الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركة الجابري

الحسين أخدوش

2010 / 6 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



ماهي القيمة المضافة التي أضافها المفكر المغربي عابد الجابري للفكر الفلسفي العربي؟
لن نذهب بعيدا للجواب عن هذا السؤال المحير والمهم في آن واحد. فالفلاسفة الحقيقيون هم الذين يتركون وراءهم الأسئلة أكثر من الأجوبة، ومن المؤكد أن الجابري واحد من هؤلاء الكبار.
لقد قام الرجل بخلخلة حقيقية لنظام التراث (العقل العربي)، وبيّن كيف أنه ينقسم إلى ثلاثة أنظمة: البيان، والعرفان، والبرهان. وكان من السهل الإعتراض على هذا التقسيم التفاضلي بين مكونات التراث، وهذا ما دفع المفكر طه عبد الرحمان في كتابه (تجديد النظر في فهم التراث) إلى رفض هذه النظرة التجزيئية والتفاضلية التي تحكم المشروع النقدي للجابري.
ولكن بالرغم من ذلك، فإن ما يهمنا عند الجابري ليس هو البحث عن الحقائق أو الأجوبة الشافية لإشكالية التراث، بل هو النقد في حد ذاته. ذلك أن نقده ليس فقط ما إنتهى إلى إنجازه وتحقيقه، بل هو هذا الدرب الطويل والشاق الذي يتوجب اليوم على الفكر العربي إتمامه وتعبيده.
لئن استطاع هذا الجابري فتح طريق النقد، فإنه اليوم من اللازم على الأجيال الصاعدة إستكماله، وهي التي ستباشر لا محالة عقد أنماط الحوارات الشاقة مع التركة الجابرية.
إن أول المهمات الصعبة التي ستواجه قارئ هذا الفيلسوف، هي قوة ذلك السجال الخفي والمتواري خلف كتبه، والذي عقده في صمت مع الرؤى التقدمية والليبرالية، وخاصة المنظور التاريخاني للمفكر عبد الله العروي الذي يدعو صراحة إلى القطيعة مع التراث.
لقد كان الجابري يرفض الدعوة إلى القطيعة مع التراث بحدة، فكان تمسكه به بنفس القدر الذي حارب به النموذج السلفي غير العقلاني ـالميت في هذا التراث.
إنه يحاول تأصيل الحداثة من داخل التراث مستفيدا من الجوانب المشرقة فيه، بينما كان يلحّ العروي، في مقابل ذلك، على تخطي وتجاوز التراث ثم الشروع في الإنخراط الكامل في الحداثة الغربية بدون عقدة ولا نقصان.
وإذا كنا اليوم نتساءل بصدد تركة الجابري، فلأننا نفضل نهج طريق النقد الذي كرس له الراحل كل حياته. ولهذا، فمن الضروري اليوم أن نفهم الحوارات النقدية التي عقدها المرحوم مع التراث و مع رواد الإصلاح والنهضة العربية.
إن الوصية الأخيرة التي أراد الجابري تركها لنا، هي نفسها تلك التي كتبها كانط في (نقد العقل الخالص): " وحده طريق النقد لا يزال مفتوحا".
أعتقد أن أعظم تكريم يمكن أن نقدمه لهذا الفيلسوف، هو أن نواصل المسير على درب النقد، فالنقد والمساءلة هما أعظم ما يخلفه الفيلسوف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة