الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألا ليت اللحى كانت حشيشا لنطعمها .... !! *

لؤي الخليفة

2010 / 6 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أذكر حينها , ان لحيتي بدأت بالظهورللتو , وقد راق لي ان اتركها تسترسل كما يحلو لها ... لم يكن ثمة دافع او سوء نية يقف وراء هذا التصرف , سوى كونه واحدة من نزوات الشباب او بالاحرى المراهقة ... وبعد حين صارت لحيتي ظاهرة للعيان واكتنزت المزيد من الشعر , ولم يمضي سوى اشهر قليلة حتى فوجئت ذات يوم بمجموعة من رجال الشرطة تداهم منزلناوتقتادني الى مركز الشرطة , وهناك استدعاني مفوض المركز وكان حينها هو المسؤول الاول , باعتباره صاحب الرتبة العسكرية الاعلى , تطلع الي , تفحص وجهي لحين من الوقت وامسك ببعض من شعرات لحيتي بقوة , مستفسرا عن الاسباب التي جعلتني اطلقها , فاجئني حقا بسؤاله , بل ذهلت للوهلة الاولى وظللت محتارا في اختيار الاجابة , ففضلت ان ابقى صامتا , وكرر السؤال ثانية وثالثة , غير ان ذاكرتي الغضة لم تسعفني في الرد ... ولم يمضي وقت طويل حتى انقلب ذلك الانسان الذي كان يتظاهر بالوداعة الى وحش كاسر يريد افتراسي ...راح يهدد ويتوعد ويصرخ عاليا ويزبد ... ظللت صامتا اترقب لحظة الهجوم الذي لو حدث سيكون حتما ضاريا بالنسبة لي قياسا لعمري وقلة حيلتي وتجربتي ... تناول (( الدونكي )) من على منضدته واقترب مني اكثر ووضعها فوق رأسي صارخا , سأحطم راسك هذا ان لم تجب ... نظرت حولي مستغيثا فلم اجد سوى وجوه كالحة لرجال الشرطة الذين كانوا يحيطون بباب الغرفة وهم متوثبين للهجوم ايضا , الامر الذي زادني خوفا ورعبا ... غير ان المفوض ما لبث ان صرخ مجددا ... هل صار كاسترو مثالا وقدوة لك ... كنت انذاك قد سمعت باسم كاسترو ورفيقه جيفارا باعتبارهما ثائرين ضد الجهل والظلم والاستعمار , ويتطلعان الى نظام اكثر عدلا يتساوى فيه الغني والفقير وان يكون للجميع ذات الحقوق والواجبات ... غير ان لحيتي تلك كانت بريئة من كاسترو او محمد او عيسى وغيرهم ...
اشرت الى هذه الحادثة لابين ان اللحى كانت انذاك من المظاهر غير المألوفة وغيرالمرغوب فيها , وكانت مقتصرة على مجموعة صغيرة من رجال الدين ممن اعتكف في مسجده جل وقته للعبادة والتنسك , اضافة الى بعض من كبار الفلاسفة والمفكرين والمثقفين ... ومن منا لايقف اجلالا امام لحى ماركس وانجلز وافلاطون وعلي بن ابي طالب وابو جهل .
ثمة مثل عندنا يقول , كل شيء زاد عن حده انقلب ضده , ولحى هذه الايام ينطبق بحقها هذا المثل , فهي لم تعد كما كانت ايام زمان ... ولكثرة من وضعها على وجوههم , امست تسيء الى الذوق العام , بل صارت دلالة على التخلف والتصدي لكل فكر نير ودعوة صريحة للعودة الى السنون الخوالي والذي يأبى البعض الا ان يقف عندها وعدم مغادرتها وتقليد من عاصرها بشكل مشوه ... متناسين ان كل مفردات الحياة تبدلت وصار العلم هو ما يعول عليه ولم يعد ثمة مجال للغيبيات والخرافات والتي عفى عليها الزمن , والادهى ان جل الناس المتحضرين وفي شتى انحاء المعمورة صار يرى الى حاملي هذه اللحى - مع الاسف - انهم اناس جهلة لا يفقهون شيئا , ارهابيون , ساديون لا يعرفون معنى للرحمة ويستلذون بمشاهد القتلى والدماء المراقة ومصادرة حياة من لا يوافقهم الرأي والعقيدة .
اضيف الى ذلك ان البعض منهم لم يكتف بكثافة لحيته ومغالاته في مظهره ولباسه بل راح يوشم جبينه كدلالة زائفة على ورعه وتقواه ... وحسبما اعتقد ان هؤلاء ماهم الا مجموعة بلداء وجهلة حتى في امور دينهم , وان عذرهم سيكون اقبح من ذنبهم , ذلك ان ربهم خاطبهم قائلا انا خلقنا الانسان في احسن تقويم , وهاهم يشوهون ما اراده الرب ان يكون حلوا وجميلا كما هو الرب نفسه الذي وصف بالجميل وحب الجمال .
انني لا املك الا ان ادعوا هؤلاء الى اعادة النظر في مظهرهم وان يتقوا الله حق تقاته , والا يسرفوا في المبالغة , بل وادعوهم ايضا الاقتداء بصاحبهم الذي بتر لحيته مرددا ان وجه الانسان اروع بدون تلك النفايات ... ودعوة مخلصة الى كافة القنوات الفضائية الى الامتناع عن اللقاء باي ملتح لا تؤشر لحيته على غزارة علمه وسعة ثقافته وسدادة رأيه وبعده عن التطرف ...
واخيرا اتمنى الا يعود ثانية مفوض الشرطة ذاك والذي جعلني اسابق قدمي الى اقرب صالون حلاقة لانزع لحيتي منذ ذلك اليوم وحتى يومنا هذا

---------------------------------------------------------------------------------------------------------

* عنوان الموضوع مقتبس من بيت شعر لااعرف قائله غير انه كان احد قادة الجيش الذي ارسله عمر بن الخطاب الى العراق وقد ضل طريقه ونفذت مؤونته فأرسل بعض جنوده الى اقرب منطقة لاسعافه , وصبيحة اليوم التالي شاهد من بعيد اناس قادمون نحوه فظنها المؤونة ولكن ما ان اقتربوا حتى وجدهم من اصحاب اللحى العظيمة وكانت لهم وجهة اخرى فأنشد قائلا ... الا ليت اللحى كانت حشيشا لنطعمها دواب المسلمينا ...
** الدونكي عصا غليظة مكورة الرأس ومربوطة من اسفلها بخيط سميك يوضع في معصم اليد بغية السيطرة عليها , لا يتجاوز طولها النصف متر , كان يستعملها رجال الشرطة ايام زمان للترهيب ... ومن هنا جائت تسمية الشرطة ب (( ابو الدونكي )) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
أبو عبدالله ( 2010 / 6 / 8 - 21:20 )
-ألا ليت اللحى كانت حشيشاً*** فنعلفها خيول المسلمينا
بيت الشعر للشاعرابن المفرّغ الحميري قاله
-- ، بعد أن استهواه منظر لحية عباد ابن زياد ابن أبيه التي نفشها الريح وهو بصحبته على ظهور الخيل مما أدى لغضب عباد وإيداع الشاعر في السجن


2 - انت قديم ياصديقي
محمد الرديني ( 2010 / 6 / 8 - 21:36 )
الدنيا في تطور مستمر يالؤي ، انت تعرف ذلك وتعرف ايضا ان - الدونكي- انتهى مفعوله منذ سنوات وحل محله -الدونكي الملتصق- الذي عادة مايكون موجودا بين فخذي اصحاب العمائم لاستعماله في كسر عين الشباب
شفت ؟؟ مو هذا افضل من الدونكي القديم


3 - شكرا لابي عبدالله والرديني
لؤي الخليفة ( 2010 / 6 / 8 - 22:07 )
اسعدتني يا ابا عبد الله لذكر اسم الشاعر والمناسبة التي قيل فيها بيت الشعر هذا لك تحياتي ...واقول للصديق محمد الرديني ... لقد كنت رائعا لتصويرك للدونكي الجديد غير اني لم ارى سوى ذلك الدونكي القديم ومعلومتك هذه حديثة سأحاول ان احتفظ بها ... وتقبل امنياتي الحلوة


4 - انها كومة نفايات ليس الا
منقذ العباسي ( 2010 / 6 / 8 - 22:23 )
لقد اصاب ذلك الذي قال عن لحيته ما هي الا نفايات , واضم صوتي الى الكاتب بضرورة التزام الفضائيات بعدم اللقاء مع اصحاب اللحى ان لم يكن ذا علم في مجال معين .مع تقديري


5 - تكوسج
حمورابي ( 2010 / 6 / 9 - 08:17 )
اخي لؤي ...هناك مثل اخر وهو...ما طالت لحية رجل الا تكوسج عقله .طبعا مع بعض الشواذ .تحياتي


6 - المراه المسكينه
ابو مهند المالكي ( 2010 / 6 / 10 - 09:42 )
مسكينه المراه المتزوجه من صاحب اللحيه فانا متاكد انه يقززها ويبززها لكنها تتحمل ضعف هل في رايكم تستطيع المراه ترفض ذلك بدون ان يقع لها مكروه ا


7 - الاخوان حمورابي وابو مهند المالكي
لؤي الخليفة ( 2010 / 6 / 10 - 16:49 )
شكرا لكما واقول للاخ حمورابي انني اشفق على البيت الذي فيه ملتح واحد او اكثر ولا شك سيكون بقية افراد العائلة في وضع لا يحسدون عليه . اما الاخ ابو مهند المالكي فحقا كان ببالي ان اكتب عن معاناة النساء ممن ابتلين بزوج ملتح ولكن سبقتني الى ذلك , وقد سبق السيف العذل , ولكما مني الامنيات الحلوة

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا