الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باب تكليف الشياطين وحفظ أعمالهم

رأفت عبد الحميد فهمي

2010 / 6 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذا باب لم يفنده الفقهاء ولم يصنفه منظري التأريخ وكتاب الملاحم والسير وتاريخ الأمم والملوك لأن الشيطان وفق المنظومة الدينية هو العدو اللدود لبني آدم منذ واقعة الطرد من الجنة وما تبعها من ارسال الرسل والأنبياء لإعادة الناس إلى جادة الصواب والبعد عن الشيطان بكل ما صورته الآيات من عصيان و جحود والقدرة على القيام بأعمال الوّس والنزغ والإضلال فإذا قتل موسى رجلاً من غير شيعته قال تعالى : "فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان " ( القصص – 15 ) . أي يرتكب الجريمة عيانأ جهاراً ثم ينسبها زوراً وبهتاناً إلى الشيطان . "فالشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء" (البقرة – 268 ) و "أن الشيطان لكما عدو مبين " ( الأعراف -22 ) و " كان الشيطان لربه كفورا "(الإسراء – 27 ) و" إن الشيطان كان للرحمن عصيا" ( مريم -44 ).لكنا نجد أن للشياطين (عملاً دون ذلك ) دون الإستطراد في القول ودون زيادة ايضاح للفكرة أو المعلومة المراد بيانها وتوصيلها إلى ذهن المتلقي سواء كان سامعاً أو قارئاً لكنك إذا لجاءت إلي التوقف عن البيان والتوضيح متوهماً أن المستمع يعرف الباقي قلت له : [ و أشياء أخرى على هذا المنوال] أو بالمصطلح القرآني " قلت له : دون ذلك كما جاء في قوله تعالى : " ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون " ( المؤمنون -63 ) و قوله : " ويغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنا لهم حافظين " ( الأنبياء -82 ) و قوله : " منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا ( الجن – 11 ) لكن المأزق هو أن اللجوء إلى تلك الألية مع قوم جهلاء أنها ستزيدهم ابهاماً وغموضاً وإلتباساً في خطاب يتوسم فيه الهداية والبيان و المفترض أنه يملك موسوعة العلم الآلهي فكيف يتم توظيف تلك الألية في كتاب هدفه البيان والتوضيح وعدم مغادرة الصغيرة ولا الكبيرة ؟
ومن غريب الأساطير ذلك التوهم في تسخير الله للشياطين خدمة لسليمان للعمل وفق إمرته للقيام بأعمال تخالف أعمال الوسوسة والنزغ والإلقاء في ما يتمنى الرسول فقد تم توكيل الشياطين وبأوامر صريحة من الله للقيام بأعمال الغوص في مياه البحار والأنهار لإستخراج اللؤلؤ والجواهر من البحر حيث نفهم أن قدرة الإنسان وقتئذ على الغوص في مياه البحر والإتيان باللؤلؤ كانت معدومة لذا سخّر الله الشياطين الذين يستطيعون القيام وحدهم بتلك المهام العسيرة والمضنية فقد أمرهم المولى عزّ وجلّ لتقديم يد العون والمساعدة لإستحضار المخبوءات النفيسة من أعماق البحار والغريب في تلك الراوية هو عدم منطقيتها للإدراك والحس المباشر لما تحمل من التناقض البواح حيث أن مفهوم الشيطان لدى الذهنية الدينية هو ذلك الكائن الجاحد العاصي لأوامر الله الملعون والمطرود من رحمة الله و المخلوق من مارج من نار كقوله : وخلق الجان من مارج من نار ( الرحمن – 15 ) و"أن إبليس كان من الجن " ( الكهف – 50 ) فكيف يغوص في الماء ويقب ثانية أي يخرج باللؤلؤ وهو بطبيعته النارية و ممسكاً بمكنونات الأصداف واللألئ كي يسلمها ليد الحاكم بأمره سليمان بن داود الملك الذي يعتلي عرشه والذي طلب ملكاً لا يكون لمثله أحد اً كقوله تعالى : "وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي " ( ص -35 ) وهمه الأكبر هو تجميع كنوز الأعماق فإذا أنجزوا مهام الغوص وجدنا أن هؤلاء الشياطين مكلفين و مطالبين بالقيام بأعمال أخري مجهولة مبهمة لم يفصح النص عنها أو استأثر الله بعلمها ولا نعرف لماذا كما يحيلنا النص إليها " ويعملون عملاً دون ذلك " وهو متروك لذهنية المتلقي الغارق في بلهنية المدهش والأسطوري واللامعقول لسد الثغرة بما تعّن لهم خيالاتهم المريضة بالهوس لتصديق الخرافة وإعادة انتاجها في الموروث المتهافت للأساطير .فلو سألنا ما هي تلك الأعمال التي [ دون ذلك ] قال المفسرون : عمل المحاريب والتماثيل أي اعمال النحت والتصوير . لكن الطامة الكبرى في قوله : " وكنا لهم حافظين " أي أن الله حافظ لأعمال الشياطين وهو حفظ من ماذا ؟ ولماذا ؟ قال المفسرون : حافظين لهم من أن يفسدوا أعمالهم أو يهيجوا أحداً من بني آدم في زمان سليمان وقيل : حافظين من أن يهربوا أو يمتنعوا أو حفظناهم من أن يخرجوا عن أمره ( تفسير القرطبي لسورة الأنبياء 6 / 4362 ) وهو ما يناقض في حفظ السماء كقوله تعالى : " وحفظناها من كل شيطان رجيم " ( الحجر -17 ) كما نسب للشياطين التلاوة "ما تتلوا على ملك سليمان وما كفر سليمان لكن الشياطين كفروا .. ( البقرة – 102 ) ومتى كان الشياطين مؤمنين ؟ ها هي قد تجلت المهام الجليلة التي قامت الشياطين بإسدائها للملك النبي سليمان وبحفظ من الولى عزّ و جلّ وهو من باب تكليف الشياطين وحفظ أعمالهم .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اساطير
حمورابي ( 2010 / 6 / 11 - 07:56 )
يا سيد رافت....هي كلها اساطير .وهل تتوقع من مثلها منطق؟


2 - التلفيق من اجل اهداف واضحة
محمد البدري ( 2010 / 6 / 11 - 11:46 )
الفاضل العزيز استاذ رافت، لقد تم توظيف كل الرموز الاسطورية التي وصلت الي بلاد الحجاز او نشات في هذه البلاد لتمرير سيناريو ديني تقديسي بهدف التسخير السياسي لصالح فريق وعلي حساب فريق آخر. ففريق الكهانة في بني عبد المطلب في قريش وعبر هذا التوظيف تمكن من هزيمة فريق الثروة والتجارة باستدعاء الفكر التوراتي وخلطه في كوكتيل مع اساطير واوثان قريش وجعل منها قصة تتفق والعقل البدوي الرعوي الممتد منذ بني اسرائيل رعاة الغنم الي ابناء قريش من رعاة الغنم ايضا. أما عن كيفية في كيفية التوظيف فتلك مسالة مركبة حيث تم النقل المباشر لها مرة ومرة اخري باعادة رسم صورتها علي اساس قدسية ومرة ثالثة بعكس ادوارها لتقوم بدور الشاهد او الكومبارس ومرات اخري تم خلق بعض الرموز لملئ الفجوات في هذا التلفيق التاريخي من اجل الحبكة الدرامية. في التلفيق الاسلامي يتم الخلط وتبديل الشخصيات واخفاء هذا واستحضار ذاك من الشخصيات الحقيقية او الملفقة بالخيال لزيادة الحبكة الدرامية لاكاذيب العرب وسعيهم لسلطة هي في الاساس سياسية بدون لف او دوران او ايمان او كفر. وهل كان الدين الا مبررا للوصول الي السلطة او الثروة؟؟؟ مع تحيه وتقدير


3 - للتلطيف فقط
فاهم إيدام ( 2010 / 6 / 13 - 17:22 )
إبليس أشرف من أبوكم آدم * فتنبّهوا يا معشر الاشرارِ
إبليس من نارٍ وآدم طينة * والطين لايسمو سموّ النارِ

البصير بشار ابن برد

تحياتي للكاتب

اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah