الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار في التاريخ الاسلامي

احسان المصري

2010 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اليسار في التاريخ الاسلامي

- شهيرة هي الحادثة المؤسسة لتصنيفي اليسار واليمين فالمصطلحين ظهرا خلال الثورة الفرنسية عندما أيد عموم من كان يجلس على اليسار من النواب في الجمعية الوطنية الفرنسية (كانوا يعرفون باليعاقبة ) التغيير الذي تحقق عن طريق الثورة الفرنسية، ذلك التغيير المتمثل بالتحول إلى النظام الجمهوري والعلمانية. فيما كان من يجلس على اليمين يتبنى وجهة النظر المحافظة .
وفي القرن العشرين ، تم اسقاط المصطلحان على كافة المستويات فانقسم العالم خلال الحرب الباردة بين المعسكر السوفياتي اليساري و المعسكر الاميركي اليميني وكذا حدث داخل كل بلد من بلدان العالم بحيث اصبحت الانتخابات تخاض بين يسار ويمين، بل وتطور الامر الى تصنيفات داخل الاحزاب نفسها فاصبح بامكاننا الترميز على سبيل المثال لا الحصر الى يسار الحزب الديموقراطي في اميركا ويمينه ... رغم ان هذا الحزب يميني بطبيعة الحال .
و من الواضح ان هذه المبالغة في التصنيف تبسيطية عامة . ولكن استعمالها قد يظل صائباً الى حد ما فاليسار في كل عصر هو الداعي الى التغيير والعدالة الاجتماعية .
- من هنا ظهرت الابحاث التي تطرقت الى التاريخ الاسلامي من وجهة نظر تصنف الفرق والمذاهب الاسلامية ما بين يسار ويمين . ومن ابرز هذه الابحاث كتاب " النزعات المادية في الاسلام " للشهيد حسين مروة وكتب المفكر علي الوردي ... وقد كانت معظم الدراسات المذكورة لمفكرين من التيار الماركسي العربي الذي يعتبر نفسه سليل هذه الحركات . كما ظهرت محاولات لانشاء منظومة فكرية يسارية-اسلامية كما على يد المفكر المصري حسن حنفي . كذلك ظهرت احزاب تعتنق في ايديولوحيتها الدمج بين اليسار والاسلام كمجاهدي خلق في ايران ...
- ولا شك ان من اوائل "اليساريين في الاسلام "( اذا صح التعبير )الامام علي بن ابي طالب وهو القائل : " كيف استعبدتم الناس وقد ولتهم امهاتهم احراراً ". اما الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري فان دعوته الى الثورة على الحاكم الظالم واضحة في قوله : "عجبت لمن لا يجد قوتاً في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه " . وقد ظل يعارض الخليفة وحاشيته ويتهمهم بتبذير اموال المسلمين حتى انتهى به الامر منفياً في الصحراء .
كذلك يذكر المؤرخون ان الصحابي سلمان الفارسي ( وله مكانة خاصة عند الدروز و العلويين ) قد قام بتكوين نقابات للصناع .
- اما ابرز الفرق اليسارية الاسلامية فهم:
1- المعتزلة : يمكننا وصفهم باليسار المعتدل في الاسلام اذ انهم فرقة كلامية اساساً تعتمد على العقل وليس النقل وقد خاضوا في جدالات فقهية متعددة مع معارضيهم .
2- الخوارج : وهم الذين انشقوا عن الامام علي بعد موقعة صفين .ولهم افكار ثورية في الخلافة واصول الحكم اذا ما قيست بعهدهم .
3- القرامطة وهذه الفرقة ظهرت في الاحساء والبحرين ثم انتشرت الى العراق واليمن ايضاً . وقد كان القرامطة يقيمون نظاماً اشتراكياً اذ ان الملكية بينهم كانت مشاعاً .
4- الحشاشين وهم فرقة من الاسماعيلية اسسها حسن الصباح فقد كانت من الفرق الاكثر اشكالية فقد تحصنوا في قلعة آلموت وراحوا يرسلون فدائييهم ليقومون بعمليات اغتيال لاعدائهم . وهم بذلك سبقوا الكثير من الفوضويين والعدميين الروس مثلاً في التضحية في سبيل العقيدة . ويورد المؤرخون ان اصل كلمة assasin في اللغات اللاتينية مشتق من كلمة الحشاشين العربية .
- ويمكننا ايراد ثورة الزنج كمثل اضافي عن الثورات الاجتماعية / السياسية في التاريخ الاسلامي .
- اما اذا شئنا الحديث عن الالحاد في التاريخ الاسلامي فيبرز الرواندي كفويرباخ الاسلام . اما ابو العلاء المعري فقد كان جدلياً الى حدود التناقض بين الايمان والالحاد وقد شبهه بعض النقاد بشوبنهاور . كما تبرز عنده نرعة اشتراكية في العديد من قصائده .
- ولا شك ان الفرق الشيعية المختلفة تتبع مبدأ التقية وذلك نتيجة للاضطهاد التي تعرضت له في العصور المختلفة. من هنا باتت اغلبيتها تعرف بالفرق الباطنية والسرية ويشبهها بعض المؤرخين بالماسونية .
وتستفيد الدعاية الاصولية من باطنية هذه الفرق المختلفة لتصورها بانها اخطر على الاسلام من اليهود والنصارى . فشيخ الاسلام ابن تيمية يحلل دماء من اتبع اي من الفرق الشيعية ( اثنا عشريين، اسماعيليين، زيديين، دروز،علويين ....) . و يتمادى الوهابيون في الصاق التهم جزافاً فمن اتهامهم بانكار الالوهية و النبوة الى اتهامهم بمشاعية النساء الى الاتهام الغريب الذي صادفني مرة فقد وصلتني رسالة الكترونية تتهم فرقة من الاسماعيلية في سوريا بعبادة الفرج . ولعمري ان كل هذه التشويهات تصب في اطار واحد هو التكفير والتخوين الذي يمارسه الاصوليون بحق كل من حاد على تعاليمهم حتى ضمن السنة انفسهم وهم لا يتورعون في هذا الاطار عن التهجم على الصوفيين .
- ختاماً نقول ان هذا الاستعراض السريع لما اصطلح على تسميته "يسار في الاسلام " لا يفي الموضوع حقه. ونحن بحاجة الى مزيد من الدراسات في هذه المجال . وان كانت دراسة التاريخ ضرورية من كل جوانبه لكن يفترض ان لا تعيقنا عن التخطيط لمستقبل تقدمي فعلياً في العالم العربي والاسلامي نتخلص منه من كل العاهات التي تصيب بنيتنا العربية .

احسان المصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أهمية تاريخ الشرق الفكري 1
د. حيدر اسماعيل ( 2010 / 6 / 19 - 11:04 )
تحية وتقديرا اخي الكاتب اسماعيل المصري.. قد لاتكون او ليس بضروري ان تكون مصريا بالرغم من اللقب، وسبب تساؤلي هذا انك نسيت يوسف صديق عضو قيادة الثورة المصرية، واعتقد له مؤلف بهذا المعنى. اتفق معك ان هذا الموضوع في حاجة الى بحوث ودراسات تاريخية.. وذلك لان تاريخ الشرق العربي وغير العربي مملوء بمفكرين و علماء ومن سموا باصحاب علم الكلام، والدهريين وغيرهم،،، حبذا لو تتوسع الدائرة ونبحث حتى عن الجذور الاشتراكية في اعمال ونتاجات الكثير من الاوليين من الرواد ، كالشخصية الاشبه بالاسطورية - مزدك- مؤسس المزدكية ، الذي يعتبر بحق اول داعية للفكر الاشتراكي القديم في العالم، حسب اجتهادات بعض المفكرين والفلاسفة الغربيين، حيث ان الشرق لم ينتج الأديان فحسب بل انتج قبلها وبعدها الفكر، ولو ان الدين الرسمي، كفكر وعقيدة، حاول بل نجح الى حد كبير في طمس نتاجات اغلب المفكرين الشرقيين الاحرار.. والدور الآن للأحرار المعاصرين من اجل اعادة ابائهم واجدادهم الى المكانة التي يستحقونها.. وكما علق - لينين- مرة بعد ان سمع بفيلسوف العصر الوسيط- ابن خلدون- من ان تاريخ الشرق ملاى برواد كبار اذا ما اميط لثام غبار الزمن عنهم


2 - استدراك 2
د. حيدر اسماعيل ( 2010 / 6 / 19 - 11:24 )
نسيت تصويب الكلام الذي نسبته الى علي بن ابي طالب ...- متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا- هو في الواقع قول منسوب لعمر بن الخطاب... وجب التنويه لا غير. والشئ بالشئ يذكر .. من الملاحظ ان الكتاب ( حتى التقدميين والعلمانيين المعاصرين منهم)،الذين يتناولون تاريخ وادوار قادة الاسلام الاوائل ، ما زالوا ينظرون اليهم بشئ من القدسية والمثالية، ويصورون عهودهم بالوان وردية من العدالة الوهمية! .. وهي للاسف نظرة غير موضوعية لهؤلاء القادة ، الذين استبدوا ايضا في عهدهم بالرغم من انجازاتهم العسكرية والفكرية، ولا يوجد استثناء في هذا، لا الخلفاء( الراشدين) ولا الرسول نفسه ولا غيرهم بل انهم كانوا اقرب الى المستبد العادل!,,, لقد حان الحين ان نعيد قراءة تاريخنا بشكل موضوعي مجرد


3 - تنويه 3
د. حيدر اسماعيل ( 2010 / 6 / 19 - 11:31 )
اعتذر .. لقد سميتك خطأ ، اسماعيل وانت احسان

اخر الافلام

.. الأردن في مواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد سيادته عبر-الإخوان


.. مخططات إيرانية لتهريب السلاح إلى تنظيم الإخوان في الأردن| #ا




.. 138-Al-Baqarah


.. المقاومة الإسلامية في العراق تدخل مسيرات جديدة تمتاز بالتقني




.. صباح العربية | في مصر.. وزارة الأوقاف تقرر منع تصوير الجنائز