الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوارق

ماريو أنور

2010 / 6 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أن الخوارق , فى حال حدوثها , لا تتعارض حكماً مع طبيعة المادة ومع نواميسها , هو ما كشفته الفيزياء الحديثة – خلافاً لفيزياء القرن الماضى – عن الدور لكبير الذى يعود إلى الصدفة فى سلوك المادة . وهو كان قد تراءى للعالم العبقرى أنستاين و لم يسعه الرضوخ له كون ذلك كان يقلب كل مفاهيمه راساً على عقب ( من هنا كلمته الشهيرة : (( لن أصدق أبداً أن الله يلعب مع العالم بزهر النرد )) ) . إلا أن (( ميكانيك الكمات )) , وهو أحد الفروع المتقدمة للفيزياء النووية الحديثة , قد أثبت حقيقته , غذ بين أن جزيئات المادة لا يمكن توقع سلوكها الإفرادى بشكل اكيد . بل إن كل ما يمكن توقعه على هذه الصورة هو معدل سلوكها إذا ما انتظمت فى جماعات ( مثلاً : فى جمهور من ذرات الكربون 14 , لا يمكن بحال من الأحوال تحديد الوقت الذى سوف تتفكك فيه هذه الذرة أو تلك , إنما ما يمكن الجزم به هو معدل عدد ذرات هذا الجمهور التى سوف تتفكك فى غضون سنة واحدة أو مائة سنة أو عشرة آلاف سنة . أما هذه الذرة أو تلك فبالصدفة قد تتفكك أو قد لا تتفكك .
على الصعيد المجهرى , لم تعد الحتمية تالياً تنطبق على حالة بالذات , بل على معدل من الحالات . لقد تحولت إذا ً إلى مجرد حتمية إحصائية , ما يشير إلى أن التنبؤ بما سوف يحصل من ظواهر الطبيعة لابد و أن يأخذ بعين الاعتبار دور الصدفة هذا وما يخلفه من إبهام ( أبرزه ميكانيك الكمات و قد يتحول بموجبه ما هو مبدئياً بعيد الاحتمال من الوجهة الإحصائية الى حاصل فعلاً إذا ما توفرت الظروف الملائمة لذلك .
ولنضرب على ذلك مثلاً يقدمه العالم Trinh Xuan Thuan يقول إن طاقة الفرن الشمسى – التى لا حياة على الأرض بدونها – تتولد من التقاء بروتونات الهيدروجين الذى تتألف منه الشمس و انصهارها بعضها ببعض . ولكن هذا الالتقاء يخالف ناموساً طبيعياً راسخاً ( الناموس الكهرومغناطيسى ) يقضى بـأن تتنافر البروتونات بدل أن تتلاقى , كونها مشحونة بكهرباء موجبة متماثلة . فكيف يحصل اللقاء اذاً و الانصهار ؟ ذلك أن الناموس الذى نحن يصدده , و إن انطبق بشكل حتمى على معدل البروتونات ( أى إنه ناموس إحصائى كما أشرنا ) لا ينطبق حكماً عليها كأفراد . هناك غذاً احتمال وارد ابداً لكى يتفلت منه عدد البروتونات . صحيح أن هذا الاحتمال ضئيل نسبياً من الناحية الإحصائية , ولكن هذا الاحتمال , الضئيل بحد ذاته , يتكرر باستمرار بفعل العدد الهائل من البروتونات التى تتكون منها الشمس ( وهو 10 من 57 , اى رقم (( واحد )) يليه 57 صفراً ) . هكذا , وبفعل هذه الصدفة , البعيدة الاحتمال , إنما المتكررة أبداً , يستمر اشتعال الفرن الشمسى , خلافاً للتوقعات , ونستمر نحن تالياً فى الوجود !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -