الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والدولة بين التواصل والتفاصل

خالد إبراهيم المحجوبي

2010 / 6 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن علاقة الدين بالدولة من أشكل، وأعقد المواضيع في الفكر السياسي ، والديني في وقت واحد. وقد اتخذت هذه الإشكالية مكانها في ساحة الجدل والخلاف الجدي في الساحة الإسلامية والعربية أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين ، وبخاصة في جدالات الامام محمد عبده مع فرح أنطون ، بعد صدور إشارات تنبيهية سابقة من طرف الطهطاوي ، وعبد الله النديم .
ثم سجا وسكن ضجيجها نسبياً حتى أثير منتصف العقد الثاني من القرن العشرين بكتاب ( الإسلام وأصول الحكم ) لعلي عبد الرازق . ثم بتمام الانقلاب على المملكة العثمانية- ما يسمى نظام الخلافة- من طرف أتاتورك. ثم جدد الجدال خالد محمد خالد سنة 1950 بكتابه (من هنا نبدأ( ، الذي تلاه رد الشيخ الغزالي بكتابه من هنا نعلم . وصولا إلى صدامات محمد عمارة مع فرج فودة .وما تلاها من ظهور أسماء أخرى على ساحة هذا الموضوع.
والملاحظ أن كل من كتب وتكلم في هذا الموضوع ، ينحو إلى إقرار، وتصور حالتين في سياق تحديد علاقة الدين بالدولة: حالة الفصل بينهما ، وحالة عدم الفصل بينهما. أما الحالة الأولى فهي الخاضعة لما يسمى بنظرية السيْفيْن: ( theory of two swords) ، والثانية عرفت بنظرية السيف الواحد(theory of one sword).: وأنا هنا أزيد حالة ثالثة ظهرت لي بعد التأمل في هذا الموضوع المعقد. هذه الحالة الثالثة أسميها حالة التواصل، أضعها إلى جانب هاتين الحالتين اللتين أسميهما : حالة التفاصل ، وحالة التداخل. وبهذا خلص بنا النظر إلى حالات ثلاث تخضع لها جدلية الدين والدولة،تلكم الحالات التي أصفها بالأسماء التالية :
1- حالة تداخل (حالة تداخل الدين والدولة) : وهي الحالة التي يتم فيها احتواء أحد الطرفين للآخر ؛ الأمر الذي ينتج عنه :
أولاً: إما دولة دينية ثيوقراطية مسوسة بتوجيهات وتشاريع الدين ومعها كمية أكبر من اجتهادات علماء الدين ، سواء التي أصابت لب الدين وفقهت مراميه ،أو التي ندّت وتاهت بعيداً عن سماحته ومقاصده ، ونحن نعلم أن تراثنا ملئ بكلا النوعين.
ثانياً : وإما أن ينتج عن التداخل ظهور دولة موظفة للدين ، محتمية بسلطانه وهيبته ، حاكمة في الناس باسم الدين وهي أبعد ما تكون عنه وما علاقتها به إلا كعلاقة المنتهزين الوصوليين ، بما يضمن وصولهم لأوطارهم وأغراضهم.
2-حالة تفاصل (حالة العلمنة وفصل الدين عن الدولة): وهي الحالة التي يتم فيها إقصاء الدين عن دائرة الفاعلية ،وتقليص نفوذه في الدولة ، وحجب تعاليمه عن الناس ، مقابل ما يتم الاعتماد عليه من قوانين وضعية ، غير عابئة بما حمله التشريع الديني .
3- حالة تواصل(حالة تلاقي الدين والدولة من غير طغيان أحدهما على الآخر ).
هنا لن أدعو إلى فصل الدين عن الدولة ، ولن أدعو إلى تداخل الدين في الدولة . لكن سأرجح وضعية تواصل الدين مع الدولة ، ضمن ثنائية متعاضدة تهتدي فيها الدولة بهداية الدين وتشاريعه الصافية الضافية ، بعيداً عن تلك التشاريع الملصقة به بلا أصالة ، مما كان شأنه التنفير من الدين وتقديمه في صورة شوهاء ،وحلة بذة رثه لاتليق بعظمة الإسلام ولاتضحيات مبلّغه عليه الصلاة والسلام .
إن الطروح النظرية التي صدرت في هذا السياق لم تصل بعد إلى مرحلة التوافق ، وأنى لها الوصول إليها مادام كل طرف غير سامح للآخر بإتمام عرض حجته ، وما دام كل طرف معتمدًا المنهج الوثوقي الإقصائي الذي يحجب أي صواب عند الآخر ، وما دام كل طرف يدعي انعصام الرأي عنده ، وانعدامه عند غيره ، ومادام كل طرف يرى انحصار الصواب فيه ،وامتناعه عن الآخر. لا زال الحوار في هذا الموضوع في مرحلة التراشق بالتهم ، والتحاذف بالشتم ، ولم يصل بعد إلى مرحلة السماع والإنصات التي يجب أن يبدأ بها أي طرفين للوصول إلى كلمة سواء . وهذا الحال في ذاته يشكل عائقاً منهجياً ، لا يمكن تجاوزه إلا باصطناع استراتيجيات تفكيرية، وتعليمية ، وتربوية ؛ تسهم في إعادة صياغة العقليات ، والنفوس .
---------------------د.خالد إبراهيم المحجوبي----








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فصل الدين عن السياسة
Amir Baky ( 2010 / 6 / 14 - 05:31 )
الدين ثابت و السياسة متغيرة فالدمج بينهما لا يرتقى من مستوى السياسة بل يهبط من مستوى الدين. للأسف لا تتعلم شعوبنا من خبرات الشعوب الأخرى فعندما تدخلت الكنيسة فى السياسة تم تسمية هذا العصر بعصور الظلام و العكس صحيح. والظلام التى تعيشة طالبان فى أفغانستان نموذج آخر لمن له عقل. فالدين كالدستور به العموميات التى يمكن أن تطبق فى جميع العصور و جميع المجتمعات ولكن عندما يفرض علينا سياسات المجتمع البدوى وأزيائه بحجج دينية فهذا لن يقبله أحد. للاسف أصبح الإسلام عند أصحاب الإسلام السياسى مظهر فقط دون جوهر أصبح جلباب وزبيبة و حجاب و نقاب وتوارت الأخلاق و إنهارت. ففى نظرى كل من يسعى لدمج الدين بالسياسة يعتبر كافرا بالدين لأن الدين أصبح مطية أو وسيلة لغرض هدف دنيوى

اخر الافلام

.. ألبوم -كهان الكاف -: قصائد صوفية باللهجة التونسية على أنغام


.. 71-An-Nisa




.. 75-An-Nisa


.. 78-An-Nisa




.. 79-An-Nisa