الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معضلة التعميم ( كل) معضلة مقدسة

رأفت عبد الحميد فهمي

2010 / 6 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثيرة هي المعضلات التي تنشأ عن التعميم في الأحكام فيما عرف بقضية الكل أكبر من الجزء ومقولة الكلية بمعناها المنطقي والفلسفي هي المجموعة التي تشمل جميع العناصر التي تخصها ولا تخص غيرها وقضايا التعميم هي القضايا التي تتميز بالكلية والشمول خاصة في القضايا المنطقية فإذا قلنا عن القضية :
[ كل الحديد يتمدد بالتسخين] هل هي قضية صادقة أم كاذبة هنا نتيقن من التجربة المعملية كون عنصر الحديد إذا ما تعرض لدرجات مختلفة من الحرارة المرتفعة والتي يمكن قياسها و رصدها ثم سجلنا طول قطعة الحديد قبل وبعد التسخين فإذا وجدنا زيادة في الطول تأكدنا بما لا يدع مجالاً للشك أن الحديد يتمدد بالتسخين وإذا كررنا التجربة على مدار السنين توصلنا إلى نفس النتيجة مما يجعلنا نجري تعميماً على شاكلة :
[كل الحديد يتمدد بالتسخين]
ولا يعقل أن نجد قطعة من الحديد تشذ عن القاعدة و لا تتمدد بالتسخين وهو ما عرف بقوانين الطبيعة أو النواميس الإلهية التي لا تبديل فيها ولا تغيير فإذا صادفتنا قطعة من الحديد وجدناها لا تتمدد وهو محال هنا يجب أن نتبرأ من مقولة التعميم التي أطلقناها ونقدح زناد فكرنا و نبحث عن الخلل الكامن في الإعتبارات المعملية أو في الإختلافات الفيزيائية التي أدت إلى حدوث هذا الشذوذ . هذا المثال سقناه للتدليل على أهمية قضايا التعميم التي يلجأ إليها عقلنا التجريبي بعد تمرسه بالعديد من التجارب المعملية المتكررة والتي دوماً ما تعطي نفس النتائج لكن ترى ماذا نحن فاعلون إزاء تعميم يرد ذكره في الأيات القرأنية مخالفاً للقاعدة المنطقية للتعميم ؟ هذا ما تخبرنا به الأيات مثل قوله تعالى : " ومن كل شيئ خلقنا زوجين لعلكم تذّكرون " ( الذاريات -49 ) فهل هذا التعميم نأخذه على اطلاقه أي هو تعميم عام أم هو تعميم ذو خصوصية للأشياء ؟ ولفظ زوجين هو لفظ يتراوح بين مدلولين لا ثالث لهما إما مدلول الثنائية كقوله تعالى : " حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين آثنين " ( هود – 40 ) أو مدلول الإختلاف الجنسي بمعنى الذكر والأنثى كقوله تعالى : " وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى " ( النجم – 45 ) . فإذا كان الخلق عاماً لسائر الأشياء التي خلقها الله بهذة الكيفية التي جاءت في آية الذاريات اصطدمنا بالواقع الفيزيائي الذي ينقضها فليست الأشياء كالبحار والأنهار والكواكب والأقمار والنجوم والجبال زوجية أو حتي الظواهر الطبيعية كالضوء والطاقة والإشعاع والبرق والرعد والريح إلى أخر سلسلة الظواهر فكل هذة المخلوقات تنتفي منها صفة الزوجية حتي بعض أعضاء الجسد هي فردية وليست زوجية أي ليست ثنائية فهناك معدة واحدة وقلب واحد وحتي في الواقع الإفتراضي لدى الذهنية الدينية لن نجد الزوجية سواء بمعناها الثنائي أو بمعناها الزوجين الذكر والأنثي ودليلنا كما تخبرنا الأيات به أن هناك مخلوقات فردية عديدة أكدها النص القرأني بأيات قطعية الدلالة يقينية الثبوت أشياء و مخلوقات لم يخلق منها زوجين على حساب المدلولين آنفي الذكر والأمثلة عديدة :
العرش والكرسي والقلم والميزان واللوح والصراط والحوض والبيت المعمور والكعبة وسدرة المنتهى والملائكة و حور العين والولدان المخلدون وبالمناسبة تخصيص الخلود للولدان هو تخصيص لا فائدة فيه وذلك لأن صفة الخلود عامة وشاملة للصديقيين والشهداء والفائزين بدخول الجنة جميعهم دون استثناء . لذا فمعضلة التعميم في خلق من كل شيئ زوجين هي إشكالية مقدسة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مثل البحر
منتظر بن المبارك ( 2010 / 6 / 27 - 18:47 )
أوافق الكاتب أن التعميم مشكلة كبيرة في الكتاب المبين. خذ مثلا: تكررت عبارة أن الله على كل شيء قدير في العديد من الآيات ومنها: أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (البقرة 106). ولكن الأية: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (الكهف 109)، وهذا يعني أن سبحانه غير قادر على خلق بحر يكفي لتدوين كلماته. هذا اللغز نتج عن التعميم، الذي يهدف إلى المبالغة
تحياتي

اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah