الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم، نحن متجاوزون!!

سعد تركي

2010 / 6 / 30
المجتمع المدني


في النظرة الأولى، يبدو الإجراء صائباً وصحيحاً. ليس على الحكومة، بصفتها جهة تنفيذية، إلا أن تطبّق القوانين، وتنظم فوضى حياتنا، وتزيل تجاوز من تجاوز منا على الماء والكهرباء وسائر الخدمات والأملاك العامة، فذلك من صلب عملها الذي وجدت من أجله. لولا القوانين لا يمكن لأي دولة أن تسير ، ولا شعب يتقدم في غيابها.. لولا القوانين والحرص والسهر والحزم في تطبيقها نعود إلى عصر ما قبل الدولة، وتصبح البلاد كحارة (كلمن إيده اله)..
في النظرة الثانية، يساورنا الشكّ في صحته وجدواه ودقة توقيته، فنحن ندرك أن أغلبنا يتجاوز ويعتدي على أملاك وخدمات عامة، نعي أننا نتجاوز على القوانين والأنظمة، لا لأننا نعشق حرية منفلتة بلا ضوابط أو قيود، أو أننا نطبق ما يناسبنا ونترك ما سواه، إنما بسبب أننا مجبرون على التجاوز.. مجبرون على خرق الأنظمة والقوانين..
حين يُزج ببريء إلى المعتقل من دون اتهام أو دليل واضح بيّن، ولا يمكن أن يستعيد حريته المفقودة إلا برشوة شرطيٌ فاسد، نكون قد صنعنا من مواطن صالح إنساناً مارقاً.. وحين تتعرض كهرباء الحي الذي أسكنه إلى عطب أو خلل ما، ولا يأتي عمال الصيانة لإصلاحه على الرغم من كل الشكاوى المتكررة والالتماسات والتوسلات، والرشا أحياناً، أكون وجيراني مضطرين لمدّ أسلاكنا إلى كهرباء الحي المجاور.. وحين لا يملك رب أسرة سقفاً يؤويه وعائلته، وليس في مشاريع الحكومة، الغارقة في صراع المناصب، ما يوحي بحل، فإن الاستيلاء على مبنى حكومي أو أرض خلاء تملكها الدولة يصبح حقاً مشروعاً.. وحين يجد الموظف مسؤوله فاسداً من دون أن يحاسبه ويردعه قانون أو ضمير، فإن الطريق سالكة وممهدة أمامه للفساد.. وحين نجد أن من انتخبناهم وأقسموا على خدمة الشعب والوطن، لا يخدمون سوى أنفسهم وكراسيهم، فإننا سندير ظهورنا لوطن قضينا سنوات العمر في تأدية واجبنا تجاهه من دون أن نلمس ـ مجرد اللمس ـ حقاً من حقوقنا عليه.. وحين لا يجد أحدنا عملاً، مهما طرق من الأبواب وامتلك من المؤهلات، فإن أرصفة الشوارع ستكون مكان العمل ببضاعة يسد بها الطرقات على المارّة ويشوّه جمال المكان..
في النظرة الثالثة، سنلعب مع الحكومات لعبة القط والفأر، لعبة طالما تعلمناها وأدمناها وأتقناها مع النظام المقبور، لأننا عرفنا أن عين السلطة لا يمكنها أن تراقبنا على الدوام.. فإن قطعت الحكومة سلكاً كهربائيا متجاوزاً، سيُمد سلك آخر مكانه، وإن أزالت سكناً مخالفاً سيُبنى غيره. ستبقى هذه اللعبة مستمرة ولن تتوقف إلا حين توفر الدولة سكناً لائقاً لكل مواطن، كما وفرت لكل مسؤول، وعملاً لكل عاطل، وحرية لكل بريء، وكهرباء مستقرة توزع بعدالة، وشوارع آمنة، وأن يصدق المنتخَبون في قسمهم كما صدق الناخبون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يعلن عن فرض قيود على المهاجرين غير الشرعيين على الحدود


.. متى تلقى استغاثات الأمم المتحدة عن الوضع في غزة آذان مُصْغِي




.. ما هي التحديات الأساسية التي تواجه جهود الإغاثة في الفاشر؟


.. إحصاء حكومي يظهر أن ثلث الأسرى الإسرائيليين بغزة لقوا حتفهم




.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأمم المتحدة: يجب التحرك العاجل