الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لحظات الوداع

ناهد سلام

2010 / 6 / 20
المجتمع المدني


استجمع الطاقات والامل والحب وعظمة الاله واللا اله لينظر في عينيه الغائرتين ووجهه المنتفخ ، وقبَل جبينه فغسلت مفرقه بعض قطرات الدمع ، يستذكره ايام الصبا والاحتيال في لعب كرة القدم مع اولاد الجيران في الشارع ، واسترجع بابتسامه يوم بكى اول حب بين يديه ، وتلك الشتائم التي رمى بها والديه اذ اختلفوا وترك منزلهما ليقصده ، ابتسم قليلا وهو يقاوم حشرجة الدمع في مقلتيه، حاول ملياً قهر تنهداته فغاصت في قلبه ، ضغط اعضاء وجهه وافرغ حنقا بالضغط على أسنانه .
عاد يتأمل مليا وبعينَين جاحظتَين كأنما يُخزن ملامح ذاكرة ، او كأنما يخشى اغلاقهما فتكف برهة عن ابصاره ، خرج صوته كغريق في بحر الفقدان دون جدوى من صراخه ،
أتى صوته من البعيد ودَع صديقهُ : صديقي وبراءة طفولتي ورعونة شبابي ، كنت النصف المكمل لي ، والان بفقدك بتُ جزءاً ضئيلا من كل ، اصبحت عزيزي ذكري ايامنا وتجاربنا ولا مستقبل سوى الذكرى .
سامحنى صديقي اذ خذلتُك يوم وقعت بضائقة مادية وما استطعتُ رمي طوق نجاة ، واغفر لي صديقي اذ وشيت لوالدك انك تعاطيت المخدر اثر خلاف نشب بينكما .
صديقي يا عمري الماضي ، وذكرى المستقبل ، أتوسلك أن تغفر لي تفريقي بينك وبينها اذ لم تكن مناسبة لك .
واسمح لي وكنت اتمنى ان املك شجاعتك لاعتذر لك في حين الموقف ، اسف صديقي اذ اخطأت بحقك واثرت الوحدة والغضب والعند ، فأتيت انت بكل شجاعة يتطلبها الاعتذار لمن لم تخطئ في حقه وراضيتني ، صديقي قد كنتَ محقا لكن غروري منعني ان اعتذر منك فسبقتني بقوتك وطيب نفسك وايمانك القوي بي وبعقلي ان يدلني على خطأي ، مرارا وددت الاعتذار منك فخانتني كلماتي وخذلتني رجولتي وعصف بي كبريائي ، اما الان فأستمد قوتي منك حتى وانت ساكن ، واستشعر فيك عظمة دوما كانت جزءأ من حضورك ، انا مدين لك بالاعتذار فهل تقبل ! اسف صديقي .
صديقي ، طفولتي وشبابي ، يا ذكرى غدي انت حي بداخلي ، اعدك ان اعتني بزهرتك ، واودع كلبك لمن يحسن رعايته وفور تخطي لخوفي من الحيوانات سأعتني به عزيزي .
أعلم انك ستوصيني خيرا بأسرتك فلا تقلق .
صديقي كل ما ارجوه لك ، ان تنعم براحة وأمان لطالما بحثنا عنهما سوية ، ولكم اتمنى عزيزي ان يصدق الرب بوجود الجنة حتى اتوسله ان تكون من مريديها ولتنعم هناك بكل انانيه وبذخ وشرور ، ولعلي سأتابع اكثر واؤمن بتلك الروايات عن تناسخ الارواح لربما تنجلي روحك في احد فاقابلك ونتصادق من جديد .
نَم بأمان صديقي

سلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مساء الخير لجميع الطيبين
حازم ( 2010 / 6 / 21 - 13:39 )
ومساء خاص للصديقة الغالية ناهد
هدا اول موضوع اقراه بعد عودتي من السفر وكما عهدتك مشاعرك رقيقة واسلوبك شيق . ونيال صديقك فيك ويسعد مساك


2 - الوجع الانساني
قاسم السيد ( 2010 / 6 / 21 - 15:29 )
تناول مبسط للوجع الانساني المستمر الذي يثيره وجوده في هذه الحياة وعن ثوابته الفكريه والاخلاقيه التي تسوغ له الاستمرار فيها وهو بالتأكيد وجع الانسان في كل وطن وفي كل مكان الا ان مكابدته واحساسه تختلف في صيغها وشكلياتها من مجتمع للاخر
هو اقرب للسياق القصصي وان خلا من بعض مستلزمات هذا الفن وكان الاولى نشره في موقع المروج لانه اقرب للعمل الابداعي منه الى المقال
تحياتي للكاتبة المبدعة ناهد ونتمنى ان نرى لها ابدعات اخرى


3 - عزيزتي ناهد
مرثا ( 2010 / 6 / 21 - 15:33 )
سلام لكِ ونعمة
كثيرا ماننتبه لقيمة اشخاص او معاني بعد ان نفقدها
لانستطيع ان نسترد كلمة خرجت من افواهنا أو انسان فقدناه بالموت
احييكِ لصدق كلماتك ووصفك لآلآم الوداع
محبتى واحترامي


4 - الصداقة الحقيقة كنز
نادر عبدالله صابر ( 2010 / 6 / 21 - 16:34 )
حينما تفقد صديقا فانت لا شك تفقد كنزا لا ينضب
شكرا لمواضيعك الشيقة يا ناهد
لك دوما كل الحبة والأعجاب والأحترام


5 - رائع
ادم عربي ( 2010 / 6 / 21 - 19:21 )
هو الفراق, فراق من نحب,ولكن دائما بعد فوات الاوان
تحيه للاخت الكاتبه


6 - ردود للاحبة القراء
ناهد ( 2010 / 6 / 21 - 21:22 )
الاحبة المعلقين والقراء ، والتعليق .

العزيزة مرثا ، الاعزاء حازم ويوسف والاستاذ قاسم السيد والصديق محمد الحلو والاستاذ ادم العربي ، شكرا لكم جميعا واعذروني اذ ارى ان المشاعر الانسانية لا تحتمل النقاش والاضافة على ما تفضلتم به ، شكرا لمشاعركم الانسانية والدعم .

سلام

اخر الافلام

.. مظاهرات في تونس لإجلاء الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين


.. مصدر مصري رفيع المستوى: أحد بنود مقترح الاتفاق يتضمن عودة ال




.. الاحتجاجات تتصاعد.. الاعتقالات في أميركا تتجاوز ألفي طالب


.. شاهد: المجاعة تخيّم على غزة رغم عودة مخابز للعمل.. وانتظار ل




.. مع مادورو أكثر | المحكمة الدولية لحقوق الإنسان تطالب برفع ال