الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أصبح الشر هو الطريق الوحيد للخير؟

شريف حافظ

2010 / 6 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قال أحد الفلاسفة قديماً، إن "كل شئ يكبر مع الزمن، إلا الألم، فانه يقل مع الوقت". إن الشر من ضمن تلك الأشياء التي تكبر مع الزمن، بعكس الألم. إلا أن عدم التألم مع نمو الشر، يدل على تعمقه وترسخه في هذا المكان، الذي لا يشعر فيه الناس به، ليصير أمر عادي. فالشر يمكن تعريف بكونه ألم الخير! ولا يخفى على أحد، أننا نحيا في زمن رديئ، وقد قال الشاعر، "نعيب زماننا و العيب فينا و ما لزماننا عيب سوانا و نهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا"، وهو الأصدق في التعبير مني وأنا هنا أعيب الزمان!
فالعيب فينا! فمنا، جاء المسئولين فكانوا مثلنا، كما يقول الحديث:"كما كنتم ولي عليكم"، ولن يأتي منا ملائكة تحكم ونحن الشياطين! لقد حدث إنقلاب "يوليو 1952"، فألبسناه أثواب أخرى، وأسماه الناس ثورة، رغم أنه لم يكن كذلك، حتى أن الضباط الأحرار أنفسهم، أطلقوا عليه في بيانهم الأول، "حركة"! وجاءت الحركة، فألغت الأحزاب السياسية في 17 يناير 1953، وأصبح العسكر هم الخصم والحكم! وأصبحت أيديهم تتحكم باشارة واحدة، في مصائرنا، لأن "أهل الثقة، أصبح لهم اليد العليا، فوق أهل الخبرة"! وكانت هزيمة يونيو 1967، أبلغ تعبير عن تلك القاعدة "اللولبية" المعكوسة، حتى أنني أرى مقولة غاندي، بأن الشر هو "الخير أو الحقيقة، في غير مكانهما"، دالة في هذه الدراما، التي تخطت الدراما الأغريقية!
كيف يسمح أهل الثقة، بأن يترقى عبر السلم الوظيفي، شخص، أفضل منهم فتظهر عيوبهم؟ كيف يمكنهم أن يجعلوا شخص "نظيف" يصعد هذا السلم، كي ينافسهم! يجب أن يوصم ببقعة كبيرة سوداء، حتى يصبح شئ يذكر، وحتى لا يكشف أخطاء غيره! أليس ضميره متسخ؟ كيف إذا يمكنه أن يشير إلى الفساد ويدينه، وهو فاسد؟ وبالتالي، كانت القدوة: لن تصبح شئ مهم، طالما أنت إنسان نظيف! أصبح العادي، هو أن نكون فاسدين، منحرفين، فاسقين... وأصبحنا نتميز باللدادة في الخصومة، بحيث يمسك أحدنا للآخر بملفات، فان "أفاق" شخص، من غفلتنا جميعاً، خرج عليه البعض، ببعضٍ من فضائحه، الأخلاقية أو الجنسية أو الوظيفية! فلقد أضحى كثير منا يكره "المشي العدل" وبالتالي، لم يحتار فيه أعداءه، الفاسدين أيضاً!!
لا أقول أن المجتمع كله سئ، والعياذ بالله، ولكني أقول أن الكثير منه، الممثلين للقدوة بالأساس، كذلك! وهو حكم مبني على ما يسود بيننا من سلوكيات، وحتى من أمثال، أصبح لها اليد العليا. حتى أن هناك مميزات، كنا نتمتع بها، أصبحنا نخاف من أن نؤديها، حتى لا ندفع ثمن الخير شر! لقد أصبح الكثير من الناس يخافون مثلاً، من إنقاذ شخص تصدمه سيارة طائشة وهاربة في ظلمات الليل، لأن ما سيعقب ذلك هو السؤال، والإتهام ثم الإدانة، لأن العدل في نومٍ عميق! أصبح الناس يبعدون عن من يتعرض عند السؤال عن حقه للوم والتوبيخ، ويقولون: "هو جاب الكلام لنفسه"! لم يعد الفساد و"الطرمخة" عليه، من صفات المسئول الذي يريد الحفاظ على كرسيه، ولكنها أصبحت فيروس، أُصابنا الأغلبية!
والغريب، أن بعض الشر، يحدث بأسم الدين أيضاً! فالقضاء على السؤال والإستفسار والحرية في التعبير، يحدثوا جميعاً باسم الفضيلة، وكأن الفضيلة تساهم في القمع، مع الحاكم! ولكن، تلك ليست فضيلة، وقد قرأنا حول يوم تراشق فيه فلاسفة مسلمين على سبيل المثال، بحجم أبن رشد وأبو حامد الغزالي، ووصل معهما الناس إلى عمق المعاني في الحياة!
إن ما نحياه، ملخصه فيما قاله "علي أدهم" نقلاً عن فلسفة العدميين في كتاب الجمعيات السرية، بأن "أظلم الأوقات في تاريخ الأمم هي الأوقات التي يؤمن فيها الإنسان أن الشر هو الطريق الوحيد للخير" وعلينا أن نزرع الخير في قلوبنا، وأن نصلح من أنقسنا، قبل أن نصلح من غيرنا! وأن نتصف بالتسامح في الخير، وبالحكمة في القضاء على الشر، وألا ننهر ونزجر، ولكن نحتضن المخطئ ونريه الطريق، كي نخلق القدوة ونقضي على آلامنا ونرى النور في آخر النفق، دون نسيان أهمية الثواب والعقاب من أجل سيادة الحق والعدل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - والله اصبت
محمود سامى قنيبر ( 2010 / 6 / 7 - 02:16 )
هذا يستلزم منا اخى الفاضل ان نفكر فى ثقافتنا المكونه لنا بدون خوف او يأس

اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل