الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإسلام أية علاقة؟

عبدالحق فيكري الكوش

2010 / 7 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله سبحانه وتعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[ آل عمران:110 ] . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . رواه مسلم
ما هو مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انطلاقا من الحديث والآية الكريمة؟ هل هو المفهوم الذي تمن اختزال الإسلام فيه؟ أي قولبته في جلد الضعفاء وصغار السفهاء، لصوص الخبز والمومسات و... إلى حد خلق شرطة استثنائية تتخصص في شم الجريمة قبل حدوثها وتطارد هؤلاء الصغار وتستقوي عليهم وتتطرف في تطبيق العقوبات ضدهم؟ أم جلد كبار السفهاء المنظمين في شكل عصابات وحتى أمم ودول ومؤسسات مقنعة، تزعم خدمة الفكر والعلم والإنسانية؟؟ أليس ما يجري في العراق وأفغانستان والصومال وفلسطين أبشع منكر تقترفه جماعة من كبار السفهاء، الذين يبررون هذا المنكر ويلبسونه حلة المعروف وثوب الحق ويوظفون آلة إعلامية وأكاديمية ومؤسسات ثقافية في تبرير السفاهة وشرعنتها ويهيئون مجتمعاتهم لتقبل هذا المنكر الذي يذهب الى حد التفنن في ارتكاب الجرائم وفي استعمال أبشع مااخترعه السفهاء بغاية السيطرة وامتلاك الثروات الطبيعية و استعباد البشر..؟
هل نواجه السفهاء الصغار بالجلد أم بالتربية والإصلاح قبل الجلد، وما هو الأولى والأجدى والأدوم؟ وهل أصلا يحق لنا خلق جهاز شرطة استثنائية بدافع محاربة المنكر والأمر بالمعروف؟ أليس هذا مما يهين المسلمين ويجعل أصابع السوء تشير إليهم بالجهل والتخلف؟ وهل نواجه كبار السفهاء بالعقل وببرامج أكاديمية ومؤسسات إستراتيجية وعلماء ومفكرين أم بخلق جهاز شرطة عربية استثنائية تحقق في جرائم هؤلاء الكبار من السفهاء دولا وجماعات وتكتفي بتغيير المنكر بالقلب؟ ولما توجد الدولة أصلا إذا لم تكن قادرة على حمايتنا من كبار السفهاء؟ وهل نذهب مذهب الغباء إلى جلد هؤلاء الذي يأتون المنكر في شكل جماعات إرهابية منظمة وعصية؟ أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفهوم شمولي استراتيجي ومنظومة تتكامل فيها عناصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا تتجزأ؟
هل جاء الإسلام لحماية الضعفاء أم لجلدهم؟ والحماية تشمل الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية ؟ وهل تتوفر للمجتمع المسلم هاته الحقوق حتى نحاسبه على اقترافه لأخطاء تتحمل الدولة والمجتمع نصيبيهما في حدوثها؟
ألى يشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الزمان والمكان ومحمد لم يكن يتكلم مع قريش بل تكلم مع التاريخ أي الزمن الخالد، معنا ومعنا الأجنة المتكونة في الأرحام، وهذا هو مفهوم النبي والرسول ؟ وما توجد للإسلام أرض خاصة وغير خاصة؟
إن وجود شرطة للمعروف ونهي عن المنكر، ينطلق من فهم أعور للإسلام، واختزاله في العقاب لا في التربية وفي شموله صغار السفهاء لا كبارهم ، يقوض مفهوم رسالة الاسلام ويفرغها من محتواها الاستراتيجي.
ولم يكن الإسلام موجها ضد الضعفاء قطعا، ولكنه جاء لحماية الضعفاء، فهل المجتمع قادر على توفير هاته الحماية في العصر الحديث حتى يحاسب هؤلاء الضعفاء على أفعال هي تدخل في خانة الأخطاء البشرية غير الجسيمة، إن البغاء على سبيل المثال، يلجأ إليه هؤلاء إليه الذين لم نوفر لهم سبيل الزواج في عصر أصبح فيه الزواج قوة قاهرة؟
نحن لا نبرر البغاء ولا نشرعه، وجميع الأمم والعقلاء تنبذه، لكن نوع العقاب فيه نظر، ولا يستلزم وجود شرطة استثنائية تطارد هؤلاء السفهاء الصغار .
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية أن "تحريم الخبائث يندرج في معنى : (( النهي عن المنكر )) كما أن إحلال الطيبات يندرج في : (( الأمر بالمعروف )) لأن تحريم الطيبات مما نهى الله عنه، وكذلك الأمر بجميع المعروف والنهي عن كل منكر مما لم يتم إلا للرسول ؛ الذي تمم الله به مكارم الأخلاق المندرجة في المعروف ، وقد قال الله تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً (المائدة: من الآية3)
وابن تيمية أشار من حيث لايدري، إلى المفهوم الحقيقي لمعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و أنه لم يتم إلا للرسول، وكل رسالة محمد-صلى الله عليه وسلم- لم تخرج عن المفهوم الشمولي لمعنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أي أن نحيط بكل جوانبها الإستراتيجية، في تحقيق هذا المفهوم وفي قدرتها على هزم كبار السفهاء حاضرا ومستقبلا، وليس الإستقواء على الصغار منهم.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حاول الفقهاء إلباسه لباسا تقليديا جامدا واختزاله في الجزء دون الكل، وفي الخاص دون العام، أين ما تقدر يدهم على الامتداد إليه يشمله أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ويا دار ما دخلك شر، وهو فهم قاصر، سببه محدودية عقولهم في إدراك المحتوى الشمولي للرسالة، وأنها ممتدة في الزمان، ولا تستثني المستقبل مثلما تشمل الماضي والحاضر، وتحجرهم للجاهز من كتب الأسلاف من الفقهاء، وإقفالهم لأبواب الاجتهاد والإحاطة بمستجدات عصرهم.
إن وجود شرطة للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مرتبط بالذهنية العربية وبالذكر العربي وبالقبلية وبمجتمع الفتوة والفهلوة والحرافيش ولا علاقة له بالإسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -