الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


و ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه

محمود طرشوبي

2010 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم تكد تمر على إعادة فرض حالة الطوارئ سوى بضعة أيام حتى صدر القرار الجمهوري بدعوة الناخبين لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، والتى جرت جولتاها الأولى والثانية بالطريقة التي اعتدناه و التى رأيناها جميعا وتأكد فيها أن الإصرار من جانب الحكومة وحزبها على تغييب إرادة الناخبين المصريين لا يزال مستمرا وأن التلاعب بهذه الإرادة عن طريق التدخل المباشر قد بات سياسة ثابتة متواصلة للحزب الوطني وحكوماته المتعاقبة. وبالرغم من الضجة الكبيرة التي خلقتها هذه الطريقة فى إدارة انتخابات مجلس الشورى وما خلقته عند قوى المعارضة المصرية بمختلف ألوانها السياسية والحزبية من فقدان شبه كامل للثقة فى إمكانية إجراء انتخابات ولو نصف نظيفة ونصف شفافة لمجلس الشعب فى أكتوبر القادم،
ولم تكد انتخابات مجلس الشورى بنتائجها ومعانيها ودلالاتها شديدة السلبية والخطورة على الاستحقاقات الانتخابية القادمة فى البلاد تنتهي حتى اندلعت فى وقت واحد تقريبا اثنتان من أخطر الأزمات ذات الأبعاد السياسية والاجتماعية والدينية فى البلاد خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة على الأقل،

وهما الأزمة بين الكنيسة الأرثوذكسية المصرية ومجلس الدولة حول طلاق أتباعها لأسباب غير علة الزنى وحقهم فى الزواج الثانى، والأزمة العاصفة بين المحامين والقضاة حول اتهامات متبادلة بالتعدي من كل طرف على الآخر، واللتان لا تزال تفاعلاتهما وتوابعهما مستمرة بل وآخذة فى التصاعد والخطورة يوما بعد آخر.

وقد بدا واضحا لجميع المحللين والمراقبين والمهتمين بالشئون المصرية الداخلية أن هاتين الأزمتين لا تمثلان فقط صراعات نوعية بين فئات أو مؤسسات دينية ونقابية وقانونية فى البلاد حول قضايا طارئة، بل إنهما تحولتا إلى أزمة أكبر تحمل مظاهر ودلائل أكيدة على حدوث تشرخات خطيرة فى البنية السياسية والدينية والاجتماعية والقانونية فى البلاد بما يحمل علامات مخاطر أكيدة على تماسك هذه البنية وهذه المؤسسات ويجعل من مستقبلها فى حالة تهديد حقيقي لا يمكن تجاهله أو إخفاؤه.
و تكاد تكون مشكلة الزواج الثاني هي مشكلة كبيرة نظراً لتعلقها بالحياة الشخصية لجزء من الشعب المصري ليس بالقليل , خاصة و أنها مشكلة ليست وليدة اليوم , و قد ظهر في رد الفعل الحاد من جانب الكنسية فهي ليست مشكلة يمكن أن تمر مرور الكرام من جانب الأقباط , و قد ظهر ذلك جلياً في تصريحات البابا شنودة القوية و التي أيدها عدد كبير من الأقباط يكاد يكون الأغلبية . و أني أطرح تساؤل لماذا تصر الدولة المصرية علي أن تتداخل في علاقة العبد بربه أيا كانت هذه العلاقة خاصة و إن المسيحية دين سماوي ليست فكرة من صنع الإنسان , و لها كتاب مقدس ؟
هل انتهت الدولة المصرية من كل مشاكلها لكي تستحدث مشاكل , تظن إنها بها تحل مشكلة بعض المواطنين الأقباط المطلقين و الذي يرغبون في الزواج مرة أخري .
إن مشاكل مصر الداخلية و الخارجية لا حصر لها و مع مطلع الشمس تنتظرنا مشكلة جديدة أو كارثة جديدة .
لم يثبت في العصور الإسلامية ان تداخلت الدولة في مشاكل بين الكنيسة و رعاياها خاصة فيما يخص النواحي التعبدية و منها بالطبع الزواج لأنه من العبادات التي يقوم بها الفرد سواء لحفظ نفسه من الوقوع في الحرام ( الزنا ) , أو لاستمرار حفظ النوع البشري .
فلماذا التدخل الآن ؟
كان علي الدولة ان تحيل الأمر برمته الي الكنيسة و هي أعلم بنصوص الإنجيل و تفسيراته , مصدقاً لقول الله تبارك و تعالي في القرآن ( و ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفسقون ) المائدة الآية 47
و لن أخوض في تفسير الآية و دلالتها و لكن الحادث في كل العصور الإسلامية إن أهل الديانات الأخرى في البلاد الإسلامية يتعاملوا في شئونهم الشخصية كالمأكل و المشرب و الزواج و الطلاق حسب عقيدتهم و لا يجوز التدخل فيها .
وبالرغم من مئات المقالات والصفحات التى احتوتها الصحافة المكتوبة وعشرات الساعات التى بثتها وسائل الإعلام المرئية والأيام الطويلة التى قضاها ملايين من المصريين يتابعون أو يشاركون فى هذه الأزمة الخطيرة . فلا يجب أن تعامل القضية علي انها صراع بين الدولة المصرية و التي تحكمها أغلبية مسلمة و بين الكنيسة المصرية , فالموضوع يجب أن يتم التعامل معه من باب الحكم الشرعي الذي ألزام المسلم بترك أهل الإنجيل يتحاكمون إلي شرائعهم الخاصة في كل ما يتعلق بهم في حياتهم الخاصة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
عيساوي ( 2010 / 6 / 30 - 11:07 )
نعم وشكرا


2 - شكرا لك
مرثا ( 2010 / 6 / 30 - 13:43 )
سلام لك سيدي
شكرا على محايدتك ونطقك بالحق
احترامي


3 - هل الكنيسة المصرية فوق الدولة ؟!
خالد المصري ( 2010 / 6 / 30 - 14:30 )
كلا فان المواطن غير المسلم عندما يشتكي على مواطن مثله في الديانة او يغايره فيها فان من واجب الدولة الاسلامية انصافه وفي حدود معلوماتي ان المشتكين في الاصل هم مصريون وان كانوا مسيحيين فاذا تعنتت ضدهم كنيستهم فمالهم سوى قضاء الدولة الاسلامية في مصر ينصفهم ولا يليق ان تكون الكنيسة او الازهر فوق الدولة مع ملاحظة ان المحكمة الادارية حكمت للمشتكين ليس القانون المدني الفرنسي الانجليزي المعمول به في مصر ولكن وفق اللائحة المسيحية لعام 1938 كما ان قضايا الطلاق في المسيحية والزواج ثانية من القضايا الخلافية ولكن يبدو ان شنودة يريد ان يبتز الدولة او النظام الخائر الان لاصدار لائحة قوانين مصرية كنسية جديدة مقترحة مما يعني مزيدا من العنت والتحكم في المسيحيين المصريين ومنعهم من الهروب من اسوار دولة الكنيسة الى الدولة المجاورة مصر ؟!


4 - تحيه لكل صوت ينطق بالحق
سيف ( 2010 / 6 / 30 - 18:42 )
مع احترامى الصادق للكاتب ورأيه الراجح ..
فارى الاخ خالد الاسلامى(وليس المصري) يجتر ثقافه بدويه وليست ثقافة مصر المعروفه قبل الغزو البدوى البترودولارى.


5 - الى خالد
ابراهيم المصرى ( 2010 / 6 / 30 - 21:28 )
يا خالد
اولا اسمه البابا شنوده وان لم يعجبك هذا اللقب فأرحمنا من تعليقاتك
انا بالفعل ليس لى ادنى مشكله فى الزواج لكن اتمنى ان يكون هناك زواج مدنى يسرى على كل الاديان والطوائف


6 - صبية الكنيسة اذا ما حاورا الاخر
خالد المصري ( 2010 / 7 / 1 - 14:01 )
شكرا على ادبكم الجم انتوا تعلمتوا هذه اللغة الجميلة في الحوار فين اكيد داخل اسوار دولة الكنيسة على كل حال عناد البابا وعناد صبيته في النهاية يصب في مصلحة الاسلام والمسلمين في مصر عاوزين تنقرضوا براحتكم ؟!

اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي