الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة المضطهدة في المجتع الفاسد

علي محمد البهادلي

2010 / 6 / 29
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



دأب البشر على تقسيم النوع الإنساني إلى ذكور وأناث حتى في أرقى الدول المتقدمة ولم يكن ضابط تقسيماتهم واضحاً ، فهناك من عدَّ هذا التقسيم دلالة فارقة بين الفرد الأقوى والمتميز عقلياً والفرد الضعيف من ناحية جسمه وعقله ، وهناك من عدَّ الأنثى ليس في عداد البشر ، أو أنها شر لا بد من اجتنابه ، وهناك من يرى أن هذا التقسيم هو بسبب الفوارق الجسمية والاختلاف بين سيكلوجية الجنسين وليس أساساً لتكريس تميُّز أحدهما على الآخر ، أما في الحضارة الغربية الحديثة ،على الرغم من أنها رافعة لواء تحرير المرأة و مساواتها بالرجل ، فلم تكن أفضل حالاً من سابقاتها فيكاد شعاراتهم في تحرير المرأة تبغي تحريرها من سيطرة الرجل شكلياً وهذا ما نلحظه واضحاً ، بل ازدادت سيطرته الفعلية عليها ، إذ إن تحريرها لم يكن يستهدف فكرها ونظرتها لنفسها على أنها إنسانة كأخيها الرجل لها طموحاتها كما أن له طموحاته ولها أن تبدع وتشارك في ميادين الحياة كافة كما هو حاصل له ، إذ لم تكن هناك دعوات جادة لذلك بل رأينا تحرير المرأة من القيود المفروضة عليها من قبل الرجل من ناحية الملبس والعمل والجنس ، وخرجت لنا المرأة بعبودية أشد مما كانت، فــ "موظات الملابس " التي تأخذ طابعاً جنسياً ودور الأزياء وحفلات الرقص والغناء وأنواع مساحيق التجميل والحلاقة كلها أدخلت المرأة في هوس الإثارة وجعلت منها دمية تحركها الأهواء يميناً وشمالاً وغدت عملية إثارتها للرجل هو العمل الرئيس لها ، فهي من حيث تشعر أو لا تشعر غدت مملوكة للرجل بكيانها كله ، أما شعور المرأة بدورها الرسالي في المجتمع وسعيها مع أخيها الرجل للتغير الاجتماعي ومكافحة الظلم ونشر العدالة بين أبناء المجتمع والوقوف بوجه أصحاب المصالح ورؤوس الأموال والفاسدين الذين يتحكمون في كل مفاصل الحياة فهذا ما لم نلمسه بالواقع إلا محاولات ضئيلة جداً .
فهذا الإنسان (المرأة) لم يأخذ دوره الحقيقي المبتغى منه ، فالله سبحانه خلق الناس ذكوراً وإناثاً وطلب منه وكلفهم بالسعي لتحقيق الغاية التي من أجلها خلقوا ، وهي السمو بالإنسان نحو درجات التكامل والرقي ، وهذا لا يكون إلا بإزاحة الظلم عن الساحة الاجتماعية ، وبما أن المرأة الآن هي الطرف الأضعف في المعادلة فقد عُرِّضَت لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد والاستغلال ، فالأم في بيتها يكال لها مجموعة من الأعمال الشاقة منها تربية الأطفال وتنظيم أمور المنزل ليكونوا بذرة صالحة في المجتمع ، وهذا شيء جميل جداً إلا أنها للأسف الشديد تُضطهَد من قبل الزوج والأهل و من المجتمع لا سيما إذا فُقِد زوجها جراء الاضرابات السياسية والأمنية ، وهذا ما شهدناه على الساحة العراقية ، فالمرأة قامت بدور الزوجة والأم والأب خلال هذه الأجواء المضطربة وتحملت الآلام والمآسي والتهجير، ولم تسع الحكومة إلى تخفيف الظلم الواقع عليها ، بل إنها ـ أي الحكومة ـ تضع إجراءات روتينية كثيرة أمام منح المرأة مبالغ هي أقل من حقوقها بكثير ، فدائرة الرعاية الاجتماعية التي كانت المسؤولة عن إعطاء منح للأرامل والمطلقات ومن لحقهن الظلم الاجتماعي ، لم تقدر معاناة المرأة بل أجحفت حقها وظلمتها ، وما دموع الأرامل وأهات المطلقات وأنين أطفالهن على عتبة أبواب الرعاية الاجتماعية إلا شاهد حي على الانتهاك الصارخ لحقوقها .
أما في ميدان العمل فإنها تُستغَل بشكل بشع ودنيء فقلة الأجور وعدم تكافئها مع رواتب وأجور الرجال موجود في كل أنحاء العالم حتى في الدول الديمقراطية ، وتعرضها للابتزاز والتحرش الجنسي من قبل القيادات الإدارية في مواقع العمل واضح وكثير حتى وصل هذا الأمر إلى الدولة التي تتزعم النظام العالمي الجديد ، إذ تحرش رئيسها الأسبق " بيل كانتون " بإحدى موظفات البيت الأبيض ، وهي أشهر فضائح الرؤساء في العالم .
فعلى النساء الواعيات المثقفات المطالبة بحقوقهن التي لا مناص منها في طريق تحررها من براثن الجهل والاضطهاد والقيام بحملة مركزة تهدف إلى لفت نظرها إلى أهدافها الحقيقية وليس إلى ما يجعلها نائمة وغافية عن حقوقها المشروعة ، وأخص بالذكر النساء البرلمانيات اللائي نلن مقاعد في مجلس النواب في دورته الجديدة ؛ لأن موقعهن ومسؤوليتهن تفرض عليهن ذلك ، ولأنهن أقدر من النساء غير البرلمانيات على انتزاع حقوق المرأة ، إذ لهن مجالات واسعة للتغيير منها تشريع القوانين ومراقبة الوزارات والدوائر التي تعنى بشؤون المرأة ، ولا ينبغي إغفال الدور الرائد لبعض البرلمانيات في هذا المجال وفي غيره من المجالات ، فمواقف بعضهن في البرلمان فاق مواقف زملائهن الرجال وقد تلقى رئيس البرلمان السابق قبل استقالته أعنف الكلمات والمواقف من برلمانيات وطنيات استنكرن فيها سلوكياته السمجة في إدارة المجلس واستهزائه بمشاعر الشعب العراقي .
نأمل أن يكون هذا خطوة في اتجاه تحرير المرأة ليس من الرجل بل من كل ما من شأنه أن يحط من قيمتها الحقيقية وكرامتها ، وواجب على كل الخيرين من أبناء المجتمع لا سيما الذين ينحون المنحى الإسلامي في تحركهم السياسي أن لا يقفوا حجرعثرة في طريق المرأة بسبب تمسكهم بالموروث العشائري القبلي ، فالإسلام لم يضع الحواجز على طريق المرأة ، وما هذا الحواجز الموجودة إلا ترسبات من تقاليد المجتمع البالية ، وأول ما ينبغي محاربته هو ذلك ، والتنبيه بأن الإسلام يدعم تحرك المرأة في طلب العلم وفي الوقوف بوجه الطغاة والمستكبرين واخذ مسؤوليتها الاجتماعية ، وما تحرك زينب بنت علي إلا خير مثال على ذلك إذ إنها قرَّعت بكلماتها الثورية أعتى الطغاة في عصرها عبيد الله بن زياد والخليفة الأموي يزيد بن معاوية ، ونبهت المجتمع الكوفي والشامي إلى إلأوضاع الفاسدة آنذاك ، ووبختهم على سكوتهم على الظلم وعدم تحركهم ضد الواقع الفاسد ، فنحن نريد امرأة واعية مثقفة ثقافة صحيحة بعيدة عن التقاليد البالية وفي الوقت نفسه متسلحة بسلاح العلم والمعرفة وتعي اللحظة والواقع الذي تعيش فيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحفيات في غزة تحت النار في ظل سياسات القمع والتمييز


.. الصحفية غدير بدر




.. كيف تؤثر وسائل التواصل على نظرة الشباب لتكاليف الزواج؟


.. الصحفية غدير الشرعبي




.. لوحة كوزيت