الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعوب وحكام ..صالحون وطالحون

طلال سعيد يادكار

2010 / 6 / 19
المجتمع المدني


قالوا ان الحاكم الصالح هو من الشعب الصالح, والحاكم الطالح هو من الشعب الطالح. أي أنه إذا كان الشعب صالحاً يكون الحاكم صالحاً وإذا كان الشعب طالحاً يكون الحاكم طالحاً!! وعلى هذا المبدأ والقياس سيبقى الشعب الصالح صالحاً يحكمه حكاماً صالحون وسيبقى الشعب الطالح طالحاً يحكمه حكاماً طالحون!! ولن يُفسَد الشعب الصالح, ولن يُصلَحَ الشعب الفاسد!! إذا كان هذا صحيحاً لَما أُرسل المرسلون ولَما ثار الثائرون ولَما ظهر المصلحون الاجتماعيون! وما ثار الملاك الصالح ( حامل الضياء) ضد ( الاله) وتحول الى ( ابليس) وقاد الأبالسة ضد مملكة السماء(الصالحة) ! وما ظهر موسى وعيسى ومحمد ( الصالحون) في تلك المجتمعات ( الطالحة). وما الأنبياء والرسل إلا ( مصلحون اجتماعيون وثوار ) ثاروا على المفسدين والظالمين في مجتمعاتهم وصرخوا صرخة ( مقدسة) ضد الفساد والظلم والطغيان وبدافع ( سماوي ) علوي لاصلاح المجتمع الأنسي الارضي. فمنهم من نجح وانتصر ( والأنبياء المسلحون هم الذين انتصروا) ومنهم من فشل وخسرومنهم فقد حياته في سبيل ثورته ( كابن مريم الذي خسر نفسه وربح العالم). والاصلاح يجب أن يأتي من فوق كما قال (كونفوشيوس). يأتي من قمة الهرم الى أسفله أي (من الاله( الاعلى) الى الرسول(الوسيط) الى المجتمع(الاسفل)) كما هي في حالة الاديان. أو أن يحصل العكس , بأن يأتي الاصلاح من الاسفل الى الاعلى. كما هو الحال في الثورات ضد الحكام الفاسدين. والعلاقة بين الشعوب والحكام يجب أن تكون علاقة جدلية أحدهما يكمل الاخر , ويصلحه إذا فسد. ولكن الواقع غير هذا , فالعلاقة بينهما هي علاقة ذو اتجاه واحد , علاقة السيد بالعبد والقوي بالضعيف ويتبنى الحكام وخاصة في مجتمعاتنا المبدأ المكيافيللي في الحكم ( فصل السياسة عن الاخلاق) ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة. وغاية حكامنا طبعا ليست سعادة وتقدم شعوبها بل غايتهم البقاء في الحكم حتى الرمق الأخير باستخدام كل الوسائل حتى الدنيئة منها ابتداءا بتزوير الانتخابات وانتهاءا باستعمال القوة المفرطة في التعذيب والقتل الى أن تنقطع كل الروابط بين الحاكم والشعب (حتى شعرة معاوية) تنقطع, لأن الحاكم هو الذي يشدها دائما ويضع سيفه حيث يكفيه سوطه ويضع سوطه حيث يكفيه لسانه! وبما أن الحاكم من الصعب أن يجمع بين أن يكون محبوبا ومهابا في آن واحد فانه من الأفضل – وحسب رأي مكيافيللي صاحب كتاب الأمير- أن يكون مهابا لأن ذلك أدوم لحكمه وسلطته. ويصبح الحاكم في وادٍ والشعب في وادٍ آخر, ويزداد الهوة بينهما. وبمرور الوقت ومع استمرار انتهاك الكرامة والحقوق من قبل الحاكم فان الشعب المضطهد تتصف وتحمل صفات وممارسات ذلك الحاكم كما قال ابن خلدون في مقدمته. ان وقوع الظلم والاضطهاد لايحرك الشعب اذا لم يكن مصحوبا بالشعور الواعي وبالتذمر المشروع وهنا تظهر وظيفة المثقفين ودور المفكرين والمصلحين في المجتمع ليقولوا بصوتٍ عالٍ للمظلوم إنك مظلوم ولديك حقوق يجب أن تطلبها وتدافع عنها. وكما يوقََظ النائم بصوتٍ عالٍ يجب أن يوقظ الشعب النائم بصوتٍ عالٍ , لكي لا يأتي اليوم الذي يصحى فيه على صوت المدافع , لأنه عند ذاك يكون قد فات الاوان وتكون الضحية قد اتصفت بصفات الجلاد ولبست ثوبه وتبادلوا الأدوار وفي النهاية يصبح الحاكم والشعب... طالحين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبو حمزة: الطريق الوحيد لاستعادة الأسرى هو الانسحاب من غزة


.. جبال من القمامة بالقرب من خيام النازحين جنوب غزة




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع