الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخط الارتقائى

ماريو أنور

2010 / 6 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتبين لنا إذا ما استعرضنا تاريخ الكون عند الانفجار المعروف بـbig bang الذى أبرزه إلى الوجود منذ نحو 15 ملياراً من السنين و تأملنا فى الشوط الهائل الذى قطعته المادة , انظلاقاً من حالتها الأولى حيث كانت تقتصر على المقومات البدائية للذرة وهى المعروفة بالـ quarks , وصولاً إلى دماغ البشرى الذى يفوق بما لا يقاس , بتركيبه الذى هو آية فى التعقيد , اكثر الأدمغة الالكترونية دقة و إحكاماً , والذى يسعه , من جراء ذلك , أن يستعيد و يستوعب , بحجمه الصغير , مسيرة الكون كلها , إذا تأملنا ذلك كله , يتبين لنا أن الكون سلك , عبر هذا الزمن السحيق الذى انقضى على وجوده , خطاً تصاعدياً بدأ العلم يتبين معالمه بجلاء منذ القرن الماضى فسماه خط (( التطور )) أو (( النشوء و الاتقاء )) .
هذا الخط عبارة عن سير متواصل الاتجاه , رغم تشعباته , سلكته المادة نحو قدر متزايد من التجميع و التكثيف و التركيز و التعقيد و التسيق , ما سمح ببروز تركيبات لها متعاقبة , أكثر فأكثر رقياً و تنظيماً , من العناصر الأولية ( كالبروتون و الالكترون و النترون ) , إلى تكتل هذه العناصر فى ذرات خفيفة ( كالهيدروجين ) ثم فى ذرات ثقيلة , إلى الجزئيات التى تجمع الذرات فى وحدات بسيطة , الى الجزئيات الضخمة المعقدة التى تتكون منها المواد العضوية , إلى الخلية الحية التى تندمج ضمنها هذه الجزيئات الضخمة وفق هندسة تنسيقية عجيبة تجعل من هذه الوحدة المجهرية الحجم كياناً متفوقاً ,من حيث تركيبه , على أضخم الشموس , إلى تجمع الخلايا البسيطة لتؤلف كائنات متعددة الخلايا انطلقت بها الحياة إلى تحقيق أنواع أكثر فأكثر رقياً , إلى ظهور الجهازالعصبى , وهو الأداة الأساسية للتنسيق و التركيز , اللذين بلغا ذروتهما فى الدماغ البشرى الذى توج المسيرة بقدرته على وعى المادة التى آل اليه و التحكم بها وفقاً لأغراضه ....
هذا الشوط الارتقائى الهائل اجتازته المادة بموجب كيانها الذاتى , أى بفعل خصائصها و مواصفاتها و نواميسها و تفاعلاتها . كل ذلك شأن العلم , والعلم وحده , أن يستقصيه و يجلوه , وهو يفعل ذلك تدريجياً . انه ميدانه , ومن العبث إقحام الله فى السياق , كما كان يروق لبعض المتدينين ان يفعلوا , إذ كانوا ينسبون إلى تدخل إلهى مباشر كل ما كلن العلم عاجزاً مرحلياً عن تفسيره , فيلوذون بالله لسد ثغرات المعرفة البشرية فى مجال هو مجالها . كان هذا التصور لله كسادً لثغرات العلم مهيناً للعلم و لله فى حد سواء , وكان يوحى خطأ بتقهقر مجال الله فى كل مرة يتوصل فيها العلم إلى احتلال موقع من ميدانه لم يكن قد شغله بعد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانزعاج من الله
انا مؤمن ( 2010 / 6 / 29 - 11:02 )
الزميل المجترم كاتب الموضوع
تحياتى
الحقيقة يا زميل انا فى غاية الاندهاش والغرابة .من كل ما يفعله الانسان فى هذا الزمان من اجل ان يثبت عدم وجود الله
دعنا الان من ان قصة الانفجار الكبير تثبت او تنفى وجود الله .. وتعالى معى نسأل انفسنا
هل وجود الله مزعجا الى هذه الدرجة؟
تعالى نفترض فرضا جدليا ان العالم كله اصبح ملحدا ولا يؤمن بالله ولا بالاخرة ولا بالجنة ولا بالنار ولا يحزنون ..فماذا ستكون النتيجة؟ كيف سيكون شكل العالم ...وحياة الانسان؟
شئ بشع ...فساد اخلاقى واجتماعى ودمار لا يمكن لاحد ان يتصوره..فى جميع انحاء الكرة الارضية .ان لم يكن فى الكون كله
فطالما انه لا حساب ..لا عقاب لا ثواب ..لا شئ بعد الموت ..فليذهب العالم كله الى الجحيم
وهذا ما عبر عنه رسول الله فى حديثه
لن تقوم الساعة وعلى الارض من يقول لا اله الا الله
انها النهاية فعلا ..نهاية الرقى والتحضر والحضارات ..يوم يسود الكفر والالحاد
لماذا تقبلون ازلية المادة .وتقبلون ان الانسان اصبح هكذا بعد مليارات السنين دون خالق او موجد ..ولا تقبلون نفس الشئ بالنسبة الى الله ...بمعنى ان يكون وجد ايضا ازليا منذ لا زمن محدد؟
لك تحيا

اخر الافلام

.. المسيحيون في غزة يحضرون قداس أحد الشعانين في كنيسة القديس بو


.. شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد




.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ