الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنهج المدرسي وهوية المجتمع

حسين علي الحمداني

2010 / 6 / 21
التربية والتعليم والبحث العلمي


مما لاشك فيه أن نهضة أي بلد رقية تعتمد على تقدم ورقي مناهجه التعليمية وما تكوّنه لدى الأجيال من فكر وثقافة وقيم واتجاهات توجه مساراتهم في الحياة وتحدد أدوارهم وتضبط سلوكهم ، ومناهج التعليم ترتبط إلى حد كبير بثقافة المجتمع وفكره ومعاييره بمختلف اتجاهاتها الدينية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، لهذا فالمناهج مصدر قوة لأي بلد اذا انها تعكس الفلسفة التربوية القائمة فيه والغاية من التربية بصورة عامة وما هي مخرجاتها وتختلف هذه الفلسفة باختلاف النظم السياسية وأدوات السلطة من بلد لآخر ، وما يهمنا هنا هو طبيعة المنهج المدرسي في العراق ودوره في التنشئة الديمقراطية وغرس مفاهيمها هذه المفاهيم التي يمكن لها أن تحرك كوامن النفس البشرية روحياً وعقلياً وجسدياً لتعطي بأقصى طاقاتها الكامنة الجيل الحالي ومن خلاله الأجيال اللاحقة التي ستتكرس لديها هذه المفاهيم كنمط ثابت للحياة لذا فإن من أهم فوائد تقويم المناهج إعادة النظر فيها والنظر في علاقتها بمستجدات العصر ومتطلباته تجعلنا نسعى لتطوير المناهج من جديد بعيدة عن الجمود والانكفاء على المعتاد ، أو الانبهار والذوبان في الجديد، فتبنى على أسس سليمة ومعايير دقيقة تسهم في استدراك النقص ، ومواكبة روح العصر وتلبية متطلبات الحضارة التي تشهد تسارعاً وانفتاحاً مذهلا قد يضطرب معه الفكر، وتذوب في خضمه الهوية ، وتضيع في زخمه القيم . فثورة الاتصالات المعلوماتية تمتلك القدرة على تغيير كثير من الصفات الفردية والعلاقات الاجتماعية وإعادة تشكيلها فقد تصاحبها تغيراتٌ كبيرةٌ متلاحقة في أساليب العيش وأنظمة الحياة وأدوار الناس في المجتمع ، ومن ضمنها ما يتعلق بالأسرة والمرأة ومكانتها ودورها في المجتمع مما يشكل تحدياً كبيراً أمام مخططي المناهج للحفاظ على الهوية الفكرية والثقافية لمجتمع ما مع مراعاة المستجدات العصرية والمتغيرات . والمنهج بمفهومه الشامل " مجموع الخبرات التربوية التي تهيؤها المدرسة للتلاميذ داخلها أو خارجها بقصد مساعدتهم على النمو الشامل نمواً يؤدي إلى تعديل سلوكهم ويعمل على تحقيق الأهداف التربوية المنشودة " فهو يتعلق بكل جوانب الشخصية وكافة المؤثرات الخارجية فيدخل فيه المعلم والتلميذ والكتاب المدرسي والمباني والأنشطة وطرائق التدريس وتكنولوجيا المعلومات المتوفرة , بالإضافة إلى أسرة المتعلم ويمثل بكل مكوناته منظومة تعمل معاً لتربية النشء وصقل شخصياتهم وتكوين اتجاهاتهم وإعدادهم للقيام بدورهم في الحياة . ويتفق التربويون على أن المناهج من أكثر العناصر التربوية حاجة إلى التطوير المتكرر والمراجعة الدائمة ؛ حيث إنها ترتبط كثيراً بالمجتمع وما ينشد له من التوازن الحضاري ، وإعداد الأجيال لمعايشة المتغيرات المتلاحقة في مجالات الحياة المختلفة ، فالحاجة قائمة إلى إعادة النظر في المناهج لتكوين مناهج معاصرة تعيد تنظيم الأدوار بين الطالب والمعلم ، وبين المهارات والمعلومات في ضوء فهم صحيح للثوابت والمتغيرات ، مناهج معاصرة فعلا في طبيعة تصميمها ، وفي طرائق عرضها ، وفي أساليب تقويمها وتطويرها. وينبغي التأكيد على أن التطرف في التجديد والتطوير ليس بالشيء الحميد ؛ فليس كل جديد أجود من القديم ، لذا فإنه لابد أن يصاحب التجديد وعي عميق بضرورة البحث العلمي في واقع المناهج السائدة وتحليلها لمعرفة أوجه القوة وإبقائها ، ومعرفة أوجه القصور والجمود وتغييرها فنخرج بها من نمطية التقليد الغافل والتغريب الجاهل وبذلك تصبح الرؤية التطويرية واضحة قائمة على الحقائق ونتائج الدراسات لا على اجتهادات شخصية غير علمية ولا تعميمات مبالغ فيها ، رؤية تتكامل في ضوئها الجهود التربوية بين المدرسة وسائر المؤسسات التربوية والتثقيفية في المجتمع ، وتراعي مفهوم المنهج الشامل الذي يجعل من مدارسنا مراكز إشعاع ثقافي وإصلاح اجتماعي يسهم بدور فاعل في قيادة التغيير الواعي والتطوير المستمر في المجتمع كله . وهنا ينبغي لنا أن نؤشر حالة مهمة جدا وتكاد تكون ظاهرة في عموم مدارس العراق وتتمثل بانعدام فرص التدريب للمعلم العراقي على المناهج الدراسية الجديدة وهذا سببه انعدام التخطيط التربوي الصحيح , ومثال على ذلك أن نسبة كبيرة من المناهج التربوية للعام الدراسي الماضي قد تغيرت بنسب متفاوته ومنها على سبيل المثال مادة العلوم وهذا التغيير لم يصاحبه تدريب للمعلم , وكذلك كتاب القراءة بما فيها قراءة الصف الأول الابتدائي التي أعتمدت الطريقة المقطعية بدل الهجائية وأيضا لم يتم اعداد وتهيئة المعلم لهذه المهمة , وتم اضافة درس اللغة الانكليزية للصف الرابع الابتدائي كمادة دراسية جديدة ولم يتم تهيئة الكوادر التعليمية لهذا الغرض مما انعكس سلبا على الاداء والمخرجات , ناهيك عن إن منهج التربية الوطنية الذي دخل الحصص المدرسية بطبعة جديدة تختلف جذريا عما كان سائدا قبل 2003 حيث اشتملت على مفاهيم جديدة (كالديمقراطية , التعددية , حقوق الإنسان , مستويات الديمقراطية , الديمقراطية في المدرسة , في البيت , في المجتمع , البطالة , الإنتاج ) وغيرها من المصطلحات التي تحتاج لكوادر تعيد انتاجها بصيغ مبسطة للتلاميذ في عمر 12 سنة , ويمكن لهذه المفاهيم أن تأخذ مداها في مادة القراءة للابتدائية والمطالعة والنصوص للمرحلة المتوسطة والثانوية , يضاف إلى ذلك تكريس الممارسات الديمقراطية داخل المدرسة بما يعزز من ترسيخ هذه المفاهيم في تصرفات وسلوكيات النشىء الجديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله