الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبيعة الإنسان العراقي -2-

جنبلاط الغرابي

2010 / 6 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




اذا اخذنا طبيعة الإنسان السومري كعنوان للإنطلاقة في تفكيك وتحليل الشخصية العراقية الحديثة,فسوف نجد جملة من المفترقات والملتقيات بين الطبيعتين.والقضية الأولى -اي المفترقات- تبدو اكثر هيمنة واتساع في مجال البحث المطابقي,ذلك بسبب التحولات في المؤثرات الخارجية التي جرت خلال الالاف السنين,بالإضافة الى دخول مجاميع من الدول المجاورة حاملة معها عاداتها وتقاليدها الخاصة.وقد ادى الإختلاط مع هذه المجاميع الى خلق تفاعل فكري اضاف بعض المفردات التي تبدو وكأنها بسيطة التأثير الى حد ما,بإستثناء الثقافة البدوية التي اتخذت لها منعزلاً نمطياً ومكانياً في عدة مناطق داخل العراق.ومن جهة الثقافة الإسلامية,فهي لم تطرح طبيعة جديدة وغريبة عن المجتمع العراقي من ناحية التوجه نحو الدين,كون المجتمع العراقي قد عُرف بالتدين منذ القدم,وميوله للعبادة تتجاوز ميوله الدنيوية,هذا الذي نراه جلياً في التراث السومري,كقولهم (سندك ليس ثروتك وانما الهك)(شد حزامك يكن الهك معك),وهناك العديد من الحوارات والأقوال والأمثال السومرية تشير الى التركيز على العبادة والعمل على ارضاء الآلهة,بالرغم من ان المجتمع السومري لا يؤمن بمفهوم الحساب اوالثواب والعقاب بعد الموت,وانما يحصر ايمانه بما يطلق عليه -العالم الأسفل-,وهذا العالم يعمه العذاب وعدم الراحة,ويمكن تلافي الوقوع في هذا القدر من خلال انجاب اكبر عدد من الأولاد وتربيتهم بطريقة صالحة.اما من ناحية الحث على طلب العلم الذي انتهجته الثقافة الإسلامية كمنطلق اساس,فقد تناسب هذا المفهوم بصورة موضوعية مع طبيعة المجتمع العراقي,ولهذا رأينا العراق في الأزمنة السابقة يمثل المصدر الأشهر في التشريع الديني,فضلاً عن احتضانه جملة من المناهج العقائدية والفلسفية المختلفة.وهذا الأخير لا يعطي انطباعاً حول مفهوم حرية الإعتقاد السائد انذاك,وانما يدل على الطبيعة النقدية والجدلية التي يتبعها الإنسان العراقي والتي ادت الى توسع دوائر الإختلاف وتنوع الإتجاهات الفكرية.من هنا كانت الأرضية -السيكولوجية- متمكنة ومنجذبة بصورة تلقائية الى تقبل المعارف والعلوم,ذلك بسبب الإستعداد المتوفر لديها والذي ظهر منذ الحقبة السومرية.وعليه تكون الطبيعة النقدية والجدلية سابقة لفترة حضور الثقافة الإسلامية في العراق وليست متأخرة عليها كما ذهب البعض..








الدين والحضارة..





تميزت ارض الرافدين بكثرة النبوءات الدينية تزامناً مع التطور الحضاري,وقد اشرنا في الحلقة الأولى الى ان هاتين القضيتين تمثلان اساس العمق الفكري والثقافي لدى المجتمع العراقي,والطبيعة النقدية كانت نتاجاً للتفاعل الذي حدث بينهما,بسبب ان كليهما يمثل دعوة نحو التنمية والتقدم,والتعامل مع القضايا وفق الأدلجة الشرعية والمناسبة.وهذا ما دعا الى ترسيخ النقد وادواته في ذهنية الفرد السومري للحفاظ والسيطرة على الطبيعة الفكرية الناجحة,خصوصاً ان النجاحات التي حققتها الحضارة السومرية في تذليل صعوبات الحياة وخدمة الإنسان كانت متميزة ورائعة قياساً مع المجتمعات الأخرى.من هنا اصبح النقد وسيلة نابعة عن القلق والخوف من فقدان المنجز الحضاري,وامتداداً للعقيدة الدينية التي تنطلق من مفهوم تصحيح الخطأ والإلتزام بالصحيح.ومع ان هناك بعداً زمنياً كبيراً بين المجتمع السومري والمجتمع العراقي المعاصر الا اننا مازلنا نجد النقد يمثل الصفة المشهورة التي تتميز بها الشخصية العراقية,والسبب الذي ادى الى هذا الأمر هو انفراد النقد بخصوصية خلق الدائرة التفاعلية التي تحتوي على اهم القضايا والمفاهيم الإجتماعية,من ثم يأتي دور الحركة المستمرة التي تخلق الضغوطات بين جميع الأطراف بنسب معينة.وهكذا اصبح النقد متقمصاً دور المحرك والمتحرك,لذا كانت صفة الإستمرارية والدوام احدى ميزاته الجوهرية-(لاحظ الصورة)-..



http://up5.up-images.com/up//uploads/images/images-3124f2e042.bmp



يمكننا القول بعد هذا التوضيح بأن النقد لم يعد يمارس مطلبه الأساس في تنقية وتصفية الشوائب الفكرية التي تغزو المجتمع العراقي بين الحين والآخر,وانما بدأ بالتطور والتوسع عبر السنين الطويلة ليصل الى مرحلة النقد اللامعرفي ويتجاوز الطابع العلمي,من ثم يتجه الى ممارسة شخصية تلعب دور الإنتقاص من الآخرين,وهذا ما نجده اليوم واضحاً في طبيعة الإنسان العراقي المعاصر.في حين ان الوجه الإيجابي للنقد ترك لنا قضية هامة وهي ما نطلق عليه -الذاكرة الإجتماعية-وتجسد هذه البنية الفكرية مجموع تراث واخلاقيات المجتمع الأصيلة التي يرجع اليها الفرد عند ظهور النزعات التثاقفية الغريبة او التي لا تتفق مع السائد والمشهور...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج