الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب ألف ليلة وليلة اصبح الان خطرا ومثيرا للجدل

مكارم ابراهيم

2010 / 6 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتاب ألف ليلة وليلة اصبح الان خطرا ومثيرا للجدل
بقلم حنا زيادة

"ينبغي على مبعوث هيئة الأمم المتحدة ان يعلم أن شرط المساواة يتعارض مع قوانين الشريعة الإلهية" صوت عميق تدارك مسامعي بهذا الحديث الاتي من شاشة التلفاز وعلى قناة الجزيرة,وقد حاولت أن استدير للتحقق مااذا كان هذاالصوت يعود لرجل جاهل استضافته قناة الجزيرة الفضائية كعادتها حيث تخصص وقتا من بثها للتنديد "بحقوق الإنسان التي ينادي بهاالغرب". ولكني رأيت على الشاشة أن الصوت العميق هذا، انما هو لامرأة جميلة في منتصف العمر مرتدية حجابا أبيض وتحت صورتها الجميلة قرأت اسمها وصفتها: "آية الفقيه، محامية وناشطة في مجال حقوق الإنسان من الكويت!". ولقد انتقدت هذه الناشطة تقرير هيئةالامم المتحدة الذي انتقد حكومات دول الخليج بسبب فشل جهودها في حماية وتعزيز حقوق الإنسان في العديد من المجالات، وخاصة في سوق العمل وحقوق المرأة. حيث دعا تقرير الامم المتحدة دول الخليج لإصلاح قوانين الأسرة،التي تفرض قواعد الشريعةالاسلامية التي تذهب بشكل واضح ضدالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث والشهادة والخ... ومن المفجع ان أية الفقيه و غيرها من النساءالناشطات في حقوق الإنسان لا تترددن إلى أي جانب يجب أن تقفن عندما يكن أمام احد الاختيارين الإسلام أو الحقوق الخاصة بهن وتدافع وبدون أي تردد عن كل ما يقدم تحت راية الإسلام ؟


و أية الفقيه الكويتية هي ليست الوحيدة التي تدافع عن ما يقدم كقوانين الشريعة الإسلامية والتي تتعارض وبكل وضوح مع مبادئ حقوق الإنسان بل كثير من النساء امثالها. على سبيل المثال ففي اليمن توفيت فتاة صغيرة تبلغ من العمر 8 سنوات بسبب نزيف داخلي بعد يومين من زفافها على رجل كبير السن، هذه الحادثة كان لها صدى لدى مجلس النواب اليمني حيث ناقش المجلس اقتراح قانون لتحديد الحد الأدنى لسن الزواج، إلا أن الحكومة اليمنية فشلت في تمرير هذا القانون على الرغم من الضغوط الشديدة التي مورست على الحكومة من جهات عدة ومن منظمات حقوق الإنسان الدولية وذلك لأن قانون "تحديد الحد الأدنى لسن الزواج" يعتبر مخالفا للشريعة الإسلامية". فلقد تظاهرت في مدينة صنعاءعدة مئات من النساء اليمنيات المرتديات الملابس السوداء من الرأس وحتى القدمين أمام مبنى البرلمان اليمني احتجاجا على مشروع قانون "حظر زواج الأطفال" لانه يعتبر "تقويض ومخالف لتعاليم الشريعةالاسلامية".

وقد وصلت البشاعة الى اعلى مستوى في القاهرة وذلك عندما رفعت منظمة "محامون بلا قيود" دعوى قضائية ضد وزارة الثقافة المصرية لنشرها طبعة جديدة كتاب ألف ليلة وليلة الذي حسب زعم المنظمة يسيء الى "الحياء العام". وقد طالبت منظمة "محامون بلا قيود" حظر نشر الكتاب ومعاقبة الوزارة على نشرها الطبعة الجديدة. هذا الكتاب الذي جسد، وعلى مدى قرون، ملامح الشرق:التصوف والثقافة الشعبية، الاستبداد والحكمة، شهوة الجسد والروحانية والتدين. ولقد صرح متحدث باسم منظمة المحامين المصرية هذه لقناة الجزيرة "ان كتاب ألف ليلة وليلة يحتوي على قصص مثيرة من شأنها أن تقوض الأخلاق الإسلامية في مصر وتضر الشباب العربي". هذا الكتاب الذي عاش لقرون ونجا من أحلك الفترات يطلب حظر نشره في عصرنا الحالي حيث يمكن للشباب في هذا الزمن الوصول وبكل سهولة الى كل انواع الاباحية من خلال شبكة الإنترنت التي يدمن عليها الشباب العربي بشكل كبير. والشباب العربي أصلا لايقراالكتب فكيف سيقرأ كتاب عمره الف سنة بغرض إرضاء شهواته.

وهذه الحوادث ليست عشوائية بل انها انعكاس لاتساع هذا التوجه في العالم العربي على قدم وساق مع غياب الديمقراطية، وبقاء الحكام في السلطة إلى الأبد واستمرار وجود الحركات الإسلامية المتطرفة كتجسد وحيد لرفض هذه السلطة.


وإذا كان الأمر سيئا للغاية في مجال حقوق الإنسان في العالم العربي فهذا ليس فقط بسبب وجود الاعداء والمعارضين لحقوق الإنسان و وجود الحكومات غير الديمقراطية البارعة بفنون القمع، ولكن بسبب ان حقوق الانسان قد خذلت من قبل أصحابها أي قوى المعارضة والنساء والفئات الضعيفة الأخرى جميعا قد خذلت حقوق الانسان. وهؤلاء فقدوا البوصلة واحيانا يتحولون إلى قوى أسوء من حكوماتهم الاستبدادية من خلال حرصهم على ابراز أوراق اعتمادهم الإسلامية من خلال التخلي عن حقوقهم. وهذا أدى بالنتيجة الى ان الحكومات هذه في كثير من الأحيان تاخذ مواقف ليبرالية أكثر من قوى المعارضة. كما هو الحال في الكويت حينما اقر أمير الكويت قانون يعطى للمرأة حق الترشيح للدخول كعضوة في البرلمان الكويتي.

إن سوء أوضاع حقوق الإنسان في المجتمعات العربية تدل على أن الأزمة في العالم العربي ليست فقط بسبب وجود الأنظمة القمعية المتميزة في فنون القمع فيه، ولكن بسبب عدم وجود بديل ديمقراطي وذلك لان عامة الناس وقوى المعارضة تبنت جزءا من الأيديولوجيات الدينية الشمولية المتطرفة المعادية لفكرة حقوق الإنسان تحت راية انها تمثل الوطنية المعارضة للامبريالية. وبدون وجود البديل الديمقراطي الذي يمثل الحل الوحيد القادر على ازالة سوء الفهم القائل بتعارض الإسلام مع حقوق الإنسان سيكون الحديث عن انتهاكات حقوق الانسان العربي أطول بكثير من ألف ليلة وليلة.

حنا زيادة
منظمة حقوق الإنسان
ترجمت المقالة بتصرف مكارم ابراهيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا احد نتائج التدين السلفي الغبيض
عبدالعزيز السالم ( 2010 / 6 / 21 - 22:25 )
عزيزتي مكارم
هذا احد نتائج التدين السلفي الغبيض

يخجلون من هذه الكتب ويتهمونها انها تخدش الحياء . فماذا نقول عن القصص الجنسية في رسائل الجاحظ المنشورة في موقع نداء الاسلام موقع كل المسلمين؟

http://www.al-eman.com/islamLib/viewchp.asp?BID=192&CID=9#s3


2 - خطأ بالموضوع
عبدالعزيز السالم ( 2010 / 6 / 21 - 22:46 )
كتبت : هذا احد نتائج التدين السلفي الغبيض

والصحيح : هذا احد نتائج التدين السلفي البغيض


3 - عصور الظلام
كاره المذل المهين ( 2010 / 6 / 21 - 22:54 )
يعيش الناس في البلاد الاسلامية عصر من أحلك عصور الظلام انعكست فيها القيم وسحقت المبادئ تحت أقدام المؤمنين العميان


4 - عزيزتي السيدة مكارم
قارئة الحوار المتمدن ( 2010 / 6 / 22 - 05:55 )
تحية طيبة , شكراً لترجمة هذا المقال الهام , قبل أن يعدموا ألف ليلة لِيراجعوا النصوص الشعرية التي قيلت في زمن الرسول وتحت سمعه وبصره وبالألفاظ الجارحة الوقحة وكانوا أقرب إلى العصر المثالي كقصيدة حسان في هند , على الأقل ألف ليلة تصوير للواقع في تلك الأيام أبدعتها المخيلة الشعبية بعيداً عن الدين وإرشاداته , دمت بخير


5 - موضوع مفيد
عماد علي ( 2010 / 6 / 22 - 10:51 )
عاشت ايديك على الترجمة التي تفيد الثقافة العامة و في العديد من الجوانب و ان احتوت على الغموض في بعض الجمل و ربما للترجمة دور فيه مع تحياتي


6 - شكرا استاذه مكارم على حسن الاختيار وجمال التع
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 6 / 22 - 11:08 )
ابنتي الاستاذه مكارم انا وامثالي من الطاعنين في لبعمر نشعر بسعادة خاصه
حينما نقراء نصا مثل هذه المقالى التي لك فيها فضل الاختيار وجمال التعريب
نحن للاسف نعيش الان في بلاد الشرق الاوسط كله - عدا اسرائيل وتركيا
عهد انحطاط قل نظيره في تاريخنا او في جغرافية العالم لذالك حينما نقراء
مثل هذا النص نبتهج ونتفاءل ونقول حقا ان شعبنا ولود ولم تصبه الظلاميه
بالعقم وربما هي محنه - وانطالت كثيرا وتعمقت وتوسعت اكثر-ولكنها الى زوال
بالتاءكيد الى زوال وستبزغ في سماء بلادنا ايضا نجوم وكواكب واقمار بل حتى شموس حقوق الانسان وكرامته التي اهدرت وديست كثيرا وطويلا
لايختلف عاقلان متعلمان وغير خائفين ان الديانات كلها صناعة بشريه
والامر المحزن حد الاحباط ان الانسان- وحتى في القرن 21-يخضع لدميته
بل وكما ذكرت في النص يغلن -طواعية عبوديته لدميته الدين ورضوخه
لابشع مايهين كرامة الانسان والتي هي ايضا من عندياته مجيرا اياها للدمية التي صنعها هو
اخبرنا ماركس عن التغريب- الينيشفي الانتاج وكيف ان العامل ينتج المنتوج ويتحول الى سلعه تهرب من بين يدي صانعها وتعود للراسمالي حيث يفقد الانتاج وظيف


7 - شكرا استاذه مكارم على حسن الاختيار وجمال التع
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 6 / 22 - 11:14 )
ابنتي الاستاذه مكارم انا وامثالي من الطاعنين في لبعمر نشعر بسعادة خاصه
حينما نقراء نصا مثل هذه المقالى التي لك فيها فضل الاختيار وجمال التعريب
نحن للاسف نعيش الان في بلاد الشرق الاوسط كله - عدا اسرائيل وتركيا
عهد انحطاط قل نظيره في تاريخنا او في جغرافية العالم لذالك حينما نقراء
مثل هذا النص نبتهج ونتفاءل ونقول حقا ان شعبنا ولود ولم تصبه الظلاميه
بالعقم وربما هي محنه - وانطالت كثيرا وتعمقت وتوسعت اكثر-ولكنها الى زوال
بالتاءكيد الى زوال وستبزغ في سماء بلادنا ايضا نجوم وكواكب واقمار بل حتى شموس حقوق الانسان وكرامته التي اهدرت وديست كثيرا وطويلا
لايختلف عاقلان متعلمان وغير خائفين ان الديانات كلها صناعة بشريه
والامر المحزن حد الاحباط ان الانسان- وحتى في القرن 21-يخضع لدميته
بل وكما ذكرت في النص يغلن -طواعية عبوديته لدميته الدين ورضوخه
لابشع مايهين كرامة الانسان والتي هي ايضا من عندياته مجيرا اياها للدمية التي صنعها هو
اخبرنا ماركس عن التغريب- الينيشفي الانتاج وكيف ان العامل ينتج المنتوج ويتحول الى سلعه تهرب من بين يدي صانعها وتعود للراسمالي حيث يفقد الانتاج وظيف


8 - ترجمة الحقيقة انحياز لمعسكر الحقيقة
جاسم محمد صالح ( 2010 / 6 / 22 - 11:29 )
عودتنا المبدعة اكرام ان تكون السباقة في التعامل مع كل ما هو جديد ومفيد , وبذكاء خارق منها حولتنا الى تلاميذ نتابع ما تكتب ونقرا بلهفة ما تترجم, وما موضوعها عن على الوردي ومكارم ابراهيم الا صيحة في وادي الابداع الصامت فقد ملأته ترددا وحوارا ونقاشا لها الاجلال في ما تطرح وما تنظر وما تقول, الف ليلة وليله واقعنا وتراثنا ورؤنا للاموربدءا من الجنس وانتهاء بمجمل العلاقات الاجتماعية . من يتنكر له يتنكر لواقعه ما فيه فينا وهو مرآتنا , علنا نستفيد مما فيه... ننتظر المزيد والمزيد فقد كان لاكرام دور مهم وكبير في ان تعرفنا بانفسنا بلغة واقعية وحس علمي دقيق ولرؤيا علمية اصيلةوهذا لم يتأت الا لانها بنت قاعدتها العلميةعلى الفكر والاستدلال والنتيجة ...وسام للمبدعة الاستاذة الكبيرة اكرام على جهودها العلمية وبانتظار المزيد


9 - شكرا للجميع
مكارم ابراهيم ( 2010 / 6 / 22 - 13:23 )
اشكر الجميع على كلماتهم المشجعة لي ولكنني بدوري اشكر الكاتب والباحث الدنماركي اللبناني الاصل الاستاذ حنا زيادة على هذه المقالة التي دفعتني الى ترجمتها الى العربية رغم انشغالي الكبير ويشرفني ترجمة كل كتبابات الاستاذ حنا زيادة لانه يصور الواقع العربي على حقيقته ويجرده من الصور المزيفة بالشعارات التي خدعت الانسان العربي البسيط


10 - الى الاستاذ جاسم محمد صالح
مكارم ابراهيم ( 2010 / 6 / 22 - 16:45 )
اشكرك عزيزي الكاتب القصصي والمؤرخ الاستاذ جاسم محمد صالح على تقييميك لي ولكن اسمي مكارم وانت دوما تكتب اكرام بدلا من مكارم لااعلم السبب المهم عزيزي انا ممتنة لك جدا لهذا التشجيع لي وهذا مايدفعني للكتابة لافراد امثالك يحترمون ويقيمون فكر الاخر
احترامي وتقديري
مكارم


11 - الى الاخ عماد
مكارم ابراهيم ( 2010 / 6 / 22 - 16:49 )
عزيزي شكرا لك ايضا عاى مرورك ولكن اين تجد الغموض حتى اقوم بتوضيحه لك؟
تحياتي


12 - الى الاستاذ عبد العزيز السالم
مكارم ابراهيم ( 2010 / 6 / 22 - 17:03 )
اشكرك عزيزي على اللنك الموجود في الصفحة الاسلامية و اطلعت على رسائل الجاحظ فيه انها تصور الغلمان والجارية بصور حسية مثيرة,
ولكن لماذا لم تدرس هذه الرسائل في المنهاج المدرسي ؟ولماذا لم نتعلم هذا الجانب الحسي من الاسلام ؟ لقد حرمنا منه فقط تم التركيز في المناهج على العقاب الذي يصيبنا اذا فعلنا كذا وكذا رغم ان كذا وكذا هي امور من الطبيعة البشرية التي خلقت معنا في الولادة
ياترى هل سياتي يوم يدرس هذا الجانب الاخر للاسلام الذي لم نطلع عليه في المدارس العربية والاسلامية ويصبح الاسلام تاريخ يعكس تراث حسي وفني ذو مذاق خاص لايعرفه الغرب بل ربما يتاثر به الغربيون الكارهون للاسلام
فلننتظر ونرى ماذا يخبا المستقبل عن دراسة الاسلام بطريقة اخرى!

اخر الافلام

.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله


.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446




.. 162-An-Nisa


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - رئيس الوزراء يهنئ الرئيس السيسي و




.. وادي الرافدين وتراثه القديم محاضرة استذكارية وحوارفي الذكرى