في ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين


.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري




.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين


.. ألمانيا.. تشديد في سياسة الهجرة وإجراءات لتنفير المهاجرين!




.. ”قرار تاريخي“.. القضاء الفرنسي يصادق على مذكرة اعتقال بشار ا