الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة الطلاق بالكنيسة

اسلام احمد

2010 / 6 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم اكن انوى الكتابة فى هذا الموضوع لأن الامر برمته لا يعنينى فهو شأن خاص بالاقباط فضلا عن حساسية الموضوع الا ان استفحال الازمة الى جانب ضغط بعض الاصدقاء لمعرفة رأيى هو ما دفعنى الى الكتابة

بدأت الازمة عندما أصدر القضاء الإدارى حكما يلزم الكنيسة القبطية الارثوذكسية بإعطاء الحاصلين على حكم بالطلاق تصريح بالزواج الثانى , الامر الذى رفضته الكنيسة لأنه مخالف لتعاليم الدين المسيحى التى تحظر الزواج الثانى , وقد تنوعت ردود فعل الرأى العام من مسلمين ومسيحيين تجاه الازمة ما بين مؤيد لموقف الكنيسة ومناهض لها وذلك على النحو التالى :

_الموقف الاول المؤيد للكنيسة وهم الغالبية العظمى من المسيحيين اذ يرون انه لا يجوز معارضة النص الدينى _استنادا للاية " من جمعه الله لا يفرقه انسان" _ كما ان هذا الأمر شأن خاصا بالكنيسة وسر من أسرارها , وقد قاموا بمظاهرات كبرى تأييدا لموقف الكنيسة والبابا شنودة أعلنوا خلالها ان حكم المحكمة غير ملزم لهم، لأنهم لا يستطيعون مخالفة الإنجيل مهما كانت الأسباب

_الموقف الثانى المناهض للكنيسة (موقف العلمانيين) حيث يرون ان تحريم الطلاق والزواج الثانى امر منافى للعقل والمنطق فضلا عن منافاته لابسط حقوق الانسان وهى حقه فى تكوين اسرة جديدة كما ان اللائحة 38 التى صدرت عن الكنيسة تقضى بجواز الطلاق بشروط فضلا عن وجود حالات زواج ثانى وقعت بعلم من الكنيسة وكثير من المسيحيين يقرون بذلك الا ان الكنيسة تتعمد اخفاءها منعا للفضيحة

وقد قام هؤلاء بمظاهرة سلمية امام وزارة العدل نددوا خلالها بموقف الكنيسة مطالبين بحق الاقباط فى الطلاق والزواج الثانى كما اصدروا بيانا اشاروا فيه الى ان الحل الذى يراه المطالبون بالطلاق هو أن يعامل جميع المواطنين أمام القانون سواء، مع ترك حرية الاعتقاد ليقررها الشخص وحده، وأن الطلاق هو حق لكل مواطن، وهو حر فى أن يقرر التمسك به أو التنازل عنه، إذا كان ذلك يتعارض مع عقيدته

بشكل عام فان معارضة العلمانيين للكنيسة من منطلق انسانى بحت, الا ان بعض متطرفي العلمانية يعارضونها كجزء من محاربة كل ما هو دينى

بيد ان الازمة قد كشفت النقاب عن مفاجأة مذهلة لم تكن لتخطر ببال احد ذلك ان بعض المسيحيين الذين قاموا بتأييد الكنيسة بشدة محسوبون على التيار العلمانى ومع اندلاع الازمة انشكف وجههم المتطرف القبيح حيث اتضح انهم انما يتخذون من العلمانية ستارا لاخفاء تطرفهم الدينى من جانب وللطعن فى الاسلام من جانب اخر

على الجانب الاخر فقد انخرط بعض الاخوة الاسلاميين فى الازمة اما بالشماتة او بالتحريض ضد الكنيسة وهو امر مشين لا يليق , فكما انه من غير المقبول ان يتدخل الاخرون فى شئون ديننا فانه يتعين علينا كذلك الا نتدخل فى امور دينهم , لذا ادعو الجميع الى احترام الاديان والكف عن الاصطياد فى المياه العكرة

بعض المحللين يرون ان الازمة انما هى تجسيد لصراع خفى بين السلطة الدينية ممثلة فى الكنيسة وسطلة الدولة ممثلة فى القضاء وتلك حقيقة لا شك فيها ذلك ان اهم اسباب اندلاع الازمة فى اعتقادى هو تأخير الحكومة فى اصدار قانون الاحوال الشخصية الخاص بالاقباط بالاضافة الى قانون بناء دور العبادة الموحد وذلك لمواءمات سياسية فضلا عن غياب اى معايير واضحة تنظم العلاقة بين المؤسسة الدينية والدولة , باختصار فان الازمة ما هى الا نتاج لترهل الدولة المصرية وامتداد للفشل الرسمى العام

وبعيدا عن ازمة الطلاق بالكنيسة فقد بدا لى ان ابين الحكمة من مشروعية الطلاق فى الاسلام يقول الشيخ جاد الحق على جاد الحق ردا على سؤال عن الحكمة من مشروعية الطلاق : " الانفصال بين الزوجين معروف من قديم الزمان في الشرائع الوضعية والأديان السماوية؛ لأن الزواج تكوين لشركة تتعاون على تحقيق الهدف منه، وهو السكَن والمودَّة ورعاية النسل، وكل شركة لا تُوفَّق في تحقيق أهدافها بعد محاولة إصلاحها كان من الأوفق أن تَنْحَلَّ، ويسعى أصحابها للبحث عن شُرَكاء آخرين صالحين لإنتاج الخير. وجاء الإسلام، وهو خاتمة الرسالات، فأبقى على هذا المبدأ ونظَّمه.
ومن وُجوه الحِكْمة في تقرير مبدأ الطلاق:
1ـ قد تكون الزوجة عقيمًا والرجل يريد نسلًا، وطلب النسل مشروع وهو الهدف الأول من الزواج، ولا تَرْضَى الزوجة بأن يَضُمَّ إليها أخرى. أو لا يستطيع هو أن يُنْفِق على زوجتين، وبالمِثْل قد يكون بالزوج عيب يمنع من وُجود النسل، وهي تتَوَقَّ لإشباع غريزة الأمومة، فلا سبيل إلا الطلاق.
2ـ وقد يكون بأحدهما مرَض مُعدٍ يُحِيل الحياة إلى متاعب وآلام، فيكون العلاج بالطلاق.
3ـ وقد يكون الزوج سيئ العِشْرة خَشِن المعاملة لا يُجدي معه النصح، وقد تكون هي كذلك فلا مَفَرَّ من الفراق.
وقد تكون هناك أسباب أخرى منه أو منها فيكون الطلاق أمرًا لابد منه "

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ردا على ذات السؤال : " الحكمة من اباحة الطلاق فهى من اوضح الواضحات لأن الزوج قد لا تناسبه المرأة وقد يبغضها كثيرا لاسباب متعددة كضعف العقل وضعف الدين وسوء الادب ونحو ذلك فجعل الله له فرجا فى طلاقها واخراجها من عصمته حيث قال سبحانه : " وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته "

ويقول الشيخ بن عثيمين رحمه الله : " الطلاق فراق الزوجة باللفظ أو الكتابة أو الإشارة والأصل في الطلاق أنه مكروه إذ إنّه يحصل به تفويت مصالح النكاح السابقة، وتشتيت الأسرة، وفي الحديث: ( أبغض الحلال عند الله الطلاق ).
ولكن لما كان الطلاق لا بد منه أحيانا أما لتأذي المرأة ببقائها مع الرجل، أو لتأذي الرجل منها، أو لغير ذلك من المقاصد، كان من رحمة الله أن أباحه لعباده، ولم يحجر عليهم بالتضييق والمشقة , فإذا كره الرجل زوجته ولم يتحمل الصبر فلا باس أن يطلقها "

لقد اشتهدت على الحكمة من مشروعية الطلاق فى الاسلام بكلام الشيخ جاد الحق باعتباره يمثل الوسطية الاسلامية الى جانب كلام الشيخ ابن باز وابن عثيمين باعتبارهما يمثلان السلفية الاسلامية وكلا الطرفين اتفقا على الحكمة من مشروعية الطلاق فى الاسلام

فى تقديرى لا سبيل للخروج من تلك الازمة الا بمراجعة منظومة التشريعات والقوانين المنظمة للعلاقة بين الكنيسة والدولة او بين المؤسسة الدينية ونظيرتها المدنية لمعالجة ذلك الشرخ التشريعى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أبغض الحلال
Amir Baky ( 2010 / 6 / 26 - 22:13 )
هناك أسباب يمكن أن يكون الطلاق فيها حلا لو أتفق الطرفان على إستحالة العشرة وفى عدم وجود أطفال. فوجود الأطفال سبب هام جدا لإستمرار الزواج ومحاولة إصلاح الشروخ أمر واجب إجتماعيا و دينيا حتى لا تنهار أسرة تكونت فعليا. الزواج المسيحى ينظر للموضوع بمنظور الكمال المطلق و المثالية التى من الصعب تطبيقها ولكن يجتهد الطرفان للوصول إليها.فمرض أحد الطرفان قبل الزواج و تم خداع الطرف الآخر لإتمام الزواج تعتبرة الكنيسة غش و تحكم ببطلان الزواج. أما لو مرض أحد الطرفان بعد الزواج ترى الكنيسة أن من واجب الطرف الآخر الوقوف مع الطرف المريض ولا يترك لوحده. وبالقياس أى مشكلة زوجية كانت مسبباتها قبل الزواج و بها غش يمكن أن تسير فى طريق بطلان الزواج. المشكلة الحقيقية فى نظرى أن الذين يريدون زواج ثانى غالبا ما يكون الطرف الذى تم تطليقة تزوج فيرى أن من حقة أن يتزوج أيضا. فعلة الزنا من الصعب إثباتها عمليا فلو كان المطلق و المتهم بالزنا مظلوم يصب جام غضبه على الكنيسة خصوصا أن المجتمع يرفض فكرة الزواج المدنى. بخلاف أن الكهنة بشر فيمكن تصديق طرف عن الطرف الآخر فيشعر المظلوم بقمة الغبن و القمع الكنسى.


2 - مالنا ولهم ولهن
عيساوي ( 2010 / 6 / 27 - 02:36 )
السيد اسلام احمد المحترم
الذي يريد ان يطلق فليطلق. الذي يريد ان يتزوج ثانية ورابعة فليفعل... بعيدا عن الكنيسة، بعيدا عن الانجيل، بعيدا عن المسيح.
لاعليك بالعلمانيين -ذوي المفاجئة والوجه القبيح-، لاعليّ انا بما قاله الشيخ الفلاني والعلاني... كل له شأنه، وهذا الشأن هو شأن مسيحي وليس شأن اسلام ولا باز ولاعثيمين ولا غيره. يشتهي الشيخ ان يطلق ويتزوج مثنى وثلاث وماملك ايمانه فهنيئا له لكن بعيدا عني. الدولة تتدخل في خصوصيات الكنيسة التشريعية لكن لاتلتفت الى الظلم الواقع عليها وعلى ابنائها وبناتها... كفوا عن هذا.
اين حضرتك من الذبائح والحرق الذي يتم في مصر حتى -ترضخ لضغط اصدقائك- وتفتي في هذا الموضوع؟ استغرب من هؤلاء الاصدقاء انهم لم يسألوك رايك في تلك الامور ام انك توضح لهم رأيك حين تجتمعون وتجلسون معا لكن في موضوع الزواج الثاني كان يجب ان تنشره لكي نعرف رأي الشيوخ الاجلاء؟!

تقبل احترامي لشخصك وسلامي الى اصدقائك


3 - من فضلك أيها الكاتب
أيمن قدرى ( 2010 / 6 / 27 - 08:54 )
بعد التحيه للكاتب
أرجو من سيادتكم التحلى ببعض الموضوعيه
حيث تقول سيادتك:

بيد ان الازمة قد كشفت النقاب عن مفاجأة مذهلة لم تكن لتخطر ببال احد ذلك ان بعض المسيحيين الذين قاموا بتأييد الكنيسة بشدة محسوبون على التيار العلمانى ومع اندلاع الازمة انشكف وجههم المتطرف القبيح حيث اتضح انهم انما يتخذون من العلمانية ستارا لاخفاء تطرفهم الدينى من جانب وللطعن فى الاسلام من جانب اخر

والسؤال يا عزيزى الأستاذ المحترم إسلام
هل المطلوب ممن يسمون انفسهم أوتسميهم أنت العلمانيين الذى إنكشف وجههم القبيح على حد تعبيرك أن (ينصروا البابا ظالما او مظلوما) ليكونوا يكونوا علمانين على شروط سيادتك!!
أم ان المطلوب هو إتخاذ موقف موضوعى يتفق مع نصوص الدين المسيحى بصرف النظر عن صاحب هذا لموقف وبصرف النظر عمن يقف مع هذا الموقف أو ضده!!
وماهى مهاجمة الإسلام التى تتحدث عنها والتى تقدمها إلينا كواحده من المسلمات البديهيه
ماذا يقصد من مهاجمة الإسلام
هل فحص الفكر الإسلامى ووضعه تحت المجهر يسمى مهاجمه؟؟
إذا كان فحص الفكر الإسلامى من وجهه نظر سيادتك يسمى هجوما فما الفرق بين سيادتك وبين
من يعتمد السيف كأداه للفكر؟؟؟؟
يتبع


4 - تابع
أيمن قدرى ( 2010 / 6 / 27 - 09:15 )
ثم ناتى الى نقطه جوهريـه وهى
ان سيادتكم تعمد الى تقديم الفكر الفقهى الإسلامى فى الطلاق
ومع إحترامى التام لسيادتك ولفكر الفقهاء
إلا أنـه فاتتك النقطه الجوهــــــــريه
او لـــــــُـب الموضـــــــــــوع
أراء الفقهاء التى أوردتها سيادتك تتحدث عن (الطلاق) التالى (لنكاح)وليس لزواج
والكنيسه تتحدث (طلاق) التالى (لزواج)والامر مختلف يا أخى إسلام
فالـــــــزواج غير النـــــــكاح يا أستاذ إسلام
بالتالى يا أستاذنا الفاضل أنت كمن يحاول تطبيق قواعد علم الطب على علم الجغرافيا
فقواعد علم الطب تطبق على الطب فقط وقواعد النحو تطبق على اللغه العربيه فقط لا غير

أخيرا يا أستاذا إسلام وقد راعيت الإختصار فى محولة تسليط الضوء على الحقيقه
تحياتى للبعض من أصدقاء اللائى ضغطوا عليك وأذكرك بالقول المأثور
اللهم أكفينى شر أصدقائى أما أعدائى فأنا كفيل بهم

ومن يريد أن يتزوج بعيدا عن الكنيسه فليذهب حيث يريد
فالكنيسه ليست لديها مطاوعه ولا خيزرانات ولا سيوف ولا تستمد قوتها من حكومات وجيوش

والمبدأ الإنجيلى واضح تماما ويقول
ان كان الرب هو الله فاتبعوه وان كان البعل فاتبعوه 1مل 18: 21


5 - شكر وتعقيب
متفرج ( 2010 / 6 / 27 - 10:03 )
الكاتب مشكورا قام بدحض ادعائه بنفسه...فهو يقول- على الجانب الاخر فقد انخرط بعض الاخوة الاسلاميين فى الازمة اما بالشماتة او بالتحريض ضد الكنيسة وهو امر مشين لا يليق , فكما انه من غير المقبول ان يتدخل الاخرون فى شئون ديننا فانه يتعين علينا كذلك الا نتدخل فى امور دينهم , لذا ادعو الجميع الى احترام الاديان والكف عن الاصطياد فى المياه العكرة-....ثم تبدو له الحكمه فى ابراز محاسن الطلاق من وجهه نظره الاسلاميه التى ابرزها الشيوخ السلفيين والمعتدلين على حد قوله...فما علاقه ما كتبه اولا ثم ما وضحه بالحكمه ثانيا الا كونه...يتكلم فيما لا يعرفه ولا يعنيه وهو ما ابتدأ به انه لا يريده فوقع فيه...يا سيدى انه امر مشين حقا ان يتلاعب الانسان بالكلمات ...والامر واضح...فشكرا لك على حكمك على نفسك


6 - هل ممكن عبدالمسيح يفتى فى رضاع الكبير
Zagal ( 2010 / 6 / 28 - 02:36 )
لاافهم مادخل اسلام احمد بالكنيسه وقرارات المجمع المقدس ....

المثل يقول ان لم تستحى فافعل ماشئت ....

هل هذه الحريه التى يكتب بها الكاتب يمكن ان تعطى لكاتب مسيحى ويعلق على رضاع الكبير بدون تكفير او شتائم من المسلمين ...

انا فقط اسأل !!!

ياريت الحوار المتمدن لايمنع التعليقات


7 - يااهلا بتحليلات البدو
سيف ( 2010 / 6 / 28 - 20:35 )
تعودنا من العرب على الكوميديا وخاصة نوع الكوميديا التى يكتب بها هذا الكاتب
فهو يريد مقارنة الزواج المسيحى بالنكاح بما فيه من المسيار والفريند والمصياف والمتعه ...
ففى رايى ان هذه المقاله تعتبر كوميديا تفوق مسرحية شاهد ماشافش حاجه..
هناك كثير من الناس من ينغصهم هذا ابو اذنين طويلين(الشيطان) ليجرهم لاشياء لايسرهم هم انفسهم لها ولكنهم ضعيفى الاراده امامه .
والسيد الكاتب قد تم نغصه وكتب هذه المقاله.

اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس